من المساجد العلوية الجميلة مسجد دار البديع أو مسجد البخاريين، أو حرس السلطان. يوجد هذا الجامع وهو لا بالكبير ولا بالصغير وتقام به صلاة الجمعة إلى الآن بدرب دار البديع بحي القصبة بمراكش جداره ملتصق بجدار القصر الملكي بالمشور من الجهة الخلفية، ويعرف عند أهل الحي بجامع «جمال عماري» نسبة إلى أحد أئمته الذي كان أيضا خطيبا ومدرسا بالمدرسة التي داخله. تصل إليه عبر ممرات ضيقة قادما إليه من حي قصيبة النحاس، ولا يوجد مخرج عند الدخول إلى الدرب إلا بالعودة من حيث أتيت. أقامه السلطان العلوي محمد بن عبد الله على بعد أمتار من قصره ، وفيه صحين قبل الصحن مثلث الشكل يبدو إلا غاية منه سوى جعل الصحن اللاصق به يكون مربعا. وفي الصحين توجد مراحيض للاستفراغ، وفي الجهة المقابلة غرفة تستعمل كمسجد للنساء وتقام فيها اليوم دروس لمحو الأمية، إلى جانبها غرفة صغيرة تجمع بعض حاجيات المؤذن. وبجدار الصحين الخارجي توجد سقاية لم تعد مستعملة. اما الصحن فجدرانه البيضاء بها سقيفة مكسوة بالقرميد الاخضر مستندة إلى نتوءات الإفريز، ووسط الصحن نافورة صغيرة للوضوء وفي الجانب شجرتان من الزنبوع، وبالجدران أربعة أبواب يؤدي الأول إلى الصحن المثلث، ويقابله آخر يفتح في المسجد عبر قوس داخله، تؤطره نوافذ معماة ولا توجد بها عنزة كما هو معتاد في المساجد الكبرى. وفي الغرب باب يؤدي إلى صحين آخر، به سبع غرف خاصة بالطلبة هي الآن مغلقة، وعقدها المزخرف تؤطره ثلاث صفائح جبسية يتعذر قراءة ما بها من نقوش. وفي الشرق يؤدي الباب المقابل إلى غرف ثم المئذنة وتستعمل الآن كمنزل للإمام وإلى فتحة يمر منها السلطان مباشرة من قصره إلى المسجد. وقد اختفت صفائح هذه الفتحة وضاعت نقوشها، وحلت محلها زخرفة سعفية غزيرة في باطن العقد وفوق جبهة البناء. ويدخل من هذا الباب درج المئذنة الضيق عبر ممر كثير به من المنعطفات، ويعلو المئذنة سقف هرمي مكسو بالقرميد الأخضر. أما الصومعة فهي قصيرة مكسوة بالقرميد وتوجد في الجهة الشرقية الشمالية تعلوها قطع من الجامور، وشيد فوقها طير بلارج عشه. وأحسن ما في المسجد مصلاه، ويتكون من بلاط معترض يقع أمام المحراب ويحيط به ممشى، ولئن كان المحراب عاديا، فإن النجارة والصباغة التي في القبة الكبرى وفي السقوف المسطحة المحيطة بها ، كل ذلك توفق فيه اصحابه توفيقا أنيقا. وفي جدار المحراب وعلى طول شريط في السقف كتبت نقوش بها عبارة «العافية الباقية». زرنا الجامع يوم الجمعة صباحا ووجدنا شباب الحي يجهزه للصلاة، وبما أن مساحته لا تكفي للمصلين، فقد اضطروا إلى استعمال ممر يوجد خارجه.