صدر حديثا عن المجلس العلمي المحلي بالرشيدية كتاب من الحجم الصغير يقع في 86 صفحة بعنوان «تحفيظ القرآن بتافيلالت: التاريخ والمميزات» ألفه الشيخ أبو زكرياء محمد صغيري وقدم له الدكتور إدريس مولودي، رئيس المجلس العلمي المحلي بالرشيدية. وأصل هذا الكتاب، كما تمت الإشارة إلى ذلك في الصفحة السابعة منه، كلمة دعي الشيخ محمد صغيري لإلقائها في ملتقى سجلماسة الثاني للقرآن الكريم والذي تم تنظيمه يومي السبت والأحد 10 و11 ذي القعدة 1432 ه، الموافق ل 8 و9 أكتوبر 2011 من طرف المجلس العلمي المحلي بالرشيدية. وقد تناول أبو زكرياء موضوع «تحفيظ القرآن بتافيلالت: التاريخ والمميزات» عبر خمسة مباحث أساسية. الأول عنونه بسجلماسة حاضرة المغرب الكبرى، وتطرق فيه لعطاء المنطقة المتميز في كل المجالات مستشهدا بأقوال لشخصيات بارزة ومؤرخين مشهورين كابن حوقل الذي قال فيها: «وأهلها قوم سراة مياسرة، يباينون أهل المغرب في المنظر والمخبر، من علم وستر وصيانة وجمال، واستعمال للمروءة، وسماحة ورجاحة، مع تجارة غير منقطعة منها إلى بلاد السودان، وسائر البلدان...». وأشار في المبحث الثاني إلى الأنشطة العلمية بتافيلالت من خلال الحديث بداية عن الشخصيات العلمية الوازنة التي استقطبتها والنبغاء والمفكرين الذين تخرجوا من مدارسها وتجاوز صيتهم المنطقة إلى مختلف الربوع داخل المغرب وخارجه. وذكر منهم ابن القطان الفاسي، وابن النحوي صاحب قصيدة المنفرجة، وابن جماعة السجلماسي أول من شرح مقامات الحريري، وغيرهم. وثانيا، عن المكتبات العامة والخاصة بتافيلالت والتي ضمتها قصورها وزواياها واحتوت على مراجع ومخطوطات نادرة في مختلف التخصصات. وثالثا، عن ركب الحجيج الذي كان يخرج منها متوجها إلى بيت الله الحرام والذي اعتبر من أعظم المراكب التي تخرج من المغرب والذي يحرص أعضاؤه على قيام الثلث الأخير من الليل وقراءة القرآن ومدارسته، ومذاكرة الإخوان في علم الأديان. ورابعا، عن تافيلالت بوصفها مركز إشعاع علمي تواصلي بحيث شكلت منطلق معظم الدول التي تعاقبت على حكم المغرب ابتداء من المرابطين ووصولا إلى دولة العلويين. وخامسا، عن كونها شكلت صلة وصل بين مختلف المراكز التجارية والعلمية والدعوية شمالا وجنوبا وغربا. وتطرق في المبحث الثالث للمدارس القرآنية بسجلماسة، حيث أشار إلى العناية الكبرى التي أولتها هذه المنطقة للقرآن الكريم وعدد مظاهر ذلك والتي تتجلى في: كثرة المدارس القرآنية المنتشرة في كل أرجائها، العدد الهائل ممن تخرجوا من هذه المدارس، الأوقاف الكثيرة التي حبسها أصحابها عناية بالقرآن الكريم وأهله ومراكز تدريسه، كثرة المراسيم والظهائر الملكية التي توجه للعناية بالشيوخ والقراء... كما ذكر عددا كبيرا من المدارس القرآنية المشهورة والمتوزعة في جل تراب المنطقة. وتابع الشيخ محمد صغيري حديثه في المبحث الرابع عن المدرسة القرآنية بتافيلالت عبر ذكر مميزاتها وخصوصياتها التي جعلتها متميزة في عطائها وفي الإقبال عليها من كل جهات المغرب وفي الطلبة المتخرجين منها. ومن ذلك ذكر المؤلف التلقين الجيد للحروف الهجائية، والأداء المحكم للقرآن الكريم، وطريقة التحمل، والأخلاق الحسنة لطالب القرآن، واعتبار الوقت أغلى ما عند أهل القرآن. أما المبحث الخامس والأخير فقد تناول فيه الشيخ أبو زكرياء بالتفصيل منهج تحفيظ القرآن الكريم بتافيلالت ومراحله بدءا من تعلم الحروف والشكل ومرورا عبر تعلم الكتابة فبداية الحفظ الأولي (السلكة الأولى) ثم بداية الحفظ الجيد (السلكة الثانية) فمرحلة التصفية (السلكة الثالثة). وساق المؤلف أيضا في هذا المبحث البرنامج اليومي المفصل لطالب القرآن الكريم.