ألقى أحمد عبادي الأمين العام للرابطة المحمدية للعلماء عشية يوم الجمعة الأخير برحاب كلية الشريعة المزار آيت ملول درسا افتتاحيا جامعيا ضمنه جملة من التساؤلات التربوية والروحية العميقة تحت عنوان «نظرات في منهجية القرآن الكريم المعرفية». واستهل المحاضر هذا الدرس الافتتاحي الذي حضره بالخصوص رؤساء المجالس العلمية المحلية وأطر وأساتذة الكلية فضلا عن جمهور غفير من الطلبة بالتشديد على أهمية التداول حول النص القرآني من موقع التساؤل حول المعاني الكامنة وراء الآية الكريمة «إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم» (سورة الإسراء)، واعتبر أن مدلول هذه الآية يكشف أن قابلية الهداية موجودة في النص القرآني وتساؤل الفرد «على الأخذ والنزع» بما يجعل المتدبر قادرا على الخوض في العلوم الشرعية بتعدد مشاربها ومقاصدها لاسيما وأن أولى آي القرآن الكريم جاءت تحض على فعل القراءة «اقرأ باسم ربك الذي خلق» (سورة العلق). وميز عبادي بين علوم التسخير التي عرفت نموا وانتشارا واسعين وعلوم التيسير التي شهدت نوعا من الفتور أو الوهن بسبب توقف الدارسين والمتدبرين للكتاب المسطور عن طرح التساؤل والاستفهام كما تنص على ذلك العديد من الآيات والسور القرآنية. وبعدما شدد على أن التحدي المطروح على الدارسين يكمن في قدرتهم «على استنباط الهداية» من النص القرآني باعتباره متضمنا لعدد لا يعد ولا يحصى من «العلامات والبصائر» أشار إلى أن «الإنسان» عكس باقي الكائنات جاء في القرآن كما إلى الكون «نكرة» لأنه ملزم بالبحث عن تعريف لموقعه ووجوده من خلال الكدح والمثابرة : «يا أيها الإنسان إنك كادح إلى ربك كدحا فملاقيه» (سورة الانشقاق الآية 6). واعتبر عبادي أن المنظومة التعليمية قد انغلقت في الحفظ والاستظهار وأعرضت عن القدرة على التسمية وتدبر فعل القراءة والمساءلة مؤكدا أن النص القرآني يحمل في كنهه جملة من القطائع ترقى إلى مستوى «زلزال قرائي» من خلال تشديده الدائم على إعمال العقل والتدبر من أجل الاستنباط والاكتشاف ومن ثم الوصول إلى الهداية.