رجح خبراء عسكريون ومتخصصون في شؤون الجماعات الإسلامية بمصر وقيادات فلسطينية وجود «أصابع إسرائيلية» متورطة في الهجوم الدموي على قوات حرس الحدود المصري في شمال سيناء، بينما اتهمت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة الكيان الصهيوني بالمسؤولية عن الهجوم الإرهابي الذي خلف 18 قتيلا و7 جرحى من العسكريين المصريين أثناء تناولهم الإفطار. وكان هجوم إرهابي مسلح نفذه مسلحون، مساء أول أمس، قد استهدف مركزا أمنيا في مدينة رفح على الحدود المصرية مع قطاع غزة. وحمل الهجوم الإرهابي العديد من المفارقات منها دعوة الكيان الصهيوني مواطنيه قبل 3 أيام من الحادث، بمغادرة سيناء «فورا» خوفا من وقوع هجوم «إرهابي» محتمل، وفي صباح اليوم التالي، قال مصدر أمني مصري ردًا على التحذيرات «الإسرائيلية»: إن سيناء آمنة تماما!. وأكد الخبراء ل«وكالة أنباء الأناضول التركية» أن «إسرائيل» تستهدف من ذلك ضرب التسهيلات التي حصل عليها قطاع غزة مؤخرا من الرئاسة المصرية، ومحاولة تعديل اتفاقية كامب ديفيد بين مصر و»إسرائيل» لإقامة منطقة عازلة تخدم الاستراتيجية الأمنية «الإسرائيلية» الجديدة. واستند الخبراء فيما ذهبوا إليه من تورط «أصابع إسرائيلية» في العبث بالملف الأمني في سيناء إلى إطلاق رئيس الوزراء الصهيوني بنامين نتنياهو تحذيرا لرعاياه من دخول الاراضي المصرية. وقال إبراهيم الدراوي مدير مركز الدراسات الفلسطينية: «إن ما حدث على الحدود المصرية هو عملية استدراج لقيادة المصرية لتعمل ضد القضية الفلسطينية، فهي عملية حرق لاستراتيجية التعامل المصري الفلسطيني التي أقرها الرئيس محمد مرسي خلال الفترة الأخيرة». واتهم الدراوي «المخابرات الإسرائيلية وقال إنها ليست بعيدة عن العملية التي شهدتها الحدود المصرية حيث إن بعض القيادات الإسرائيلية كشفت خلال الفترة الأخيرة عن وجود لها في سيناء وإنها تملك من الخيوط والمعلومات ما مكنها من اختراق الأجهزة الأمنية». إحباط تعديل الاتفاقية ومن جانبه، رأى الخبير العسكري طارق الحريري «أن المخابرات الاسرائيلية ليست بعيدة عن العملية رابطا بين تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو وبين الهجوم». وقال: «إن اسرائيل تريد من تلك العملية أن تتخذها ذريعة تؤكد من خلالها أن الحدود مع مصر غير آمنة» وبالتالي يمكنها إحباط المساعي المصرية لتعديل اتفاقية كامب ديفيد (اتفاقية السلام الموقعة بين مصر وكيان الاحتلال عام 78) وجعلت سيناء منطقة مفتوحة ومرعي للعدد من الجماعات الإرهابية التي تحمل لصالح عدد من المخابرات الاجنبية بما فيها المخابرات الإسرائيلية». ويرى الحريري أن البعض استغل حالة الراحة التي أصابت الجيش المصري لعدم وجود عملية داخلية منهكة وهو ما أدى إلى حالة من التراخي في صفوف الجيش وعدم التركيز على النقاط القوية للمراقبة والتعامل داخل سيناء. منطقة عازلة أما الدكتور طارق فهمي الخبير في الشؤون الصهيونية فقد اتهم تل أبيب صراحة بتدبير هذه العملية وقال: «خلال ال24 ساعة الماضية اتخذت إسرائيل مجموعة من الإجراءات منها تحذير رعاياها من دخول مصري وهذا ما حدث قبل تفجيرات شرم الشيخ وطابا في عام 2005 حيث إن في تلك الفترة يوجد ما يقرب من 35-40 ألف سائح إسرائيلي في سيناء، كما طالبت إسرائيل قبل 12 ساعة من الحادثة فتح معبر كرم أبو سالم المغلق منذ شهور». ودلل فهمي على تورط «إسرائيل» بأن التلفزيون الإسرائيلي أول من بث صور للتفجيرات كما أن إطلاق النيران يؤكد وجود حالة من الاستعداد المسبق. وفي معرض تفسيره لأهداف «إسرائيل» من تلك العملية قال «إن تل أبيب تريد دخول سيناء واحتلال من 5 إلى 10 كليو متر داخل سيناء لتحولها لنقطة عازلة يبدأ بعدها التفاوض علي اتفاقية كامب ديفيد، خاصة وأن إسرائيل أعدت بنود اتفاقية جديدة منذ 4 سنوات لزيادة حماية الأمن القومي لإسرائيل والسماح باختراق الاجواء المصرية وتقليص عدد الجنود المصريين». يشار إلى أن مكتب مكافحة الإرهاب في الكيان الصهيوني قد دعا الخميس الماضي جميع السياح «الإسرائيليين» في شبه