لم تخرج كلمة الوزارة المنتدبة لدى الوزير الأول المكلفة بالإسكان والتعمير عن خانة التلويح بالشعارات الفضفاضة والكلمات الرنانة التي تعد بمستقبل زاهر للقطاع، جاء ذلك في ندوة أقيمت يوم الرابع من يناير الجاري بقصر المؤتمرات بمراكش احتفاء بالذكرى الثالثة عشر لليوم الوطني الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين ،والتي عرفت إلى جانب الجلسة الافتتاحية ثلاث ورشات اهتمت بالسكن غير اللائق ،وسؤال المدينة والسكن، وسؤال الشراكة والاستشارة .نفس الملاحظة أشار إليها أحد المهندسين المشاركين في إحدى الورشات عندما اعتبر هذه الكلمة ثورة لغوية في غير محلها ، إن لم تراع شروطها الذاتية والموضوعية ولاسيما تحديات الإكراهات المالية والمتطلبات الاجتماعية،وإن لم تحترم حدودها ، بحيث طالت اختصاصات الوزير الأول ،ورهنت تنفيذ البرنامج بتضافر جهود جميع المتدخلين بدء من السلطات والجماعات المحلية والمهندسون ووصولا إلى المنعشين الاقتصاديين، مع إلزام لأكثر من عشر وزارات بتدخل تضامني لإنجاز استراتيجيتها المتعلقة بالإسكان والتعمير ،وما ذلك يضيف هذا المهندس إلا شعارات تنم عن مقاربة ديماغوجية سياسوية يحب إبعادها من القطاع للسير به قدما. وبالمقابل طالبت ورشة سؤال السكن والمدينة المهندس المعماري بإدراك دوره وتحمل المسؤولية أمام التحديات المطروحة أمامه ، كما طرح أكثر من سؤال استنكاري في ورشة الشراكة والاستشارة عن الشركاء الرئيسيين للمهندس المعماري، وعن كيفية الاشتغال في غياب حصيلة دقيقة عن ماضي القطاع ،و عن مآل الاستشارات الماضية والمشاريع التي وعد بها المواطن ،وعن المال العام الذي أهدر فيها من قبل وزارة إعداد التراب الوطني سابقا والذي كان أولى أن تصرفه في ظل الإمكانات المتاحة. وكانت المفاجأة كبيرة عندما أشار نائب رئيس ممثل الهيئة الوطنية للمهندسين المعماريين في فرنسا إلى أن نسبة 86% من المنتوج السكني في بلده ،والذي انتعش بعيدا عن المراقبة الحكومية، لا يتوفر على رخص للبناء والسكن ، ودعا من جهة أخرى حضور المهنيين ومختلف الشركاء إلى الكف عن التقليد الأعمى للنماذج السكنية المعيشة في فرنسا والتي أبانت عن فشلها. جدير بالذكر أن معايشة الواقع تطرح أكثر من إشكال فيما يخص السكن وخاصة السكن الاجتماعي ،كما قال أحد المتدخلين فضل عدم الكشف عن اسمه في حديث ل "التجديد" على هامش الندوة ،والذي اعتبر أن المشكل مرتبط أساسا بالقدرة الشرائية للمواطنين بدرجة أولى ،لذا على الجهات المعنية تحريك آليات تقوية القدرة الشرائية والولوجية للمستهدفين من السكن الاجتماعي حتى يمكن محاربة السكن العشوائي،مع ضرورة سن منظومة مالية وقانونية وجبائية تلائم طبيعة الفئات المستفيدة من السكن ولا سيما الذين ذوي الدخل المحدود . إضافة إلى ذلك دعا إلى تبسيط الإجراءات الإدارية واختزال الترسانة المؤسساتية المشرفة على السكن الاجتماعي وصياغة قانون خاص مرن، بالإمكان تكييفه عند كل حالة وفق طبيعتها سواء على المستوى القانوني أو وثائق التعمير،والعمل على تطوير المنتوج الإسكاني في إطار الإمكانات المتاحة للوزارة المعنية بدل التقيد بجهاز حكومي له اختصاصه ومجال تدخله .كما دعا من جهة أخرى إلى إحداث مرصد وطني لتوثيق وتدوين مختلف التجارب الناجحة في مجال الإسكان والتعمير والعمل على إعداد حصيلة واستقراء لتجربة سياسة 200ألف سكن قصد استنباط الدروس والعبر لإنجاح أي استراتيجية جديدة في القطاع،مع إشراك ممثلي الساكنة والمجتمع المدني على مستوى جميع مراحل المسار الإنتاجي للسكن الاجتماعي من تمويل وإعداد للتصاميم واختيار الأراضي،دون إغفال العمل على إرساء ثقافة التربية والتوعية إلى جانب إجراءات زجر المخالفات وردعها . مراكش/عبد الغني بلوط