دعا البنك العالمي دول منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، إلى مراجعة أنظمتها الخاصة بالحماية الاجتماعية، وخصوصا نظام دعم الأسعار، وقال البنك الدولي أن نظام دعم الأسعار، «يثقل كاهل المالية العمومية ويعود بالفائدة على الأغنياء»، وشدد تقرير حديث للبنك الدولي على أن يحمل عنوان « الدمج والمرونة.. الطريق للأمام لشبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا»، على أن «أغلبية أنظمة الحماية الاجتماعية الموضوعة في دول المنطقة، بهدف حماية الأشخاص الأكثر فقرا، تضمن حماية غير كافية وتترك عددا كبيرا من العائلات تعيش في الفقر»، وقال التقرير أن هذا الدعم يتسبب في تسرب كبير لصالح الأغنياء، وأكد أن هذا النوع من المساعدة «يثقل كاهل الميزانيات العمومية كما أنه يعود بالفائدة على الأغنياء أكثر منه على الفقراء، ويتسبب قي اختلالات اقتصادية تضعف الطلب على اليد العاملة». وأكدت الدراسة، أن «الدعم العام غير كاف و له آثار ضعيفة نسبيا على الفقر والفوارق ويتسبب في تسرب كبير لصالح الأغنياء». وبينما قالت دراسة البنك الدولي أن «ثلثي الفئة الأكثر فقرا من المجتمع لا تستفيد من أي شكل من أشكال المساعدة المستهدفة، في جميع الدول التي استهدفتها الدراسة»، عرضت حلولا لإعادة توجيه الموارد نحو ترتيبات الحماية الاجتماعية. المراحل الانتقالية لحظات فارقةً بالنسبة لأنظمة الرعاية الاجتماعية شدد تقرير البنك الدولي، على أن المراحل الانتقالية تشكل لحظات فارقةً بالنسبة لأنظمة الرعاية الاجتماعية، وذكر أنه تم البدء في تنفيذ معظم برامج شبكات الأمان الاجتماعي حول العالم خلال الفترات الانتقالية، «مثل استقلال دول الاتحاد السوفيتي عقب انهياره، وتطبيق اللامركزية في إندونيسيا، وتبدل الأنظمة السياسية في البرازيل والبرتغال»، وبقيت على حالها منذ ذلك الحين، يضيف التقرير، «وعندما أصبحت أنظمة شبكات الأمان الاجتماعي تخضع لمراقبة متزايدة من حيث قدرتها على تلبية تطلعات الشعوب بالمزيد من الدمج الاجتماعي وتعزيز الفرص الاقتصادية، برز عدد من الأسئلة الرئيسية للنقاش، منها، «ما هو مقدار إعادة التوزيع المثالي وعلى أساس أية شروط؟»، و»ما هي الأهداف والأولويات الأساسية لشبكات الأمان؟»، ثم «ما هو المدى والنطاق المناسبيّن لأنظمة الرعاية؟»، وكذا «كيف يمكن إصلاح الأنظمة الحالية لتمكينها من تحقيق أهدافها؟» الأثر الضئيل لشبكات الأمان الاجتماعي على الفقر كشفت معطيات البنك الدولي، أن دعم الأسعار في المغرب يستهدف 15 بالمائة فقط من الفئة الأكثر فقرا، وفي جميع أنحاء المنطقة، وباستثناء الضفة الغربية وقطاع غزة، لا تصل شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار إلى ثلثي السكان ضمن أفقر 20 بالمائة، ويوجد مجال كبير في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لتحسين قدرة شبكات الأمان الاجتماعي على الوصول إلى الفقراء والفئات الضعيفة. وتعد الضفة الغربية وقطاع غزة المكان الوحيد في المنطقة الذي تتجاوز فيه تغطية شبكات الأمان الاجتماعي المتوسط العالمي، حيث تغطي برامج الحكومة والمانحين والمنظمات غير الحكومية أكثر من أفقر 20 بالمائة من السكان، وبشكل عام، تقل تغطية شبكات الأمان الاجتماعي لأفقر 20 بالمائة من السكان في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا عن المتوسط العالمي بأكثر من النصف وبأكثر من الثلث مقارنةً بتغطية شبكات الأمان الاجتماعي في منطقة أوروبا وآسيا الوسطى أو منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي. يعتبر الاستهداف الجغرافي والفئوي الأكثر استخداماً من قبل برامج شبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، مما يؤدي إلى ارتفاع معدلات التسرب. ويتم تطبيق أساليب استهداف مختلفة في سياقات متعددة. ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، معظم برامج شبكات الأمان الاجتماعي تستخدم أساليب الاستهداف الجغرافي والفئوي، والتي تعد فعالةً في البيئات التي يتركز فيها الفقر، وليس عندما يكون الفقر ذا أوجه متعددة ويمتد بشكل متناثر. وفي الحالة الثانية، يفضل استخدام الأساليب التي تحدد الأسر أو الأفراد المستحقين للدعم على أساس اختبار مصادر الدخل البديلة، وبالنظر إلى الاعتماد المفرط على أساليب الاستهداف الجغرافي والفئوي، تعتبر معدلات التسرب في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا مرتفعةً للغاية، حيث أن 25 بالمائة فقط من المنتفعين من شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار يأتون من أفقر 20 بالمائة من السكان، بينما يمثل الخمس الأغنى نحو 15 بالمائة من مجموع المنتفعين من هذه الشبكات، وتؤكد المقارنة مع المناطق الأخرى ضعف أداء شبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط من حيث انتشار المنتفعين، حيث يشكل الخمس الأفقر من السكان أكثر من 30 بالمائة من المنتفعين من شبكات الأمان الاجتماعي في باقي مناطق العالم والتي تتصدرها منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي بنسبة 36 بالمائة. الجاهزية موجودة لإجراء الإصلاح ونظام الدعم الحالي لا يستهدف الفقراء أفادت دراسة البنك الدولي، بأن شبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا جاهزة لإجراء الإصلاح، وقالت أن إنفاق المنطقة على شبكات الأمان الاجتماعي يذهب في معظمه على تمويل دعم أسعار الطاقة، الأمر الذي لا يفسح المجال للقيام بتدخلات فعال، حيث تنفق دول المنطقة كمتوسط، 6 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي على تقديم الدعم، ويشكل دعم أسعار الوقود بالمتوسط 4.6 من الناتج المحلي الإجمالي. وفي تناقض صارخ، تعاني شبكات الأمان الاجتماعي الأخرى في المنطقة من شح الموارد، حيث أنها تحصل بشكل متوسط على أقل من 0.7 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي، وتتوزع على عدد كبير من البرامج الصغيرة التي يوجد بينها تداخل كبير، ويضيع معظم الفقراء والفئات الضعيفة في خضم هذا الوضع، حيث لا تطال شبكات الأمان الاجتماعي التي لا تعتمد على الإعانات سوى شخصين من ثلاثة من خمس السكان الأشد فقراً. وفي الواقع، لا تتجاوز التغطية الحالية للخمس الأشد فقراً من السكان في المنطقة نصف المتوسط العالمي، علاوةً على ذلك، يؤدي ضعف الاستهداف إلى وجود تسربات عالية لمنافع شبكات الأمان الاجتماعي إلى غير الفقراء، مما يؤدي إلى هدر موارد يمكن استخدامها في خفض نسبة الفقر وتحسين توزيع الرعاية الاجتماعية، ويقوم برنامج شبكات الأمان الاجتماعي والذي لا يقدم دعماً للأسعار كمتوسط بتوزيع 23 بالمائة فقط من منافعه الكلية على الخمس الأشد فقراً من السكان في المنطقة، بينما تبلغ تلك النسبة 59 بالمائة كمتوسط للبرامج المشابهة في منطقة أمريكا اللاتينية والبحر الكاريبي ومنطقة أوروبا الشرقية وآسيا الوسطى، وعلى الرغم من عدم كفاءة وفعالية