هي ملفات لم تنجح حكومة عبدد الإله ابن كيران في ترتيب أوراقها والحسم في أسئلتها سنة 2012، منها الأكثر حساسية واستعصاء كما في حالة صندوق المقاصة،ومنها ما ينذر بخطر الإفلاس كما في حالة صناديق التقاعد، وفي حالات أخرى يتعلق الأمر بملفات تتقاذفها طموحات ومزايدات السياسيين كما هو الشأن بالنسبة لموعد الانتخابات المحلية أو مدى راهنية إجراء تعديل حكومي ... وبين التأجيل والانتظار، ترتسم آمال أخرى ينتظر المغاربة فرحتها هذه السنة، كأن يفوزوا مثلا بكأس إفريقيا للأمم، أو يروا مدنهم بدون صفيح، ولم لا يفتحوا أعينهم على قضاء عادل ونزيه... إنها حكاية أكثر من ملف تطوقه أسئلة إمكانية الإنجاز والقدرة على النجاح في عام يأمل الجميع أن يكون أفضل من سابقيه 1- هل تخضع الحكومة للتعديل؟ من أكثر الأسئلة إلحاحا على الأجندة السياسية لمغرب 2013 تتربع فرضية وقوع التعديل الوزاري من عدمه ، كيف لا وحميد شباط جعل من المطلب أولوية أولوياته منذ انتخابه أمينا عاما جديدا لحزب الاستقلال الحليف المركزي لحزب رئيس الحومة عبد الإله بن كيران. المسألة تتطلب جوابا في الأيام الأولى من السنة التي نستقبلها، خاصة وأن شباط ضرب موعدا سيضع فيه ابن كيران أمام الأمر الواقع، الثالث من يناير المقبل، أي بعد أقل من أسبوع، تاريخ يريد الأمين العام الجديد لحزب الاستقلال أن يبرهن فيه لأتباعه أنه تمكن خلال 100 يوم الأولى من حصوله على كرسي القيادة من إسماع صوت حزبه داخل التحالف الحكومي، وللحكومة أنه وفى بعد قطعه على نفسه بأن يكون هناك تعديل وزاري قبل مرور سنة على تنصيب الفريق الحكومي الحالي. وثيقة التعديل الحكومي، التي وعد شباط بإرسالها إلى رئاسة الحكومة، أصبحت جاهزة، لكنها لن تكون شديدة التمسك بإعادة توزيع الحقائب الوزارية بقدر ما «ستطالب بتوضيح الرؤية وتجاوز معيقات تجانس التحالف الحكومي». ما يرجح إمكانية إجراء التعديل خلال السنة المرتقبة هو ما تسرب إلى مواقف الرجلين تجاه بعضهما في الأيام القليلة الماضية، ذلك أن ما تسرب من المذكرة التي أعدها شباط تقول إنها تدور حول «التقييم الموضوعي لعمل الحكومة» بعدد من الانتقادات الموجهة للطريقة التي يتم بها العمل داخل الفريق الحكومي ، خاصة في جانبه المتعلق بالتنسيق بين الأحزاب المشكلة للتحالف الحكومي. ابن كيران أصبح يتجنب قدر المستطاع الهجوم المباشر على شخص الزعيم الجديد للقلعة الاستقلالية، في إشارة منه إلى إمكانية مناقشة مطالبه داخل هيأة التحالف الحكومي، كما أن مواقف شباط بدأت تعرف بعض التلطيف فعوض المطالبة الصريحة بالتعديل الوزاري تم الكشف على أن مذكرته ستحاول فقط «إقناع رئيس الحكومة بجدوى التعديل الحكومي، بعد مرور سنة كاملة من عمر الحكومة والأغلبية المكونة لها، وبعد مرور 100 يوم على انتخاب قيادة جديدة لحزب الاستقلال كأحد أهم الأحزاب المشاركة في الحكومة». 2- هل تشرع الحكومة في توزيع الدعم المباشر للفقراء؟ هل يشهد النظام الجديد الذي حمله مشروع إصلاح صندوق المقاصة انطلاقته في عام 2013؟ حسب محمد نجيب بوليف وزير الشؤون العامة والحكامة، يرتقب أن يحدث ذلك في النصف الأول من السنة الجديدة تزامنا مع انطلاق أولى مساعدات الدعم المالي المباشر لفائدة الأسر المستفيدة. ربان سفينة إصلاح صندوق المقاصة أكد مؤخرا، على أن هناك حوارا وطنيا عاما يهم هذا الإصلاح سيفتح مع مطلع عام 2013، في الوقت الذي سيتم فيه تماشيا مع ذلك وضع الترتيبات اللوجيستية والمادية المرتبطة بهذا النظام الجديد. بوليف أفاد هنا بأن برنامج الدعم المباشر لن ينحصر على عينة اجتماعية محددة وأنه سينفتح على الطبقات الوسطى الدنيا، مؤكدا على أن هذا النظام سيبنى لحظة انطلاقته على التصريح التلقائي للمواطنين كمقاربة لتسجيل الأسر المرشحة للاستفادة من هذه الإعانات المباشرة، في انتظار أن تلي ذلك مراقبة بعدية من شأنها المساعدة على تصحيح اختلالات الاستهداف والتقليص من هوامش الأخطاء، يؤكد وزير البيجيدي . وعن المبلغ الذي رست عليه قيمة المساعدة المباشرة قال وزير الشؤون العامة والحكامة «لا نستطيع الحسم في مبلغ المساعدة المباشرة إلا حين يتضح السيناريو بشكل نهائي»، لأن ذلك، حسب قوله، مرتبط بقرار التحرير الكلي أو الجزئي للمواد المدعمة. 3- هل ينزاح شبح الإفلاس عن صناديق التقاعد ؟ إصلاح أنظمة التقاعد. ورش كبير وحيوي، بات يفرض على الحكومة التعجيل بمعالجته خلال سنة 2013. ثلثا المغاربة خارج أنظمة التغطية وأزمة صناديق التقاعد تتعمق من سنة إلى أخرى وتنذر بإفلاس وشيك لبعضها في حال تأخر الحكومة في اتخاذ تدابير سريعة وناجعة لضبط الاختلالات وتجاوز الثغرات، والأكثر من ذلك حماية حقوق المتقاعدين وتوسيع شرائح المستفيدين. فإلى جانب ورشي إصلاح المقاصة والقانون التنظيمي للمالية، يستأثر ورش إصلاح أنظمة التقاعد باهتمام متزايد من لدن الحكومة ورجال القرار، حيث يجمع المراقبون على أن هناك انشغالا كبيرا بهذا الملف الذي تأجل النظر فيه لمرات عديدة، نتيجة انعدام التوافق بين مختلف المكونات المتدخلة في هذا الإصلاح، في الوقت الذي جرت فيه خلال شهر يوليوز المنصرم الاستعدادات من أجل عقد اجتماع تقرير للجنة الوطنية التقنية للتقاعد، بهدف بلورة الوصفة النهائية للإصلاح، لكن هذه الأشغال سرعان ما تعطلت، وظل الملف يراوح مكانه بعدما زاحمته ملفات أخرى، من ضمنها مشروع القانون المالي لسنة 2013. اليوم وبعدما تمت المصادقة على القانون المالي، هل تكتمل وصفة الإصلاح المنتظر منذ سنوات خلال السنة الجديدة؟ المؤكد هو أن الحكومة جعلت إصلاح أنظمة التقاعد ضمن أولوياتها في البرنامج الحكومي. باعتباره ضرورة ملحة، بعد التقرير الهام الذي أنجزه مكتب للدراسات في عهد الحكومة السابقة، حيث جرى الحديث عن سيناريوهين للإصلاح، الأول يهم القطاع العام والثاني يتعلق بالقطاع الخاص، مع إلحاق المستقلين من المهن الحرة بهذا الأخير.. ويتحدث المتتبعون عن وجود دراسة خلصت إلى عدة نتائج لا يمكن بدونها ضمان إصلاح حقيقي، وتتلخص في ثلاثة مرتكزات أساسية، أولها يقضي بضرورة ضمان ديمومة أنظمة التقاعد، فيما يهم المرتكز الثاني توسيع دائرة المواطنين. المستفيدون من التقاعد، والذين لا تتجاوز حصتهم الثلث، في حين ينص المرتكز الثالث على ضرورة الحفاظ على جميع المكتسبات التي يتمتع بها الموظفون والأجراء مع اتخاذ التدابير الكفيلة بتقويتها. 4- هل يخرج الحوار الاجتماعي من عنق الزجاجة؟ بعدما خرجت المركزيات النقابية خاوية الوفاض في حوارها مع الحكومة، خلال السنة الماضية، اختار رئيسها عبد الإله بن كيران بصفته رئيسا للجنة الوطنية للحوار الاجتماعي، أن يدشن مطلع سنة 2013 بلقاء ثلاثي الأطراف يجمع يوم الجمعة المقبل، إلى جانب الحكومة، كلا من ممثلي النقابات والباطرونا. فحكومة عبد الإله بن كيران، التي أطفأت شمعتها الأولى، يكاد لا يحسب لها أي مكسب، على مستوى الحوار الاجتماعي، بل على العكس من ذلك، فإن أكثر من مصدر نقابي أجمعوا، على أن المطالب النقابية عرفت «تراجعا كبيرا في عهد الحكومة الحالية»، ومبررهم في ذلك أنها «جمدت تنفيذ مضامين اتفاق 26 أبريل كمرحلة أولى، ثم البدء في نقاش القضايا الجديد في مرحلة ثانية». إلا أنه في الوقت، الذي كان يراهن فيه ممثلو النقابات على أن تعمل الحكومة في سنتها الأولى على الحسم في تنفيذ ما تبقى من الاتفاق المذكور، إذا بهم يفاجؤون بعدم جدية الحكومة في السير قدما في تنفيذه، وهوما أثار موجة من الاحتجاجات من جانب المركزيات النقابية، التي اعتبرت الأمر «تملصا من التزامات سابقة»، على اعتبار أن الاتفاق وقعته النقابات مع حكومة عباس الفاسي. غير أن النقابات، والتي بقيت متمسكة بخيط الأمل في حوارها مع الحكومة، سرعان ما ستتفاجأ مرة أخرى، خلال جولة شتنبر الأخير، بتباعد وجهات النظر بينها وبين الحكومة على مستوى المنهجية وجدول الأعمال، ليبدأ الحوار في أولى الاجتماعات في التعثر ليدخل بعد ذلك مباشرة في النفق المسدود، فعادت الاحتجاجات إلى الواجهة. وإذا تعالت أصوات النقابات منددة بما أسمته ب «الهجوم الممنهج على المطالب النقابية»، من خلال قرار الاقتطاع من أجور المضربين والتضييق على الحريات النقابية، فهل ينجح ابن كيران خلال لقائه المرتقب مع الأمناء العامين للنقابات من نزع فتيل التوتر والدفع بالحوار الاجتماعي للخروج من عنق الزجاجة. 5- هل يتحقق أمل التغيير في التلفزيون؟ هل تحمل سنة 2013 الأمل في التغيير المطلوب في التلفزيون العمومي المغربي؟ وهل سيتم تجاوز أزمة الدفاتر الشهيرة؟ هذان هما السؤالان اللذان يطرحان نفسيهما بحدة في المجال السمعي البصري خاصة في ظل استفحال أزمة دفاتر التحملات التي أدخلت جهاز التلفزيون نفق الأزمة والتي لم يتخلص منها إلى حدود اليوم. الكل يراهن على أن تكون السنة القادمة سنة تجاوز الصراعات الضيقة بين المتدخلين في القطاع السمعي البصري وسنة يتجاوز فيها هؤلاء المتدخلون، مهنيون ورسميون، أساسا حسابات الخاسر والرابح من تعاقدات الدفاتر العجيبة حتى يمنحوا للمغاربة التلفزيون الذي ينتظرونه منذ مدة والذي ضاع منهم في متاهات الصراعات الخفية التي شهدتها السنة الماضية والتي ستبقى سنة الجدال والنقاش الكبيرين اللذين طالا كنانش تحملات السمعي البصري المغربي. مبدأ التفاؤل بقرب انفراج أزمة التلفزيون المغربي مبعثه كون الأشهر الأولى من 2013، ستشهد الدخول الفعلي لتطبيق البنود الأساسية للتلفزيون. 6- هل ينتهي المسلسل الانتخابي في موعده؟ في الوقت الذي تم فيه إجراء الانتخابات التشريعية في 25 نونبر 2011، بدأ مختلف الفاعلين السياسيين يتساءلون عن الموعد الذي ستحدده وزارة الداخلية للاستحقاقات الجهوية والمحلية من أجل استكمال مسلسل الإصلاحات السياسية التي جاء بها الدستور الجديد. فأمام ضخامة الأوراش المفتوحة، فإن الانتخابات قد تجري في سنة 2013 وقد تتأجل إلى أبعد من هذا التاريخ، وهذا ماعبر عنه وزير الداخلية امحند العنصر مؤخرا في حديث لوكالة المغرب العربي للأنباء، بأن تحديد تاريخ للانتخابات «لن يتم قبل الحسم في القوانين التنظيمية المتعلقة بالجهوية والجماعات الترابية». فهذا الورش الذي يتطلب، حسب العنصر، المصادقة على أكثر من ثلاثين نصا تنظيميا، يقول وزير الداخلية «يستدعى فتح حوار مع جميع الفاعلين السياسيين» من أحزاب، نقابات ومهنيين، وهوما يعني أن هناك إمكانية تأجيل الانتخابات. 