تواصل أذرع الاحتلال الصهيوني أعمال البناء في مشروع مجمع "بيت شترواس" التهويدي في ساحة البراق غربي المسجد الأقصى المبارك، وذلك بعد أن قامت قبل نحو شهر بهدم واجهات لمبانٍ عريقة تعود للوقف الإسلامي بهدف إقامة مخططات تهويدية عملاقة ضمن سلسلة مشاريع تنوي المؤسسة الاحتلال إقامتها في المستقبل القريب في مرحلة قال عنها المراقبون إنها تهدف إلى تغيير ساحة البراق بشكل جذري. وكان مسؤولون في الكيان قد كشفوا أن رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو يدرس السيطرة على محيط حائط البراق التابع للمسجد الأقصى، بذريعة البحث عن إمكانية تخفيف القيود على أداء شعائر الصهاينة عند الحائط، يحظر بشدة على النساء المشاركة فيها. وبحسب مواقع فلسطينية إخبارية متفرقة، اقترح مبعوث ل»نتنياهو» حلاً وسطاً من شأنه توسيع المكان بحيث يجري الفصل بين الرجال والنساء تماشياً مع شعائر اليهود المتشددين، وإضافة مكان آخر مختلط نزولا عند رغبة طوائف أخرى، وتكشف الخطة مسعى من نتنياهو للسيطرة الكاملة على الحائط الجنوبي للأقصى. وقالت “مؤسسة الأقصى للوقف والتراث" إن مقاولي مشروع "بيت شتراوس" انتقلوا إلى مرحلة الحفر داخل الأرض بواسطة معدات ضخمة وخاصة، بهدف إقامة أعمدة وأساسات للمبنى الذي سيقام في ساحة البراق وتلّة المغاربة، وهي المرحلة الثانية التي تمهّد لبناء أربعة طوابق حسبما هو مخطط له. وأكدت “مؤسسة الأقصى"، في بيان نشرته على موقعها الالكتروني، أن هذه الحفريات وتوابعها ستؤدي إلى تدمير بقايا الآثار الإسلامية من جهة، وستؤثر على المباني الأثرية الإسلامية العريقة من جهة أخرى، بل يمكن أن تؤثر في مبنى المسجد الأقصى، بحيث إنها حفريات عميقة وقريبة من الجدار الغربي للأقصى، وترتبط بشبكات الأنفاق التي يحفرها الاحتلال الإسرائيلي أسفل وفي محيط المسجد الأقصى". ويخطط الاحتلال في هذه الأيام لتنفيذ توسيعات ضخمة للمبنى القائم، إضافة إلى إقامة مبنى من طابقين على مستوى الطابق الأول والثاني، وبناء طابق إضافي فوق الطابق الثالث، ليصبح المبنى ذو أربعة طوابق، بالإضافة إلى عمليات ترميم وتوسعة في المبنى القائم، بتكلفة 20 مليون دولار، ويقوم بتنفيذ هذا المشروع ما يسمى ب"شركة تطوير الحي اليهودي في البلدة القديمة" وما يسمى ب" صندوق من أجل إرث المبكى" وهي شركة حكومية تابعة مباشرة لمكتب رئيس الحكومة الصهيونية ، المؤسسة الإسرائيلية الرسمية وكلها أذرع احتلالية تتشابك فيما بينها لتنفيذ مخططات التهويد والاستيطان. وبحسب الوثائق التي كشفت عنها “مؤسسة الأقصى" قبل نحو شهرين فإن المبنى التهويدي سيكون متعدد الاستعمالات، ويقع على بعد خمسين متراً عن المسجد الأقصى المبارك، غرب حائط البراق، ملاصقاً ليسار المدرسة التنكزية في الواجهة الشمالية لساحة البراق، ويحتوي هذا البناء المخطط على مدرسة دينية وكنيس يهودي، ومركز شرطة عملياتي متقدم، وقاعات للإثراء التهويدي حول ما يسمونه “إرث المبكى"، قاعة استقبال كبيرة بفناء رحب، مداخل عريضة ومتعددة لزوار النفق الغربي ومركز الزوّار "قافلة الأجيال، عشرات الوحدات الصحية “حمامات عامة"، وغرف التشغيل والصيانة. وجدير بالذكر أن المبنى عبارة عن بناء حكومي إسلامي تاريخي وعقارات وقفية، من الحقبة الإسلامية المتقدمة ومن الفترة المملوكية والأيوبية والعثمانية، وقام الاحتلال بالاستيلاء عليه بعد الاحتلال عام 1967م وأطلق عليه اسم “بيت شطراوس "، واستعمله كمدخل رئيسي لنفق الجدار الغربي وما يسمى ب“مركز الزوار قافلة الأجيال"، ومكاتب لمؤسسات تهويدية مكتب صندوق إرث المبكى ، ومكتب ما يسمى ب " راب المبكى والأماكن المقدسة" . وحذرت مؤسسة الأقصى من أن المسجد الأقصى المبارك يدخل مرحلة حرجة للغاية وذلك من خلال توسعة رقعة الاحتلال والتهويد الذي تقوم بها المؤسسة الصهيوني الاحتلالية بكافة أذرعها، ودعت الجهات والهيئات العالمية الفاعلة لأخذ دورها بحماية الآثار الوقفية في محيط ساحة البراق، ولفتت المؤسسة إلى أنه في حال استمر