وصف التقرير العربي الخامس للتنمية الثقافية والذي أعدته مؤسسة الفكر العربي، وضع اقتصاد الثقافة العربية بالصادم، بعد تسجيل نسب ومؤشرات هزيلة في مجال التنمية الثقافية، وعزا التقرير الذي حصلت «التجديد» على نسخة منه، ويحمل عنوان «الاقتصاد العربي القائم على المعرفة»، ضعف التنمية في مجال الثقافة في الوطن العربي إلى عدة أسباب، منها «الاعتماد على نقل التكنولوجيا الغربية وغياب مراكز الأبحاث»، وطالب التقرير بوضع خطط عاجلة وعى المدى البعيد وكذا إشراك القطاع الخاص في هذا المجال، الإحصاءات التي نشرت في التقرير وإن كانت تشير إلى ضعف عام إلا أنها كشفت عن تقدم المملكة المغربية في مجالات معينة منها مؤشر منظومة التعليم، بينما سجل التقرير تأخر المغرب بعشرة مراتب منذ سنة 2000 بخصوص الترتيب العالمي للاقتصاد المعرفي.وسجلت قدرات المغرب سنة 2012، تراجعا على صعيد مؤشر الابتكار والقدرة التنافسية منذ سنة 1995، بينما تقدم المغرب في مؤشر منظومة التعليم، وتراجع سنة 2012 في مؤشر البنية التحتية للمعلومات والاتصالات بالمقارنة مع سنة 2006. وأكد التقرير على أن دعم الصناعات الثقافية والمعرفية يتطلب منظومة كاملة من الإصلاحات وحشد الموارد والإمكانات وبناء رؤية مستقبلية على المستويين العاجل والبعيد.وتضمن التقرير أربعة ملفات أساسية، تعالج موضوع الاقتصاد القائم على المعرفة، ثم الصناعات الثقافية واقتصاد الإبداع، ويعالج الملف الأول، موضوع «الصناعات الثقافية والمعرفية»، ويتطرق الملف الثاني إلى اقتصاد العلوم والتكنولوجيا، بينما يتحدث الملف الثالث عن اقتصاد حركة التأليف والنشر، أما الملف الرابع فتمحور حول اقتصاديات الإبداع في تجلياته السينمائية والدرامية والموسيقية. وسجل التقرير التفاوت الهائل بين حجم الإنفاق العربي في المجال العسكري، والذي تجاوز في دول الخليج 10 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي بينما يتوقف حجم الإنفاق على أنشطة البحث والتطوير والذي يشكل عماد صناعة المعرفة عند 0,5 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي. التقرير الذي أعلن عنه في الدوحة الأسبوع الماضي، يستعرض عددا من المؤشرات المرتبطة بالمغرب، نستعرض أهمها ضمن هذا الملف. الإنفاق السينمائي تدني الإنفاق السينمائي نسبة إلى إجمالي الدخل القومي في عدد من الدول العربية، حيث بلغت هذه النسبة 0.006 بالمائة في المغرب و 0.578 في قطر و0.002 في سوريا و 0.013 في مصر و0.001 في الجزائر، تدني الإنفاق اعتبره التقرير «يشير إلى ضحالة كمية في الإنتاج السينمائي فضلا عن ضحالة نوعية، أكد عليها خلو آخر مهرجان دبي لسنة 2011 من أي أفلام عربية ذات شأن. ويسلط التقرير الضوء على صناعة السينما العربية، ويقول بأن حجم الإنفاق لا يتجاوز 0.001 بالمائة من إجمالي الدخل القومي، باستثناء قطر ومصر، ويقول ان المغرب شهد سنة 2011 إنتاج 38 فيلما قصيرا. وكشف ملف اقتصاديات الإبداع في دول الوطن العربي، عن أن حجم صناعة السينما في الوطن العربي لا يتجاوز الإنفاق عليها 0.001 من إجمالي الدخل القومي، وأن نسبة مشاهدي الأفلام في قاعات السينما هزيلة في الدول العربية. صادرات ضعيفة ونهم استهلاكي شديد يصدر المغرب من السلع الإبداعية ما قيمته 217 مليون دولار أمريكي فقط، بينما تبلغ صادرات السلع الإبداعية في تركيا ما قيمته 5 مليارات و300 دولار أمريكي وفي سنغافورة 5 مليارات، وتتقدم تونس على المغرب حيث تصدر ما مجموعه 262 مليونا والسعودية 514 مليونا ولبنان 278 مليونا ومصر 703 مليونا.