7- هل يتحقق حلم الفوز بكأس إفريقيا؟ هل يمكن للمنتخب الوطني أن يحقق إنجازا كبيرا في كأس إفريقيا؟ سؤال صعب وصعوبته تكمن في كون نتائج الأسود في العرس الإفريقي ظلت متذبذبة منذ الوصول إلى المباراة النهائية في دورة 2004 بتونس تحت قيادة بادو الزاكي. منذ ذلك الوقت ظلت نتائج النخبة المغربية في تراجع بلغ أوجه في سنة 2010 بالغياب عن الكأس القارية ثم الخروج المذل من الدور الأول لدورة 2012 .هذا المسار غير الموفق دفع الناخب الوطني الحالي رشيد الطاوسي إلى الحذر من خلال عدم تقديم أي وعود للمغاربة. الطاوسي قال إن الحد الأدنى لأهدافه هو تجاوز الدور الأول وبعد ذلك يمكن للمنتخب الوطني أن يكبر وتكبر طموحاته مع توالي المباريات. على الورق يملك الفريق الوطني حظوظا كبيرة لتجاوز الدور الأول لأنه سيواجه في مبارتيه الأوليين كلا من أنغولا والرأس الأخضر، حيث يمكن أن يضمن تأهله من خلال الفوز في هذين اللقاءين قبل منازلة منتخب جنوب إفريقيا المستضيف للدورة في مباراة صعبة بكل المقاييس. 8- هل يتحقق إصلاح طال انتظاره في العدالة؟ دخلت العدالة المغربية منتصف السنة التي نودعها ورش إصلاح جديد، حاول وزير العدل والحريات من خلال خطة إصلاح منظومة العدالة أن يوسع دائرة النقاش عبر عشر ندوات جهوية ينتظر أن تختتم بداية السنة التي نستقبلها بمناظرة وطنية. من أصل عشر ندوات موضوعاتية انعقدت سبع بحثت مواضيع وقضايا تتعلق بتحديث السياسة الجنائية وتطوير العدالة الجنائية وتعزيز ضمانات المحاكمة العادلة وكذا الحكامة القضائية وتحديث الإدارة القضائية والبنية التحتية للمحاكم ثم استقلال السلطة القضائية وأخيرا ملف تأهيل قضاء الأعمال. مخطط الإصلاح يروم تحقيق ثلاثة أهداف استراتيجية كبرى يتمثل الأول في توطيد الثقة والمصداقية في القضاء المستقل والنزيه والفعال مع تعزيز دوره في ضمان ممارسة الحقوق والحريات وتأمين شروط المحاكمة العادلة تحقيقا للأمن القضائي. أما الهدف الاستراتيجي الثاني فيتحدد في تسهيل ولوج المواطنين إلى العدالة والقانون والرفع من شفافية وجودة الخدمات القضائية وضمان سرعة الإجراءات بينما يتمثل الهدف الثالث في تأهيل منظومة العدالة وتحديثها. 9- هل تتخلص المدن من قصديرها؟ بين التصريح الذي أدلى به الوزير الحالي للسكنى والتعمير وسياسة المدينة نبيل بنعبد الله لتقييم وضعية القطاع في السنة التي ودعناها، وتصريحات الوزير السابق توفيق احجيرة تشابه كبير، فبغض النظر عن الأرقام تتردد العناوين الكبرى التالية: في إطار الجهود الهادفة إلى القضاء على دور الصفيح، سيتم الإعلان عن….. استعرض الوزير التدابير المتخذة من أجل تطوير المنتوج من السكن الموجه للأسر ذات الدخل المحدود…. تعزيز الشراكة بين القطاعين العام والخاص في مجال إنجاز مشاريع السكن الاجتماعي، ذكر الوزير بالتوقيع على …. واصلت الوزارة خلال سنة 2012 تدخلاتها في مجال السكن الآيل للسقوط ب….. هي العناوين ذاتها التي بشر من خلالها الوزير السابق بقرب القضاء على مدن الصفيح بمجموعة من المدن، وهي العناوين ذاتها التي يكررها الوزير الحالي، لكن واقع الحال يبدو معاندا للأرقام التي لا يمكن إنكار جزء كبير منها، كما لا يمكن إنكار صدق المجهودات التي بذلت. هيئة التحرير