السكان يهتفون باسم الملك و "طيبوبة" غير معهودة ظهرت على من تبقى من مسئولين وموظفينصيف حار عاشه اقليمالحسيمة هذه الأيام بع الغضبة الملكية التي عصفت بالعديد من المسؤولين بالمنطقة، على إثر توصل جلالته بشكايات من السكان، عبر ديوانه أو خلال لقائه بالمواطنين بشكل مباشر خلال تجواله في المدينة.حرارة الصيف وحجم الحدث غير المسبوق، دفع "الصباح" إلى الانتقال إلى المدينة لرصد ردود فعل المواطنين حول هذه الإعفائات، والوقوف على بعض أسبابها الخفية وانعكاسات ذللك على السكان... "الله يخلي لينا سيدنا " كلمة يرددها سكان الحسيسة ليل نهار تعبيرا منهم عن امتنان وشكر خاص لجلالة الملك على العناية التي يوليها لمنطقة الحسيمة التي كانت مهمشة حتى وقت قريب، وكذا على الإعفاءات التي طالت مسؤولين وموظفين بعدة مصالح بالإقليم. الثلاثاء الأسودالساعة تشير إلى الحادية عشرة من يوم الثلاثاء الماضي أو الثلاثاء الأسود حسب المسؤولين المعفيين، والأبيض حسب المواطنين. الجو معتدل بالمدينة والحرارة لا تتجاوز 26 درجة، سكان المدينة وزوارها يستمتعون بشواطئ المدينة الجميلة. فجأة ارتفعت حرارة المدينة وتغير كل شيء، بعد أن انتشر خبر إعفاء مجموعة من المسؤولين بالمدينة من مهامهم.انتشر الخبر كالنار في الهشيم بين السكان، وبدأت أولى الأخبار تصل إلى المسؤولين المعنيين، كان أولهم المراقب العام رئيس المنطقة الأمنية بالمدينة. الخبر خلف ارتياح بعض السكان، وعلى الفور بدا النبش في تاريخ ومخالفات الرجل بالمدينة. "عندوواحد الولد ضاسر. عندو موطور كبير ديما محيح به" يقول أحد المواطنين مباشرة بعد سماعه خبر إعفاء رئيس المنطقة الأمنية، قبل أن يضيف رجل ثان كان جالسا على مقربة منه بمقهى وسط المدينة ، "هاذاك الولد دار كسيدة شي عشر أيام دابا، كان راكب على سيارة ودخل في سيارة ثانية وأصاب بائعا متجولا كان بمكان الحادث". النبش في ماضي الرجل أو على الأصح ماضي ابنه لم يتوقف عند هذا الحد، فقد تحدث آخرون عن مغامراته مع رجال الشرطة، إذ أكد أحدهم أنه "كان يوقف بعض سيارات الأمن ويطلب من السائق إيصاله إلى المنزل، ويتباهى بذلك أمام أقرانه"، كما أنه كان كثير التردد على مقر المنطقة الأمنية. "منى كتطيح البقرة كيكترو الجناوي"، يقول أحد المواطنين كان يتابع هذا الحديث عن قرب، محاولا ثني أعضاء المجمع عن "النميمة" في الرجل، الذي كان حسبه "راجل مزيآن كيتعاون مع الجميع". بين الفينة والأخرى كان يظهر إسم جديد من بين الأسماء المعفية، وكان الدور هذه المرة على رئيس قسم الشؤون العامة وباشا وقائد وخليفة قائد، والذين ابتهج العديد من السكان برحيلهم، لاعتبارات شخصية أو عامة. ́البناء العشوائي سبب إبعاد هؤلاء المسؤولين من مناصبهم ́ يقول أحد الفاعلين الجمعويين بالمنطقة، قبل أن يضيف بأن هناك إقامات تتجاوز بناياتها الثلاث طوابق، مع أن القانون لا يخول أصحابها سوى بناء طابقين، علاوة على خروقات أخرى في مجالات عديدة. الإعفاءات والتوقيفات والإشاعات لم تتوقف طيلة ذاك اليوم، فكل خمس دقائق كان يظهر اسم جديد، قد يكون بالفعل أوقف وتارة أخرى يكون ذكره مجرد إشاعة أو أمنية لسكان المنطقة. ضمت اللائحة رئيس المركز الجهوي للاستثمار. وكان أبناء الجالية المقيمة بالخارج أكثر الناس سعادة بهذا القرار، فالرجل ظل، حسب أحدهم، ́يماطل في المصادقة على مشاريعهم لأسباب مجهولة ́، لكن شخصا أخر من أبناء المدينة اعتبر أن تفسير الواضحات من المفضحات، وأن الرجل كان يتأخر في المصادقة على الملفات لأغراض يعلمها الجميع."