انطلاقا من سوريا ومرورا من لبنان والجزائر، ووصولا إلى المغرب، مسافة طويلة قطعتها أسر سورية بنوع من التحدي والمعاناة والترقب والحلم بمستقبل آمن، مسافة بعيدة بين حمص والرباط، ولكنها قريبة بالنسبة لأسر تبحث عن الأمن والاستقرار. فدخول بلاد الشام في اللاعودة جعلت أسرا كثيرة تقرر هي أيضا اللاعودة حتى تتغير المعادلة التي سلكت طريق الدماء من أجل حل سرابه أقرب من واقعه. حكايات متعددة لأسر سورية بالمغرب ولكنها تنم عن نوع من البحث عن فرصة العيش الأخيرة بعدما بات التقتيل في سوريا يحصد المئات والآلاف. تتعد الأمثلة ولكن الصعوبات واحدة، فهذه أسرة سورية تتحمل مشقة السفر من مغنية إلى الرباط من أجل محاولة البقاء، وهذه أسرة أخرى تبحث عن مأوى أو عمل بفاس، وبين هذه وتلك توجد مسافة كبيرة من المعاناة ترسم على وجوه مشارقة هربوا بجلدهم حتى يضمنوا لأولادهم غدا أفضل. الهروب من سوريا شد الرحال إلى لبنان ثم إلى الجزائر حيث قضى حوالي الشهرين، ولحقت به زوجه وابنه وابنته من سوريا، ليصل في آخر المطاف إلى المغرب عبر المسالك السرية الرابطة بين مغنية الجزائريةووجدة.حلقة من مسلسل تراجيدي لعائلة سورية هربت من جحيم الحرب، وما زالت الصعوبات والمعاناة مستمرة . إنها قصة عائلة عادل الذي يحكيها بنبرة ملؤها الحزن والحنين للعودة إلى بلاد الشام، بعد الوصول إلى المغرب بعدما اتفق مع مهربين من الجزائر والمغرب من أجل الانتقال إلى المغرب بحوالي 3000 درهم، ثم قطع ساعات طوال عبر الحافلة ليصل إلى الرباط. العديد من الأسر السورية تريد الدخول إلى المغرب بعدما وجدت الباب المسدود ببعض المدن الجزائرية، لكنه تصطدم بالأسعار الخيالية التي يحددها المهربون من أجل الدخول إلى المغرب، حيث يمكن أن تصل أحيانا إلى 10 آلاف درهم مغربية. هرب عادل من سوريا بعدما أصبح مستهدفا بحكم عمله مع الجيش الحر بحمص، الكثير من أفراد عائلته لقوا حتفهم أمام عينه، ليجد أمامه خيارين لا ثالث لهما، إما البقاء مع إمكانية الموت في أي لحظة وحين، وإما الهروب، ليختار الخيار الثاني خصوصا أن زوجته حامل في شهرها الخامس. يتحدث عادل ويحاول أن يبتسم أحيانا لكي يوحي بأن الأمر لا يستدعي القلق، إلا أن القلب يحكي معاناة أسرة وجدت نفسها في المجهول. فهذا الشاب ذو السحنة المشرقية يحاول أن ينسى ما يقع هناك، لكنه سرعان ما يعود إلى نفس الأحداث العالقة بذهنه، فطبيعة الجرائم المتركبة فاقت المحتمل. بمسجد المحسنين بأكبر حي شعبي بالرباط، وبعد انتهاء الصلاة، وقف عادل، طالبا المساعدة من المصلين خصوصا مأوى للكراء. فهو يكتري فندقا بحوالي 50 درهم لليوم بالمدينة العتيقة بالرباط، ويحذوه أمل إيجاد عمل. حينما يبكي الرجال عائلة مجدي حالها افضل قليلا من حال عائلة عادل، فهما يشتركان في الهروب الكبير من بلاد الشام، حيث الدم يغطي التراب، والأرواح تتصاعد تباعا إلى بارئها، ويختلفان في كون مجدي دخل المغرب بطريقة قانونية، فهو متزوج من مغربية، وله أبناء معها. يتكلم ألما وتنبعث شكواه من القلب، فالبلد باتت مقبرة للأموات، والصواريخ من كل حدب وصوب. وعلى الرغم من حاله الأفضل مقارنة مع العائلات السورية التي دخلت المغرب، إلا أنه يرفض الدعم المستمر لأصهاره، فهو «رجل» -كما قال- ويجب أن يحقق ذاته لأنه لا يرضى لنفسه اليد السفلى. مجدي قصير القامة ويلاحظ اختلاف لكنته عن المغاربة، حيث يجد أحيانا صعوبة في فهم حديثهم. زوجته تنظر إلى الأمام ولكن خلفها صور لا تريد أن تنمحي ، جثث واغتصابات وأوضاع كارثية لمخيمات اللاجئين السوريين بالأردن.