اعتبر ياسين مخلي رئيس نادي قضاة المغرب في تقرير لندوة حول آليات مكافحة الرشوة أول أمس السبت بتازة «تخليق منظومة العدالة المدخل الحقيقي لتخليق الحياة العامة، نظرا للدور المحوري الذي تلعبه السلطة القضائية في ضمان شفافية أداء باقي الوظائف داخل الدولة وكذا حماية الأمن القضائي بجميع تجلياته، مضيفا بأن دور الجمعيات المهنية للقضاة تبقى من أهم الأدوار التي من شأنها المساهمة الواعية في تخليق منظومة العدالة، إلا أن ذلك يستلزم كذلك توفر إرادة سياسية تستند إلى برامج متكاملة.» وأشار مخلي في السياق ذاته إلى إعلان ناديه عن مشروع برنامجه الوطني لتخليق منظومة العدالة تحت شعار: «محاكم بدون رشوة» وهو البرنامج الذي اعتبره يستند على مرجعية وطنية ودولية كما يعتمد عدة آليات للعمل تقوم بالأساس على إشراك جميع المتدخلين في منظومة العدالة فضلا عن القطاعات الحكومية المعنية، وهيئات المجتمع المدني ووسائل الإعلام. وأضاف رئيس نادي قضاة المغرب في التقرير الذي توصلت «التجديد» بنسخة منه «إن محاربة الرشوة تستلزم توفر إرادة سياسية قوية، وبرامج متكاملة طويلة المدى، وعملا منسجما ومستمرا من أجل التحسيس والتوعية، وتتجلى الترجمة الفعلية للإرادة السياسية في اتخاذ إجراءات عملية بدل اعتماد خطاب سياسي متجدد، أو قوانين شكلية، أو حملات انتقائية». واقترح مخلي لبلوغ ذلك تسهيل ولوج المتقاضين الى العدالة والمعلومة القضائية، وضمان شفافية عمل المؤسسات القضائية واعتماد آليات استطلاعات رأي المتقاضين بخصوص الإدارة القضائية...» ومن جانبه تطرق عبد الله حارسي، أستاذ القانون العام والعلوم الإدارية وعضو المجلس الوطني لجمعية الشفافية المغربية، الى موضوع « الحق في الوصول إلى المعلومة لتعزيز الشفافية» موضحا أن الدستور المغربي الجديد لسنة 2011 كرس لأول مرة حق المواطن في الوصول إلى المعلومة من خلال الفصل 27 منه إلا أنه لم تصدر بعد أي قوانين تنظم هذا الحق، مبديا مجموعة من الملاحظات الأولية والأساسية بخصوص الفصل 27 والتي يتعين على القوانين القادمة أن تجيب عنها خاصة على مستوى المستفيدين من نطاقه وكذا الجهات المخاطبة والملزمة بتوفير المعلومات، ومستعرضا مجموعة من المقترحات التي قدمتها ترانسبرنسي المغرب بشأن قانون الحق في الحصول على المعلومة ومن بينها ضرورة سن قانون خاص بالحق في الوصول إلى المعلومات ينسجم مع المواثيق الدولية ومستوحى من أفضل التجارب المقارنة واستكمال الجهود التي تمت في مجال الإدارة الإلكترونية بوضع الإطار القانوني الملزم وتوسيع مجال المعاملات على الخط وإلغاء المقتضيات القانونية التي تعرقل ممارسة هذا ال?ق والنص على إلزامية نشر التقارير البرلمانية وكل تقارير المجالس الجهوية للحسابات وغيرها، وتعزيز دور القضاء في إطار الإصلاح الشامل المنتظروتطوير التكوين والتربية الإلكترونية وجعلها رافعة اجتماعية ووسيلة للتمتع بالحقوق وسد الفجوة الرقمية الموجودة داخل المغرب وفي علاقاته الدولية وتطوير البنية التحتية للإدارات، والمرافق العمومية وتكوين الموظفين للحصول على خبرة في مجال إنتاج وتدبير ونشر المعلومات وتقوية سلطات ووسائل عمل الهيئة المغربية للنزاهة ومكافحة الرشوة. وتطرق فاتح كمال المستشار بمحكمة الاستئناف بتازة للإشكاليات العملية المرتبطة بجرائم الرشوة من خلال الاجتهاد القضائي حيث اعتبر أن التعديلات الجديدة في ميدان الاختصاص القضائي أربكت اجتهاد المحاكم وتواتريته مشيرا إلى التناقض الموجود بين مستجدات الدستور الجديد خاصة فيما يتعلق بالحق في الولوج الى المعلومة وبعض النصوص القانونية أهمها الفصل 18 من قانون الوظيفة العمومية والفصل 446 من القانون الجنائي. وأضاف أن السياسة الجنائية والتطبيقات السيئة لقانون حماية الشهود وتعدد وانعدام التنسيق بين المتدخلين في مجال الوقاية وزجر الرشوة كلها عوامل تعمق من ضعف ردع الأحكام لهذه الظاهرة مؤكدا في الوقت ذاته بأن عدم قيام لأبناك ومراقبيها بتفعيل قانون تبييض الأموال انضاف إلى جمود وحدة المعلومات المالية وأثر على عمل محكمة الرباط في مجال مكافحة تبييض الأموال.