راه حيدو مدير الجمارك' يقول أحد المواطنين بالمدينة خلال حديثه بواسطة هاتفه المحمول، قبل أن تظهر ابتسامة عريضة على محياه، ويضيف خلال المكالمة الهاتفية نفسها "دابا جميع المشاكل غادي تحل" ́ المشاكل التي يتحدث عنها الرجل مرتبطة بالأساس بقضية تعشير السيارات القادمة من الخارج وكذا الدراجات المائية التي يتطلب تعشيرها مسطرة شاقة، قد تدفع من أدخلها معه من الخارج إلى إعادتها إلى بلد المهجر مرة ثانية. شكايات المواطنينلم يقتصر تداول الأخبار على المواطنين بل عمت العدوى بعض المسؤولين الذين لم تتوقف هواتفهم المحمولة عن الرنين طيلة ذاك اليوم والأيام التي تلته. وفي كل رنة كان الواحد منهم يضع يديه على قلبه مخافة أن يتم إخباره بقرار إعفائه. غير أن السؤال الذي بقي مطروحا، ما هو سبب هذه الإعفاءات التي طالت العديد من المصالح في خطوة هي الأولى من نوعها في تاريخ ألمملكة الحديث؟ ́"سيدنا الله يخليه لينا هو الذي اتخذ هذه القرارات" ́ يقول رجل في الأربعينات من عمره بثقة كبيرة في النقس، قبل أن يضيف ́راه سيدنا دار جولة في المدينة وسول مجموعة من المواطنين واعرف طبيعة المشاكل التي تعيشها المنطقة واتخذ القرار اللازم" ́. شبه إجماع من قبل السكان على أن عاهل البلاد هو الذي كان وراء اتخاذ هذه القرارات، وإن كانت قلة قليلة منهم تعتبر أنه من الصعب أن يجمع الملك، بصفة شخصية، جميع هذه المعلومات خلال مقامه بالمدينة (حوالي أسبوع قبل الثلاثاء الأسود)، إذ أكد احدهم أن ́جمع المعلومات ابتدأ منذ السنة الماضية واستمر البحث حول بعض المسؤولين عليلة هذه المدة قبل أن يتم اتخاذ القرار المناسب ́. استمر القيل والقال طيلة الأسبوع الموالي ليوم الإعفاءات الذي جرف في طريقه ما يزيد عن عشرين مسؤولا وموظفأ في قطاعات مختلقة بإقليم الحسيمة، بعد أن غابت الرواية الرسمية، كما استمر خوف ما تبقى من مسؤولين على كراسيهم الوثيرة. حجم الحدث كان يستدعي توضيحا رسميا، غير أن هذا لم يتم رغم المطالبات بذلك، قبل أن يقرر وزير الداخلية الانطلاق بصفة شخصية إلى المدينة لعقد اجتماع مع المسؤولين الجدد والقدامى ويطلعهم على أسباب هذه الإعفائات ،والتي كانت بأمر من الملك بعد أن رفع المواطنون شكايات تظلمية إليه بشكل مباشر أو غير مباشر. رجحت الفرضية التي كانت الأكثر قربا إلى الحقيقة، وتبين أن الملك يحرص شخصيا على تتبع أحوال المواطنين بهذه المنطقة، لتزداد محبة السكان له ويعتلي عرش قلوبهم جميعا، ويصبح شغلهم الشاغل هو تذكير بعضهم بالعناية الخاصة التي يوليها لهم، ومراقبة السيارات في الشوارع على أمل الظفر بلقاء مباشر معه أو ́ حتى مجرد رؤيته عن قرب، خاصة أنه اعتاد التجول في شوارع المدينة بدون حراسة أو بروتوكول. ثمار الإعفاءات'المدينة