كشف تقرير لمنظمة التعاون الإسلامي أن الخسائر الفلسطينية الناتجة عن استمرار الاحتلال الإسرائيلي تقدر ب 6 مليار و897 مليون دولار سنويا نتيجة نهب الموارد الطبيعية وإحداث التدهور البيئي وإضعاف القدرة الإنتاجية للاقتصاد الفلسطيني. وأبرز التقرير الذي وزع أول أمس الاثنين، على هامش أعمال الاجتماع التحضيري للقمة الإسلامية الثانية عشر المقامة حاليا بالقاهرة، أن سلطات الاحتلال الإسرائيلي تفرض تبعية الاقتصاد الفلسطيني للدولة المحتلة، وتمنع من استغلال نحو 63 بالمائة من أراضي الضفة الغربية وتتسبب علاوة على ذلك في عرقلة النمو الطبيعي للاقتصاد الفلسطيني وتفرض القيود على حركة تنقل الأشخاص والسلع وتضيق الظروف المعيشية على الفلسطينيين. وأشار التقرير إلى أن إسرائيل تسيطر على معظم المياه الجوفية في فلسطين سواء في الضفة أو القطاع والتي تقدر ب 734 مليون مترا مكعبا حيث لا تستغل منها فلسطين سوى 32 بالمائة، بالإضافة إلى ما تشكله المستوطنات من خطر حقيقي ومدمر للصحة والبيئة الفلسطينية نتيجة مصادرة وتجريف الأراضي وقطع الأشجار والتخلص من مخلفات الصناعات الكيماوية والمياه العادمة والنفايات الصلبة وتصريفها داخل أراضي فلسطين. وذكرت المنظمة بأن إسرائيل التي تسيطر على حوالي 63 بالمائة من أراضي الضفة الغربية، خصصت منذ 1967 حوالي 42 بالمائة من أراضي الضفة لبناء المستوطنات مما أدى إلى ارتفاع عدد المستوطنين في الضفة من 5 آلاف عام 1968 إلى 650 ألف متم العام المنصرم، موزعين على 145 مستوطنة وبؤرة استيطانية عشوائية. وحذر التقرير من أن إسرائيل تنفذ حاليا مخططا يمتد حتى العام 2020، ويروم عزل القدسالمحتلة عن محيطها الفلسطيني والسيطرة عليها من خلال جذب المستوطنين إليها من مناطق أخرى وإنشاء أحياء يهودية جديدة وزيادة الكثافة في الأحياء القائمة وتوسيعها، مسجلا أن إسرائيل تسعى ضمن هذا المخطط لإنشاء 3894 وحدة استيطانية بزيادة تقدر ب 80 بالمائة عن الوضع القائم في الوقت الراهن.وفي إطار سعيها للتغيير الديموغرافي في اتجاه إحداث أغلبية يهودية في مدينة القدس، أوضح التقرير أن إسرائيل قامت منذ 1967 بهدم ما يقرب من 3200 منزلا فلسطينيا في القدسالشرقية وسحبت الإقامة من 14 ألف آخرين وعزلت 80 ألف من الفلسطينيين خارج الجدار العنصري. وأضاف أن إسرائيل تسعى في إطار المخطط في أفق عام 2020 إلى الزيادة في عدد المستوطنين في القدس ليصل عددهم إلى 600 ألف مستوطن مقابل 350 ألف فلسطيني فقط. وسجلت منظمة التعاون الإسلامي أن الاستيطان الإسرائيلي باعتباره مشكلة استراتيجية في هذا الصراع، يهدد مستقبل القضية الفلسطينية من جذورها حيث يعرض وجود المقدسات الإسلامية والمسيحية للخطر ويشكل اعتداء ماثلا على حقوق الشعب الفلسطيني على أراضيه وانتهاكا صارخا للقانون الدولي والمواثيق والاتفاقيات وقرارات الشرعية الدولية ذات الصلة. وأشارت إلى أن الاستيطان علاوة على ذلك يشجع على نمو التطرف والكراهية ويعزز مشاعر العداء نتيجة الممارسات العدوانية للمستوطنين ضد أبناء الشعب الفلسطيني وممتلكاته إضافة إلى أنه يعزز مفهوم التعامل بالقوة وسياسة الأمر الواقع كبديل لخيار المفاوضات ويقوض بالتالي الجهود الدولية والرؤية القائمة على حل الدولتين لتسوية هذا النزاع. وإزاء هذه الممارسات، أوصى التقرير بتشكيل لجنة من الدول الأعضاء لبلورة التصورات اللازمة للتحرك من أجل مواجهة سياسة الاستيطان الإسرائيلي ومتابعة تنفيذها، واستثمار الموقف الدولي المؤيد لحقوق الشعب الفلسطيني الثابتة غير القابلة للتصرف، لبذل مزيد من الجهود في الأوساط والمحافل الدولية لكبح جماح الاستيطان. ودعا إلى تنسيق الجهود الإسلامية في الجمعية العامة للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي ومجلس حقوق الإنسان واليونسكو لاستصدار المزيد من القرارات التي تندد بسياسة الاستيطان وحمل إسرائيل على وقف البناء فيها . وأكد على أهمية تكثيف وتنسيق العمل مع دول الاتحاد الأوربي والاتحاد الإفريقي لاتخاذ مواقف محددة تجاه سياسة الاستيطان الإسرائيلية وتفعيل مقاطعة منتجات المستوطنات ووقف شتى أشكال الدعم السياسي والعسكري والاقتصادي لإسرائيل في حال تماديها في بناء المستوطنات. كما أوصت المنظمة بالعمل في اتجاه حاضرة الفاتيكان واتحاد الكنائس العالمي لتأمين مواقفها المؤيدة للحقوق الوطنية الثابتة للشعب الفلسطيني والحصول على مزيد من المواقف المنددة بممارسات سلطات الاحتلال. ودعت للضغط على المنظمات الدولية والدول التي تقيم علاقات مع إسرائيل والمرتبطة معها بمقتضى اتفاقيات ثنائية لحثها على اتخاذ مواقف أكثر فاعلية تجاه منع استمرار سياسة إسرائيل الاستيطانية والتي تقوض من خلالها فرص السلام والجهود الولية لتحقيق حل الدولتين. وشدد على أهمية التحرك من خلال الإعلام المحلي والإقليمي والدولي وعقد مؤتمرات ولقاءات متنقلة لنشر الحقائق وفضح ممارسات سلطات الاحتلال وإبراز مخاطر الاستيطان وانعكاساته السلبية على الأمن والاستقرار في المنطقة والعالم أجمع.