الحكومة توقع على اتفاقية استثمارية مع مجموعة صينية رائدة في النسيج    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    الفيدرالية المغربية للإعلام والمرصد المغربي لمكافحة التشهير والابتزاز يناديان بإيقاف نزيف الانتحال والرذاءة واللامهنية في الصحافة    المحكمة الإدارية بالرباط تعزل رئيس مقاطعة حسان إدريس الرازي    بوريطة: لجنة القدس تدين بشدة خرق وقف إطلاق النار وتجد د الاعتداءات الإسرائيلية على المدنيين بغزة    المغرب يدعو إلى جعل الشرق الأوسط منطقة خالية من أسلحة الدمار الشامل    وزان.. تفكيك شبكة إجرامية وحجز أكثر من 94 ألف قرص مخدر و3 كلغ من الكوكايين    أساتذة "الزنزانة 10" يهددون بالرباط بإضراب مفتوح بسبب ملف الترقية    المغرب يدين بشدة الهجوم الإسرائيلي على غزة ويطالب بوقف إطلاق النار    فنلندا أسعد دولة في العالم للمرة الثامنة على التوالي    المغرب يمنع رسميا ذبح إناث الأغنام والماعز حتى نهاية مارس 2026    المجمع الشريف للفوسفاط يقفز بالاستثمارات السنوية إلى 43.6 مليارات درهم    التساقطات الأخيرة.. تأثير إيجابي على الفلاحة وواردات مائية مهمة رغم استمرار العجز    الوزير برادة يطيح بالكاتب العام السحيمي .. ومصدر يكشف التفاصيل    مجلس الحكومة يصادق على تعيينات جديدة في مناصب عليا    بوعلام صنصال يواجه 10 سنوات سجنا    القسام تقصف تل أبيب برشقة صاروخية    أخبار الساحة    اليابان أول المتأهلين لكأس العالم 2026 لكرة القدم    مجلس الحكومة يصادق على مرسوم جديد لتحديث مدونة السير على الطرق    تأجيل محاكمة مبديع إلى أبريل المقبل    مستجدات محاكمة كريمين والبدراوي    سؤال الجمال    الراضي وهبة محمود تضعان خارطة الطريق للتعاون الثقافي المغربي – المصري    دراسة: محبي السهر أكثر عرضة للتفكير السلبي والاكتئاب    هذه هي ملاعب كأس إفريقيا لأقل من 17 سنة في المغرب    عمر الهلالي يكشف تأثر والديه بعد استدعائه للمنتخب المغربي    الكشف عن المحطة الجوية الجديدة لمطار الدارالبيضاء محمد الخامس    امطار رعدية مرتقبة بعدد من مناطق المملكة    عرض الفيلم المغربي "مطلقات الدار البيضاء" بالبنين    التوازن بين العقل والإيمان: دعوة لفهم شامل وعمق روحي.. بقلم // محمد بوفتاس    الأمم المتحدة.. بنيويورك، التنديد بانتهاكات حقوق النساء في مخيمات تندوف    توقيف شاب ببيوكرى للاشتباه في تورطه في السياقة الاستعراضية وتعريض مستعملي الطريق للخطر    تركيا على صفيح ساخن بعد اعتقال رئيس بلدية إسطنبول ومستقبل أردوغان على المحك    بعد 15 سنة من العطاء…اعتزال مفاجئ للمخرج المصري محمد سامي للدراما التلفزيونية    2025 سنة التطوع: بواعث دينية ودوافع وطنية    تصفيات مونديال 2026: الصحراوي والطالبي يلتحقان بمران المنتخب عشية مباراة النيجر بعد تعافيهما من الإصابات    الصيام في رمضان.. علاج للروح وفوائد جمة للجسد    أسعار صرف أهم العملات الأجنبية اليوم الخميس    جيش إسرائيل يبدأ عمليات برية في غزة    هذه تدابير مفيدة لجعل المنزل ملائما لمرضى الحساسية    مدرب إسبانيا لا يرى أي مشكلة بصوم لامين جمال    محكمة ألمانية تقرر تسليم "بودريقة" للمغرب    القافلة الطبية أزير تحط رحالها بالجديدة لأربعة أيام    استقرار العلاقات الاقتصادية بين بكين وواشنطن سيفيد الشركات في جميع أنحاء العالم (مسؤول صيني)    السعودية تفرض على الحجاج الجزائريين تقييم نفسي إجباري    المؤسسة الإعلامية " موروكو ميديا نيوز" وشركائها توجوا الفائزين والفائزات في تجويد وترتيل القرآن الكريم بأكادير    المدير الإقليمي للتجهيز ينذر بعض المقاهي الشاطئية بالجديدة : التسوية القانونية أو اللجوء إلى القضاء لإخلاء الملك العمومي    الحسابات الفلكية تعلن موعد عيد الفطر في المغرب!    