يحكي مجدي عن واقع مر تركه وراءه، ليجد واقعا آخر أمامه، رغم الأمن الموجود بالمغرب والذي لا يقدر بثمن، إلا أن صعوبات تواجهه وهو في بداية مشواره بعاصمة المملكة، تبتسم ابنة عادل التي لم تتجاوز بعد سنتها الخامسة، شقراء الشعر وملامحها المشرقية تطغى على سحنة وجهها، بعد تحرك العائلة بخطوات من أجل البحث عن غرفة للكراء، بدأت الطفلة تبكي بشكل هستيري فهي مازالت متأثرة بأصوات المدافع وحالة الفوضى التي بعثرت أوراق بلاد الشام. فهل صرخات الطفلة البريئة عنوان لمطلب الملايين من أطفال سوريا للشعوب العربية؟ عادل يقول بأن الأوضاع بسوريا صارت لا تحتمل رغم تقدم الجيش الحر، وظهور مؤشرات النصر، ويستطرد قائلا بأن الجيش النظامي بدأ يقصف تجمعات الأسر ببعض المدن كلما اجتمعوا للاستفادة من الدقيق أو الخبز، والذين هربوا إلى لبنان لم يجدوا الجنة الموعودة، خصوصا أن بعض الأطراف الداعمة للنظام السوري ترفض نزوح السوريين، بل وتمنعهم من ذلك، أسر سورية تختار بين أمرين أحلاهما مر. رب أسرة سورية أخرى تبحث عن عمل ومساعدات أولية، حتى تضمن الحد الأدنى من العيش، رب الأسرة الشاب وجد نفسه في وضع لا يحسد عليه، الدموع المنهمرة لم تترك شيئا للشرح أو التحليل، فبكاء هذا الشاب السوري ترك لدى مجموعة من المغاربة حسرة وألما، وترك بصمة المعاناة التي يحملها شاب كان يحلم بغد أفضل، ووجد نفسه أمام فوهة الدبابات، ليهرب ويجد نفسه في الرباط لا يعرف ماذا يخبئ له القدر. قصير القامة برفقة زوجته وابنه الصغير، عندما يتحدث تعلم للتو أنه مشرقي، يحمل جوازات سفر عائلته، ويبحث عن جوازات العيش الكريم، في بلاد العرب. أسر مغربية تتضامن أمام توافد العائلات السورية إلى المغرب، انخرط العديد من المغاربة في التضامن معها، وسواء بفاس أو الدارالبيضاء أو الرباط أو مدن أخرى، أسر تقدم المعونات لهذه الشريحة المغلوبة على أمرها، ألبسة وأفرشة وأدوية. عادل يقول بأن المغرب أرض كرم وجود، وكذلك الجزائر التي قضى بها 60 يوما، ابتسم وقال لمرافقه المغربي بأنه سوف يجازيه على مساعداته عندما تستقر الأمور في سوريا فقد ترك وراءه منزلين، إلا أن ابتسامته تخفي صورة قاتمة عن بلد انقلب رأسا عن عقب، وتحول إلى بركة دماء كبيرة. بالدارالبيضاء تطوع مجموعة من الشباب لإعانة أسرة سورية على كراء دار، خصوصا أنهم نظموا حملة كبيرة من أجل لفت الانتباه لمعاناة السوريين. وبفاس أيضا تم تنظيم حملة من أجل مساعدة العديد من الأسر التي وجدت أنفسها مع توالي الأحداث بالعاصمة العلمية. حيث انخرط العديد من المغاربة في هذه الحملة خصوصا بعد معرفة أن الأسر السورية تحتاج لإعانات مستعجلة.