قرارٌ اتُّخذ قبل أكثر من 64 عامًا، ولم يُطبق؛ يثبت اليوم فشل المجتمع الدولي، وأنظمة الدول العربية «المخلوعة» في فرض الإرادة الدولية على (إسرائيل)، وإخضاعها للقانون الدولي، في ظل تأكيد دول العالم الحُرّة يوم الثلاثاء 18 دجنبر 2012 ذلك القرار الذي حمل رقم (194)، من قرارات الأممالمتحدة لعام 1948م، وينص على حتمية عودة اللاجئين إلى أراضيهم. ذلك القرارُ ليس يتيمًا، بل إن المنظمة الدولية اتخذت بخصوص فلسطين ما يزيد على 32 قرارًا، تتمحور حول: القدس، وحق تقرير المصير، واللاجئين، والاستيطان (الإسرائيلي)، لكنها بالمجمل لم تغير شيئًا على أرض الواقع؛ لعدم التزام الاحتلال بها، وهو ما يطرح تساؤلًا عن «العصا» الدولية والعربية اللازمة لإرضاخ (إسرائيل)، في ظل «الجزرة» التي تقدمها لها الولاياتالمتحدة، والتغيرات الحاصلة في المنطقة والعالم. وقبل الإجابة عن التساؤل، يذكّر أستاذ العلوم السياسية بجامعة الأزهر د. ناجي شراب بأن قرارات الجمعية العامة للأمم المتحدة غير ملزمة بطبيعتها؛ فهي عبارة عن توصيات لم تصدر استنادًا للفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة؛ بسبب استخدام الولاياتالمتحدةالأمريكية لحق النقض (الفيتو) أكثر من 50 مرة عبر تاريخ الصراع مع الاحتلال. توظيف القوة لذا؛ إن القرارات غير ملزمة من وجهة النظر (الإسرائيلية)، وهذا بدوره يطرح تساؤلًا عن قيمة تلك القرارات، وهو ما يجيب عنه شراب بالقول: «إن لها قيمة رمزية، إذ تثبت أن إجراءات الاحتلال غير قانونية، وأن كل ما قام به الاحتلال غير شرعي». وتستطيع دول العالم الحرة التي تصوت لمصلحة فلسطين ويراوح عددها بين 169 و173 دولة في الغالب أن توظف إرادتها وقوتها، وسلوكها التصويتي، بالتعاون مع الدول العربية ودول حركة عدم الانحياز للضغط على الاحتلال، حسب قول شراب. ومن هنا، يجب أن تسعى الدولة الفلسطينية إلى توظيف قرارات الأممالمتحدة لنزع الصفة الشرعية والأخلاقية والإنسانية عن (إسرائيل)؛ بسبب خروجها عن القانون، وهذا بدوره سيضغط على الأخيرة؛ كي تتحول إلى قرارات أكثر أهمية، وفقًا لرأي شراب. ودون ذلك يجزم أنه لن يتمكن أحد من إلزام الاحتلال بقرارات الأممالمتحدة؛ كون (الفيتو) الأمريكي يمنع من إسناد تلك القرارات بالفصل السابع من ميثاق الأممالمتحدة، مضيفًا: «إن ذلك أمر غير ممكن». ويتابع شراب: «إذا وجد الضغط على الاحتلال من قبل جهات مثل الاتحاد الأوروبي، والدول العربية، يمكن أن تصبح قرارات الأممالمتحدة ذات تأثير، قد يدفع الاحتلال إلى الرضوخ نوعًا ما للإرادة الدولية». المقاومة والدبلوماسية «إن عدم تمكن العرب والمسلمين والدول الصديقة من فرض أي قرار ولو واحدًا من قرارات الأممالمتحدة على (إسرائيل) يعكس عدم جدية المجتمع الدولي في ذلك، من باب العلاقات الدولية والمتغيرات بين معسكري الشرق والغرب، خلال السنوات الماضية، ما جعل القضية الفلسطينية هامشية، وقصر المساعدة الدولية على تقديم الدعم لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين (الأونروا)» والحديث هذه المرة للمحلل السياسي إبراهيم جابر. ويتابع: «أما الآن فالمعادلة تغيرت، وأصبح العالم بقطبية واحدة، ما يشكل بداية عزلة للاحتلال، وخصوصًا بعد هجماته البربرية ضد قطاع غزة، واستمرار عدوانه وانتهاكاته في القدس والضفة المحتلة». إن «العصا» المطلوبة لإلزام الاحتلال تتطلب موقفًا حازمًا من المجتمع الدولي، بالتوازي مع مساعٍ دبلوماسية وسياسية فلسطينية حثيثة، وعمل فلسطيني مقاوم في الضفة وغزة؛ للضغط باتجاه تنفيذ قرارات الأممالمتحدة، وفقًا لقول المحلل السياسي. ويضيف إبراهيم: «الموقف الدولي المرجو هو استمرار استدعاء دول الاتحاد الأوروبي للسفراء، والتأثير على الاحتلال، وهو ما حدث فعلًا بسبب استمرار الاستيطان (الإسرائيلي)، في ظل قبول فلسطين دولة غير عضو في الأممالمتحدة، وانتصار المقاومة في غزة». وفي نهاية المطاف، إن الحمل الأكبر يلقى على عاتق الفلسطينيين الذين يقول إبراهيم: «إنهم بحاجة لوضع خطة سياسية؛ من أجل تشجيع دول العالم على السير في اتجاه تفعيل الموقف الأوروبي ضد الاحتلال، وصولًا لقطع العلاقات معه، أو التلويح بذلك على أقل تقدير».