أوريد: أزمة السياسة "ليست مغربية".. والشعبوية متحور عن الفاشية    عمرو خالد: هكذا يمكن تفادي الصراع والصدام واللجوء إلى الحوار والوئام    استئصال اللوزتين يحمي الأطفال من اضطرابات التنفس أثناء النوم (دراسة)    الدراما المغربية بين النمطية والإنتاج القصير: هل حان الوقت للتغيير؟…ناقد فني يجيب "رسالة 24"    مراكش الحمرَاء التاريخ فى سكُون    اليوم العالمي للشخير    حِكم حَلاجِية..    عمرو خالد: جفاف القلوب أسوأ من شح الجيوب.. وهكذا يمتلئ خزان الحب    الشيخ أبو إسحاق الحويني يرحل إلى دار البقاء    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الجزائر وسياسة الهروب إلى الأمام
نشر في التجديد يوم 13 - 08 - 2004

هل سدت الطريق أمام تقارب مغربي جزائري بعد رفض حكومة بوتفليقة اليد الممدودة من الرباط؟ وهل أصبحت المصالحة بين البلدين اللذين قال بوتفليقة يوما إنهما لن يغيرا مكانهما على الخريطة مستحيلة أو مستبعدة؟ وما هي دوافع التصعيد الجزائري الأخير اتجاه المغرب ونهج سياسة الهروب إلى الإمام؟ هل حوصرت الجزائر داخل التحولات الدولية والإقليمية في الآونة الأخيرة والتي كانت تسير في الخط الإيجابي للموقف المغربي، فحاولت الانفلات عبر الإقدام على مبادرات أقل ما يمكن أن يقال فيها إن عقلية الستينات والسبعينات من القرن الماضي لا تزال ساكنة في عقول حكام الجزائر بينما هم يقفون على أرض جديدة هي أرض الألفية الثالثة؟
استراتيجية المعاكسة
ما تفتأ العلاقات المغربية الجزائرية تدخل أزمة تلو الأخرى، إذ بعد إقدام المغرب على فتح الحدود مع الجزائر وإلغاء التأشيرة في 30 يوليوز الماضي، والتصريحات الملكية في خطاب العرش بشأن الإرادة المغربية الأكيدة على فتح صفحة جديدة مع الجزائر، وبناء اتحاد المغرب العربي على أسس جديدة من التقارب والتعاون، يبدو أن النظام الجزائري لم يقدر هذه الخطوات المغربية ولم يتعاط معها بالشكل المطلوب.
فبعد الرسالة التي وجهها الرئيس عبد العزيز بوتفليقة إلى الأمين العام للأمم المتحدة كوفي عنان، والتي يعيد فيها التأكيد على الأطروحات الجزائرية المعروفة بشأن قضية الصحراء، ويصف فيها المغرب بالقوة المحتلة، ويدعي أن النزاع هو بين المغرب وجبهة البوليساريو، بعد تلك الرسالة أقدمت الحكومة الجزائرية على تنظيم ما أسمته بأسبوع التضامن مع الشعب الصحراوي الذي اختتم يوم أول أمس الأربعاء، واستقبلت زعيم الجبهة محمد عبد العزيز استقبالا رسميا. وهي رسالة واضحة موجهة إلى المغرب، تؤكد فيها الجزائر على مواقفها التقليدية المعروفة من الوحدة الترابية للمغرب.
رئيس الحكومة الجزائرية، أحمد أويحيى، حرص خلال استقباله لزعيم جبهة البوليساريو على أن يؤكد مجددا على نفس الموقف الذي عبر عنه سابقا كل من بوتفليقة وعبد العزيز بلخادم وزير خارجيته، أي أن الخلاف حول الصحراء هو خلاف بين المغرب وجبهة البوليساريو، كما أكد الدعم اللامحدود للنظام الجزائري لمنتوجه الذي أشرف على صناعته وتسليحه منذ أيام بومدين، وتضامنه معالشعب الصحراوي الشقيق كما ورد في كلمة أويحيى، ولم ينس هذا الأخير الجزء الآخر من التقاليد الجزائرية، وهي رسائل المجاملة إلى المغرب، إذ أكد على أن بلاده مستعدة لإقامة علاقات مثالية مع جارتها، وأنها عازمة على بناء صرح المغرب العربي من أجل تحقيق اندماج إقليمي أصبح أمرا حتميا .
خلفيات الارتباك الجزائري
إذا عدنا إلى الخلف قليلا، فإننا سوف نجد أن ما حدث في الأشهر القليلة الماضية على الصعيد الجهوي والإقليمي، وفيما يتعلق بموضوع الصحراء المغربية، قد وضع عناصر جديدة على رقعة اللعبة السياسية والديبلوماسية في المنطقة.