ومثلهم شابات جمعن أموالا لأسرة سورية حتى تدبر أمرها، ولم يقف الأمر عند هذا الحد، بل قمن بمجموعة من الاتصالات من أجل تسوية وضعيتهم القانونية حتى يتابع الأبناءالدراسة. ليس هناك إحصاءات رسمية حول الأسر السورية التي لجأت إلى المغرب، إلا أن بعض المصادر الجمعوية التي انخرطت في التضامن معها تؤكد أن عددها يعرف ارتفاعا يوم بعد يوم، خصوصا أمام انسداد أفق حل الأزمة السورية، ومدى صعوبة إحصاء الأسر التي تأتي من الجزائر بطرق غير قانونية، ولعل وصول عائلة سورية إلى مدينة العيونجنوب المغرب أبرز مثال عن وصول عدد كبير من هذه الأسر إلى المغرب. لاجئون مع وقف التنفيذ توجهت بعض الأسر السورية إلى مفوضية اللاجئين بالرباط من أجل الاستفادة من وضعية لاجئ، إلا أنها رجعت بخفي حنين، مسؤول من داخل هذه المفوضية أخبرها بأن السلطات المغربة طلبت منهم التوقف من تسجيل اللاجئين السوريين حتى تنتهي من إعداد برنامج لمساعدتهم. ومع صعوبة الحصول على صفة لاجئ يجد العديد منهم صعوبة سواء في التنقل أو الدراسة أو العمل. تتعدد الأمثلة ولكن الصعوبات واحدة، فهذه أسرة سورية تتحمل مشقة السفر من فاس إلى الرباط من أجل تجديد الفيزا، وهذه أسرة أخرى تبحث عن مأوى أو عمل بالرباط، وبين هذه وتلك توجد مسافة كبيرة من المعاناة، لحسن الحظ أنها تجد عائلات تتضامن بما تستطيع، لأن المحنة كبيرة والبعد عن الأهل يترك لدى هذه الشريحة إحساس بالغربة وحسرة على فقدان ما تركوه خلف ظهورهم، مع خوف آخر من فقدان المستقبل، هذا المستقبل الذي يحمل بين طياته بصيص أمل ممزوج بالترقب ورسم سيناريوهات ما بعد الأزمة. الأردن: عدد اللاجئين السوريين في المملكة بلغ 320 ألفا قالت الحكومة الأردنية إن عدد اللاجئين السوريين في المملكة بلغ 320 ألفا، معتبرة أن تزايد أعداد هؤلاء اللاجئين بات عبئا يفوق قدرات المملكة.ونقلت وكالة الأنباء الرسمية (بترا) عن وزير الدولة لشؤون الإعلام والاتصال والناطق الرسمي باسم الحكومة سميح المعايطة، قوله إن وصول أعداد اللاجئين السوريين إلى هذا العدد رسالة للعالم بضرورة التعامل بجدية كبيرة مع هذا الملف، وتقديم مساعدات تتناسب مع هذا العبء الذي يقع على عاتق الدولة الأردنية، كما هو رسالة للعالم بضرورة السعي لحل الأزمة السورية ومنع ذهابها نحو أسوأ الخيارات. ولفت الوزير الأردني إلى أن حرس الحدود الأردني تعامل مع دخول 3932 لاجئ سوري للأردن خلال 12 ساعة فقط خلال يوم واحد الأسبوع الماضي. من جهته قال المستشار الإعلامي لمخيم الزعتري للاجئين السوريين غازي السرحان ، حسب تقارير علامية، أن المخيم استقبل 20 ألف لاجئ سوري خلال الأسبوع الماضي فقط. وبحسب السرحان فإن عدد اللاجئين السوريين في المخيم الواقع على الحدود الأردنية السورية بلغ 8826 لاجئا حتى يوم السبت الماضي، فيما سيدخل اليوم أكثر من ثلاثة آلاف لاجئ استقبلتهم قوات حرس الحدود الأردنية. لبنان: كشف انتهاكات للاجئين السوريين بلبنان توقعت المتحدثة باسم مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة في لبنان دانا سليمان أن يتخطى عدد اللاجئين السوريين خلال الستة أشهر المقبلة المليون شخص، بينهم 300 ألف في لبنان وحدها. وفي حديث لوكالة «الأناضول» التركية للأنباء، أشارت الى إن «عدد اللاجئين السوريين في لبنان بلغ 206 آلاف لاجئ موزعين على