تفعيلا لدفاتر التحملات الجديدة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المصادق عليها من طرف الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري نظمن الشركة يوما دراسيا حول الإنتاج التلفزي «علاقة المنتج بالباث» وذلك يوم الجمعة الماضية بحضور خبراء دوليين في المجال والعشرات من المنتجين التابعين للشركة والخارجين عنها وذلك بغية إعادة النظر الشاملة في منظومة الإنتاج وكذا التحضير للمعايير والشروط الجديدة لقبول البرامج واختيارها من طرف لجنة خاصة بالموضوع. اليوم الدراسي حسب المذكرة الإطار التي قدم الرئيس المدير العام للشركة الوطنية فيصل لعرايشي بعض جوانبها يأتي بالنظر للمهام التي تضطلع بها المؤسسة باعتبارها مرفقا عموميا والقائمة على معايير الجودة والمهنية التنوع الحرية المسؤولية والمحاسبة بما يجعل الشركة تخضع لقيم الديمقراطية والحكامة كما تهدف هذه الأخيرة إلى تعزيز مقومات الهوية الوطنية والعمل على إشعاع الثقافة والحضارة المغربيتين ورفع تنافسية الإنتاج السمعي البصري الوطني. عن واقع علاقة المنتج بالبث ومستقبلها قال ماهر الملاخ رئيس اتحاد شركات إنتاج السمعي البصري، في تصريح ل «التجديد» إن لحظة صدور دفاتر التحملات الجديدة بالجريدة الرسمية لحظة فارقة بكل المقاييس بين عهدين، «فالعهد السابق يحمل عنوان الغموض بين الباث والمنتج ووضعية الإذعان الكامل لشروط منصوص عليها وأخرى مضمرة بين الطرفين، ومعروف أن قلة قليلة جدا من شركات الإنتاج كانت تسيطر على أكثر من 70 بالمائة من ساعات البث ، وفي مقابل ذلك كان أكثر من 80 بالمائة المتوسطة والصغيرة كانت معطلة وقد تعرضت هذه الشركات خلال الأربع سنوات لمجزرة حقيقية أدت إلى انقراض بعضها وتجميد عمل الكثير منها وما تبقى ما يزال يعاني إلى حد الآن» وتابع المدير التنفيذي لشركة «سكوب ميديا» بالقول إن دفاتر التحملات فسحت المجال أمام الشفافية والجودة والأمران مرتبطان ارتباط وثيق والجميل، في الدفتر أنه لم يكتفي بتوجهات عامة بل فصل في الآليات وهي بدورها يتابع الملاخ في حديثه ل «التجديد» تحتاج للتفصيل لكي تطبق وتحقق مطلبي الجودة والشفافية وهو يتجه نحو تضييق هامش الالتفاف على النصوص التشريعية، «فقد سبق الدفتر الجديد دفتاران لم يكن المواطن العادي يعلم بوجودهما والمنتج المعني لم يكن قادر حتى على الحصول على نسخة منها» واعتبر أن الدور الآن على المؤسسات الفاعلة للتدقيق أكثر في هذه النصوص وخاصة لجنتي الانتقاء والأخلاقيات والتي ينبغي التفصيل أكثر في تكوينهما واشتغالهما. اللقاء الذي اعتبرته الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة يأتي تجسيدا للمقاربة التشاركية التي تنهجها في علاقتها مع مختلف الشركاء في مجال الإنتاج، عرف تقديم عدة مداخلات لخبراء في المجال من جنسيات مختلفة، منها مداخلة إيمانوييل تورب، المسؤول عن البرامج بالإذاعة والتلفزة البلجيكية الفرنكوفونية، الذي قال بأن ارتفاع التحدي المالي والتنافسي بدأ يأخذ منحى دراميا على الصعيد الاستراتيجي، إذا أخذنا بعين الاعتبار أن إ.ت.ب.