مرت سنة على إعلان وزارة الاتصال بشراكة مع وزارة التضامن والأسرة والمرأة والتنمية الاجتماعية، إطلاق مشروع لجنة تأسيسية لإحداث مرصد وطني خاص بتحسين صورة المرأة في الإعلام، بشراكة مع ائتلاف لجمعيات نسائية، وذلك في إطار تفعيل توصيات الميثاق الوطني لتحسين صورة المرأة في وسائل الإعلام، التي لم تفعل منذ مارس 2005 بالأجرأة اللازمة. وكان وزير الاتصال قد وصف حصيلة الميثاق بغير المشرفة. بثينة قروري (منسقة الائتلاف الوطني النسائي حول تحسين صورة المرأة في الإعلام)، أكدت في تصريح ل التجديد غياب أي خطوات عملية لحد الآن في اتجاه تفعيل وتنزيل هذا المرصد. كل ما هناك -تضيف قروري- أن اللجنة التأسيسية قامت بإعداد صيغة مرسوم لكنه لا يزال جامدا، فيما ليس هناك أي إشارة للمشروع كآلية لرصد شكل ونوعية حضور المرأة في الإعلام العمومي ضمن المخطط التشريعي، ولا أثر للمرصد في ميزانية وزارة الاتصال برسم سنة 2013. وشددت منسقة الائتلاف الذي لا يرتبط فقط بتحسين صورة المرأة في الإعلام الذي هو هدف للميثاق، وإنما هو مرتبط بإطار دستوري يلزم بأجرأة وتطوير هذا الميثاق، (شددت) على عدم تسجيل أي تغيير في تحسين صورة المرأة في الإعلام بعد دخول دفاتر التحملات حيز التنفيذ، مؤكدة على أن نفس الملاحظات لا تزال قائمة عن الصورة النمطية التي يكرسها الإعلام عن المرأة. مصدر من وزارة التضامن أكد ل التجديد أن المرسوم الخاص بالمرصد جاهز، والوزارة قامت بمهمتها في إعداد المرسوم وسلمته لوزارة الاتصال، التي أكد مصطفى الخلفي الوزير الوصي عليها بدوره، على أن المشروع الأولي للمرصد الوطني لتحسين صورة المرأة في الإعلام في صيغته النهائية، مضيفا في تصريح ل التجديد بأنه سيدخل مرحلة توسيع المشاورات بشأنه قبل أن يحال على الحكومة. وكان مصطفى الخلفي وزير الاتصال الناطق الرسمي للحكومة أكد بمناسبة الإعلان عن إحداث المرصد في إطار الاحتفال باليوم العالمي للمرأة السنة الماضية، (أكد) أن المرصد سيضطلع بدور المشاركة في إعداد ومتابعة تنفيذ دفاتر التحملات المرتبطة بالاتفاقيات والمعاهدات التي يوقعها القطاع العام مع شركائه العاملين في مجال الإعلام، كما يمكنه توجيه توصيات لجميع الهيئات الوطنية وليس فقط للهيئة العليا للاتصال السمعي البصري. وكلفت لجنة تأسيسية من النساء، تضم فاعلات في الحياة العامة والمجتمع المدني والوسط الجامعي، بصياغة مخطط عمل المرصد وإطلاقه في أقرب الآجال. الصورة يطغى عليها جانب الإغراء والتحقير أظهرت مخرجات دراسة استراتيجية حول انتظارات المرأة المغربية بخصوص تمثلها لصورتها في وسائل الإعلام السمعية البصرية أعدتها وزارة الاتصال بتعاون مع صندوق دعم المساواة بين الجنسين التابع للوكالة الكندية للتنمية الدولية؛ أن صورة النساء كما تسوقها وسائل الإعلام لا تعكس المكانة الحقيقية التي تحتلها المرأة بالمجتمع وتعددية الأدوار المهنية والأسرية والاجتماعية التي تضطلع بها. وأبرزت هذه الدراسة التي أنجزت بين عينة تتكون من 1500 امرأة، في إطار تفعيل برنامج النهوض بالمساواة بين الجنسين على المدى المتوسط، أنه بالنسبة لعموم المشاهدات، فإن هذه الصورة يطغى عليها جانب الإغراء والتحقير ولا تعكس واقع المرأة المغربية. وجسد الأثر الإيجابي لهذه الوضعية الاعتراف الأكبر داخل المجتمع والأسرة، فيما تمظهر