بعد ان تحدث العلامة محمد عز الدين توفيق في محاضرة سابقة، عن مفهوم التزكية، والمقدمات الأربع التي يحتاجها الإنسان إلى التحرر من العقبات التي قد تعترضه في سبيل تزكية نفسه، يواصل حديثة عن "مقامات التزكية" في محاضرة جديدة في إطار سلسلة دروس سبيل الفلاح بمقر حركة التوحيد والإصلاح بالرباط الجمعة المنصرم، متحدثا عن الخصائص الثمانية للتزكية التي تضمن الاستمرار .وفيما يلي أهم ما جاء في المحاضرة. قال العلامة محمد عز الدين توفيق إذا كنا نريد أن تكون التزكية مستمرة ومتصلة، غير متوقفة وغير مرتبكة، فلا بد أن تتميز ببعض الخصائص، وهذا الكلام يوضح توفيق قاله علماؤنا، قالوا "ليس الشأن أن تتحمس لبعض الوقت، ثم تتراخى وتتوقف، وليس الشأن أن تهتم في ظل ظروف تمر بها، فإذا أتت ظروف مختلفة تنكرت لما بدأته، وتغير سيرك، الشأن هو أن تستمر في هذا الطريق حتى الممات"، فلكثرة المنقطعين، يفسر المتحدث وكثرة الفاشلين، وكثرة من يبدأ ولا يستمر في طريق التزكية، لا بد أن تتميز هذه التزكية ببعض الخصائص. العلم والعمل أولا الموازنة بين مزيد من الفقه والعلم، والاستزادة من المعرفة بالدين، وملاحقة ذلك بالتطبيق والتنفيذ والعمل، لأنه إذا ترك الإنسان الاستزادة من العلم واكتفى فقط بالعمل، فهو لا يزيد ولا يتقدم، والذي شغل نفسه بالاستزادة من العلم فقط، عندما تكبر الهوة بين ما يعلم وما يعمل، فهذا هو الطريق إلى الفصل بين العلم والتزكية يؤكد توفيق، التزكية-حسبه- هي عمل الإنسان بما علم، ولهذا ينصح توفيق الإنسان إلى أنه كلما لاحظ أنه جمح نحو الاستزادة من العلم، أن يعيد التوازن بالنظر في ما عليه عمله بعد أن علم، وإذا رأى إقباله على العمل ألا ينسى أنه في هذه الدنيا ليزيد في علمه حتى يموت، وإذا توازن الأمران كان منهما تزكية مستمرة، لا يزال يزداد من العلم بدينه، لأنه لا يقول في يوم من الأيام أنه أحاط بكل شيء علما، وبأنه أصبح يعلم الدين بما لا مزيد عليه، إذا قال هذا فهذا نفسه عيب يضيف توفيق. العزائم و الرخص ثانيا "الموازنة بين الأخذ بالعزائم و الأخذ بالرخص"، البعض حسب أستاذ الدراسات الإسلامية بكلية الآداب بالدار البيضاء، يظن أن الذي يريد أن يزكي نفسه عليه أن يأخذ دائما بالعزائم، وأن يترك الرخص للآخرين، مؤكدا أن هذا خلاف التزكية بمفهومها الإسلامي، مبرزا أنه ليس شرطا في التزكية أن تأخذ دائما بالعزائم، موضحا أنه عندنا عزائم ورخص، وكل ذلك من الدين، وعرف توفيق العزائم بالأوامر، قائلا "الصلوات الخمس في وقتها عزيمة، شهودها في المسجد عزيمة، صيام رمضان عزيمة، الحج إلى بيت الله الحرام عزيمة، المواظبة على صلاة الجمعة عزيمة، وإخراج الزكاة عزيمة"، العزائم هي أوامر الله عز وجل يقول توفيق، ويحتاج الإنسان-حسبه- إلى عزيمة وإرادة حتى يعملها، مفسرا أن الرخص هي التخفيفات التي تدخل على هذه العزائم، فعندما يكون الإنسان مسافرا يصلي ركعتين بدلا من أربع، وعندما يمرض مرضا لا يسمح له باستعمال