يوجد مسجد مولاي اليزيد في قلب الحي الشعبي القصبة بمراكش، وهو غير بعيد عن مسجد الكتبية، ومجاور للإقامة الملكية الحالية ، تصل اليه عبر زقاق ضيق من أزقة المدينة القديمة داخلا اليه من «باب أكناو» البديع الصنع، قبل أن تفاجأ بساحة كبيرة تمتد على طوله جدار المسجد، والى جانبه عدد من المآثر التاريخية أهمها قبور السعديين. يعتبر هذا الجامع من اكبر المساجد في المدينة بمساحة تقدر بحوالي 6500 متر مربع، وأحسنها هندسة ورونقا، وقد سمي على مر التاريخ بأسماء متعددة منها جامع المنصور نسبة إلى مؤسسه يعقوب المنصور الموحدي ، أو جامع القصر، أو الجامع الأعظم الأعلى أو الجامع الكبير أو الجامع الأعلى، ويحلو للمراكشيين الآن أن يسموه مسجد مولاي اليزيد رغم أنه اشتهر سابقا بمسجد القصبة. الداخل أليه يشعر بطمأنينة كبيرة جدا تزيد بزيادة سقفه العالي جدا. كان فألا حسنا على المسلمين الذين كانوا يستعدون عند بداية تشييده سنة سنتي 581ه للإبحار إلى الأندلس لخوض المعركة الشهيرة «غزوة الأرك»، فلما رجعوا وجدوه قد شيد في أحسن صورة، ففرحوا بنصرهم، وفرحوا ببناء الجامع الأعظم أيما فرح، وقد أنفق فيه مؤسسه على مدى خمس سنوات أخماس غنائم المعركة. وللجامع الحالي أربعة أبواب عمومية، في حين ذكر المؤرخون أنه كان له سبعة ابواب وباب خاص بالسلطان ، عندما تصل إلى قاعة الصلاة تجد أحد عشر بلاطا تعامد حائط القبلة، وعرضها ثلاث سقائف اخرها على هيئة البلاط، تعلوها ثلاث قباب واحدة امام المحراب، والثاني والثالث عن يمينه ويساره، وما تبقى من الساحة صحن عظيم.أما واجهة المسجد فعلى قدر من الضخامة، تتوجها شرفات مسننة، وهي مقسمة على عدد البلاطات بداخل الجامع، وذلك بابراز انكسار أقواسه ، وتحيط بهذه الاقواس أعمدة مثقلة بالنقوش. أما محراب الجامع فهو واسع عريض ، يقوم على أربعة أعمدة من حجر كريم، تعلوها أحجار أموية بديعة، وبه اربعة اعمدة أخرى منتصفة تحمل الإطار الفخم للقوس، عليها تيجان، مثلها تحمل إطار العقد ولوحة المحراب، والإطار غاية في الفخامة. اما المنبر فكان عبارة عن قطعة اثاثية جليلة ، وهو أقل مهابة وضخامة من منبر الكتبية، فهو من البساطة وزخارفه الزهرية. وقد شيدت المئذنة في الركن الشمالي الغربي من الجامع، مربعة القاعدة ضلعها 8,8 متر، ملساء إلى حدود سقف الجامع، ومزخرفة بعد ذلك إلى القمة، حيث افريز من الخزف يسطع نورا، نحفه عصابتان افقيتان، على كل جهة ثلاث عقود مفصصة، تقوم على أعمدة وتيجان مزخرفة، وتحيط بثلاث نوافد مصطفة في خط واحد.كل هذا الجمال وكل هذا الاشعاع أغاظ بعض أسارى النصارى الموجودين في المدينة وارادوا بالجامع والسلطان شرا ، في سنة 981ه حفروا في خفية تحت الجامع حفرة ملؤوها بالبارود ووضعوا فيها فتيلا تسري فيه النار على مهل كي ينقلب الجامع بأهله وقت الصلاة، فانهدمت القبة الواسعة وانشق مسارها شقا كبيرا ما زال ماثلا إلى الآن، وقد جدد الجامع في عهد السلطان محمد بن عبد الله ثم السلطان مولاي عبد الرحمان، وهو الآن مغلق في وجه العموم وتجري فيه الآن أشغال ترميم عظيمة، تشمل ترميم الواجهة الجنوبية للمسجد، وترميم الأسقف والقباب وتدعيم أرضية وجدران المسجد، وترميم العناصر الزخرفية على الخشب والجبص، وتأهيل الشبكة الكهربائية والصوتية، كما يتم تهيئة الساحة المجاورة له بخلق مناطق خضراء وتجهيز النافورات وتزويدها