دابا بخير" يقول شاب في الثلاثينات من عمره تعليقا على ما جرى بمدينة الحسيسة، قبل أن يضيف محاولا تفسير كلامه، "دابا أي غرض عندك تقضيه في خمسة دتقاثق وفوق منو بوسة من المسؤول، الذي أصبح همه الوحيد هو إرضاء المواطن والتعامل معه بشكل يحفظ كرامته" ́. ́"عندي لاكارط باغي نبدل هادي شهر وهما كيدوني ويجيبوني، اليوم مشيت دفعتها بدون مشاكل" يقول أ ́حد سكان المدينة، الذي لمس هذا التغير في معاملة رجال الأمن والدرك الملكي وموظفي مجموعة من الإدارات ́. ́زوار المدينة انخرطوا بدورهم في هذا النقاش، وتمنى العديد منهم أن تطول الإعفاءات مسؤولين بالمدن التي يقطنون بها، خاصة بعد أن عاينوا سماحة رجال الأمن والدرك الملكي والقوات المساعدة، وأحسوا بالأمان في مدينة الحسيمة التي يسهر ما تبقى من المسؤولين بها على راحة سكانها وزوارها حتى لايفاجؤوا بإعفاءات جديدة.نشاط غير مألوف ظهر، حسب السكان، على المسؤولين بالمدينة بعد الغضبة الملكية الأخيرة، فقبيل الساعة الثامنة والنصف يصل أغلب موظفي العمالة وولاية الأمن وقيادة الدرك الملكي ورجال الأمن إلى مكاتبهم أو أمكنة عملهم، ويشرعون في استقبال المواطنين و تلبية طلباتهم دون ابتزاز أو حتى الإيحاء به، فلا مكان في مدينة الحسيمة للمرتشين ، فأغلب الموظفين كفوا عن تسلم الهدايا أو الإتاوات أو الإكراميات من المواطين، والخدمات تقدم بدون رشوة مصحوبة بابتسامة عريضة من الموظف أو المسؤول.رجال الأمن طالتهم عدوي التغيير ، وحرص أغلبهم على الظهور بمظهر حسن،وتخلى بعضهم عن أسلوبه الخشن في معاملة المواطنين واصطياد بعض السائقين، مخافة أن يلقوا المصير نفسه الذي أعفي بموجبه أزيد من عشرين مسؤولا من مهأمهم. رجال الدرك الملكي أصبحوا طيبين بدورهم ولا يقلون أدبا واحتراما عن نظرائهم من رجاال الشرطة، فقد تحول بعضهم، في محاولة لتلميع صورته، إلى مرشدين للسياح، قد لا يتوانى الواحد منهم في مرافقة زائر للمدينة تاه عن الطريق أو لم يتمكن من الوصول إلى مكان ما، كما أن محاولة إرشائهم أو تقديم هدايا إليهم تجعل الواحد منهم غير قادر على استيعاب الموقف، فسرعان ما تحمر وجنتاه كطفل صغير، بمجرد أن يخرج السائق ورقة من فئة 20 أو 50 أو 100 درهم، وقد يبتعد من المكان مخافة ضبطه متلبسا بالجرم. قواد المدينة أصبحوا بدورهم أ ́ول من يصلون إلى مكاتبهم، بعد ́أن كانوا أخر الملتحقين بالمقاطعات، فالغضبة التي عصفت باثنين منهم جعلت النوم يهجر جفونهم، ويشمرون على سواعدهم وينزلون إلى ́القطاع ́ من أجل تفقد أحوال المواطنين وضبط مخالفات البناء لعشوائي التي كان البعض يتساهل معها. تغير حال المدينة رأسا على عقب، غير أن بعض المواطنين المتشائمين ينتابهم إحساس بالخوف من أن ́يغلب الطبع التطبع ́، وأن تعود الأمور إلى مجراها القديم، بعد مغادرة الملك للمدينة أو حتى بعد مرور بضعة أشهر كأبعد تقدير، غير أن مواطنين آخرين متفائلين يرون أن الإرادة الملكية في التغيير والعناية الخاصة بالمدينة وسكانها أ ́قوى من أية إرادة أخرى، وبالتالي لا خوف على مستقبلها، مؤكدين أنهم سيترصدون لكل المفسدين وسيخبرون الملك بها في أول زيارة له للمدينة.