أشكال الدعم في كثير من الأحيان مقارنةً بالتدخلات الأخرى لشبكات الأمان الاجتماعي، بسبب حجمها الكبير، يعتمد الكثير من الأشخاص عليها للبقاء خارج دائرة الفقر. وتذكر الدراسة أيضا أن الانتقال من الوضع الراهن لشبكات الأمان الاجتماعي إلى شبكات تتسم بمزيد من الفعالية والموثوقية والمساواة التفكير، يتطلب بشكل عميق ليس، فقط فيما يخص النواحي الفنية لإصلاح البرامج، بل والأهم من ذلك ربما، دراسة القضايا الحساسة المتعلقة بالاقتصاد السياسي للإصلاحات. المغرب شرع في إصلاح أنظمة شبكات الأمان الاجتماعي أظهرت التجارب الحديثة، حسب دراسة البنك الدولي، وجود جدوى من إصلاح برامج شبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذكرت الدراسة العديد من الأمثلة لإصلاحات ناجحة حققت نتائج إيجابية للغاية، منها برنامج تيسير في المملكة المغربية، وهو «برنامج تجريبي للتحويلات النقدية يشترط الحضور المدرسي ويستهدف المناطق التي ينتشر فيها التسرب المدرسي والفقر»، وقال البنك الدولي أن البرنامج كان له أثر إيجابي كبير في خفض معدلات التسرب المدرسي في المناطق الريفية، وخصوصاً في أوساط الفتيات. وأفادت الدراسة بأنه من أجل تحقيق تقدم على هذا الصعيد، تستطيع الحكومات بدء الإصلاح من خلال تحديد الفجوات في أنظمة شبكات الأمان الاجتماعي وإعداد سجل لبرامج الشبكات مع تحديد الأهداف ومعايير الأهلية وأنواع المنافع لكل برنامج. وأشاد التقرير بالإصلاحات المغربية في هذا الشأن، وقال أن «المغرب قام مؤخراً بهذا النوع من التحليل»، يضيف التقرير، «ومن خلال هذا التحليل، تستطيع الحكومات تحديد البرامج التي يمكن توسيعها أو توحيدها وصياغة إستراتيجية لتنفيذ الإصلاحات»، كما ألح التقرير على «توحيد البرامج المجزأة لشبكات الأمان الاجتماعي، في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، وذكر أن التجارب الدولية تشير إلى وجود عدد قليل من البرامج الشاملة، والمصممة خصيصاً للوصول إلى شرائح مختلفة من الفقراء والفئات الضعيفة، يساهم في معالجة أوجه الضعف والفجوات في الحماية الاجتماعية الحالية من خلال زيادة كل من التغطية، والتي تقل حالياً عن 20 بالمائة من الفقراء في معظم الدول، والمنافع والتي تغطي حالياً ما بين 5 و10 بالمائة من استهلاك الفقراء، يضيف التقرير، «وقد بدأ عدد قليل من دول المنطقة، على سبيل المثال، المغرب والضفة الغربية وقطاع غزة، بإصلاح أنظمة شبكات الأمان الاجتماعي في هذا الاتجاه». البنود الأربع من الأجندة الإصلاحية في ضوء التحديات التي تواجه الفقراء والفئات الضعيفة في المنطقة وبالنظر إلى الوضعية الحالية لشبكات الأمان الاجتماعي، يقول البنك الدولي، أن المطلوب هو وجود شبكات أمان اجتماعي تتسم بمزيد من الفعالية والابتكار تتخاذ إجراءات على عدة أصعدة، كما تتطلب التحديات الرئيسية للتنمية البشرية في المنطقة والأداء المتواضع لأنظمة شبكات الأمان الاجتماعي وجود شبكات تتسم بمزيد من الفعالية والابتكار والتي تشجع على الدمج والمرونة، وعلى الرغم من عدم وجود حل واحد لهذا الوضع فإن من الممكن تحقيق نتائج أفضل من خلال اتخاذ إجراءات على مستوى البنود الأربع التالية من الأجندة الإصلاحية: أولا: تحسين أثر برامج شبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، بما في ذلك تأثيرها على الفقر في الوقت الحاضر والمستقبل، وفي الوقت الحاضر، يوجد لمعظم برامج شبكات الأمان الاجتماعي والتي