وأولى تلك المتغيرات الإقليمية التي فرضت نفسها على الأقطاب في المنطقة هو الموقف الأمريكي الجديد الذي أعقب تحولات ما بعد 11 سبتمبر 2001 إزاء منطقة شمال إفريقيا وعلى الخصوص قضية الصحراء المغربية، من موقع القناعة التي تبينت لدى البيت الأبيض بأن أي استقرار في المنطقة لا بد أن يمر وبالضرورة عبر إيجاد حل سلمي لنزاع الصحراء. وقد عبر البيت الأبيض عن هذه القناعة من خلال الدعوة إلى حوار مباشر بين الجزائر والرباط، تلك الدعوة التي عبر عنها للمرة الأولى منذ أكثر من عامين نائب كاتب الدولة في التجارة روبير زويليك أثناء زيارة قام بها للمنطقة قادته إلى كل من تونس والجزائر ثم المغرب، واستقبل المغرب هذه الدعوة الأمريكية استقبالا إيجابيا ودعا بدوره النظام في الجزائر إلى التجاوب معها، لكن الرد الجزائري كما كان متوقعا هو الرفض المطلق، ليدخل مقترح الحوار المباشر بين البلدين مرحلة انتظار.
بعد وصول الاشتراكيين في إسبانيا إلى الحكم، وخروج حزب أزنار الحزب الشعبي اليميني من دفة السلطة، حدث التحول الثاني البارز على المستوى الجهوي. لقد قطع الحزب الاشتراكي العمالي مع سياسة الحزب الشعبي على جميع الصعد، دوليا في أزمة العراق، وقاريا في العودة إلى الاتحاد الأوروبي بدلا عن التحالف غير المشروط مع الولايات المتحدة، وجهويا في الانفتاح على بلدان المتوسط والبحث عن سياسة جديدة للتقارب مع العالم العربي، وتغيير موقف إسبانيا من قضية الصحراء المغربية من خلال الانتقال من الحياد السلبي السابق إلى الحياد الإيجابي، أي إدراك أن مصالح إسبانيا معنية بشكل مباشر بحل النزاع وليس بإدامته والإبقاء عليه كما كانت استراتيجية الحكومات الإسبانية السابقة.
من هنا جاءت بدايات التحول الإسباني من قضية الصحراء، وعكست تصريحات رئيس الحكومة الإسبانية خوسي لويس ساباثيرو أثناء زيارته للمغرب بعد أيام قليلة على تنصيبه في أبريل الماضي هذا التوجه الجديد لدى حكومة مدريد، حيث أعلن من المغرب أن إسبانيا جادة في البحث عن حل سلمي للنزاع، وأنها تتوقع حدوث ذلك في بحر ستة أشهر، ودعا إلى حوار مباشر بين الرباط والجزائر والتوافق على حل سياسي. الدعوة نفسها حملها وزير الخارجية الفرنسي ميشال بارنييه أثناء الندوة الصحافية التي عقدها بالرباط خلال زيارته لبلادنا في شهر أبريل الماضي، كما شكلت تلك الدعوة أيضا محورا للمباحثات التي جمعت بين ساباثيرو والرئيس الفرنسي جاك شيراك، ودعت إسبانيا إلى قمة رباعية بين باريس ومدريد والرباط والجزائر لحل أزمة الصحراء، لكن الجزائر رفضت العرض. وقد شكل تصريح وزير الخارجية الإسباني ميخيل أنخيل موراتينوس قبل أيام قليلة، والتي قال فيها إن تنظيم الاستفتاء في الصحراء من شأنه أن يقلب التوازنات في منطقة المغرب العربي، شكل ذلك التصريح مفاجأة للجزائريين، بمثل ما أكد أن خيار الاستفتاء صار متجاوزا. ومن خلال كل هذه التحولات والتحركات الدبلوماسية
المكثفة التي نشطت من حول ملف الصحراء، بدا أن الجزائر تفقد مصداقية مواقفها المتصلبة ومبررات الحفاظ عليها، وأصبحت تظهر في موقع معزول وسط تيار عام اقتنع بأن الحوار هو الطريق الأقصر والأسهل نحو حل للنزاع يوفر على المنطقة زمنا ربما يضيع بسبب إعادة استهلاك سياسات الماضي. لذا لم يعد أمام قادة الجزائر سوى اختيار الخيار الأقرب إلى مزاجهم، وهو الهروب إلى الأمام وإغلاق أعينهم أمام التحولات الكبرى التي تعصف بالمنطقة، وإعادة التذكير مجددا بالأسطوانة القديمة التي تقول إن النزاع يخص المغرب وجبهة البوليساريو، مع أنها تدرك جيدا أن هذه الأخيرة ما كان لها أن تولد لولا إشراف الجيش الجزائري عليها ورعايته لها إلى الآن.
إدريس الكنبوري


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.