الموقف العربي والإسلامي الخجول إزاء انتهاكات الاحتلال بحق الأقصى، فإن ذلك سيساهم في استمرار المؤسسة الصهيونية الاحتلالية باعتداءاتها على المسجد الأقصى ومحيطه، وتنفيذ كافة مخططاتها فيه. تحذيرات فلسطينية في المقابل، حذرت شخصيات إسلامية ووطنية فلسطينية من خطورة مشروع ما يسمى «مركز شتراوس» في ساحة البراق، واعتبرته تدميرا للآثار الإسلامية واعتداء على الوقف الإسلامي والمسجد الأقصى المبارك، وذلك في ضوء قيام الحفارات الصهيونية بالعمل منذ عدة أيام تمهيدا لتنفيذ المشروع. وقال رئيس الهيئة الإسلامية العليا الشيخ عكرمة صبري في تصريح صحفي نشر، أول أمس: «لقد حذرنا من خطورة هذا المشروع قبل تنفيذه ولكن الدول العربية والإسلامية لم تستجب لنداءاتنا لردع «إسرائيل» ومنعها من التنفيذ». وأوضح أن المنطقة المجاورة للمسجد الأقصى وحائط المغاربة وساحة البراق كلها وقف إسلامي، فالمشروع هو اعتداء على الوقف الإسلامي والمسجد الأقصى المبارك لأنه يغطي ساحات من الرؤيا، كذلك هو اعتداء على سكان باب السلسلة، لأنه يؤثر على البنايات السكنية هناك. وأكد صبري أن اليهود ليس لهم آثار في هذه المنطقة، فهم يريدون أن يزيفوا الواقع ويغيروا معالم المنطقة، وهذا يتناقض مع اتفاقية جنيف الرابعة التي تلزم سلطات الاحتلال الإبقاء على الوضع الحالي وعدم تغييره. وقال: «لذا نحن نرفض هذا المشروع الذي نعتبره عدوانا على الوقف الإسلامي والآثار الإسلامية في المنطقة، مطالبا منظمة «اليونسكو» بالتحرك لممارسة صلاحياتها بوجوب المحافظة على الآثار الإسلامية. من جانبه، لفت رئيس مجلس الأوقاف الشيخ عبد العظيم سلهب، الى أن هذه الحفريات في محيط المسجد الأقصى وتحت أساساته مستمرة منذ بداية الاحتلال حتى هذه اللحظة، وتأخذ أشكالا مختلفة وكلها تهدد أساسات المسجد. وقال: «لقد لاحظنا وجود حفارة ضخمة لفحص التربة أو لإنشاء أعمدة فولاذية ضخمة في ساحة البراق، وهذا البناء ينشأ في حي المغاربة الذي دمرته قوات الاحتلال عقب احتلالها لمدينة القدس عام 1967، والبناء سيقوم ويدمر آثارا إسلامية من مختلف العصور بداية من العهد الأموي حتى العهدين الأيوبي والعثماني». وأضاف: «أذكر أن أعمال تدمير تلة باب المغاربة مستمرة، والعمال يقومون بتدمير البقية من آثارنا في طريق باب المغاربة التي هي جزء لا يتجزأ من المسجد الأقصى المبارك». ونبه الشيخ سلهب بأن هناك تهديدا متزايدا للمسجد الأقصى، وهو في خطر وبحاجة لوقفة أبناء البلد لا سيما وأن السلطات الصهيونية ماضية في ممارساتها والمستوطنون يقتحمون ساحات المسجد الأقصى يوميا. وقال: «واجب المرابطين الوقوف في وجه الهجمة الشرسة ضد أقدس مقدساتها وقبلتهم الأولى، والأمة كلها مدعوة أن تحمي التراث الإسلامي في مدينة القدس، ومساندة المرابطين في المسجد الأقصى، فنحن نواجه أعتى قوة تستهدف استئصال وجودنا وتدمير مقدساتنا وفي مقدمتها المسجد الأقصى». إلى ذلك قال مسئول ملف القدس حاتم عبد القادر: «نحن أمام تحدٍ خطير حيال المسجد الأقصى المبارك، فالحديث يدور عن توسيع بناء شتراوس، وهو اسم أضافه الصهاينة على بناء مملوكي تم احتلاله عام 1967، وسيتم إضافة طابق جديد بمساحة 1700 متر يبلغ علوه 15 مترا ونصف المتر». وأضاف: «هذا العمل بالتأكيد له وجهان خطيران الأول أن أعمال الحفريات تجري بوضع أسس لهذا البناء الجديد، وقد مست بكل الآثار الأموية التي تم تدميرها بأعمال الحفر التي تجري تحت الأرض حاليا». وثانيا هذا البناء بعد استكماله سوف يكون مطلا على كل أنحاء المسجد الأقصى، وذلك يشكل خطرا أمنيا على المسجد، وبإمكان أي مستوطن أن يعتلي سطح المكان، وأن يصيب أي نقطة داخل المسجد». من جانبه دعا يوسف مخيمر رئيس لجنة المرابطين المقدسيين إلى التصدي بحزم لهذا المشروع الخطير، مطالبا الكل الفلسطيني بالتوحد من أجل نصرة المسجد الأقصى. وطالب مخيمر العالمين العربي والإسلامي اتخاذ مواقف جدية وعاجلة لإيقاف المشروع المذكور، الذي يشكل إهانة لكل عربي ومسلم في حال تنفيذه.