الإخلاص لله أصل الدين، وشرط لقبول الأعمال، فإن الله سبحانه لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصًا صوابا.أما الصواب فما كان موافقاً لشريعة الله تعالى ولسنة نبيه صلى الله عليه وسلم، وأما الخالص فما أريد به وجهه سبحانه، ولذلك أمر الله رسولَه بالإخلاص في قوله: «فاعبد الله مخلصا له الدين»سورة الزمر: 2، وأمِر النبيّ أن يبيِّن أنّ عبادتَه قائمة على الإخلاص فقال له:» قل اني أمرتُ ان اعبد الله مخلصا له الدين» سورة الزمر12. وبذلك أمِرت جميع الأمَم قال جلّ وعلا: «وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء» سورة البينة:5. قال تعالى: «وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء» سورة البينة:5. أي: وما أمروا في سائر الشرائع إلا ليعبدوا الله وحده قاصدين بعبادتهم وجهه، مائلين عن الشرك إلى الإيمان، ويقيموا الصلاة، ويُؤَدُّوا الزكاة، وذلك هو دين الاستقامة، وهو الإسلام. وقال سبحانه: «انا انزلنا اليك الكتاب بالحق فاعبد الله مخلصا له الدين، الا لله الدين الخالص»سورة الزمر:2-3. إنا أنزلنا إليك أيها الرسول القرآن يأمر بالحق والعدل، فاعبد الله وحده، وأخلص له جميع دينك. ألا لله وحده الطاعة التامة السالمة من الشرك. وقال تعالى: «قال رب بما أغويتني لأزينن لهم في الأرض ولأغوينهم أجمعين،الا عبادك منهم المخلصين»سورة الحجر:39-40. في هذه الاية يقسم إبليس: ربِّ بسبب ما أغويتني وأضللتني لأحسِّنَنَّ لذرية آدم معاصيك في الأرض، ولأضلنهم أجمعين عن طريق الهدى، إلا مَن أخلصتَه منهم لعبادتك، وعصمتَه من إضلالي, فلم تجعل لي عليهم سبيلا. وعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيِّ رضي الله عنه قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: أَرَأَيْتَ رَجُلاً غَزَا يَلْتَمِسُ الأَجْرَ وَالذِّكْرَ، مَا لَهُ؟. فَقَالَ رَسُولُ اللهِ: لاَ شَيْءَ لَهُ . فَأعَادَ ثَلاَثَ مَرَّاتٍ. يَقُولُ لَهُ رَسُولُ اللهِ: لاَ شَيْءَ لَهُ . ثُمَّ قَالَ: إِنَّ اللهَ لاَ يَقْبَلُ مِنَ الَعمَلِ إِلاَّ مَا كَانَ لَهُ خَالِصًا وابْتُغِيَ بهِ وَجْهُهُ. (سنن النسائي)، يبين الحديث أن لا شيء لمن خلط في نيته يريد حظه من ذكر الناس له بعمل الآخرة ولو كان جهادا. تعريف الاخلاص مدار الإخلاص في كتب اللغة على الصفاء والتميز عن الشوائب التي تخالط الشيء يقال: هذا الشيء خالص لك: أي لا يشاركك فيه غيرك والخالص من الألوان عندهم ما صفا ونصع. ويقولون خالصه في العشرة: صافاه. وللعلماء أقوال متعددة في معنى الإخلاص اصطلاحا منها: قول ابن القيم رحمه الله في مدارج السالكين: «الإخلاص هو إفراد الحق سبحانه بالقصد في الطاعة أي إفراد الله عز وجل بأن نقصده في طاعتنا وعبادتنا»، وذكر في تعريف ثان: «الإخلاص هو تصفية الفعل عن ملاحظة المخلوقين». وقال الفضيل رحمه الله: «ترك العمل من أجل الناس: رياء، والعمل من أجل الناس شرك». وجاء في الموسوعة الفقهية أن الإخلاص هو «استواء أعمال العبد في الظاهر والباطن بتصفية العمل لله عن ملاحظة المخلوقين، والصدق في الإخلاص أن يكون باطنه أعمر من ظاهره، وإذا أخلص العبد اجتباه ربه، فأحيا قلبه، وجذبه إليه، وحبب إليه الطاعات، وكره إليه المعاصي، بخلاف القلب الذي لم يخلص، فإن فيه طلباً وشوقاً وإرادةً، تارة إلى الرئاسة، وتارة إلى الدرهم والدينار. وتعريفات العلماء كلها تدور حول أمر واحد وهو أن يقصد الإنسان بعمله وجه الله تعالى لا شيء غيره.كما قال تعالى: وما أمروا الا ليعبدوا الله مخلصين له الدين حنفاء ويقيموا الصلاة ويوتوا الزكاة وذلك دين القيمة. سورة البينة: 5.