أما على صعيد واردات الدول العربية من السلع والخدمات الثقافية، فإن الأرقام والمؤشرات تكشف عن حالة نهم استهلاكي شديد لهذه السلع، تتصاعد قيمة هذه الواردات الثقافية من سورية 7 مليارات دولار، إلى الأردن 24 مليارا إلى قطر 36 مليارا والمغرب 79 مليار دولار، بينما تستورد السعودية 133 مليار دولار، وتغطي السلع والخدمات الثقافية الكتب والمطبوعات والوسائط المسجلة والوسائط السمعية والبصرية، والصحف والمجلات، والسلع التراثية وغيرها. استخدام الأنترنيت بين استخدام الأنترنيت في دول المغرب العربي خلال 12 سنة الماضية، أن المغرب هو الأكثر استعمالا للإنترنيت مغاربيا ب49 بالمائة من عدد السكان، مقابل 36.3 بالمائة لتونس، ثم 13.4 بالمائة للجزائر و5.9 بالمائة لليبيا، بينما تتصدر الإمارات العربية قائمة الدول العربية الأكثر استعمالا للأنترنيت بالنسبة لعدد السكان، وبلغت نسبة الدخول من عدد السكان بالإمارات 69 بالمائة، وسجلت أقل نسبة بالعراق ب4,3 بالمائة، وبلغت نسبة الدخول في العالم العربي 24 بالمائة، وعالميا يتمكن حوالي ثلث سكان العالم من الدخول للأنترنيت، وانتقل عدد مستخدمي الأنترنيت في المغرب من 100 ألف مستخدم سنة 2000 إلى أكثر من 15 مليون و600 ألف مستخدم سنة 2012، بينما جاءت الجزائر ثانية مغاربيا بعد المغرب بأربعة ملايين و700 ألف مستخدم، وأشار التقرير أن الفايسبوك «أضحى فضاؤه المعلوماتي موطنا لكثير من المواقع الثقافية والعلمية». دليل التنمية البشرية: نسبة تطور المغرب خلال عقدين من الزمن هي الأضعف مغاربيا تعتبر نسبة تطور المغرب في دليل التنمية البشرية خلال العقدين السابقين هي الأضعف في المغرب العربي، وسجل المغرب نسبة 5 بالمائة للتطور، مقابل 7 بالمائة لتونس وتسعة بالمائة للجزائر. ويقول التقرير أن دليل التنمية البشرية قطع أشواطا مهمة في الدول المغاربية، «باستثناء المغرب الذي تفتقر موارده البشرية إلى المزيد من الاهتمام ببرامج التطوير والتدريب». هشاشة حضور العربية على شبكة الإنترنت يقول التقرير أنه إذ ما اعتبرت اللغة العربية وعاء معرفيا قابلا للتوظيف الاقتصادي فإن استخدام لغة الضاد على شبكات التواصل الاجتماعية على موقع الفيس بوك في بلدان المغرب العربي أمر يدعو للقلق، فنسبة حضور اللغة العربية في إحصائية 2010 لا تتجاوز في تونس 1% مقابل 95% للغة الفرنسية، وفي الجزائر 7% للغة العربية مقابل 81% للغة الفرنسية وفي المغرب 11% للغة العربية مقابل 82% للغة الفرنسية، أما في بلد مثل ليبيا فإن نسبة حضور اللغة العربية على موقع الفيس بوك تبلغ 50% مقابل 42% للغة الإنجليزية، وما زال المحتوى الرقمي العربي ضعيفا على شبكة الإنترنت، إذ بينما يبلغ حجم المحتوى الرقمي 48 مليار صفحة فإن المحتوى الرقمي العربي يصل إلى 165 مليون صفحة أي بنسبة تقدر 0.004%، من إجمالي المحتوى العالمي، وهو ما يكشف عن هشاشة التواجد العربي على شبكة الإنترنت. المغرب يصدر 7 بالمائة من السلع التكنولوجية في الوقت الذي يبلغ المتوسط العالمي لصادرات السلع التكنولوجية المتقدمة من إجمالي الصادرات 20 بالمائة، فإن المغرب وتونس هما الأرفع مرتبة على الصعيد العربي، وتبلغ نسبة صادرات المغرب من السلع التكنولوجية 7 بالمائة مقابل ستة بالمائة لتونس.