الماء يتيمم، ينوب هذا التيمم عن الغسل والوضوء، وعندما لا يقدر على الصلاة قائما يصلي قاعدا وإلا على جنب، وعندما يكون في الحج إذا عجز عن أي واجب من واجبات الحج يسقط عنه، ويخرج فدية أو هديا أو كفارة هذه تسمى الرخص،يضيف توفيق. وأوضح عضو المكتب التنفيذي لحركة التوحيد والإصلاح أنه ظهر في التاريخ الإسلامي من أبعد الرخص من طريق التزكية، وأفضى ذلك -حسبه- إلى ما نسميه الغلو أو التشدد أو التطرف، فماذا كانت النتيجة؟ يتساءل توفيق، كانت النتيجة يجيب أن البعض ينقطع لا يستمر، والبعض الأخر يستمر ولكن يستبطن أن الدين صعب، يستبطن داخل نفسه أن الدين شاق، وربما يحصل له شيء من الكراهية والنفور، فيعيش صراعا بين ما يقوله قلبه، وما يقوله عقله، بينما المفروض يؤكد توفيق أن يسعد الإنسان لا أن يشقى لقوله عز وجل" ما أنزلنا عليك القرآن لتشقى"، بل لتسعد به يقول المتحدث ولتعيش مرتاحا وأنت تعمل بما فيه، فالنبي صلى الله عليه وسلم قال" إن هذا الدين متين فأوغلوا فيه برفق، فإن المنبث لا أرض انقطع ولا ظهرا أبقى"، وخلص توفيق إلى أنه لابد من الجمع بين العزائم والرخص، مضيفا لا يجب أن ننظر للرخص وكأنها مضادة للتزكية حتى وصل الأمر بالنصارى قبلنا أنهم يعذبون أجسادهم، ويعتكفون في الأديرة وفي الصوامع، ويجوع النصراني نفسه، يتصور أنه لا يسموا، ولا يزكوا، ولا يقترب من ربه إلا بذلك، وهذا خلاف ما جاء به الأنبياء والمرسلون"، قائلا "النبي صلى الله عليه وسلم قال إني لأخشاكم لله يعني أشدكم لله خشية، وأتقاكم له، أشدكم له تقوى، لكن أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني، فكل ما أدخل الإنسان من التيسير إلى التعسير، وكل ما نقله من الرخاء إلى الشدة، من السهولة إلى الصعوبة، فليعلم أن هذا ليس هو دين الله، الذي أنزله، لأن دين الله تعالى حنيفية سمحاء، ولكن تأويلات الناس، وفهمهم وأمزجتهم وطبائعهم، تؤثر أحيانا عليهم فيبتعدون عن هدي الإسلام كما هو دينا ميسرا". الخلوة والخلطة ثالثا، "الموازنة بين الخلوة والخلطة" ، "لابد لمن يتكلم عن التزكية أن يختار موقفا من هذين الأمرين، وذلك أن البعض تصور أن الإنسان حتى يزكي نفسه عليه أن يعتزل الناس، لا يأتي منهم إلا الشر، أليسوا مصدر الوقوع في الغيبة والنميمة والبهتان وضياع الوقت؟، أليسوا هم السبب في استدراج الإنسان للزنى وشرب الخمر وتناول المخدرات وتزيين المنكرات؟،... الخ، وآخرون يقولون لا يمكن للإنسان أن يزكي نفسه إلا إذا اندمج في الناس، أليست الجمعة جماعة من الناس؟ أليست الصلوات الخمس جماعة من الناس؟ أليست الأعياد جماعة من الناس؟ إذن لا يمكن أن يزكي الإنسان نفسه إلا بالاندماج مع الآخرين، وعندما يعتزل يفوت على نفسه ما كان من دور لهذه الأشكال من المخالطة"، موضحا أن الإنسان عليه أن يختار موقفا متوازنا بين هذين الأمرين عزلة وخلطة، عزلة في أحوال وخلطة في أحوال، عزلة في خدمة الخلطة وخلطة في خدمة العزلة، مبرزا أن الإنسان الذي يريد أن يزكي نفسه يحتاج إلى أوقات يخلوا فيها بنفسه يتفكر في صنع الله، في مخلوقاته، يناجي ربه ويتلذذ بمناجاته، يستريح قلبه مما ينشأ عن مخالطة الناس، وأوقات أخرى يخالط فيها الناس، ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول توفيق يقوم الليل وكان يحب أن يقومه وحده، وكان يعتكف في رمضان ويترك كل شيء ويدخل خباءه ويخلوا بربه، وكان عليه الصلاة والسلام ينتزع في حياته المليئة بمخالطة الناس، والاحتكاك بهم والجلوس إليهم ينتزع أوقات تكون له، وفي المقابل كان يقول الذي "يخالط الناس ويصبر على أداهم خير من الذي لا يخالطهم ولا يصبر على أداهم". وأشار توفيق إلى أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ينهى من أصحابه من يأتي ليستأذنه أن يقوم بعملية الخصاء، واستأذنه بعض الصحابة من الشباب الفقراء، أن يجروا عملية خصاء حتى لا يبقى عندهم أرب في النساء وذلك حتى يعيش وحده، ويقبل على عبادة ربه، ولا يشغل نفسه بزوجة ولا بأولاد، ينهاهم كما نهى أولئك الشباب الثلاثة، حين قال أحدهم أنا أصوم ولا أفطر، وأخر قال أصلي ولا أرقد، وقال الثالث وأنا لا أتزوج النساء، ورد عليهم النبي عليه أفضل الصلاة والسلام حسب توفيق وقال "إني لأخشاكم لله وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء"، وخلص توفيق إلى أن الإنسان عليه أن يخالط مرة ويعتزل مرة، وتكون –حسبه- عندئذ هذه العزلة في خدمة الخلطة، عندما يعتزل أو يعتكف، أو يقوم الليل أو يجلس يحاسب نفسه، أو يقف يتفكر في خلق الله تعالى، يقوى بذلك عندما يخالط الناس، وعندما يخالط الناس يتقوى بهذه المخالطة لأن فيها جمعات، وفيها موعظة يسمعها، وخطبة ورأي ومشورة، فإذا لا غنى لمن يريد أن يزكي نفسه عن أوقات يكون فيها خاليا بنفسه مناجيا لربه، ولا غنى له أيضا عن أوقات أخرى، يكون فيها مع الناس، لأن حاجاته تفرض عليه أن يستعين بغيره، إذ لا يمكن أن يقوم الإنسان بكل شيء يحتاجه بدنه أو تحتاجه روحه، يضيف توفيق. وقال النبي صلى الله عليه وسلم عندما سئل عن صحف إبراهيم حسب المتحدث، قالوا يا رسول الله ما كانت صحف إبراهيم؟ قال كانت صحف إبراهيم حكما كلها، وأوضح توفيق أنها كانت مجموعة من الحكم، ومما ذكر لهم، قال لهم كان فيها على العاقل ما لم يكن مغلوبا على عقله، أن تكون له في حياته أربع ساعات، ساعة يناجي فيها ربه، وساعة يحاسب فيها نفسه، وساعة يتفكر فيها في صنع الله تعالى، وساعة يخلوا فيها إلى حاجته من المطعم والمشرب، فإنها عون على تلك الساعات، إذن العاقل تكون في حياته كل هذه الساعات، يؤكد توفيق، مضيفا فساعة يناجي فيها ربه إما في صلاة أو في دعاء، وإما في تلاوة، وساعة يحاسب فيها نفسه، يستعرض ما مضى من يوم أو أسبوع أو شهر أو سنة، ويفتش وينقب أين الخلل، أين الخطأ، أين التقصير؟ فيبني برامجه المستقبلية على ضوء الأخطاء الماضية، وساعة يتفكر فيها عندما يقف على شاطئ البحر، أو عندما يقف على قمة جبل، أو عندما يقف أمام حمل صغير، أو أمام وردة متفتحة، أو عندما يرفع بصره إلى السماء، ويرى النجوم والقمر، وساعة يخلوا فيها إلى حاجته من المطعم والمشرب، وهي التي يحتاجها إلى مخالطة الناس، لأنه لا بد أن يعمل عملا يتكسب به حتى يشتري ما يحتاجه، فهو يحتاج إلى لباس ويحتاج إلى أكل، ويحتاج إلى دواء ويحتاج إلى مأوى، ولابد له أن يذهب إلى الأسواق، لا بدله أن يكلم الناس، لا بد له من كل هذا، حتى يحصل حاجته إلى هذه المخالطة. الروح والبدن رابعا "الموازنة بين تغدية الروح وتغذية البدن"، وقال توفيق إن النصارى ابتدعوا الرهبانية وفلسفتها أن الروح مسجونة في البدن، موضحا أنهم يشبهونها بالطائر في القفص، لا يكف عن البحت عن مكان يخرج منه، وأول فرصة يجدها إذا غفل صاحبها عن الباب وفتح فإنه يخرج، فلسفتهم أن هذه الروح مسجونة في بدنها وينبغي التعجيل بتحريرها، فأفضى بهم الأمر أنهم أهملوا أبدانهم، ويتفاخرون بأن أحدهم لم يغتسل منذ شهر كذا، وأنه لم يقطع أظفاره منذ كذا، وأنه يمشي حافيا منذ عشرين سنة، أمور غريبة أحدثها هؤلاء يؤكد توفيق لما كانت الفلسفة هي أن غذاء الروح لا بد أن يكون على حساب غذاء الجسد، فإذا كنت تغذي الجسد فأنت تتسبب في ضمور الروح، إلا أن المتحدث أبرز أن الأنبياء أتوا يقولون بأن الإنسان روح وجسد، وليس روح فقط، وليس جسد فقط، وللروح غذاءها وللجسد غذاءه، غذاء الروح وهو العلم والذكر وغذاء الجسد هو الطعام والشراب، لا بد إذا أردناها تزكية مستمرة متواصلة لا تنقطع لا تتوقف، أن نعلم بأنه ليس شرطا في التزكية إهمال البدن، النبي صلى الله عليه وسلم فرض له حقه وسماه حق" إن لبدنك عليك حقا"، يوضح توفيق. الأمر والنهي والخاصية الخامسة حسب عضو الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين، "الموازنة بين فعل الأمر واجتناب النهي"، أو ما يسميه بعض العلماء التخلية والتحلية معرفا التخلية قائلا "هي طرد كل ما هو سيء من الطباع والأخلاق والصفات"، والتحلية "هو أن تحلي من الحلي، أي أن تزين هذه النفس بجميل الصفات، وحميد الخصال" مبرزا أن البعض قد يركز أكثر على فعل الأوامر، ويهمل اجتناب النواهي، فيكون مصليا مزكيا معتمرا، لكن يضرب هذا ويشتم هذا ويأكل مال هذا ... الخ، وأحيانا يضيف يكون مهتما باجتناب النواهي مقصرا في أداء الفرائض، فالتزكية تحصل بهما معا، يؤكد المتحدث، مضيفا "ما من عمل يعمله صالحا، إلا وله دوره في التزكية، وما من عمل سيء يتجنبه له إلا وينعكس على قلبه. النفس والغير سادسا "الموازنة بين تزكية النفس وتزكية الغير"، والمقصود بتزكية الغير حسب عضو الكتابة التنفيذية لمؤسسة المهدي بنعبود للبحوث والدراسات والإعلام، الدعوة إلى الله، موضحا أن البعض قد ينصرف إلى دعوة الغير حتى ينسى نفسه، ويتوقف عن تزكية نفسه، وقد يتضخم عنده تزكية النفس حتى يقتصر عليها، ولا يدعوا غيره من الناس، ويقول أنا لم أرضى على نفسي حتى أدعوا الآخرين، تجده يضيف المتحدث في كل مرة يقول أنا