قال مصادر مطلعة إنه من المتوقع جدا أن تقتحم المفتشية العامة للمالية أسوار البرلمان لإجراء افتحاصات مالية على الوضع المالي بالمؤسسة بعد ظهور اختلالات ترتبط أساسا بشروط إبرام الصفقات والامتيازات الممنوحة لأشخاص دون آخرين في ما يتعلق بجدولة السفريات، والإلحقات والتوظيفات المشبوهة والتعويضات المبهمة. ويعهد للمفتشية العامة للمالية بإجراء تحقيقات بخصوص مصالح الصندوق والمحاسبة والنقود والمواد وكذا المحاسبين العموميين وبصفة عامة مستخدمي الدولة والجماعات المحلية والمؤسسات العمومية" للتأكد من صحة العمليات المدرجة في حسابات الآمرين بتسلم المداخيل ودفع المصاريف العمومية، وكذا في حسابات جميع المتصرفين. وقال محمد رضا إطار سابق بالمفتشية العامة للمالية: >إن دخول المفتشية العامة للمالية إلى البرلمان لإجراء افتحاصات عمليا ممكن، لكن أعتقد أن الحكومة لن تدفع في هذا الاتجاه لاعتبارات عديدة ومنها مبدأ فصل السلطة التشريعية عن السلطة التنفيذية، واستحباب ترك الأمر للنواب لحل مشاكلهم بأيديهم، فضلا عن كون القانون الداخلي لمجلس النواب ينص على تشكيل لجنة العشرين للقيام بهذا الدور< وأضاف في تصريح ل"التجديد":فلا بد إذن من حل الإشكال القانوني النظري المرتبط بحدود صلاحيات المفتشية العامة لأن البرلمان يفترض أن يحافظ على استقلاليته عن السلطة التنفيذية، فيجب أن نبت في هذا الإشكال المتعلق بمراقبة جهاز حكومي لجهاز تشريعي" . من جانبه قال عبد العزيز أفتاتي عضو سابق بفريق العدالة والتنمية وعضو لجنة العشرين في الولاية التشريعية السابقة >في رأيي الشخصي أعتقد أن أي جهة يرجع إليها اختصاص تحريك المفتشية العامة للمالية ستقوم بتوجيهها لأحد مجلسي البرلمان، لأن هذا العمل سيشكل استفزازا للبرلمان، وسيعتبر سابقة لمس المؤسسة في الصميم< وأضاف >والإشكال هنا ليس قانونيا أو إداريا وإنما هو إشكال سياسي في العمق، فرغم أن مجلسي البرلمان لا يتمتعان بالاستقلال المالي إلا أنهما يحرصان على التصرف وكأنهما يتمتعان بهذه الصفة..ثم كيف تقبل مؤسسة يرجع إليها اختصاص التشريع واختصاص مراقبة العمل الحكومي لمراقبة من تراقب<، مبرزا في الوقت ذاته أن مقتضيات النظام الداخلي لمجلس النواب تنص على ما له علاقة بصفة الاستقلال المالي للمجلس، ومن ذلك التنصيص على وجود محاسبين خاصين للمجلس ولجنة للعشرين مكلفة بمراجعة وتصفية الحسابات بالمجلس، وأنظمة خاصة للتسيير الإداري والمالي. وأوضح عبد العزيز أفتاتي أن رئيس مجلس النواب ومعه رئيس مجلس المستشارين لن يأخذ بمبادرة من هذا النوع لأنهما رفضا من قبل تيسير عمل لجنة العشرين بالمجلسين. وقال عبد العزيز أفتاتي: >أظن أن ما هو مطروح الان هو عمل مراقبة الالتزام بالنفقات، حيث تريد المفتشية أن تباشر عملها بمجلسي البرلمان كما تشتغل في سائر الإدارات العامة< مضيفا >وموضوع المراقبة يضم الجانب الإداري الذي تقوم به المفتشية العامة والجانب القضائي، وتتكلف به المحاكم المالية والمجلس الأعلى للحسابات، والجانب السياسي ويقوم به البرلمان<. ويعين مجلس النواب حسب المادة 43 من نظامه الداخلي بالتمثيل النسبي لكل فريق نيابي لجنة من خارج أعضاء المكتب تسمى لجنة العشرين تكلف داخل أجل شهر ابتداء من تاريخ التعيين بمراجعة وتصفية حسابات السنة المنصرمة وترفع تقريرها في هذا الشأن إلى المجلس. وكانت آخر لجنة شكلت تعود إلى السنة الثالثة من الولاية التشريعية السابقة، حيث حصل نقاش واسع حول التقرير الذي أنجزته. وعن ظروف عمل هذه اللجنة قال عبد العزيز أفتاتي والذي كان عضوا سابقا ب"لجنة العشرين" في الولاية السابقة > لقد كان هناك خلاف حول مشروع التقرير المعد من طرف اللجنة. إذ كانت هناك مقاربتين، الأولى عبرت عنها أغلبية أعضاء اللجنة الذين رأوا في التقرير أنه موضوعي ويعطي مصداقية للمجلس، ويقدم ملاحظات في الصميم تهم بعض الصفقات، وخلاصات حول التدبير الإداري والمالي ومسألة الدبلوماسية النيابية، والثانية كانت لرئيس اللجنة وهو من حزب الاتحاد الاشتراكي ولرئيس المجلس اللذين اعتقدا أن مشروع التقرير يمس بمصداقية المؤسسة، ومن تم قاما بحجزه ولم يقدماه لا لمكتب مجلس النواب ولا للجلسة العامة<. وأشار عبد العزيز أفتاتي إلى أنه من بين الأشياء التي لم ترق كل من رئيس اللجنة ورئيس مجلس النواب كانت تلك الملاحظات التي أبديت حول بعض الصفقات وموضوع الأسفار إلى الخارج والتي تبين من خلال جدول أعد في الموضوع أن هناك فرقا وأشخاصا استفادوا أكثر من غيرهم وخاصة الفريق الاتحادي، ورئيسه. وأبرز أفتاتي أن فريقه طالب من السنة الرابعة من الولاية التشريعية السابقة، بتشكيل لجنة العشرين طبقا للقانون لكن الرئاسة رفضت ذلك بدعوى التقرير السابق لم يقدم. وتساءل أفتاتي عن دواعي عدم تشكيل لجنة العشرين خلال هذه السنة، معتبرا ذلك بمثابة هروب واضح من المراقبة، وسلوك يؤجج الشكوك التي تحوم حول تدبير أمور المجلس وخاصة الجانب المالي منه. محمد أفزاز