كانت الرحلة من مطار بروكسل حيث كنت في زيارة عائلية دامت بضعة ايام ومن هناك استقلت طائرة شركة النقل..الصينية في رحلة دامت من الساعة الثانية بتوقيت بلجيكا( جرينيتش+2) الى الساعة 5والنصف حيث حطة بنا الطائرة في مطار بيكين . الرحلة عن طرق إحدى مطارات دول الخليج تستغرق وقتا أطول، ليس فقط باحتساب وقت التوقف وتبديل الطائرة في حين أن الرحلة مباشرة إلى بيكين من بروكسيل، ولكن لكون مسار الرحلة من بروكسيل حيث تتجه الطائرة شمالا قبل أن تدلف في اتجاه دول أوروبا الشرقية وروسيا إلى أن تدخل الأراضي الصينية التي تكاد تكون قارة بكاملها . ومن مطار بيكين كان علينا أن نتجه إلى مدينة نينشوان في منطقة نينشيا ذات الحكم الذاتي حيث تنعقد الدورة الثالثة للمنتدى الاقتصادي والتجاري بين الصين والدول العربية ومعرض الاستثمار والتجارة الدولية. ومنطقة نينشيا هي احدى المناطق الخمسة التي تتمتع بحكم ذاتي في الصين للأقليات القومية في الصين وهي من المناطق التي توجد فيها أقلية وهي قومية مسلمة تقدرها السلطات الصينية بحوالي مليونين و300 الف لا يجري عليهم قانون تحديد الولادات المعمول به في الصين وتعرف بمواردها الزراعية والطاقة والسياحية وعاصمتها "تشوان" التي تعتبر مركزا سياسيا واقتصاديا على مستوى المنطقة ومن المعالم التاريخية والسياحية للمنطقة سور الصين العظيم وطريق الحرير العريق وآثار شوي دونغفو في مدينة لينغ والتي تعود للعصر الحجري القديم ومقابر ملوك مملكة سيشيل التي ترجع الى ما قبل 9 قرون وتوجد بها منطقة "شاهو" السياحية التي تعتبر من أصل 35 منطقة في الصين ومنطقة شابوتو التى حازت على جائزة الأممالمتحدة في مكافة التصحر. استقبال رسمي وحفاوة منقطعة النظير فوجئت بالحفاوة البالغة التي تم التعامل بها معنا حيث استقبلنا استقبالا رسميا وتم التعامل معنا بكامل البروتوكول الذي يخصص للشخصيات الرسمية وقد يكون ذلك راجعا ليس فقط لصفتي نائبا لرئيس مجلس النواب حيث كان في رفقتي دوما نائب رئيس المجلس الاستشاري للمنطقة مما يدل على الحرص الكبير لدى الصينيين في مراعاة توازي الأشكال في البروتوكول ولكن ربما أيضا لصفتي الحزبية باعتباري عضوا بالأمانة العامة لحزب العدالة والتنمية أي الحزب الذي يرأس الحكومة بالنظر إلى مكانة الحزب لدى الصينيين ، حيث الحزب الشيوعي أساسي في النظام السياسي وفي نظام الدولة بل إنه مركز الرحى في الدولة , كان استقبالا احتفاليا جميلا ومدهشا بباب المطار . وكانت كل جزئيات البروتوكول مرعية ولعل الأمر مزروع في ثقافة الصينيين والشعوب الشرقية الآسيوية، أي لطافة الحديث ولطافة الاستقبال. وبالعودة إلى المنتدى والمعرض فإن المنتدى والمعرض يأتيان تنفيذا لتوجيهات اللجنة المركزية وحكومة المنطقة لتسريع تنفيذ استراتيجية الانفتاح على الدول العربية والدول الإسلامية الأخرى وتعزيز التعاون الاقتصادي والتجاري بينهما وتطوير دور استراتيجية الديبلوماسية العامة في الصين عامة وفي الإقليم خاصة، حيث يعتبر المنتدى ورشة ضخمة للبحث والتدارس حول سبل تطوير العلاقات التجارية والاستثمارية ودراسة وبحث كل ما له صله بهما من قوانين وفرص وعوائق . إن الصين اليوم تشتغل على جميع الواجهات وتطبق بحماس وفاعلية سياسة الانفتاح ولها في ذلك مقاربات استراتيجية مدروسة ، ولعل الانفتاح على العالم العربي والإسلامي من خلال منطقة نينغيشيا والتعريف بالصين بها ومن خلالها هو أحد وجوه الاستراتيجية المذكورة ، ولذلك فإنه بالإضافة على المنتدى بورشاته وندواته والمعرض التجاري ، والذي يظهر أنه أعد إعدادا منقطع النظير وأحيط بكامل شروط النجاح وجند له طاقم بشري كل واحد منهم قد علم مهمته ورسالته يفعل ذلك بطريقة نضالية أو يفعله انطلاقا من ثقافة العمل والإنجاز التي يبدو أنها مترسخة لدى الإنسان الصيني . بعد الوصول ومراسيم الاستقبال الرسمية بالإضافة الى ذلك كله هناك المتاحف التي هي فرصة لتقريب الزوار من تاريخ المنطقة ورصيدها الطبيعي والتاريخي والفني، وهناك العروض الفنية الرائعة لتكمل الصورة وتعطي التظاهرة بعدا جماليا رائعا. قبل أن نعقد أي لقاء رسمي وأن تعرض علينا التصورات والخطط والبرامج والانجازات كان هناك المتحف والعرض الفني قد قالا كلمتهما وبلغا رسالتهما . (يتبع)