أصدرت المحكمة الابتدائية الثلاثاء 4 فبراير الجاري أحكامها في حق الطلبة الستة المعتقلين في أحداث 13يناير بالحي الجامعي بمراكش، وقد تراوحت هذه الأحكام بين ثلاثة أشهر نافذة وغرامة 500 درهما (طالبين) وثلاثة أشهر موقوفة التنفيذ وغرامة 500 درهما (طالبين) وشهرين موقوفة التنفيذ وغرامة 500 درهما (طالبتين) والبراءة من إلحاق خسارة مادية بممتلكات الغير، وقد اعتبرت جهات مهتمة هذه الأحكام معتدلة شيئا ما رغم أنها كانت تتمنى البراءة لهؤلاء الطلبة، في انتظار ما ستقول محكمة الاستئناف في نفس الموضوع. ومعلوم أن هؤلاء الطلبة الستة الذين قيل أنهم ينتمون إلى التيار القاعدي، ويوجدون الآن في حالة سراح، كانوا قد اتهمتهم النيابة العامة بتهم العصيان (حسب الفصل 300 من القانون الجنائي) وحيازة السلاح وتكسير ملك منقول للغير، بعدما اعتقلوا ضمن مجموعة تضم 46 طالبا، أثناء تدخل مجموعة كبيرة من قوات التدخل السريع قدرت في 3000 فردا لتفريق مظاهرة قام بعدها مجموعة من الطلبة بالحي الجامعي بمراكش (لا يقطنه سوى1000 طالب) رافعين شعارات ببعض المطالب (تحسين الوجبات الغذائية، وتهيئة الماء الدافئ، حماية الفتيات من التحرش الجنسي ...)، وأدى هذا التدخل إلى هلع شديد بين صفوف الطلبة والطالبات، وإصابة العديد من الطلبة بجروح متفاوتة الخطورة على إثر الضرب والرفس داخل حرم الحي الجامعي. وتجدر الإشارة إلى أن الفصل 300 من القانون الجنائي ينص على أن كل هجوم أو مقاومة بواسطة العنف أو الإيذاء ضد موظفي الدولة أو ممثلي السلطة القائمين بتنفيذ الأوامر أو القرارات الصادرة من تلك السلطة أو القائمين بتنفيذ القوانين أو أحكام القضاء أو قراراته يعتبر عصيانا. وهي التهمة التي توجهها عادة السلطة إلى المشاركين في وقفات احتجاجية، مثل ما وقع في أحداث 13 يناير بالحي الجامعي، وتمت إدانة المعتقلين في هذه النقطة بالذات رغم أن هيئة الدفاع ركزت مرافعاتها على نفي هذه التهمة، والتي كما ينص عليها نفس الفصل من القانون الجنائي يجب أن تتوفر فيها بعض الشروط، منها أن يكون تدخل رجال الأمن مشروعا، وإلا جاز لكل مواطن عدم الامتثال، وهذا ما حدث فعلا لأن قوات الأمن قامت بتدخلها وهي تعرف مسبقا أن الطلبة يقومون بعمل مشروع يتمثل في تنظيم نشاط نضالي يضمنه الدستور المغربي، وهو الدفاع عن المطالب في إطار نقابي هو الاتحاد الوطني لطلبة المغرب. من جهة أخرى قالت جهات مهتمة في هذا الشأن أن متابعة الطلبة بتهمة العصيان يرجعنا إلى العصور البائدة التي قيل إننا ودعناها منذ زمن وذهب ضحيتها العديد من الشباب الذين أفنوا زهرة شبابهم في غياهب السجون، وإن زمن كبت الحريات قد بعث من جديد وبصورة أفظع، مما يربي في الجيل الجديد ثقافة الخنوع والخوف من رجال السلطة، كما قالت إن هذه المحاكمة هي أحد فصول قمع الحريات بالمغرب حيث أن حق التظاهر السلمي الذي لا يحتاج إلى ترخيص أصبح صعب المنال في دولة تنشد الحق والقانون، وقمعه يعتبر تطورا خطيرا يخل بكل الالتزامات الدولية لحقوق الإنسان، وما حدث في عدة مناسبات يدخل في هذا المضمار، وكان آخرها أحداث 31 يناير الماضي أمام مركب ميغاراما عندما اعتقل رجال الأمن تسعة من المتظاهرين ضد وجود أحد الصهاينة الفرنسيين . عبد الغني بلوط