الأثر السلبي في مضاعفة المسؤوليات والمهمات داخل البيت وخارجه. التلفزيون المغربي : مرآة مشوهة ترى 77 بالمائة من النساء المستجوبات، أن وسائل الإعلام تحترم المساواة والإنصاف على مستوى التمثيلية العددية للنوع، لكن مع وجود فوارق كبيرة بين عالمين يمثلان وضعيتين متعارضتين (على طرفي نقيض) بالنسبة لما تعيشه النساء المغربيات. وبرز أن النساء المغربيات تنهضن بأدوار موازية مختلفة، فهن قائمات على شؤون المنزل، وأمهات، ويحترفن مهنة خارج البيت، ومتعلمات قليلا أو كثيرا، أو تقليديات حسب أطوار حياتهن ، معقدات.. ولكن مهما كانت خصائصهن ووضعيتهن، فهن يعتبرن وضعية المرأة الخاضعة والمقموعة متجاوزة. في جانب الإعلام والتنشيط، تظهر صورة المرأة الأنيقة والعصرية المنخرطة في مهنتها، والملتزمة والكفؤ، والند لزميلها الذكر، والتي تحظى بالتقدير(وتدفع المشاهدات في نفس الآن إلى تقديرها). وفي جانب الإشهار والتخييل تظهر صورة المرأة الضحية المنتقص من قيمتها، التي لا تحظى إلا بقليل من الاحترام، المحبطة، المقموعة، الضعيفة، المتخلفة.. صور جاهزة متجاوزة ، تبسيطية وحاطة من قدرها. وعموما، فالمشاهدات موزعات بين نموذجين متعارضين : المرأة الإطار ، أو التي تقوم فقط بأشغال المنزل، الجاهلة والمقموعة. الإشهار والتخييل: البرامج الأكثر بعدا عن واقع المرأة والأكثر حطا من قيمتها كشفت معطيات الدراسة، أن الأخبار في نظر 95 بالمائة من المستجوبات الأكثر إبرازا لقيمة المرأة المغربية، ثم التنشيط في نظر 93 بالمائة، والإشهار في نظر 53 بالمائة، ثم التخييل في نظر 52 بالمائة. وبين ترتيب أصناف البرامج الأكثر قربا من واقع المرأة، أن الأخبار هي الصنف الذي يعكس أكثر واقع المرأة المغربية في نظر 35 بالمائة من المستجوبات، بينما التنشيط صنف لا يعكس واقع المرأة إلا بنسبة 18 بالمائة ، والتخييل بنسبة 18 بالمائة، أما الإشهار فلا تتجاوز النسبة 4 بالمائة. واستنتجت الدراسة بأنه فيما يخص صورة المرأة في البرامج الإخبارية هناك قطيعة واضحة بين الصورة التي تروجها النساء المهنيات في مجال الأخبار، والشخوص النسائية الموظفة في التخييل والإشهار، حيث تمثل النساء في مجال الأخبار واقع نخبة صغيرة من النساء المغربيات، ويروجن صورة تطلعية قوية بالنسبة لمجموع النساء المغربيات. بينما النساء في مجالي التخييل والإشهار، يمثلن كل الوضعيات القصوى المعيشة من طرف أقلية من النساء، والمظاهر التي يطمحن إلى تجاوزها، تحط من قيمة المرأة بتشويهها. وعموما بالنسبة للنساء المشاهدات، تعتبر صورة المرأة في وسائل الإعلام صورة زائفة ذات طابع خادع وتحقيري، بمعنى أنها لا تعكس واقع المرأة المغربية. ولا يقترح التلفزيون المغربي اليوم نماذج يمكن احتذاؤها كهوية للنساء (المرأة ). التلفزيون لا ينهض بالكامل بدور المواكبة والدفع إلى تغيير المجتمع أكدت الدراسة بأن التلفزيون لا يبدي حالات تصالح (انسجام) بين مختلف وظائف المرأة في الدوائر المهنية والخاصة، ونطاقات التفتح الشخصي، نافيا قدرتها على النهوض بكل الأدوار في نفس الآن. بالموازاة لم يطور كذلك صورة الرجل، وظل يركز على الرجل المتسلط على المرأة. كما لم يظهر أبدا حالات تقاسم أعباء الأشغال المنزلية داخل البيوت (بين الرجل والمرأة)، بالإضافة إلى أنه يعطي الانطباع بأنه إذا ما استطاعت المرأة