انتقد علي بلحاج،الرجل الثاني في جبهة الإنقاذ، صفقات التسلح الجزائرية ،واستغرب مبررات جنرالات الجيش بكون هذه الأسلحة التي تشتريها الجزائر موجهة للتصدي للمغرب ، مؤكدا على مغربية الصحراء وبكون قضية الصحراء المغربية يمكن حلها سلميا . وقال علي بلحاج المعروف ب "مانديلا الجزائر "في حوار مطول مع مجلة الوطن العربي " يقال إنهم يريدون التصدى للمغرب، لماذا التصدى للمغرب.. وقضية الصحراء المغربية يمكن حلها سياسياً وهناك أمور أهم منها في الجزائر" . واتهم الرجل الذي قضى حكم 12 عاماً في السجن، قبل أن يعود للشارع السياسي ، الجزائر بخلق بؤر التوتر مع البلدان المجاورة منتقدا الصفقات العسكرية بين الجزائر وروسيا وجنوب إفريقيا وبريطانيا. وأضاف بلحاج أن من يحكم الجزائر هم الجنرالات الذين يصفهم بأنهم أبناء الفرنسيين الذين تركوا الجزائر، وأن بوتفليقة بلا سلطات، حيث كل السلطات بيد الجنرال توفيق مدين رئيس جهاز المخابرات العسكرية، مضيفا إن النظام الجزائري يمارس إرهاب الدولة ويضرب المواطنين بأسلحة محرمة دولياً. وأكد بلحاج أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ حلت بقرار قضائي جائر، لكنها ما زالت لها شعبية وهى موجودة، لأنها متجذرة شعبياً ولا يمكن حلها بحكم قضائى. وهذا هو نص الحوار من مجلة (الوطن العربي) ماذا يحدث بالجزائر الآن غير زيارات المسؤولين الأميركيين وقضايا الفساد.. ؟ - الأوضاع في الجزائر أصبحت غامضة والسياسة الخارجية لا يعرفها الشعب ولا نعرف هذه الزيارات التى من المسؤولين الأميركيين والبريطانيين لماذا؟ ولا نعرف بالصفقات التى تعقد والقضايا التى تطرح سواء كان لها علاقة بالتنسيق الأمنى، كله غير معروف. هؤلاء لا يحترمون الشعب ولم يأتوا عن طريق الشعب ولا يرون أن هناك ضرورة على تقديم حصيلة للشعب . يقال في الماضى إن الجنرالات يحكمون الجزائر وأن الرئيس سلطته اسمية. لماذا لم نعد نسمع بالجنرالات الذين معظمهم حولوا للتقاعد.. فهل الرئيس بوتفليقة بيده السلطة الحقيقية في الجزائر ؟ هل ما زال الجنرالات يحكمون الجزائر؟ من هم ؟ - أنت تعرف أن الجنرالات الذين أحيلوا للتقاعد كان تقاعدهم لذر الرماد في العيون، إن المدير العام للمخابرات العسكرية ما زال في السلطة، واسمه توفيق مدين، إنه هو وثلة من الجنرالات يحكمون الجزائر، وهم الذين استقدموا بوتفليقة وجاءوا به . لكن يقال إن بوتفليقة انقلب على الجنرالات وعزز سلطاته ؟ - هذا الكلام غير صحيح أو دقيق من الناحية الواقعية. ومدير المخابرات العسكرية توفيق مدين ما زال يحكم البلاد، وهو منذ عهد الشاذلى بن جديد واليمين زروال والعهود الثلاثة لبوتفليقة في منصبه . لماذا حكم عليك بالسجن ؟ - حكم علّى بالسجن ل 12 عاماً، لأننا فزنا بالانتخابات لا أكثر ولا أقل.. أرادوا إقصاءنا عن الساحة السياسية بالقوة وحوكمت بمحكمة عسكرية. ونحن لا نعترف بالمحكمة العسكرية، لأنها استثنائية ونحن مدنيون . لكن ما التهمة ؟ - لأننا قمنا بإضراب سياسى/ سلمى بعد إلغاء الانتخابات في قلب العاصمة واعتصامات.. وهذا أمر مشروع في أية دولة تعددية.. لكن هؤلاء لما رأوا أن الجبهة الإسلامية للإنقاذ أصبحت موجودة في البلديات والولايات أدركوا أن الحكم سينتزع منهم.. فأقالوا الرئيس شاذلى بن جديد وحلوا المجلس الوطني الشعبي الذى كان يرأسه آنذاك بلخادم.. وحلوا جميع مؤسسات الدولة وأعلنوا حالة الطوارئ . فاقد للشرعية مضى 20 عاماً على ذلك فهل اندثرت جبهة الإنقاذ ؟ - الجبهة الإسلامية للإنقاذ حلت بقرار قضائي جائر، لكنها ما زالت لها شعبية وهى موجودة، لأنها متجذرة شعبياً ولا يمكن حلها بحكم قضائي . لماذا لم تدخلوا كمستقلين في الانتخابات الأخيرة ؟ - لن نؤثر بالدخول في الانتخابات، لأننا نرى أن النظام بحد ذاته فاقد للشرعية ولابد ألا نعطيه هذه الشرعية، ثم إننا نريد الدخول من الباب وفق اعتماد سياسى حقيقى.. وهذا من حقنا ونحن نناضل لأجل ذلك. وإذا لم نأخذه اليوم سيأتى يوم إن شاء الله وبإذن الله ونأخذ حقنا.. وما ضاع حق وراءه مطالب . هل تعتقد أنه سيسمح للجبهة أن تسيطر ؟ - نحن نناضل من أجل هذا . سمعنا بعد خروجك من السجن أنك حوصرت حتى اضطررت لبيع الخضراوات في الشارع ؟ - نحن ممنوعون من حقوقنا السياسية والمدنية والاجتماعية، وما زلنا محاصرين لحد الآن وممنوعين من حق الترشيح والانتخاب، ومن حقنا في جواز السفر. ورغم أنه صدر قرار من الأممالمتحدة أننا أبرياء، وأن محاكمتنا عسكرياً كانت ظالمة.. لكن النظام ماضٍ في طريقه ونحن ماضون في نضالنا.. هذه طبيعة الأنظمة الديكتاتورية، ولابد للإنسان أن يناضل حتى يأتى يوم إن شاء الله نحكم فيه . نصف مليون معتقل كيف تعيش.. هل أنت محاصر فيما يتصل بالتحرك السياسى ؟ - نعم، أنا محاصر حتى في العمل. وليس لى عمل لأننى ممنوع من العمل، ولى أخى تاجر وهو يعيننى وهكذا.. ولقد بعت الخضار ثم مُنعت من بيعه . هل حُكم على ابنك بالإعدام ؟ - لا.. لا.. كلام غير صحيح.. ابنى اختفي ولا ندرى أين هو.. واسمه عبد القهار. والذين اختفوا في الجزائر زهاء 20 ألف مختطف. ولا يعرف أحد أين هم لحد الآن. وعدد المعتقلين في بداية الأزمة إلى يومنا هذا حوالى نصف مليون معتقل . كم منهم ما زال في الاعتقال ؟ - ما زال آلاف في الاعتقال حتى الآن.. و17 ألف سيِقوا إلى الصحراء في بداية الأزمة فقط. وحقوقهم لم تعط لهم.. والآن هناك معتقلون سياسيون بالآلاف. وهناك من قضى عقوبته وهناك من فرّ من السجن.. ومن مات ومن قُتل داخل السجن كما حدث في دركازى والبرواقية . ألقت ذراعكم العسكرية للجبهة سلاحها، هل هذه كانت خطوة جيدة ؟ - إن الجبهة الإسلامية للإنقاذ حرب سياسية، وعملنا كان سلمياً والقانون الأساسى ينص على أن الجبهة عملها سياسى، لكن حمل السلاح دفع إليه الظلم وإرهاب الدولة وحتى سوق 17 ألفاً للصحراء، حيث كانت التجارب النووية التى قامت بها فرنسا في رفان وحى وادى لاموز وأضرار.. هذا جاء برد فعل، العمل المسلح رد فعل لاغتصاب الإرادة الشعبية وقمع الحريات.. لا أكثر ولا أقل.. وليس منهجاً للجبهة الإسلامية للإنقاذ.. لأننا كنا نعرف أننا نريد الوصول للانتخابات ونجحنا في الانتخابات البلدية والولائية والتشريعية عن طريق الصندوق. وشاءت الدولة منع الدستور. فالعمل المسلح في بدايته رد فعل.. طبعاً بعد ذلك وقعت الاختراقات الأمنية وهناك جماعات صنعتها المخابرات . ما الجماعات التى صنعتها المخابرات؟ حدد لنا ؟ - هناك شهادات ضباط كبار كانوا بالأجهزة الأمنية مثل سمراوى وسويدية.. وهؤلاء كلهم كتبوا كتباً وفرّوا خارج الجزائر وأدلوا بشهادات أن هناك جماعات صنيعة المخابرات العسكرية . ما هذه الجماعات ؟ - هم يقولون إن الجماعة المسلحة، وهناك جماعات لحد الآن اخترقت . لكن زعيم الجناح العسكرى مدنى مزراق استسلم للدولة.. هل تعتبرها خطوة جيدة ؟ - نعم.. في الحقيقة هم نزلوا من الجبال ليسهموا في حل الأزمة.. لكن النظام غدر بهم . هل تجتمع معه ؟ - التقيت بمدنى مزراق مراراً . هل هو نادم لاستسلامه ؟ - هم يأسفون على أساس أن النظام غدر بهم . هل ستجيبون الجناح العسكرى للجبهة ؟ - لا.. ليس هناك شىء من هذا القبيل.. لكنهم ما زالوا مصرين على نيل حقوقهم . وما حقوقهم ؟ - حقوقهم السياسية أن يسمح لهم بالنشاط السياسى.. ويحصلوا على حقوقهم المدنية والاجتماعية واستعادة مناصبهم في العمل.. وعدم التعرض لهم أمنياً . لا نأخذ حظنا في القاعدة الجزائر جزء مما تسميه قاعدة المغرب الإسلامى الذى ينشط منها أتباع القاعدة.. فما رأيك بذلك ؟ - نحن في الجبهة الإسلامية للإنقاذ لا نأخذ حظنا السياسى ولا الدينى في القاعدة.. لأن القاعدة لم تتأسس إلا في ،1998 بينما الجبهة الإسلامية للإنقاذ تأسست ،1989 والقاعدة في الحقيقة تضخمت في المغرب، وتضخيمها كان لضرورة أمنية وحتى يبقوا في السلطة.. ثم استدعاء أميركا بحجة أن عندنا قاعدة في الجزائر، ولابد أن تساعدهم أميركا وأوروبا.. وأصبح كل ديكتاتور الآن في تونس والمغرب والجزائر يحدث أى شىء يصرخ.. عندنا القاعدة، للبقاء في السلطة من ناحية ثم أخذ الإعانات من الغرب. إذن القاعدة في المغرب العربى صنعية الأنظمة لتبرير بقائهم في السلطة . لكن هل يمكن إزالة هذه الأنظمة العسكرية سلمياً.. وهل يمكن تغييرها برميها بالورود ؟ - على كل حال.. الأنظمة إذا كانت لا تفتح المجال السياسى فهى مسؤولة عن العمل المسلح.. عندما تغلق أبواب التغيير السلمى فإنك تفتح أبواب التغيير بالعنف، فالأنظمة هى المسؤولة عن كل الأعمال المسلحة، سواء في الجزائر أو العالم العربى. لابد للأنظمة أن تفتح المجال للعمل السلمى السياسى لجميع أبنائها وللشعوب فإذا لم تفتح فهى مسؤولة عن العمل المسلح . الاحتلال وأبناء الاحتلال في التسعينيات طرحت الإدارة الأميركية أنه إذا وصل الإسلاميون للسلطة غير الديمقراطية فإنهم سيخلصون في السلم إذا أوصلهم للسلطة. والآن هناك من يقول انظروا لحماس فعند فوزها بالانتخابات ترفض إجراء انتخابات أخرى.. أى أن الإسلاميين عندما يصلون للحكم يرفضون التخلى عنه ؟ - وهذه دعوة باطلة وغير صحيحة وتبرير للاعتداء على الإسلاميين لا أكثر ولا أقل.. نحن مستعدون للانتخابات المرة الأولى والثانية والثالثة.. أما بالنسبة للإخوة في حماس فهذا يختلف. لأنهم يعانون من احتلال.. أما نحن فنعانى من أبناء الاحتلال الذين تركتهم فرنسا عندما خرجت من الجزائر.. ولا يمكن قياس ما يحدث في الجزائر بما يحدث في فلسطين.. لكن المسلمين عموماً عندما يتاح لهم المجال مستعدون للعمل السلمى السياسى، وهم واثقون في أنفسهم أنهم سينجحون، ولو خسرنا معركة انتخابية فهذا ليس نهاية العالم . هذا اتهام كبير للعسكريين بأنهم أبناء فرنسا؟ ألم يحقق العسكريون الاستقلال ؟ - نعم.. وهذا ليس كلاماً قاسياً.. ولماذا قامت الثورة الجزائرية.. أليس من أجل أن ينال الشعب الجزائرى حريته.. ويعيش في أمن وكرامة.. هؤلاء داسوا كرامات الناس..فرنسا كانت تعذب وهؤلاء يعذبون.. وفرنسا اختطفت الناس.. وحتى الآن لدينا آلاف المفقودين في الجزائر . كيف يسمح لك النظام بالحديث معنا.. وهل ستحاسب على كل كلمة ؟ - النظام يحاربنا.. وهؤلاء الذين يدعون أنهم وطنيون وأنهم حرروا البلاد فعلوا فينا أكثر مما فعلته فرنسا. كيف نسكت على هذا.. إن لا أحد يستطيع أن يكمم فمى إلا أنه أموت أو أقتل أو أغتال أو أسجن.. وأنا مستعد لهذا بقدرة الله.. والحمد لله رب العالمين . وهل هددوك بالسجن بعد خروجك من السجن ل12 عاماً ؟ - إن الأعمار بيد الله والأجل بيد الله وما أصابك ما كان ليخطئك وما أخطأك ما كان ليصيبك. والنبى صلى الله عليه وسلم قال: أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر. وأنا أقول كلمة وما أعتقد، وليفعلوا بعد ذلك ما أرادوا . هل قلت إن الجزائر تحولت إلى قاعدة لأفريكوم ؟ - نعم.. قلت إن أميركا لا تريد إنشاء قاعدة عسكرية لأفريكوم في الشمال الإفريقى، بل السفارة الأميركية في الشمال الأفريقى.. والسفارة الأميركية في الجزائر ليست سفارة بل قاعدة عسكرية أميركية تابعة لأفريكوم.. وهم يضغطون على الحكومة الجزائرية عبر السفارة الأميركية. وتعقد الصفقات داخل السفارة.. وهناك زيارات مكوكية تأتى وهناك بعضها لا يعلن عنها.. وما لا يعلن عنه أخطر مما يعلن.. وهناك سباق تسلح بين الجزائر والمغرب فما الهدف منه؟ لابد للدولة من سلاح.. هذه مسألة معروفة. لكن فيم يستخدم السلاح؟ هل يستخدم للدفاع عن البلاد أم في قمع الشعوب؟ أو في إيجاد بؤر توتر بين البلدان المجاورة. بالطبع الأنظمة الديكتاتورية مثل الجزائر تستخدم هذه الأسلحة لقمع شعوبها.. ولهذا نندد بالصفقات العسكرية بين الجزائر وروسيا وجنوب إفريقيا وبريطانيا. وشعب الجزائر فقير ولديه أزمة سكن وعمل. وهناك عمال يعملون ولا يتقاضون أجورهم لمدة 6 أشهر. والأموال المفروض أن نصرف بوجوهها كى تعود للشعب بالخير. فماذا يستفيد الشعب من الأسلحة ؟ يقال إنهم يريدون التصدى للمغرب.. ؟ - ولماذا التصدى للمغرب.. وقضية الصحراء المغربية يمكن حلها سياسياً وهناك أمور أهم منها في الجزائر. انتقدت اتصال حمس حركة مجتمع السلم الجزائرية الإسلامية بمنظمات حقوقية أميركية. لماذا ؟ - حمس حركة إسلامية والمفروض ألا تدخل مع منظمات في الحقيقة صهيونية وضد مصالح الشعوب الإسلامية مثل فريدروم هاوس الأميركية.. وضد القصة الفلسطينية بحد ذاتها.. إن مرجعية حمس يجب ألا تكون عبر جمعيات مشبوهة يهودية صهيونية . هل أنت ضد من يحمل السلاح ضد الحكم الجزائرى ؟ - أرى أن السلاح ضرورة والحكومة هى التى دفعت لها.. وعندما تحل الأزمة الجزائرية . والسلاح في الجزائر لم يزل خياراً استراتيجياً وهناك ظروف ومطالب. هناك إرهاب دولة.. والنظام الجزائرى يمارس إرهاب الدولة ويقصف الناس بالطائرات ويضربهم بأسلحة محرمة دولياً، وليس هناك من يريد أن يعرف ماذا يحدث في الجزائر أو يحقق فيه.. بل يمدون الجزائر بالأسلحة المحرمة دولياً . هل تؤيد من يحملون السلاح ضد النظام الجزائرى الآن ؟ - أنا أقول لك بكل صراحة إننى مع العمل السياسى السلمى، ولكن إذا انتزع العمل السياسى السلمى وقمع فمن حق الجميع - من حق الشعب كله - أن يقاوم النظام . عندما قابلتنى في باب الواد في 1989 كان الآلاف يصطفون أمام مسجدك.. فهل يسمح لك بذلك الآن ؟ - أنا ممنوع من الخطابة الآن والتدريس، ولكننى ألتقى الناس وأتحدث إليهم. وعندما يلقى علىّ القبض أو أساق إلى مخفر من مخافر الشرطة أقول لهم إن هذا حقى في التعبير، وحقى في إبداء الرأى، وافعلوا ما شئتم .