مجمل المحافظات»، لافتة الى تدفق ما بين 5 و 6 آلاف لاجئ من سوريا للبنان أسبوعيا. وأشارت إلى أن «المفوضية تتوقع تخطي عدد اللاجئين السوريين في المنطقة خلال الأشهر ال6 المقبلة عتبة المليون لاجئ، وفي لبنان ال300 ألف» من جهة أخرى، كشف تقرير حقوقي لبناني مدعم بالأدلة والوقائع، وقوع انتهاكات وعمليات تعذيب واعتقالات ممنهجة من قبل السلطات ضد اللاجئين السوريين، متهما أجهزة ودوائر صنع قرار ووزراء باتباع سياسة ممنهجة من التضييق الإنساني والأمني ضد اللاجئين بهدف إرغامهم على العودة القسرية إلى بلادهم. وأرجع التقرير -الذي يعد الأول من نوعه لبنانيا والصادر عن المؤسسة اللبنانية للديمقراطية وحقوق الإنسان- الانتهاكات التي يتعرض لها اللاجئون السوريون من قبل أجهزة أمنية، إلى «الغطاء والخطاب السياسي الحكومي الذي لم يستطِع الفصل بين الموقف السياسي من الأزمة والجانب الإنساني»، حسب الجزيرة نت. مصر: 150 الف سوري يلجؤون إلى مصر لا تقتصر معاناة اللاجئين السوريين الذين فروا من بلادهم بسبب المعارك الدائرة هناك على مخيمات اللجوء في دول الجوار كالأردن ولبنان وتركيا، بل إن اللاجئين السوريين في مصر يعانون كذلك من بعض المصاعب رغم الحفاوة الشعبية وبعض التسهيلات التي تقدمها الحكومة المصرية، حسب الصحف المصرية.ولا توجد احصائية رسمية عن العدد الحقيقي للاجئين السوريين الذين قدموا الى مصر منذ بدء الأزمة في منتصف مارس العام 2011 اذ تشير التقديرات الى أن هذا العدد يصل الى نحو 150 الف سوري. واختار غالبية اللاجئين السوريين الاستقرار في مدينة 6 اكتوبر القريبة من القاهرة، وهي تضم الآن نحو 2500 عائلة سورية، أي ما يقرب من نحو 13 الف سوري اذا ما اعتبرنا أن كل عائلة تضم خمسة افراد، فضلا عن تجمعات للسوريين في مناطق مختلفة من القاهرة.وتتوزع هذه المعاناة بين تأمين السكن اللائق في ظل ارتفاع سعر تأجير العقارات، وصعوبة تأمين العمل في مصر التي تعاني أصلا من مشكلة البطالة ، ومدى القدرة على مواصلة الطلاب السوريين لتعليمهم في المدارس والجامعات، وكذلك نفقات الجانب الصحي . تركيا: مخيمات السوريين مقامة في 7 مدن تركية تواصلت المساعدات المقدمة من تركيا إلى اللاجئين السوريين، الفارين من أعمال العنف الدائرة في بلادهم، لتبلغ 600 مليون ليرة تركية (333 مليون دولار). وتوفر تركيا احتياجات اللاجئين السوريين، البالغ عددهم 160 في المخيمات، المقامة في 7 مدن تركية، من إيواء ومأكل ومشرب وتدفئة وخدمات صحية. في حين تقدم بعض البلدان العربية والأوروبية مساعدات للسوريين من حين لآخر، حسب وكالة الأناضول. وفي تصريح له، أوضح رئيس إدارة الكوارث والأحوال الطارئة في رئاسة الوزراء التركية، «فؤاد أوكتاي»، أنهم يبذلون كل جهودهم منذ عامين من أجل توفير كافة أنواع الدعم للاجئين السوريين. وأفاد «أوكتاي» أن تركيا قدمت مساعدات إنسانية لكل من لجؤوا إليها مع اندلاع أحداث العنف في سوريا، مضيفًا: «منذ بدء الأحداث كان هناك وعود كثيرة جدًّا من المجتمع الدولي، وبلغت المساعدات، التي قدمتها جميع الهيئات والمنظمات 30 مليون ليرة (16 مليون دولار)، وهو رقم ضئيل بالمقارنة مع المساعدات التركية».