نظمت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان أخيرا بالرباط محاكمة رمزية حول الحق في التنظيم الجمعوي والسياسي بالمغرب، من المنتظر أن يعمم الحكم الصادر عنها على وسائل الإعلام قريبا. وشملت المحاكمة الرمزية عددا من الجمعيات والهيئات التي رفضت السلطات، حسب ممثليها، منحهم رخصة التأسيس على الرغم من استيفاء الشروط التي يضعها القانون مقابل التمتع بهذه الرخصة. وتمثلت هذه الجمعيات والهيئات السياسية في كل من "البديل الحضاري" و"الحركة من أجل الأمة" و"حركة النهج الديمقراطي" و"الجمعية الوطنية لحملة الشهادات المعطلين" وجماعة "العدل والإحسان" و"الشبكة الأمازيغية من أجل المواطنة" و"المركز المغربي من أجل ديمقراطية الانتخابات" و"حركة الاشتراكيين الديمقراطيين المغاربة" و"الجمعية الوطنية لتنمية الطفل" وجمعية "الوفاء من أجل الديمقراطية" و"حزب الخضر المغربي". وتظافرت مرافعة الدفاع الممثل في شخص عبد الرحيم جامعي، محامي وناشط حقوقي، مع تدخلات ممثلي الجمعيات والهيئات المشاركة في المحاكمة الرمزية، لإقرار التهمة الموجهة للدولة والممثلة في "خرقها لقانون تأسيس الجمعيات وكذا الأحزاب"، مشيرة إلى أن هذا الخرق إما يكون بصيغة مباشرة أو عن طريق "التستر على بعض المسؤولين في جهات من المملكة وعدم تدخلها لمنعهم من شططهم في استعمال السلطة ورفضهم تسليم وصل الإيداع لهذه الجمعيات والهيئات". وأكدت التدخلات أيضا على أن "السلطات المحلية تجتهد دوما في إضافة محتويات جديدة للقانون لتبرير منعها الحق في التنظيم الجمعوي والسياسي دونما حسيب أو رقيب". وتحاول عموما هذه المحاكمة الرمزية "تبليغ رسالة استنكار للسلطات بسبب تماطلها في إمداد هذه الهيئات المدنية بوصل إيداعها القانوني فور تقديمها لملفاتها كاملة، وأنه لا مبرر من استمرار هذا التماطل والمنع من ممارسة نشاط جمعوي أو سياسي يقره الدستور"، وفق ما صرح به ل "التجديد" عبد الإله بن عبد السلام، أحد منظمي المحاكمة الرمزية، متابعا بالتأكيد على أن "أي قرار منع لهذا النشاط لا يمكن أن يكون مقبولا إلا عن طريق القضاء وليس عن مزاج السلطات بالولايات أو العمالات". وعلى سبيل المثال لا الحصر، وصفت مداخلة "البديل الحضاري"، خلال المحاكمة الرمزية نفسها، رفض السلطات منحه رخصة تأسيس حزب ب "الرفض السياسي" دون أن يكون رفضا قانونيا. وعللت المداخلة، التي تلاها محمد الأمين الركالة، الناطق الرسمي باسم البديل الحضاري، رفض الجهات المسؤولة في السلطة استلام ملف تأسيس الحزب بكون هذه "الجهات تعتبر نفسها فوق القانون ولا تؤمن بالمواطنة ولا تستطيع العيش إلا في الفضاءات العكرة". ورغم هذا المنع يصر أعضاء "البديل الحضاري" على الحصول على وصل الإيداع القانوني، لأنهم، وفق المداخلة ذاتها، أصحاب حق وحق التنظيم دستوري" وكذا لأنهم "في وضعية قانونية سليمة ويشكلون في تقديرهم قيمة مضافة في الفضاء السياسي الوطني". وكان "البديل الحضاري" أقدم على تأسيس حزب خاص به في 14من يونيو الماضي، إلا أن السلطات المحلية بعمالة الفداء درب السلطان بالدار البيضاء رفضت تسلم ملف تأسيس الحزب، مبررة ذلك بأن ثمة دعوى قضائية مرفوعة ضد البديل تتهمه بتخريب القاعة التي عقد فيها الجمع العام التأسيسي، وكذا لأن الملف غير قانوني. من جهته، أشار الادعاء العام، الذي مثله محمد الصبار، ناشط حقوقي، إلى أن عدد الجمعيات الممنوعة قليل بالنظر إلى وجود حوالي 45 ألف جمعية ناشطة وعدد كبير من الأحزاب لا يضاهيه مثله مغاربيا أو إفريقيا أو عربيا، وأضاف الادعاء العام أن القيود التي تضعها الدولة على تأسيس الجمعيات محدودة وليست تعجيزية. ومن المنتظر أن تصدر قريبا المحكمة بعد استماعها للشهود النماذج والمرتكزات التي استند عليها كل طرف حكما متكاملا يحدد المسؤوليات في قضية منع الحق في التنظيم الجمعوي والسياسي بالمغرب، وينشر قريبا عبر وسائل الإعلام. يونس