"الطريق مقطوعة والأولاد لا يجدون ما يأكلون.."، الشهادة هنا لأحد شيوخ من أحد الدواوير التي عزلتها التساقطات الثلجية والمطرية بجبال الأطلس، ومثله كثير ممن يحتاجون إلى غطاء يقيهم شر البرد القارس وقوت يدفئ أمعاءهم ولباس يكسو أجسادهم، وإلى جانب هؤلاء هناك رواد الشوارع الذين يبيتون في العراء والناس في بيوتهم يستعينون بوسائل التدفئة المختلفة ويتناولون ما لذ وطاب من الأطعمة. إن الدين الإسلامي إلى جانب الرابطة الإنسانية تفرض التضامن مع هؤلاء وتقديم يد العون لهم في هذا البرد القارس، ألا يعلمنا ديننا الحنيف أن "من فرج على مؤمن كربة من كرب الدنيا فرج الله عليه كربة من كرب الدنيا والآخرة". مبادرة "دفء الأثر" انسجاما مع أهداف جمعية الوسيط للعمل الاستعجالي، ومنها العمل على ترسيخ مبدأ التضامن الاجتماعي، أقدمت على مبادرة إنسانية نبيلة اختارت لها شعار "دفء الأثر" إذ حل شباب من الجمعية يوم الأربعاء 5 دجنبر الجاري ليلا بمدينة سلا جابوا خلالها شوارع المدينة بحثا عن المتشردين الذين يبيتون دون مأوى، ووزعوا عليهم مساعدات مادية منها أكل مطبوخ ساخن ومأكولات أخرى وساهم معهم كثير من المحسنين الذين أعجبتهم المبادرة خصوصا بعد منتصف الليل حيث يذهب كل إلى بيته ويبقى هؤلاء المشردون في العراء، وهناك من أعد الوجبات في بيته وتركت المبادرة أثر طيبا في نفوس المستفيدين. وسبق لجمعية الوسيط للعمل الاجتماعي الاستعجالي أن قامت بمثل هذا العمل السنة الماضية بتنظيم "قافلة البرد التضامنية" مع سكان جبال الأطلس، ويستعد شباب الجمعية للقيام بالنسخة الثانية من نفس المبادرة. ومن أهداف الجمعية أيضا التحسيس بمعاناة الأسر الفقيرة بالمناطق القروية والبعيدة عن المجال الحضري، والتكفل بالمرضى والمعوزين بشكل استعجالي للتخفيف من معاناتهم، والدعم الاجتماعي والنفسي اللازمين للأسر المعوزة. وتعتمد الجمعية من الوسائل تنظيم زيارات الدعم والتضامن لبعض المؤسسات الخيرية، وتنظيم قوافل طبية لبعض المناطق القروية البعيدة عن المجال الحضري، وتنظيم قوافل الدعم الاجتماعي للمناطق النائية. يشار إلى أنه في السنوات القليلة الماضية، برزت العديد من المبادرات الإحسانية الخيرية، كالتي قام بها نسيج من الفعاليات الجمعوية بالدارالبيضاء، مع موجة البرد القارس في فبراير الماضي، إذ نظمت قافلة إنسانية لمساعدة الفئات الاجتماعية المتضررة والمعوزة بسلسلة جبال الأطلس، أطلقوا عليها اسم حملة "شتاء دافئ". نساء المسجد صرحت فاطمة إحدى النساء اللواتي يجتمعن من أجل القرآن في أحد مساجد الرباط ل "التجديد" أنها وباقي النساء يجتمعن وتساهم كل واحدة بما استطاعت ليهيؤوا الطعام ويجمعوا الثياب وأدوات النظافة وينسقن مع دار للعجزة بأحد أحياء الرباط ويقمن بزيارة يقدمن فيها المساعدات للمسنين المقيمين بدار العجزة، خصوصا في هذا البرد القارس. وأضافت المتحدثة أن الأمر لا يقتصر على مسني دار العجزة بل كل مرة يخترن فيها جهة يكون مرتادوها من المحتاجين للمساعدة