وأشار التقرير إلى أهم المشاكل التي تواجه اقتصاديات العلوم والتكنولوجيا في العالم العربي يتمثل في نقل التكنولوجيا من الخارج بدلا من محاولة توطينها في البلدان العربية، مما أشاع ثقافة تركز على الاتكال على المصادر الخارجية للتكنولوجيا، هو ما يمثل خصما من ثقافة الابتكار الذاتي والاعتماد على النفس وتوظيف الأدمغة والكفاءات العربية. نشر الأبحاث العلمية كشفت معطيات التقرير المرتبطة بنشر أوراق الأبحاث العلمية بالدول العربية وبينها المغرب، أن المغرب يعد من بين الدول الالعربية الثمانية الناشطة في مجالات البحث العلمي خلال العشرية الأخيرة، وتمثل الأبحاث المغربية المنشورة تشكل عشر المنشورات، بينما تستأثر مصر بالحصة الأكبر ب35 بالمائة، تليها السعودية ب19 بالمائة ثم تونس ب14 بالمائة ثم المغرب في المرتبة الرابعة.وتفيد المعطيات أن الأوراق المغربية العلمية المنشورة في الدوريات العلمية والهندسية المحكمة، شهدت ارتفاعا خلال العشر سنوات الأخيرة، وخصوصا منذ سنة 2008، واتقل عدد المنشورات المغربية من 1324 سنة 2000 إلى 1679 سنة 2008 ثم 1798 سنة 2009 ثم 1862 سنة 2010، وسجلت السنة الماضية أعلى معدل ب2036 ورقة علمية منشورة، وتعتبر المنشورات الطبية هي الأكبر خلال العشر سنوات الأخيرة، تليها المنشورات المتعلقة بمجال الفيزياء ثم الكيمياء في المرتبة الثالثة. المغرب وتونس أكثر الدول العربية اهتماما بالبحث العلمي ضمن ملف العلوم والتكنولوجيا، اعتبر التقرير أنه باستثناء المغرب وتونس، تنفق الدول العربية على أنشطة البحث والتطوير، مقادير تقل كثيرا عن المعدل العالمي، وتمثل أعداد الباحثين في الدول العربية مصدرا آخر للخيبة بالمقارنة مع أعدادهم في دول مجاورة مثل إيران وتركيا. ويعتبر التقرير أن الإحصائيات المتاحة تشير إلى أن الدول العربية تكرس موارد ضئيلة ومتواضعة لأنشطة البحث والتطوير التي تتم على أراضيها، وذلك من حيث الأطر البشرية والمخصصات المالية، ويقول التقرير أن المغرب وتونس اهتما بالتعليم والبحث العلمي منذ استقلالهما، وخلال العقود الأخيرة من القرن الماضي، ويمتلك المغرب 15 مركزا للبحث مقابل 33 في تونس، ويفوق متوسط الإنفاق على البحث العلمي 1.1 بالمائة في تونس و0.64 بالمائة في المغرب، واعتبر التقرير أن هذه النسب منخفضة بالنسبة إلى الدول المتقدمة، لكنها أعلى النسب في الدول العربية التي يتراوح إنفاقها على البحث العلمي بين 0.2 و0.3 بالمائة من ناتجها المحلي الإجمالي، ويقدر التقرير الدور الأبرز في التمويل للمصادر الحكومية بالمغرب بنسبة 82 بالمائة، وفي تونس ب72 بالمائة، ويقارب تعداد القوى البشرية العلمية العاملة بالبحث 800 باحث لكل مليون نسمة، بينما تبلغ نسبة الالتحاق بالتعليم العالي في المغرب 12 بالمائة، مقابل 34 بالمائة لتونس وذلك من تعداد الفئة العمرية بين 20 و24 سنة. جاهزية المغرب لعملية التغيير الاقتصادي يرى التقرير أن المغرب وبقية دول المغرب العربي، تمتلك جاهزية لعملية التحول الاقتصادي الذي ينبغي السعي لتحقيقها على أرض الواقع، وبدا واضحا أن تونس تتقدم الدول المغاربية تليها المغرب من حيث الجاهزية. ومن خلال قراءة الجاهزية الشبكاتية للدول العربية، يظهر وجود تباين ملحوظ في حجم استخدام أدوات المعلومات والاتصالات وحصيلة تأثيراتها الاقتصادية والاجتماعية من بلد إلى آخر، وبهذا الخصوص يفيد التقرير بأن المغرب يحتل