من أسماء الله جل وعزّ "الحكيم"، وقد ورد في القرآن الكريم في مواضع كثيرة مقترنا في أغلبها باسمه العزيز كقوله تعالى: (لا إِلَهَ إِلا هُوَ العَزِيزُ الحَكِيمُ). كما ورد في السنة النبوية ومن ذلك ما رواه مسلم من حديث سعد بن أبي وقَّاص رضي الله عنه قال: "جاء أعرابي إلى النبي (صلى الله عليه وسلم) فقال يا نبي الله علمني كلاماً أقوله قال قل لا إله إلا الله وحده لا شريك له الله أكبر كبيراً والحمد لله كثيراً وسبحان الله رب العالمين لا حول ولا قوة إلا بالله العزيز الحكيم قال فهؤلاء لربي فما لي قال قل اللهم اغفر لي وارحمني واهدني وارزقني". معناه: الحكيم من الناس(كما ورد في لسان العرب) هو الذي يُحْكِمُ الأَشياء ويُحْسِنُ دقائق الصِّناعات ويُتقنها، ويقال للرجل إِذا كان حكيماً قد أَحْكَمَتْه التجاربُ. والحكمة: هي القول السديد والعمل الرشيد والتدبير الأمثل. ومن معانيها: المنع، ومنه حكمة اللجام وهي الحديدة التي توضع في فم الفرس لتمنعه من الجموح.. والحكيم سبحانه وتعالى هوالموصوف بكمال الحكمة، فالحكيم هو واسع العلم، والاطّلاع على مبادئ الأمور، وعواقبها، واسع الحمد تام القدرة غزير الرحمة، فهو الذي يضع الأشياء مواضعها، وينزلها منازلها اللائقة بها في خلقه، وأمره، فلا يتوجه إليه سؤال، ولا يقدح في حكمته مقال. وحكمته نوعان: أحدهما: الحكمة في خلقه فإنه خلق المخلوقات كلها بأحسن نظام، ورتبها أكمل ترتيب، وأعطى كل مخلوق خلقه اللائق به. النوع الثاني: الحكمة في شرعه وأمره، فإنه تعالى شرع الشرائع، وأنزل الكتب وأرسل الرسل ليعرفه العباد، ويعبدوه، قال تعالى: } وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإنْسَ إِلا لِيَعْبُدُونِ * مَا أُرِيدُ مِنْهُمْ مِنْ رِزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَنْ يُطْعِمُونِ * إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ{.(كما قال الشيخ السعدي في شرحه للأسماء الحسنى بتصرف يسير). والحَكِيمُ يجوز أَن يكون بمعنى حاكِمِ مثل قَدِير بمعنى قادر وعَلِيمٍ بمعنى عالِمٍ، ولذلك وجّه بعضهم قراءة الكسائيّ قوله تعالى أَنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ بالفتح على أنه مُحَوَّلٌ من فاعل للمبالغةِ ،واستدلوا على ذلك بقول الأعرابي حين سمع الأصمعي وقد سها يقرأ "والسارقُ والسارقةُ فاقطعوا أيدَيهما جزاءً بما كَسَبَا نكالاً من الله والله غفور رحيم" خطأً وكان قد سها، فنبهه الأعرابيّ إلى الصواب وهو "والله غفور رحيم". ثم قال هكذا يكون : عَزَّ فحكم فقطع » فَفَهِمَ من حكيم أنه محولٌ للمبالغة من «حاكم». (يتبع) (أستاذ علم القراءات بكلية الآداب بعين الشق - الدارالبيضاء)