سواء بالأكل أو باللباس . " فضل الزاد " أطلق المجلس العلمي المحلي لبني ملال أخيرا الدورة الأولى من حملة "فضل الزاد" لجمع التبرعات والمساعدات لفائدة الفئات المعوزة من سكان المناطق الجبلية النائية، ويأتي هذا في إطار الأنشطة الاجتماعية التي دأب المجلس العلمي على تنظيمها. ووجه المجلس العلمي المحلي نداء في هذا الصدد لذوي الخير والإحسان بالمدينة من أجل المساهمة في إنجاح هذا العمل الخيري وذلك بالتبرع بما فضل من حاجاتهم ( ملابس ، أغطية ، أحذية ، لعب الأطفال ....) ولمختلف الفئات العمرية من الجنسين مع إعطاء الأولوية لفئة الأطفال، ووضع مختلف تبرعاتهم بمقر المجلس العلمي المحلي قصد تصنيفها وتوزيعها. ويشار إلى إن عدة مناطق جبلية بإقليم بني ملال (بوتفردة تزوكات تاسرافت ايت عبدي ...) تعيش كل فصل شتاء أحوالا جوية قاسية تتميز بتهاطل الثلوج بكميات كبيرة يستحيل معها للسكان الحركة لجلب مؤونتهم من المواد الأساسية كما يعيش الأطفال والنساء والمسنون ظروفا صحية بسبب عوزهم وعدم توفرهم على الإمكانيات من ملابس وأغطية ودواء لمقاومة لسعات البرد القارس. الإسلام دين التضامن صرح مولاي علي الريسوني رئيس جميعة الدعوة الإسلامية بشفشاون ل "التجديد" بالمناسبة بقوله: "الإسلام الحنيف يوجب على القادر أن يعتني بذي الضرر بحيث يخفف عنه الألم ويقدم له يد العون والمساعدة. وفي الأحوال الجوية القاسية التي يعيشها المغرب الحبيب هذه الأيام، وعندما يشتد البرد في عز الشتاء يتعين على القادر أن لا ينسى فئة عريضة من الضعفاء الذين لا يستطيعون مقاومة موجة البرد، فإذا كانت المجالس المحلية تخصص ميزانية لبعض المشاريع التنموية فإن الإنسان أجدر بأن يتلتفت إليه في هذه الأحوال التي تسبب الألم في النفوس، وتجعل من فئة القرويين فئة تستحق العطف والالتفات إليها بحكم المواطنة المشتركة، وبقوة الزمالة والتشارك في الأرض وفي الطبيعة. وكذلك المؤسسات المدنية بمختلف أنواعها والأفراد يتعين على الجميع أن يسارعوا لمد هؤلاء المتضررين بالأغطية والأفرشة المناسبة، وكذا بإيوائهم في المنازل المعدة لمثل هذه الحالات. وأرى أن المساجد والزوايا يجب أن تفتح في وجه من يقاسي البرد والثلج، فلا معنى لأن يغلق المسجد دون أن يستضيف المؤمنين الذين ليس لهم مأوى ويعانون بطش البرد وشدة المطر وقساوة الجليد، فهذه المساجد كانت عبر التاريخ ملجأ، ليس فقط للمسافرين وعابري السبيل ولكن أيضا للمحرومين من الأيتام والفقراء والضعفاء، مع احترام حرمة المسجد والحفاظ على نظافته، وكذلك في هوامش المدن ينبغي كذلك فتح المؤسسات التعليمية ومؤسسسات الشبيبة والرياضة. والمعامل التي تصنع الألبسة الدافئة عليها أن تسارع لإمداد المتضررين بالألبسة وكذا مؤسسات المجتمع المدني. والهلال الأحمر والمؤسسات الرسمية عليها القيام بعمل التضامن. والآيات الكريمة والأحاديث النبوية الدالة على وجوب التضامن كثيرة منها الحديث النبوي "المؤمن أخو المؤمن" وقول الله تعالى: "إنما المؤمنون إخوة".