بسم الله الرحمن الرحيم ؛الحمد لله الذي هدانا لهذا ، وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله .والصلاة والسلام على نبينا محمد خاتم النبيين المبعوث رحمة للعالمين. أما بعد، الثرثرة والكلام دون تثبت أصبح واقع الناس اليوم في البيت والعمل والمقاهي وجل أماكن التجمعات ، وحتى المساجد التي يعبد فيها الله عز وجل ويذكر فيها اسمه ، لم تسلم من اللغط والقيل والقال ونهش لحوم الناس وأكلها نيئة بالقول الباطل والكلام السافل . والإنسان قبل أن يتحدث يجب أن يسأل نفسه بما يحدث الآخرين ، هل هناك ما يستدعي الكلام ؟ فإن وجد داعيا إليه تكلم ، وإلا فالصمت أولى به ، وإعراضه عن الكلام حيث لا ضرورة له عبادة يَتقرب بها الله . ومن عجيب الكلام أن الأنام في دين الإسلام مؤاخذون بحصائد اللسان.. ولا أدل على ما نقول قوله الله جل وعلى : {وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً } سورة الإسراء (36). فلا تطلق أيها الإنسان الكلام على عواهنه بغير علم ولا تقول رأيت ولم تر ولا سمعت وأنت لم تسمع وتشهد الزور وأنت لا تدري . وهل يفهم من قول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الشريف :(( أولا يكب الناس على وجوههم إلا حصائد ألسنتهم )) ، أن الناس يكبون في جهنم بنظرة شامت أم وشاية حاقد أم ضحكة خبيث أم نية سيء دنيء ؟. لكننا في هذا الزمان الذي كثر فيه ضجيج اللغو وابتلينا فيه باللمز و الهمز تجد بعضهم يقوده لسانه إلى مصرعه قبل أن يقوده عقله . ومنهج القرآن في التثبت أحكم منهج وأسلم طريق ؛ قال المولى عز وجل : { قَدْ بَيَّنَّا الآيَاتِ لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ} سورة البقرة (118) . فالله خص بذلك القوم الذين يوقنون ، لأنهم أهل التثبت والتحري ولا يأخذون بالأقاويل والشكوك فهم طالبون لمعرفة حقائق الأمور على يقين وبينة . ومما ينصح به المسلم - وهو من جملة التقوى- عند تعامله مع من يتصدرون المجالس وينطلق منهم الكلام متتابعا مسترسلا لا خطم له ولا أزمة ، التثبت فيه ، والتريث في الحكم ، ولا يكون ذلك إلا بدراسته من جميع جوانبه وتقليبه من كل نواحيه ، وبعد التحقق من معناه ومعرفة فحواه معرفة تامة تعرضه على ميزان الشرع ، وهو كتاب الله عز وجل وما صح من السنة النبوية الشريفة ، فما وافق ذلك الميزان المعصوم قبلته وما خالفه تركته ، ويجب عليك يا أخي أن تكون في دراستك للأشياء وعرضك لها على الميزان المذكور بعيدا كل البعد عن الإفراط والتفريط ، متجرداً عن ثوبي التعصب والهوى والانتصار للذات أو الجاه أو المنصب ، فمتى سلمت من هذه الأمور ونظرت فيها بإخلاص وقصد حسن وفقت للحقيقة وفزت بالصواب وحمدت العاقبة. فالعجلة تجر على صاحبها الندم والويلات ، و تذهب الأيام والليالي وآثارها وتبعاتها باقية وكم حصل بسبب التعصب والهوى من فساد ودمار وعواقب لا تحمد - نسأل الله السلامة من ذلك - وقد ورد في الأثر عند الإمام الترمذي وغيره بسند لابأس به (( الأناة من الله والعجلة من الشيطان )) . ......... يتبع ..................