وصفها ابن خلدون بأنها «إحدى نساء العالم المشهورات بالجمال والرياسة» وكتب عنها ابن الأثير في الكامل بأنها «كانت من أحسن النساء ولها الحكم في بلاد زوجها ابن تاشفين»وقال عنها صاحب الاستقصا يصف علاقتها بيوسف ابن تاشفين « كانت عنوان سعده، والقائمة بملكه، والمدبرة لأمره، والفاتحة عليه بحسن سياستها لأكثر بلاد المغرب». زينب بنت إسحاق النفزاوية، من قبيلة نفزة، من بربر أمازيغ طرابلس الغرب وكان والدها تاجرا من تجار القيروان. تزوجت وانتقلت إلى أغمات، وطلقت عدة مرات، فتزوجها يوسف بن تاشفين اللمتوني سنة 454 ه، الذي يعتبر المؤسس الفعلي لمدينة مراكش، وتذكر كتب التاريخ أن زينب كان لها دور كبير في إرساء دولة المرابطين. كانت لها زيجات متعددة حتى أنها لقبت بزوجة الملوك، كانت أولى هذه الزيجات بأحد حكام أغمات الذين يختارون سنويا، ثم أصبحت من بعده زوجة لأمير أغمات لقوط بن يوسف، ويقال إنها تزوجت بالأمير أبي بكر بن عمر فشرع في تشييد مراكش لتقيم بها ولما عزم على خوض حروب جهادية في أفريقيا جنوب الصحراء لم يشأ أن يتركها معلقة أو أن يأخذها معه إلى الصحراء لعدم استطاعتها العيش هناك، فطلقها وقال لها: إني راجع إلى الصحراء وأريد الجهاد بالسودان، ولعلي أرزق بالشهادة، فلا أحملك ما لا تطيقين. ويُذكر أنه أوعز لابن عمه يوسف بن تاشفين قائد جيوش المرابطين الشمالية أن يتزوجها، وقال له إنها امرأة عاقلة. وارتحل أبو بكر راجعا إلى الصحراء سنة 453ه/1061م فتزوج يوسف زينب، وأعانته برأيها وحصافتها وحسن تدبيرها، وكان يستشيرها في أموره ويتبع ما تشير به عليه. ولما عاد أبو بكر إلى المغرب مرة ثانية سنة 465ه/1073م وكان ملك ابن تاشفين وسلطانه قد بدأ يقوى بالمغرب، فأحس ابن عمر أن في الأمر تهديدا للجناح الجنوبي من دولة المرابطين. فنزل أبو بكر بمدينة أغمات القريبة من مراكش، وبعث يستحضر ابن تاشفين غير أن هذا الأخير لم يعد يرغب في أن يظل تابعا لابن عمه أبي بكر. استشار ابن تاشفين زوجته زينب النفراوية في كيفية الاستقلال عن زوجها السابق، فقالت له «إن ابن عمك رجل متورع فإذا لقيته فقصر عما كان يعهده منك من الأدب والتواضع، وأظهر له أنك مساو له ومماثل، ولاطفه مع ذلك بالأموال والهدايا، فإنه يسلم لك». فعمل يوسف بما أشارت به زينب من عدم التواضع لأبي بكر وإظهار الترفع عليه والاستكثار من الهدايا والخروج إليه بجيش جرار. فقد سلم يوسف على أبي بكر وهو راكب، ولم ينزل له كما كانت عادته. ولما شاهد أبو بكر أسلوب ابن عمه في التعامل معه نظر إلى عدد كبير من الإبل موقورة قد أقبلت، فقال: ما هذه الإبل؟ قال أيها الأمير: جئتك بكل ما معي من مال وثياب وطعام لتستعين به على عيش الصحراء. فأدرك أبو بكر أن المغرب قد أفلت من يده، وأنه لا سبيل إلى منازعته. وكان ذلك بفضل استشارة زينب النفراوية.