أضحت ظاهرة عدم الاهتمام، والتهرب من المسؤولية متفشية بين أغلب فئات الشعب المغربي، وبدا ما يشبه الاستسلام، واضحا لكل ذي بصيرة، وانطبق علينا المثل السائر: "رمتني بدائها وانسلت". لا جدوى من التهرب وعدم المواجهة، مواجهة الحياة وظروفها، والإقبال على صغائر الأمور وكبائرها بهمة شديدة. والذي يؤسف له حقا، هو تسرب روح الانهزام واليأس إلى الشباب، تلك الطاقة الخلاقة المتجددة، خصوصا المثقفين منهم، والطلبة إلى درجة أن أهل النضال في الجامعة المغربية، صاروا معدودين على رؤوس الأصابع. ومن أكبر مؤشرات هذا اليأس والإحباط، الإقلاع عن تتبع أخبار الشؤون المحلية والوطنية والدولية كذلك، وعدم الاكتراث بالحياة وهمومها. وانزوى كل واحد في خندقه، لا يهمه من أمره ولا من أمر غيره شيء. وربما سار في درب أهل العبث والمجون. ولكن ما هكذا تورد الإبل أيها الأعزاء، فبالإقبال على الحياة ومسؤولياتها وبالمشاركة في حلول مشاكلها، يسعد الإنسان، ويجد له فسحة للأمل، وإذا تخطى المرء رزية من رزايا دهره، شحد همته لتخطي أخرى أكبر منها، وما أجمل قول الفيلسوف نيتشه "إن الضربة التي لا تقتلني تزيدني حماسا" ويا لطموح هذا الرجل، الذي يجب أن نستفيد منه، حتى لا نقول أن نتأسى به، بصرف النظر عن ملته أو عقيدته، لأن الحكمة ضالة المؤمن أنى وجدها فهو أحق بها. يجب ألا نخجل من القول: إن من بين أزماتنا المفجعة أزمة المسؤولية وأداء الواجب. وانهيار الحاجز الأخلاقي بالمعنى الواسع للكلمة، حتى إن البعض لم يعد يخجل من الإسراف في نهب وسلب أموال العباد أو العبث بمصالحهم. وإذا شئنا أن نضع حدا لهذا النزيف، فلنتحمل مسؤولياتنا ولندع التهرب منها. ولينخرط كل منا في الحياة ورب قائل: ما حك جلدك مثل ظفرك فتول أنت جميع أمرك يجب أن ندع منطق اللامسؤولية، ونتبرأ من عقدة الإحساس بالهزيمة، والإحساس بالذل والهوان، ونتسلح بالمقابل بروح التحدي، والاعتزاز بالنفس والكرامة، والتحلي بالشجاعة والأخلاق الفاضلة. إذا هيأنا أنفسنا لهذه الإجراءات وقمنا بها حتما سيتحرك الثابت ويتحول الجامد ويحدث التغيير الذي ننشده جمعيا. ومسيرة الألف ميل تبدأ بالخطوة الأولى. بن همو بن الحسن تارودانت