لا تقدم دعماً للأسعار في المنطقة أثر محدود على التخفيف من الفقر واللامساواة، وذلك بسبب قلة التغطية مع عدم كفاءة الاستهداف، وعدم كفاية أو وجود أنظمة رصد وتقييم، وعليه، سيتطلب التحرك على هذا الصعيد «تحديد الأولويات للتدخلات التي تشجع الاستثمار في رأس المال البشري»، و«تعزيز الاستهداف للفقراء والفئات الضعيفة»، و«تحسين درجة التركيز على نتائج برامج شبكات الأمان الاجتماعي من خلال تعزيز الرصد والتقييم والمساءلة المجتمعية»، و»لتواصل مع الأطراف المعنية الأخرى، المواطنون، المنظمات غير الحكومية، منظمات المجتمع المدني، القطاع الخاص، المنظمات غير الربحية»، ويعد مستوى وعي المواطنين حول البرامج الحالية لشبكات الأمان الاجتماعي متدنياَ ويميل نحو الأغنياء. ثانيا: إنشاء بنية تحتية موثوقة ومرنة في الوقت ذاته، بحيث يمكن استخدامها في الأوقات االعادية بالإضافة إلى أوقات الأزمات، ويمكن لنظام شبكات الأمان الاجتماعي الفعال أن يساعد المواطنين على التغلب على آثار الصدمات الاستثنائية والنظامية، وقد أكدت الأزمة الاقتصادية العالمية الأخيرة على ضعف قدرات أنظمة شبكات الأمان الاجتماعي في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، ويتطلب تعزيز مرونة الأسر في التعامل مع الصدمات من خلال شبكات الأمان الاجتماعي وجود بنية تحتية إدارية قوية، ويسمح وجود هذه البنية التحتية قبل وقوع الأزمات في إعداد إجراءات علاجية وتخفيفية بشكل أسرع وأكثر فعاليةً، مثل توسيع نطاق المنافع للفئات الضعيفة أو توسيع التغطية، بما يعزز التأقلم على الصدمات. ثالثا: توحيد البرامج المجزأة لشبكات الأمان الاجتماعي، ففي منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، تعتبر برامج التحويلات المباشرة، سواء النقدية أو العينية، صغيرةً في الغالب ومجزأة بشكل كبير. وتشير التجارب الدولية إلى أن وجود عدد قليل من البرامج الشاملة، والمصممة خصيصاً للوصول إلى شرائح مختلفة من الفقراء والفئات الضعيفة، يساهم في معالجة أوجه الضعف والفجوات في الحماية الاجتماعية الحالية من خلال زيادة كل من التغطية، «والتي تقل حالياً عن 20 بالمائة من الفقراء في معظم الدول، والمنافع، والتي تغطي حالياً ما بين 5 و10 بالمائة من استهلاك الفقراء. رابعا: إعادة توازن تمويل وأولويات أنظمة شبكات الأمان، من خلال التركيز على البرامج المستهدفة لا على الدعم، وتنفق دول منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا حصة الأسد من نفقات شبكات الأمان الاجتماعي، من حيث الناتج المحلي الإجمالي على دعم أسعار الطاقة وحصةً صغيرةً على شبكات الأمان المستهدفة، وسيؤدي تقليل الدعم العام المكلف والمتناقص لأسعار الوقود والغذاء إلى تقليص اختلالات الموازنات المالية ويحرر الموارد لاستخدامها في أغراض أخرى لشبكات الأمان. وعلى وجه التحديد، سيتطلب ذلك، «زيادة الإنفاق وتحسين التغطية لشبكات الأمان الاجتماعي التي لا تقدم دعماً للأسعار للحماية من الفقر المدقع»، و»إصلاح أنظمة دعم الأسعار من خلال الإصلاحات الشاملة أو الداخلية». ** تعريف تعرف شبكات الأمان الاجتماعي، على أنها تحويلات غير معتمدة على الاشتراكات وتستهدف الفقراء أو الفئات الضعيفة، وتتضمن هذه البرامج دعم الدخل، التشغيل المؤقت، الرفاه الاجتماعي المشروط، بالإضافة إلى خدمات تعمل على بناء رأس المال البشري وتوسع إمكانية الحصول على التمويل في صفوف الفقراء والفئات الضعيفة.