المرتبة 91 في دليل الجاهزية الشبكاتية، ولا زال يعاني من «حالة تلكؤ على صعيد استثمار التحولات التي يمكن نيلها من استخدام أدوات المعلومات والاتصالات، وبالخصوص في قطاع الاقتصاد حيث يحتل المغرب المرتبة 127 عالميا مقابل 51 لتونس و140 للجزائر، ويعزي التقرير التأخر المغربي في هذا المجال، إلى المستويات المتواضعة في تطوير البنية التحتية المعلوماتية والاتصالية، وعدم توفر خبرات معرفية محلية قادرة على الإسهام في عملية توظيف القدرات المعلوماتية ضمن بيئة اقتصاد المعرفة، الأمر الذي انعكس بجلاء على قدرة المغرب في احتواء تقنيات المعلومات والاتصالات وتوظيف أدواتها لدى المواطنين أو الحكومة أو بيئة التجارة والأعمال بمستويات جيدة. الهياكل القانونية لمنظومتي البحث والتطوير اعتبر التقرير أن الهياكل القانونية والتشريعية الحاكمة لأنشطة منظومتي البحث والتطوير والابتكار في المغرب متطورة نسبيا، فقد اتخذ المغرب من المقاربة الفرنسية نموذجا لدى وضع وتطوير تلك الهياكل، واستن عدد من القوانين والتشريعات التي تخص البحث العلمي والأنظمة الأساسية لفعاليات البحث العلمي سواء في الجامعات أو مراكز ومعاهد البحوث، ويرى التقرير أنه بالمقابل العديد من القوانين والتشريعات يرجع إلى بداية عهد الاستقلال، ويذر التقرير أنه من القوانين التي أسست لتطوير المنظومة المغربية للبحث والابتكار، خمس قوانين صدرت خلال العشرية الأخيرة، منها ما يتعلق بإنشاء أكاديمية الحسن الثاني للعلوم والتقنية بالإضافة إلى استحداث مؤسسات ذات النفع العام، ثم قوانين استحدثت بموجبها اللجنة الوزارية الدائمة للبحث العلمي والتطور التكنولوجي، بالإضافة إلى القانون القاضي بإنشاء «الصندوق الوطني لتمويل البحث العلمي والتطوير التكنولوجي»، مكا تم إحداث المركز الوطني للبحث. مؤشرات دليل المعرفة واقتصادات المعرفة يبدو جليا حسب التقرير، ومن خلال قيم مؤشرات دليل المعرفة واقتصاديات المعرفة للدول المغاربية، خلال السنوات 1995 و2006 و2012، وجود اختلافات ملموسة في سياق التغيرات الحاصلة في هذه البلدان، فعلى مستوى مؤشرات منظومة الاقتصاد الوطني لبلدان المغرب العربي خلال العقدين الماضيين، تراجع المغرب في العام 2006 عما كان عليه في عام 1995، ثم حقق تقدما في العام 2012، وهو ما حصل لتونس، إلا أن المغرب، يقول التقرير، «بفعل القفزة التي حققها سنة 2012، تمكن من التفوق على تونس»، كما استمرت الجزائر في تقدمها إلا أنها بقيت متخلفة عن المغرب وتونس. وعلى صعيد الابتكار والقدرة التنافسية، تراجعت قدرات المغرب على صعيد هذا المؤشر الحيوي وذلك منذ سنة 1995 واحتفظ بنهاية القائمة مغاربيا خلال هذه السنة. أما على صعيد منظومة التعليم، تراجع المغرب قي الحقبة الأولى، إلا أن، يقول التقرير، «مراجعة الخطة التنموية على صعيد التعليم، جعلت المغرب يتقدم على الجزائر التي كانت تتجاوزه سابقا، وحققت تونس تطورا متواضعا بين 1995 و2006 بنما قفزت إلى مقدمة الترتيب خلال هذه السنة، وواصلت الجزائر تنمية قدراتها على صعيد التعليم بخطوات متواضعة. ويرى التقرير أن المغرب وتونسوالجزائر، تطورت على صعيد اقتصاديات المعرفة نتيجة التوجهات الجديدة للمجتمعات المعاصرة نحو المجتمع الرقمي بمختلف تجلياته، ويؤكد التقرير أن المغرب والجزائر في حاجة إلى المزيد من الجهد لبلوغ مستويات مقبولة تجعلها قادرة على التنافس ضمن بلدان إفريقيا.