ف ليست فقط مؤسسة للبث تقتني فقط الحقوق، ولكن أيضا منتجة لجزء كبير من شبكتها البرامجية. هذه الوضعية للإنتاج المندمج يمكن أن ينظر إليها أولا كفرصة في عالم أصبحت فيه ملكية الحقوق أمرا مفصليا، لكن هذا الأمر يتطلب بالخصوص التعريف بدقة البرامج التي يتحتم إنتاجها، و كذلك تفادي إمكانية الخطأ في التقدير، وإنتاجها بالطريقة المثلى الممكنة. عرض أيمانويل تناول المسطرة الكاملة، من المشروع الإنتاجي إلى بثه، وكيفية تحديد، بطريقة دقيقة، الرابط بين أدوار مصالح البث (البرمجة) والإنتاج داخل إ.ت.ب.ف وكيفية تدعيم المد الإنتاجي Workflow بشكل يجعل بعدي «التعاون» و»المراقبة» في أعلى المستويات للحصول على النجاعة المثلى؟ من جهته تطرق عرض جوهانز ماكس أوم، مستشار العلاقات الدولية للقناة الألمانية ZDF، لبعض الأسس القانونية المتعلقة بانتقاء البرامج والتعاون مع المنتجين، من حيث القواعد العامة والإطار التنظيمي والمراقبة الداخلية، بالإضافة إلى عرض للإحصائيات الخاصة بالبرامج المنجزة حسب تصنيفات الإنتاج. أما برتراند موسكا، المستشار لدى رئيس مجموعة التلفزيون الفرنسي، والمدير السابق للقناة الفرنسية الثالثة، فقد تطرق إلى العلاقات بين المنتج ومؤسسة البث العمومي، وكذلك إلى المنظومة المرافقة للمشروع التحريري إلى حين تجسيده، وعرض مختلف المراحل التي يمر عبرها كل « اقتراح إنتاج « وارد من أحد المنتجين. أما بالنسبة لطلب العروض، فقدم المسلسل الفرنسي «أجمل هي الحياة» الذي يشكل نموذجا فريدا في فرنسا يتم بثه بإحدى كبريات القنوات التلفزية الفرنسية، منذ تسع سنوات. كما تناول سياسة مجموعة التلفزيون الفرنسي لتنويع البرامج مع التقيد بالخط التحريري لكل قناة وسياسة التناغم بين الشبكات البرامجية. هيرفي ميشيل، مدير العلاقات الدولية بمجموعة التلفزيون الفرنسي، بدوره قال إنه وبفضل الوسائل التكنولوجية الحديثة، لوحظ منذ سنوات قليلة ارتفاع في عرض البرامج التلفزيونية، مقرون بتجزئة مدة الإستهلاك، ويبقى الإنتاج والبث في صلب مسار منظومة البث العالمي. وتطرق في عرضه للعلاقات التي تجمع بين «مؤسسة البث» التي أصبحت من جهة واضعة برامج، ومنتجة من جهة أخرى لمضامين تقترحها على الباث، وعرض كيفية اشتغال جميع الفرقاء وطرق التنظيم والتواصل المتبادل المعتمد لتفعيل هذا التعاون. كما تناول النموذج الفرنسي ذي التنظيم الخاص، بحكم اعتماده منذ سنوات على نموذج خاص يتمثل في الفصل بين الإنتاج والبث، عملا بمبدأ «الحفاظ على التنوع الثقافي». كما عرض سياسة البرمجة وكيفية إشراك المنتجين المستقلين في هذا النموذج، وكذا إشكالية الإنتاج الدولي المشترك رئيسة المشاريع الخاصة بالشرق الأوسط ورئيسة مكتب قناة BBC بالقاهرة، نجلاء العمري، قدمت في عرضها تحليلا لمسالك الإنتاج داخل قناة «B.B.C» بالنسبة للبرامج الإخبارية. كما تطرقت للإنتاج المسمى «الإنتاجات الضخمة» والإنتاج ذي «الميزانية المحدودة». كما حللت تبعات الأزمة الاقتصادية الحالية و انعكاساتها التي أدت إلى تقليص ميزانيات إنتاج البرامج و كذا التحديات التي تفرضها الوسائط الجديدة.