حذر التقرير السنوي لمؤسسة دولية تعنى بشؤون القدسالمحتلة من أن الاقتحامات "الإسرائيلية" المتزايدة للمسجد الأقصى تحمل رسائل حول نوايا الاحتلال لتقسيم المسجد، كما حذر من تضاعف نفوذ الجماعات الصهيونية المنادية بإحياء "المعبد" اليهودي مكان الأقصى، في الوقت الذي انتقد فيه ردود الفعل الرسمية والشعبية العربية والإسلامية من الفعل "الإسرائيلي". ورصد التقرير السنوي السابع ل"مؤسسة القدس الدولية"، والذي حمل عنوان: "عين على الأقصى" تطورات الأحداث بالمسجد المبارك خلال الفترة ما بين غشت 2012 و2013، وتطور مشروع الاستيطان "الإسرائيلي" في المسجد الأقصى ضمن مسارات ثلاثة. ورصد المسار الأول تطور فكرة الوجود اليهودي بالمسجد الأقصى على المستويات السياسية والقانونية والدينية، حيث لفت إلى تحول الجماعات المنادية ببناء "المعبد" مكان الأقصى من جماعة ضغط متوسطة التأثير داخل الكنيست إلى امتلاك كتلة دافعة ومؤثرة على مستوى المواقع القيادية بالحكومة والبرلمان نتيجة الانتخابات الإسرائيلية التي جرت مطلع العام الجاري. وعلى المستوى القانوني، لفت التقرير إلى لجوء محاكم الاحتلال لتثبيت "حق اليهود" بالصلاة في المسجد الأقصى وإقراره، ومن ذلك قرار صدر عن محكمة الاحتلال بالقدس في يونيو الماضي، اعتبر أن "صلاة اليهود في المسجد الأقصى أمر سياسي شائك لكنه ليس جريمة". ائتلاف من أجل المعبد أما على المستوى الديني، فقد رصد التقرير تشكيل ائتلاف بين الجمعيات المنادية ببناء "المعبد" حمل اسم "الائتلاف من أجل المعبد" جعلها أكثر تنظيما وفعالية بعد أن بات يصدر الدعوات لاقتحام الأقصى، ويضغط على الحكومة من أجل بسط سيطرتها على المسجد كجزء من السيادة الإسرائيلية على القدس. والتطور الثاني الذي ركز عليه التقرير كان الحفريات والبناء أسفل المسجد الأقصى وفي محيطه، حيث رصد 47 عملية حفر تحت الأقصى خلال فترة إعداده، ورصد تطور أعمال الحفر من البحث عن آثار "المعبد" المزعوم، إلى إنشاء مدينة يهودية كاملة تترابط بشبكة من الأنفاق في الجهات الجنوبية والغربية والشمالية للمسجد المبارك. ورصد التقرير الذي نشره على موقعه الالكتروني استهدافا متزايدا لحائط البراق المحتل على صعيد البناء الهادف لتعزيز الوجود اليهودي بالمكان، لا سيما من خلال بلورة تصور جديد للمكان عبر جملة من المخططات. تحقيق الوجود اليهودي داخل الأقصى والتطور الثالث الذي توقف عنده التقرير هو تحقيق الوجود اليهودي داخل الأقصى والتدخل المباشر في إدارته، حيث تكررت خلال فترة التقرير اقتحامات أعضاء بالكنيست والحكومة الإسرائيلية للمسجد الأقصى، كما تصاعدت وتيرتها مترافقة مع تصريحات تؤكد التمسك ببناء "المعبد". كما تزايدت ما باتت تعرف بجولات الإرشاد العسكرية، في وقت كشف عن دور متقدّم لجهاز الأمن العام الإسرائيلي (شاباك) في تشجيع الاقتحامات والتحريض عليها. أما اقتحامات المتطرفين اليهود، فاستمرت كذلك بوتيرة متصاعدة وإن منعتها شرطة الاحتلال في أغلب أيام شهر رمضان وفي ذكرى "خراب المعبد" وبعض الأيام الأخرى وفق المقتضيات الأمنية الخاضعة لتقديرات الشرطة. أما التدخل في إدارة المسجد الأقصى فاستمر على ثلاثة مسارات، وهي المنع من الترميم والصيانة، والتدخل في عمل دائرة الأوقاف الإسلامية بالقدس، وتقييد حركة موظفي الأوقاف والتحكم في الدخول للمسجد وتقييد حركة المصلين. تراجع ردود الفعل كما توقف التقرير عند ردود الفعل التي اتسمت بالتراجع أو "الجمود" على أقل تقدير، رغم تزايد وتيرة الاقتحامات والتصريحات والمخططات التي تستهدف المسجد الأقصى بشكل ممنهج. وأشار إلى أن "المواقف العربية والإسلامية الرسمية لم ترق إلى حجم الاعتداءات التي تعرض لها المسجد، وكانت أقرب إلى الشجب والاستنكار منها إلى الموقف العملي الذي يؤمل منه كبح جموح الاحتلال ووضع حد لتعدياته المتمادية". ولم يختلف الحال كثيرا بالنسبة للمواقف الشعبية، حيث ظل التفاعل مع المسجد الأقصى محدودا باستثناء التفاعل الشعبي في مصر والأردن، رغم الدور الشعبي المهم لأهل القدس وفلسطينيي الأراض المحتلة عام 1948. وأوصى التقرير السلطة الفلسطينية بشكل أساس بكسر قيود اتفاق أوسلو، وإعادة تشكيل نفسها بما ينسجم مع تطلعات الشعب الفلسطيني لتحرير الأقصى، وتبني إستراتيجية تظهر الحرص على تثبيت المقدسيين والمحافظة على الأقصى. كما دعا الأردن، باعتباره الوصي القانوني على المسجد الأقصى، إلى مواجهة ما يقوم به كيان الاحتلال على طريق التقسيم الزمني للأقصى، وقال "إن موقفا أردنيا حاسما على مستوى التهديد بإعادة النظر باتفاقية السلام الموقعة مع دولة الاحتلال كفيل بمنع التقسيم والسير في هذا المخطط". وطالب التقرير الحكومات العربية والإسلامية إلى تبني خطاب جاد وحاسم، وتوفير الدعم المالي وتأمين أوجه المساعدة المختلفة لحماية الأقصى، علاوة على تفعيل المقاطعة الدبلوماسية. وعلى المستوى الشعبي، دعا التقرير الفلسطينيين إلى الالتفاف حول قضيتهم وإظهار موقف متقدم يكسر إطار موقف قياداتهم المحكوم بالخلافات، كما دعا الجماهير العربية والإسلامية إلى استحضار الأقصى ك"همّ يومي"، وأن تركز على إحياء الفعاليات التضامنية والضغط على حكوماتها لوضع الأقصى والقدس على رأس أولوياتها.