في موقف لافت لبعض القوى الغربية الكبرى، وهي تتعاطى مع الأزمة السورية من زاوية ما تراه يخدم مصالحها الاستراتيجية في المنطقة العربية، وخاصة البحث عن ضمانات تمنع "شظايا النار" المشتعلة في سوريا من إصابة الكيان الصهيوني، كشفت صحيفة «ذي غارديان» البريطانية، في تقرير حصري، عن أن دولا غربية تقوم بتدرب «متمردين» سوريين في الأردن، وذلك في إطار الجهود الرامية لتقوية العناصر العلمانية في المعارضة السورية من أجل مواجهة ما سمته الصحيفة «التطرف الإسلامي» بسوريا في مرحلة ما بعد سقوط الأسد، فيما رفض رئيس المجلس الوطني السوري «جورج صبرا» مقولة وجود تطرّف إسلامي في سوريا، مؤكدًا أن جميع بنادق الثوار الذين يواجهون نيران النظام السوري هي بنادق الثورة. ونقلت الصحيفة عن مصادر أمنية أردنية قولها إن دولا غربية تدرب حاليا «متمردين» سوريين علمانيين في الأردن، في محاولة لتقوية العناصر العلمانية في المعارضة السورية، وذلك من أجل البدء في بناء قوات الأمن للحفاظ على الانضباط في حال سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد. وأضافت «ذي غارديان، في عدد أول أمس، أن مدربين بريطانيين وفرنسيين يشاركون في الجهود التي تقودها الولاياتالمتحدة لتعزيز الفصائل العلمانية في المعارضة السورية، مشيرة إلى أن وزارة الدفاع البريطانية نفت مشاركة أي جنود بريطانيين في التدريب العسكري المباشر «للمتمردين» السوريين، وذلك بالرغم من وجود عدد قليل من الضباط البريطانيين والقوات الخاصة البريطانية في الأردن لتدريب الجيش الأردني. وأشارت الصحيفة إلى أن الغرب اختار الأردن مقرًّا لتدريب العناصر المختارة من المعارضة السورية؛ نظرًا لتخوف عمان من وصول الإسلاميين المتشددين إلى المملكة وتهديد النظام الحاكم هناك. وقالت «ذي غارديان» إن فصائل من الاستخبارات البريطانية تقدم المشورة اللوجستية وغيرها من النصائح «للمتمردين» السوريين، في حين أعرب مسؤولون بريطانيون عن اعتقادهم بأن التعديلات الجديدة التي أدخلها الاتحاد الأوروبي مؤخرا على حظر تصدير الأسلحة إلى سوريا أعطت بريطانيا الضوء الأخضر للشروع في تقديم التدريب العسكري للمقاتلين «المتمردين»، وذلك «لاحتواء انتشار الفوضى والتطرف» في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام في سوريا. كبار الضباط وقالت الصحيفة إن التدريب الغربي في الأردن يجري منذ العام الماضي، ويركز على كبار الضباط في الجيش السوري الذين انشقوا عن نظام الأسد. ونقلت عن دبلوماسي غربي أن التدريب يعتبر شأنا اعتياديا قبل اتخاذ أي قرار هام بشأن هذه المسألة، وأن الاستعدادات تجري لجعل كل شيء في مكانه ويسير بسلامة عند اتخاذ هذا القرار، وهو ما تفعله القوات الخاصة. كما نسبت إلى مصدر أردني قالت إنه مطّلع على عمليات التدريب قوله إن عملية التدريب الأمريكية والبريطانية والفرنسية تشمل بعض الجنرالات السوريين الذين انشقوا عن النظام السوري، وليست عملية ضخمة، ولم يتم حتى الآن إعطاء الضوء الأخضر لإرسال قوات «المتمردين» التي جرى تدريبها إلى داخل سوريا. وأضاف المصدر الأمني أنه يمكن نشر القوات في سوريا في حال وجود مؤشرات على انهيار كامل للخدمات العامة في مدينة درعا السورية بجنوبي سوريا، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى لجوء مليون شخص إلى الأردن. وقالت «ذي غارديان» إن الهدف من إرسال «المتمردين» الذين خضعوا للتدريب على أيدي مدربين غربيين إلى سوريا هو إنشاء منطقة آمنة للاجئين على الجانب السوري من الحدود مع الأردن، وكذلك منع الفوضى، وتوفير قوة موازية للجماعات «المتطرفة» المرتبطة بتنظيم القاعدة بعد تحولها إلى قوة كبيرة في شمالي سوريا. وأضافت أن المسؤولين البريطانيين يعتقدون أن المبادئ التوجيهية الجديدة بشأن الحظر المفروض على تصدير الأسلحة إلى سوريا التي اعتمدها الاتحاد الأوروبي في بداية الشهر الجاري تسمح بالتدريب العسكري لقوات المعارضة السورية، طالما أن الهدف النهائي من وراء ذلك هو حماية المدنيين، وملء الفراغات الأمنية بعد انهيار نظام الأسد. ونسبت الصحيفة إلى متحدث باسم وزارة الخارجية البريطانية قوله إنه يتم التركيز على شكل المرحلة الانتقالية، وذلك لأن نظام الأسد سينهار في إحدى المراحل، ولأن المعارضة ستحتاج إلى مساعدة لتوفير الحكم في المناطق التي تسيطر عليها، ويشمل بطبيعة الحال الأمن الذي لا يعني مجرد القتال، بل تطبيق القانون الأساسي والنظام والحماية في البلاد. في المقابل، وتعليقا على تقرير «ذي غارديان» رفض رئيس المجلس الوطني السوري جورج صبرا مقولة وجود تطرّف إسلامي في سوريا، مؤكدًا أن جميع البنادق هي بنادق الثورة. وقال صبرا: «نحن لا نشارك الصحيفة هذا الرأي. وبالنسبة إلينا، جميع البنادق هي بنادق الثورة، وهي موجّهة نحو إسقاط النظام الاستبدادي لاستبداله بنظام ديمقراطي مدني يحقق المساواة والحرية لجميع المواطنين». وأوضح لجريدة «الرأي» الكويتية، في عدد أول أمس، أن «مجتمعنا السوري متعدد، فهناك الإسلاميون والقوميون والعلمانيون والليبراليون، ومن الطبيعي أن تكون بيننا كل هذه الاتجاهات، ولدينا ما يكفي من الخبرة كي ننظم اختلافاتنا، ونتقدم نحو بناء السلطة الديمقراطية»، كاشفًا عن أن «الائتلاف الوطني السوري سيجتمع في الأيام المقبلة لاختيار الشخص المناسب كي يتولى رئاسة الحكومة الانتقالية».