جزيرة سيناء المصرية إلى مغادرة المنطقة على الفور لاحتمال تعرضها لهجمات إرهابية، وقال المكتب: إن التهديد «ملموس وكبير للغاية»، وحذر البيان من خطورة السفر إلى سيناء خلال الأيام المقبلة. وأشار البيان الصهيوني، إلى أن هناك معلومات مؤكده وصلت للهيئة تفيد بنية عدد من المنظمات الفلسطينية الموجودة في قطاع عزة وبالتعاون مع عدد ممن أسمتهم ب»المنظمات الإسلامية في سيناء» بالتخطيط لاختطاف وقتل عدد من السائحين «الإسرائيليين» ممن ينوون القدوم إلى سيناء خلال الأشهر المقبلة مع بدء الاحتفال بالأعياد اليهودية. فيما صرح مصدر أمني مصري صباح الجمعة، أن شركات السياحة «الإسرائيلية» الخاسرة هي من تقف وراء دعوة «إسرائيل» لجميع السياح «الإسرائيليين» في شبه جزيرة سيناء المصرية بمغادرتها، وقال المصدر: «جرت العادة في إسرائيل على قيام شركات السياحة بترديد تلك الشائعات والمزاعم لكى تبقي على السياح الإسرائيليين في إسرائيل بدلا من توجههم إلى سيناء مما يكبد هذه الشركات خسائر فادحة»، وفق ما ذكرت «بوابة الأهرام» المصرية. إخلاء قبلي للمعبر في السياق ذاته، توقّع الخبير العسكري المصري العميد صفوت الزيات بتورط الكيان الصهيوني في عملية الهجوم، بهدف زعزعة الأوضاع داخليا في مصر وزعزعة الاستقرار في العلاقات بين مصر وغزة خاصة بعد توطد العلاقات بزيارة وفد حماس برئاسة خالد مشعل ورئيس الحكومة الفلسطينية اسماعيل هنية. وشدد الزيات في تصريح ل»المركز الفلسطيني للإعلام» على احتمالية تورط الكيان في العملية، مضيفا: «كل المؤشرات تؤكد تدخله (الكيان) في العملية»، وتساءل: «ما معنى أن تقوم «إسرائيل بإخلاء معبر كرم أبو سالم من موظفيها قبل ساعات من الهجوم على الجيش المصري». وكان حزب البناء والتنمية، الذراع السياسيّة للجماعة الإسلاميّة المصرية، قد أَبدَى تشككه في إمكانية ضلوع المخابرات الصهيونية (الموساد) في الهجوم المسلح الإجرامي. وأكد الدكتور طارق الزمر في تصريحات صحفية أن الحادث يقف وراءه جهاز المخابرات الصهيونية، قائلاً: «المخابرات والجهات الصهيونية تدير أحداث عنف في سيناء بهدف حدوث تعديلات على وجودها على الحدود المصرية»، مرجحاَ أن تكون المخابرات الصهيونية دربت عناصر من البدو للقيام بهذه العمليات. وأوضح أنه من المتوقع أن تكون جهات مرتبطة بالنظام السابق والرئيس المخلوع، تريد أن تؤكد أن الإطاحة بمبارك سينتج عنها توتر في العلاقات «المصرية الصهيونية»، مضيفاً: «لا أستبعد أن يكون هناك بعض الجهات المرتبطة بتنظيم القاعدة تريد أن تقول من خلال هذه الأحداث أنها ترفض التحولات السياسية في مصر، وترفض حكم الدكتور محمد مرسى لمصر، وتجد في عدم الاستقرار هدفاً لها». حكومة غزة و"حماس" من جهتها، اتهمت الحكومة الفلسطينية في قطاع غزة وفصائل فلسطينية الكيان الصهيوني بالمسؤولية عن الهجوم على قوات حرس الحدود المصري، في شمال سيناء. وقالت وزارة الداخلية في بيان أصدرته إن «إسرائيل» هي التي «تعبث بأمن مصر وتنشر الفتنة والوقيعة بين الشعب المصري وأهالي قطاع غزة». وأكدت أن الحكومة قررت إغلاق كافة الأنفاق الممتدة على الحدود المصرية، ومنع أي محاولة للتسلل إلى غزة، وقالت: «الحدود مع مصر محمية ومؤمنة من قبلنا، ونعتبر الأمن القومي المصري من أولوياتنا». وأضاف البيان «نرفض رفضًا قاطعًا الزج بقطاع غزة في هذه الأحداث المؤسفة دون تحقق أو تحقيق في محاولة لتأليب الشارع المصري على غزة». بدوره، ألمح د. موسى أبو مرزوق نائب، رئيس المكتب السياسي لحركة المقاومة الإسلامية «حماس» في تصريحات له على صفحته على ال»فيسبوك»، إلى تورط الكيان الصهيوني في جريمة الاعتداء على الجنود المصرين. وأوضح: «حادثة القتل البشعة لجنود مصريين على مائدة الافطار، ثم قصف مجموعة القتلة بطائرات اسرائيلية، ومن قبل ذلك تسريبات اسرائيلية بانعدام الامن في سيناء و الإنذار بهجوم وشيك على الحدود المصرية ومنع السياح من القدوم الى سيناء، اشارات واضحة على ان هناك اختراق في تلك المجموعات التي نفذت الهجوم مع علم مسبق عند العدو الصهيوني».