لا تعجبني نفسي حتى أقوم بدعوة غيري، وتجد آخرين يقولون فضل الدعوة عظيم، فينشغل بدعوة غيره، ولكن على حساب نفسه، قائلا "لا بد من الموازنة بين الأمرين، لا يمكن للإنسان أن يؤجل الدعوة إلى الله بدعوى أنه غير راض عن نفسه، ولا يمكن أن يقبل منه عذر أنه مشغول بالدعوة، فلا حرج عليه إذا نسي نفسه، ولهذا لا بد من الموازنة بين الأمرين". القديم و الجديد سابعا "الموازنة بين الحفاظ على القديم وإضافة الجديد"، هي الخاصية السابعة، وأكد توفيق أن التزكية هي دائما تقدم، ولكن أحيانا يفلت منك ما سبق، فلا بد أن تحرص على ما أنجز وتحفظه، لتزيد إليه، أحيانا يكون الإنسان طموح إلى إضافة الجديد، ولكن إذا لم ينتبه سيجد أنه مثل الذي يستقي بدلوا مثقوب كلما أمتلئ من الماء وارتفع، يقول توفيق. النعمة والتقصير الخاصية الثامنة حسب توفيق هي "الموازنة بين رؤية النعمة، وبين رؤية التقصير في شكرها"، الإنسان عندما يريد أن يزكي نفسه ينبغي أن يوازن حسب المتحدث بين هذين الأمرين، مفسرا الأمر الأول أن يتحدث بنعمة الله عز وجل، لأن بعض الناس-حسبه- يبالغ في جلد الذات، كما يقال يتحدث عن نفسه بطريقة سلبية، وكأنه لم يفعل شيئا، ولم ينجز شيئا، ولم يكن منه شيء، وهذا يفضي به إلى اليأس وإلى الإحباط، وينسى فضل الله تعالى، يؤكد توفيق، مضيفا علما أنه هو يصلي وغيره لا يصلي، هو يصوم وغيره لا يصوم، هو يوحد الله غيره يشرك بالله، هو لا يزني غيره يزني، هو لا يشرب الخمر غيره يشربه، وهكذا إذن يتحدث بنعمة الله، و لكن في المقابل لا ينبغي أن يصل درجة الغرور والإعجاب بالنفس، فيوازن بين الأمرين، قائلا" ولهذا قال العلماء، يجمع بين رؤية النعمة ورؤية التقصير، يتحدث بنعمة الله عز وجل عليه، فهو لا يقف في نقطة الصفر، ويقف بالتأكيد في نقطة وراء الصفر، ولكن هل هذا الذي بلغه هل هو منتهى طموحه لا، لا يقنع المؤمن من الخير حتى يكون متواه الجنة". التزكية مستمرة وأكد توفيق أن الموازنة بين الثنائيات المذكورة هي التي تؤمن طريق التزكية حتى نستمر، وحتى نواصل السير فيه مشددا أنها ليست عمل يوم، أو عمل أسبوع، ولكنها مستمرة، وممتدة ومتواصلة، وذلك لأنها مشروع العمر، أليس قال لله تبارك وتعالى " الذين تتوفاهم الملائكة طيبين يقولون سلام عليكم ادخلوا الجنة"، مبرزا أنه لا تزال تترقى في هذا الطريق، ولا تزال تدرك من هذه التزكية مقاماتها وشعبها ودرجاتها، حتى يدركك الموت وأنت على درجة من درجاتها، مشيرا إلى أنه لا يأتي على الإنسان وقت يستنفذ كل مقامات التزكية، ويكون قد تبوأ أخر درجة من درجاتها، موضحا أن الله تبارك وتعالى جعل درجات ما يستنفذ أعمارا، وليس عمرا واحدا، ولهذا ولو تكون حازما جادا، وتكون مقتصدا وتحرق المراحل، وتطوى لك هذه المراحل، لا تصل إلى درجة إلا وتتراءى لك درجات أخرى، لأن الله تبارك وتعالى جعله مدرجا لا ينتهي، دائما يكون من هو فوقك، ودائما ترى من المقامات ما يدعوك إلى المزيد من المجاهدة، يضيف توفيق.