أصبحت فاس كما وصفها عبد الواحد المراكشي في «المعجب في تلخيص أخبار المغرب» «حاضرة المغرب وموقع العلم منه، اجتمع فيها علم القيروان وعلم قرطبة... وحل من هذه وهذه من فيهما من العلماء من كل طبقة فراراً من الفتنة، فنزل أكثرهم بفاس فهي اليوم على غاية الحضارة وأهلها في غاية الكيس والظرف ولغتهم أفصح اللغات في ذلك الإقليم، ومازلت أسمع المشايخ يدعونها بغداد المغرب.» وعرفت فاس في عصورها الأولى مئات المساجد والمدارس والسقايات العمومية والحمامات ودور الوضوء كما في «زهرة الآس» لأحمد المقري ( المطبعة الملكية، ص 33).من علماء القرويين الكبار الذين عاصروا الدولة المرابطية وبداية الدولة الموحدية أبو بكر خلف المواق قاضي فاس مؤلف «كتاب المكاييل والأوزان»، توفي سنة 599ه، ومنهم أبو حسن علي الكتاني، المحدث الحافظ المتوفى سنة 569. ومنهم أبو خرز الأورَبي، حافظ وفقيه ومدرس، توفي سنة 572ه، ومنهم ابن الرمانة محمد بن علي القلعي قاضي فاس، المتوفى سنة 567ه، ومنهم يوسف بن عبد الصمد بن يوسف بن علي، كان مؤرخاً وأصولياً يُدَرِّسُ بالقرويين سنة 613 ه بفاس، كما في «جذوة الاقتباس» لابن القاضي و»الذخيرة السنية» لمؤلف مجهول... من أعلام العصر المرابطي أيضا عبد اللَّه بن محمد بن زغبوش المكناسي، كان يأخذ العلم بفاس لما هاجمها الموحدون في أواخر العهد المرابطي، وممن رحل لفاس آنذاك من تلمسان حسن بن إبراهيم بن عبد اللَّه بن أبي سهل التلمساني، المعروف بابن زكون، والمتوفى عام 553 ه، وكتب بها عن عيسى بن يوسف الملجوم الفاسي المتوفى عام 543ه. ومنهم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن صقر الأنصاري البلنسي ثم المري، المتوفى بمراكش عام 523 ه، ومنهم إبراهيم بن يوسف بن محمد بن دهاق الأوسي المالقي ،المتوفى عام 611 ه، روى بفاس عن أبي الحسن بن جبير و عن العارف أبي الحسن علي بن إسماعيل بن حرزِهِم الفاسي، المتوفى عام 559 ه