أكد عبد اللطيف الجواهري، والي بنك المغرب، أن تطبيق نظام المقايسة الجزئية الذي اعتمدته الحكومة المغربية منتصف هذا الشهر، «قرار سياسي كان لازما للحفاظ على التوازانات العامة للاقتصاد المغربي». وشدد على أن الذي يجب أن يحكم الجميع في مثل هذه القرارات هو «المصلحة العليا للوطن»، وقال «القرارات الصعبة ليس لها وقت مناسب.. وأحيانا تكون مضطرا لاتخاذ إجراءات قاسية، وعليك أن تلجأ إلى أخف الضررين وإلا ستتخذ لاحقا إجراءات أصعب منها»، مضيفا، «وأنا أقول إذا لم نفعل، ستكون العواقب أصعب وستؤديها بثمن باهض، لأن الظرفية ستكون أصعب، بعد الدخول في ما أسميه دينامية الصعوبة، وهي الإفلاس». وأبرز والي بنك المغرب، الحاجة لاتخاذ «القرارات المناسبة في الوقت المناسب»، وذكر أن بنك المغرب تحدث عن إصلاح صندوق المقاصة منذ أربع سنوات، وعن أنظمة التقاعد منذ عشر سنوات، مضيفا أن «كل تأخير في الإصلاح تكون تكلفته ثقيلة، والقرار الغير الصائب تكون تكلفته باهظة». وقال الجواهري مساء أول أمس، في ندوة صحفية بالرباط عقب انعقاد الاجتماع الفصلي لمجلس بنك المغرب، «الحكومة هي التي تتبنى الخيارات السياسية، وأنا سأضع الموضوع في إطار التوازنات الماكرو اقتصادية، المغرب مر بسنوات الأزمة من 2007 إلى 2012 اقتصاديا وماليا وسياسيا أكثر وظل رأسه مرفوعا، لا يجب أن نظل نعتقد أن الآخرين أصابتهم الأزمة ونحن في منأى عنها، علينا أن ننتبه أن تركيا وجنوب إفريقيا وصلتهم الأزمة المالية، لذا من غير المعقول السماح بتدهور ماليتنا العمومية والتوازن الماكرو اقتصادي»، يضيف الجواهري، «لأنه لا قدر الله، إن لم نتخذ التدابير اللازمة لضبط عجز الميزانية، سيأتي صندوق النقد الدولي وسيراجع خطه الائتماني للمغرب، وبعدها ستتدخل وكالات التصنيف التي ستراجع تصنيفها وحينها سيضرب كل شيء». وتوقع بنك المغرب نسبة نمو بين 4.5 و5 بالمائة خلال سنة 2013، مقابل 2.2 بالمائة السنة الماضية، وسجل أن القيمة المضافة للأنشطة الفلاحية ارتفعت بنسبة 17,7 بالمائة لتبلغ نسبة النمو الاقتصادي 3,8 بالمائة بعد 2,3 بالمائة في الفصل الرابع من 2012. وبخصوص عجز الميزانية، تشير المعطيات المحصورة في نهاية شهر غشت 2013 إلى نمو الموارد العادية بنسبة 0,4 بالمائة، وهو ما يشمل ارتفاع المداخيل غير الجبائية بنسبة 18,5 بالمائة، وانخفاض المداخيل الجبائية بما قدره 1,6 بالمائة، وموازاة مع ذلك، تزايدت النفقات الإجمالية بواقع 1,2 بالمائة بالرغم من تراجع نفقات المقاصة بنسبة 19 بالمائة، وذكر بنك المغرب أن عجز الميزانية بلغ 39,4 مليار درهم مقابل 34,2 مليار سنة من قبل، مشيرا أنه في حالة استمرار هذا التوجه، فمن المتوقع أن يبلغ عجز الميزانية حوالي 5,5 بالمائة من الناتج الداخلي الإجمالي عند متم شهر دجنبر 2013. وسجل بنك المغرب انخفاض العجز التجاري بنسبة 3,1 بالمائة متم شهر غشت، مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية، كما ارتفع المبلغ الجاري للاحتياطيات الدولية الصافية بنسبة 4,3 بالمائة ليصل إلى 150,2 مليار درهم، وهو ما يعادل 4 أشهر و 4 أيام من واردات السلع والخدمات. وبناء على هذه التطورات، من المرتقب، حسب بنك المغرب، أن يصل عجز الحساب الجاري في متم سنة 2013 إلى حوالي 8 من الناتج الداخلي الإجمالي، وأن يناهز المبلغ الجاري للاحتياطيات الدولية الصافية ما يعادل 4 أشهر من واردات السلع والخدمات. وحسب معطيات بنك المغرب المعلن عنها أول أمس، تشير بقي التضخم في المجمل منسجما مع التوقعات الصادرة في التقرير حول السياسة النقدية لشهر يونيو 2013، وبلغ 1,9 بالمائة في غشت، مقابل 1,6 بالمائة في يوليوز و2,4 بالمائة في المتوسط في النصف الأول من السنة. ومن جهة أخرى، وعلى إثر ارتفاع الأسعار العالمية للمواد الطاقية منذ شهر يونيو، تقلص انخفاض أسعار الإنتاج الصناعي من 2,4 بالمائة في يونيو إلى 0,2 بالمائة في يوليوز. وبعد تحليله لتأثير نظام المقايسة الجديد لأسعار بعض المواد النفطية والتدابير المواكبة المعلن عنها، سجل المجلس التوقعات الخاصة بالتضخم التي تشير إلى بلوغ نسبة التضخم 2,2 بالمائة في 2013 و1,7 بالمائة في 2014 و1,5 بالمائة في نهاية الفصل الرابع من سنة 2014 ، و1,8 بالمائة في المتوسط في أفق التوقع، ويرى بنك المغرب أن هذه التوقعات «تبقى على العموم منسجمة مع هدف استقرار الأسعار على المدى المتوسط