اعتبر الدكتور عبد السلام الهراس الندوة التي نظمها نادي الجراري بتنسيق مع كلية الآداب بالرباط مساء أول أمس (الخميس) في موضوع: "الرحلات المغربية الداخلية في عهد الحماية" "خطوة مباركة وفتحا مبينا في مجال التعريف بالمغرب وربط ماضيه بحاضره، وحث للشباب على الاعتناء بوطنهم وأمتهم وتاريخهم القديم، والتطلع إلى المستقبل الباسم، فالذي لا يعرف ماضيه لا يمكن أن يرسم خطوات مستقبله"، وأضاف الهراس: "أن الندوة تمكن من التفكير وتوعية الأجيال بتراث بلدهم وتبين اهتمام العلماء بوصف دقيق لمظاهر حضارتهم وتاريخهم". فتاريخ الرحلات الداخلية، يقول الهراس: "يعتبر مصدرا هاما للتاريخ المغربي العام، سواء السياسي أو الاجتماعي أو الثقافي، ويبين العادات والأخلاق، والحقيقة أن هذه الندوة ناجحة بكل المقاييس العلمية". من جهته أوضح الدكتور عباس الجراري أن البحوث المقدمة في الندوة "تكشف عن اهتمام المغاربة بالأحداث الداخلية وتكشف أيضا كيف كان المغاربة يتشبثون بالهوية المغربية الإسلامية أيام الحماية، حيث كان اجتماع الناس حول العقيدة والثقافة المغربية، وذلك ما نحرص عليه في ظل الظروف الجديدة كوما يواجه المغرب والمغاربة من تحديات تمس عقيدتهم وأوطانهم ولغاتهم". فالهدف من الندوة يشير رئيس النادي الجراري "هو السعي إلى أن نشيع هذا الوعي ونقويه في كل الأوساط، مع إبراز جوانب من الثقافة المغربية الصحيحة". واعتبر عباس الجراري "الرحلات المغربية تقدم وثائق لفهم واقع المغاربة خلال مرحلة الحماية، سواء من الناحية الاجتماعية أو الفكرية أو الاقتصادية أو غيرها، وهي ما تزال شبه مجهولة، مع العلم أن المغاربة معروفون برحلاتهم إلى الحجاز وإلى البلاد الأخرى". وقد خصصت ندوة "عبد الله الجراري: الحلقة الرابعة" لموضوع "الرحلات المغربية الداخلية من سنة 1912 إلى 1956"، فكشفت الورقات المقدمة في الندوة أهمية الرحلات الداخلية كتراث غني يقدم معلومات تاريخية ومعطيات سياسية. وفي هذا الصدد تناول الدكتور حسن جلاب، عميد كلية الآداب بمراكش رحلات "ابن المؤقت بين الواقع والمتخيل"، وبيّن مساره الإصلاحي بالبدء بإصلاح الفرد والذات وتخليق الحياة العامة ومحاربة مظاهر تقليد الأوروبيين، والدعوة إلى تفعيل الحسبة والزكاة وإصلاح القضاء" لأنه أساس الأمن ومحاسبة الولاة والعمال بتفعيل قاعدة" من أين لك هذا؟" وأشار، عميد كلية الآداب بمراكش، إلى أن ابن المؤقت عندما تعسر عليه مساره الإصلاحي اعتزل المجتمع، وقال على لسان أبطاله: "إنا قررنا الاعتزال والبعد عن هذا العالم وأذاه، فلا راحة إلا لمن تنسك وتزهد". وأورد حسن جلاب واقعة حدثت لابن المؤقت ورؤيته للرسول صلى الله عليه وسلم ووصيته له وإخباره إياه بأحداث تقع مستقبلا. باقي البحوث المقدمة تناولت الرحلات الأمازيغية والصحراوية والفيلالية والسلطانية، والسياسية الوطنية. وأكد المتدخلون خلال مداخلتهم على ضرورة توثيق هذه الرحلات وتحليلها حتى لا تندثر مع مرور الزمن. يشار إلى أن النادي الجراري أسسه "عبد الله الجراري" سنة 1930 ليجمع العلماء والفقهاء والأدباء ورجال الحركة الوطنية، وبعد وفاة مؤسسه، تابع ابنه عباس الجراري العمل بالحفاظ على طابعه الهادف إلى إبراز جوانب من الثقافة المغربية، وقد سبق أن نظم ثلاث ندوات، تناولت الأولى: العناية بالقرآن الكريم والثانية عن كتابة التاريخ والثالثة عن ظاهرة الأندية الأدبية. ويتابع نشاطه بلقاءات جُمعيّة (يوم الجمعة)، وندوات تمتد من العصر إلى صلاة العشاء. الهرتازي