انتزاع الاعتراف داخل الأوساط المهنية فإنها تسقط سواء داخل البيت أو في الشارع، في الدونية، والقمع الممارس من طرف الرجل. التلفزيون لا يشيع مفهوم المساواة بين الجنسين بينت الدراسة أن المرأة الصحفية، تظل حتى داخل قطاع الأخبار، محصورة في التقديم، وغائبة عن البرامج الحوارية مثلا. ويعمل التلفزيون كذلك على إعادة الإنتاج اللاواعي للصور النمطية المتشبع بها، وذلك بتكرارها (من خلال الخطاب الإشهاري خاصة). فهي تظهر، من جانب، صحفيات معترف بهن في الأوساط المهنية، ومن جانب آخر، ربات بيوت محقرات وخاضعات، دون الربط بين معيش المرأة خارج البيت وداخله. ونتيجة لذلك، فإن النساء (وخاصة المنتميات للفئات البسيطة منهن، داخل أوساط يطبعها تدني مستوى التعليم)، اللواتي يتطلعن إلى التشبه بالنموذج الأول للصحفيات الطموحات يردن الاشتغال وإثبات الذات في الأوساط المهنية، ولكن، نظرا لغياب نموذج بديل بالنسبة لتدبير البيت، فهن يواصلن القيام تماما بنفس المهام التي كانت موكولة لأمهاتهن.وفعلا، من الصادم اعتبار إلى أية درجة يتم توصيف المرأة المغربية وتحديد دورها بأعباء المسؤوليات، وسعة المهام التي تنهض بها : فهن يشتغلن، وقد بدأن في المساهمة في ميزانية الأسرة، وهن متعلمات، ويتابعن تمدرس أبنائهن، وهن سائقات، ويقمن بإيصال الأبناء لمدارسهم، ويتسوقن... التلفزيون لا يعكس التنوع الواقع في معيش المرأة جوابا عن السؤال الذي يبرز من خلال استقراء التقرير الوثائقي هل يجب على وسائل الإعلام عكس ما يجري دخل المجتمع أو المبادرة إلى التغيير؟، استخلصت الدراسة حسب المشاهدات المستوجبات، بأن التلفزيون المغربي لا يعكس اليوم التنوع الواقع في معيش المرأة المغربية. كما أنه لا يقوم، بشكل كامل، بدوره كباعث على التغيير، خاصة بالنسبة ل التخييل و الإشهار، بحيث لا يضع في الواجهة السلوكيات التقدمية للنساء، وهو لا يكرس التطورات المجتمعية المرتبطة بوضعية المرأة والاعتراف بها كما لا يبرز قيمتها. هذا مع أن التلفزيون بالنسبة للنساء الأقل تعلما، يظل المصدر الرئيسي للأخبار والتربية والانفتاح على العالم، وهن فضلا عن ذلك، مشاهدات للمسلسلات والتخييل أكثر من البرامج الإخبارية التي تتدخل فيها صحفيات أو منشطات يشعن صورة أكثر إبرازا لقيمة المرأة. تطوير برامج التخييل والإشهار إن صنفي البرامج اللذين يجب تطويرهما أولا، هما التخييل والإشهار. واقترحت الدراسة تفسيرا لهذه الوضعية، ينطلق من كون هذه البرامج جامعة يمكن مشاهدتها من طرف الأسرة، بخلاف المسلسلات الأجنبية على سبيل المثال، والتي لا تتماشى مع قواعد الآداب (الحياء والحشمة) داخل الأسرة المغربية. كما أن ترفيه النساء عن أنفسهن بواسطة هذه البرامج، خاصة أولئك اللواتي يمثل لهن التلفزيون الأداة الوحيدة للتسلية، لا يعني أنهن يشاطرنه ما يقدمه لهن. وأضافت الدراسة في تفسيراتها بأن النساء الأقل تعلما هن كذلك من يتابعن المنتجات التلفزيونية المغربية، فقط بسبب سهولة فهم اللغة، وقد أكدت المستجوبات المتعلمات المعربات (اللواتي يتكلمن فقط اللغة العربية) تفضيلهن لفضائيات البلدان العربية التي تبرز قيمة المرأة (بالرغم من إدراكهن أن أوضاع المرأة الحقيقية تختلف عما تظهره هذه الفضائيات)، فيما أكدت المستجوبات المتكلمات بالفرنسية تفضيلهن للقنوات الفرنسية وقربهن منها.