تتطلب سنة 2013 من الحكومة تحديد الأولويات، إن لم نقل أولوية الأولويات والتي تفرض نفسها على الحكومة، فبعد أن بدأت الحكومة تطبيق برنامج ماليتها لسنة 2013 والذي يعتبر تنزيلا عمليا لبرنامجها الحكومي، الحكومة اليوم مطالبة بالتنزيل السليم للدستور والذي يعد واحدا من الإجراءات التي عليها تفعيلها في هذه السنة رغم أن الحكومة وضعت مخططا تشريعيا طموحا برؤية استشرافية لكن التخوف هو كيف يمكن أن تنزل الحكومة هذه القوانين التنظيمية دفعة واحدة، لأنها قوانين مؤسسة، لكن يمكن أن نقول أن هناك تنزيل محدود، الملف الثاني والذي يطرح نفسه بقوة على الحكومة هو الجانب الاقتصادي إذا ما أخذنا بعين الاعتبار الظرفية الاقتصادية الصعبة التي جاءت فيها الحكومة، والتي تتميز بنقص حاد في السيولة النقدية وهي مطالبة بإجراءات منسجمة مع البرنامج الحكومي. ومن بين الإجراءات العملية إصلاح صندوق المقاصة، والذي يتطلب أن يكون إصلاحا شاملا وعميقا لأنه يعاني اليوم من غياب التكافؤ بين المغاربة ويستفيد منه الأغنياء بنسب مهمة وعلى رأسها الشركات الكبرى. من جهة أخرى الحكومة مطالبة بإصلاح شامل لنظام التقاعد حيث تتحدث بعض الدراسات على أن سنة 2015 ستعرف عجزا في عدد من هذه الصناديق، والذي يتهدده شبح الإفلاس رغم أن هذا ليس مسؤولية الحكومة الحالية. من بين الملفات هناك إصلاح منظومة العدالة والتي تعهد وزير العدل والحريات بتقديم استقالته في حال ما إذا فشل في إصلاحه وهو ورش مهم ينتظر من الحكومة تنزيله على أرض الواقع وبالتالي في غياب إصلاح العدالة لا يمكننا ان نتحدث عن أي تقدم أو ديمقراطية. إضافة لكل هذا فإن ورش التعليم يعتبر من بين أهم الأوراش التي تتطلب جهودا مضاعفة لأن التجارب الدولية الديمقراطية مدخلها الأساسي هو المنظومة التعليمية لتحقيق أي تنمية مستدامة عن طريق تعليم جاد، وبالتالي فإن أي فعل تعاقدي يرتبط بالجانب التعليمي. هذه الملفات كلها تحتاج إلى إرادة للإصلاح وهي متوفرة الآن، وذلك ما يعكسه البرنامج الحكومي، لكن ليست هناك إجراءات عملية على مستوى الواقع لأن هناك تنزيل محتشم أو غائب في بعض الأحيان، أو هناك مقاومة للإصلاح للعديد من القطاعات وخصوصا صندوق المقاصة ولكن المطلوب هو ضرورة الإسراع بتنزيل هذه الأوراش، رغم وجود إكراهات بسبب بغياب الانسجام الحكومي والذي يعود بالأساس إلى نظام الاقتراع الذي لا يمنح لأي حزب من الأغلبية، والمتمثل أساسا في الصراع الذي يقوم به حزب الاستقلال ضد حزب العدالة والتنمية، إضافة إلى غياب التجربة في تدبير الشأن العام لدى الحزب الأول في الأغلبية. لكن أعتقد أن هذه الأخطاء لن تتكرر في سنة 2013 لأن الحكومة أصبحت تعرف طريق اشتغالها وبرنامجها أصبحت له شخصيته مع قانون المالية الجديد.