رئيس الحكومة يشرف على انطلاق جولة أبريل من الحوار الاجتماعي    الرباط: تفاصيل مباحثات عبد اللطيف حموشي مع رئيس الاستعلامات للحرس المدني الإسباني    الأردن تعلن حظر جماعة 'الإخوان المسلمين'    شباب الريف الحسيمي يراهن على جماهيره في مواجهة وداد صفرو    محكمة النقض تنتصر لابن ضحية اغتصاب بالحسيمة وتمنحه حق التعويض من والده    بورصة الدار البيضاء تنهي تداولاتها بأداء إيجابي    بنعلي تطلق طلب اهتمام لإنشاء أول محطة لاستقبال الغاز الطبيعي المسال بالناظور    وزراء الخارجية العرب يرحبون بانتخاب المغرب لرئاسة التحالف العالمي للمؤسسات الوطنية لحقوق الإنسان    بعد حوادث في طنجة ومدن أخرى.. العنف المدرسي يصل إلى البرلمان    الوقاية المدنية تواصل البحث عن تلميذ جرفته المياه في شاطئ العرائش    الابتكار في قطاع المياه في صلب نقاشات الملتقى الدولي للفلاحة بالمغرب    التازي ينظم المناظرة الجهوية للتشجيع الرياضي    السعودية توافق على اتفاقيات تسليم المطلوبين ونقل المحكومين مع المغرب    تعزيز التعاون المغربي الفرنسي، في صلب مباحثات بوريطة ورئيسة جهة «إيل دو فرانس»    وزراء الخارجية العرب يشيدون بالجهود المتواصلة لجلالة الملك في الدفاع عن القدس    بالتعاون مع وزارة الصحة والحماية الاجتماعية.. نقل سيدة إيفوارية من الداخلة إلى مراكش عبر طائرة طبية بعد تدهور حالتها الصحية    في حضرة الوطن... حين يُشوه المعنى باسم القيم    المغرب يجذب مزيدا من الفاعلين الاقتصاديين والمستثمرين الدوليين (صحيفة فرنسية)    الإتحاد الأوروبي يخاطر بإثارة غضب ترامب    وزراء الخارجية العرب يؤكدون على مركزية اتفاق الصخيرات كإطار عام للحل السياسي في ليبيا    بطلة مسلسل "سامحيني" تشكر الجمهور المغربي    الكتاب في يومه العالمي، بين عطر الورق وسرعة البكسل    "التقدم والاشتراكية" ينتقد خوف الأغلبية من لجنة للتقصي حول "دعم الماشية" ويستنكر وصف أخنوش المعارضة ب"الكذب"    إلغاء ضربة جزاء أعلنها الحكم تفجر غضب جمهور فتح الناظور    نادي "الكاك" يعتذر لجمهور القنيطرة    نادي مولودية وجدة يحفز اللاعبين    أوراش: الأزمة المالية الخانقة توقف بطولة كرة السلة بكيفية قسرية    تراجع أسعار الذهب مع انحسار التوترات التجارية    "طنجة المتوسط" يؤكد دعم الصادرات في المعرض الدولي للفلاحة بمكناس    "بي دي إس" تطالب بالتحقيق في شحنة بميناء طنجة المتوسط متجهة إلى إسرائيل    عباس يطالب "حماس" بتسليم السلاح    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الخميس    زلزال بقوة 6.2 درجة يضرب إسطنبول    وزارة التعليم العالي تدرس إمكانية صرف منحة الطلبة شهريا    البابا فرنسيس يسجى في رداء أحمر    وفاة الإعلامي الفني صبحي عطري    وزير الداخلية يحسم الجدل بخصوص موعد الانتخابات الجماعية والتقسيم الانتخابي    "مناظرة وُلدت ميتة"… انتقادات موجهة لولاية جهة الشمال من غياب التواصل حول مناظرة التشجيع الرياضي بطنجة    القضاء يستمع إلى متزوجين في برنامج تلفزيوني أسترالي    إصابة الحوامل بفقر الدم قد ترفع خطر إصابة الأجنة بأمراض القلب    الحل في الفاكهة الصفراء.. دراسة توصي بالموز لمواجهة ارتفاع الضغط    أمريكا تتجه لحظر شامل للملونات الغذائية الاصطناعية بحلول 2026    هذه أغذية مفيدة لحركة الأمعاء في التخلص من الإمساك    المغرب يعزز منظومته الصحية للحفاظ على معدلات تغطية تلقيحية عالية    في الحاجة إلى مغربة دراسات الهجرة..    وكالة التنمية الفلاحية تستعرض فرص الاستثمار الفلاحي خلال ندوة دولية بمعرض مكناس    في جولة أبريل من الحوار الاجتماعي.. الاتحاد العام لمقاولات المغرب يؤكد على تجديد مدونة الشغل والتكوين    توقيع شراكة استراتيجية ومذكرة تفاهم لبحث الفرصة الواعدة في إفريقيا بين فيزا ومجموعة اتصالات المغرب    المنتخب المغربي للتايكواندو يشارك في كأس رئيس الاتحاد الدولي للتايكوندو بأديس أبابا    "الإيقاع المتسارع للتاريخ" يشغل أكاديمية المملكة المغربية في الدورة الخمسين    الغربة بين الواقع والوهم: تأملات فلسفية في رحلة الهجرة    ندوة علمية حول موضوع العرائش والدفاع عن السيادة المغربية عبر التاريخ: نماذج ومحطات    صحيفة ماركا : فينيسيوس قد يتعرض لعقوبة قاسية (إيقاف لمدة عامين    مغرب الحضارة: حتى لا نكون من المفلسين    لماذا يصوم الفقير وهو جائع طوال العام؟    وداعًا الأستاذ محمد الأشرافي إلى الأبد    قصة الخطاب القرآني    المجلس العلمي للناظور يواصل دورات تأطير حجاج الإقليم    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



التباس مغربي بين السلطة والإعلام
نشر في أسيف يوم 25 - 08 - 2009

هناك مراهنة قوية على أن القانون المتعلق بالمجال السمعي - البصري الذي صادقت عليه السلطات المغربية سيشكل لبنة قوية ووسيلة إيجابية لتعميق المسار الديموقراطي في البلاد، وتكريس دور وسائل الإعلام في البناء الديموقراطي، كما أن رفع احتكار الدولة عن الإعلام وإفساح المجال امام المبادرة الخاصة يعتبران لدى الكثيرين نقلة نوعية وتحولا جذريا في المشهد الإعلامي المغربي، ما يعني فتح الباب في وجه المنافسة والاحتكام إلى معيار الجودة والكفاءة وآليات السوق. ولكن هل يكفي إصدار قانون وإنشاء هيئة عليا للاتصال السمعي البصري لخلق ممارسة إعلامية ذات صدقية تتماشى مع ما ينتظره المجتمع المغربي الذي يعيش في قلب العولمة الإعلامية، وله من الاختيارات ما يمكنه من عقد مقارنة بين الجيد والرديءوما يثير الانتباه لدى تناول موضوع الإعلام العمومي، هو طبيعة الأسئلة التي نطرحها جميعا، وعلامات الاستفهام التي تقترن بمثل هذه الإشكالية
المسألة التي يجب أن نستنتجها هي أن الإعلام كيف ما كانت طبيعة المجتمع الذي يشتغل فيه، هو سلطة أو وسيلة من وسائل الاحتواء، وأداة للتعبئة والتحكم والضبط. إذن لا غرابة إذا لاحظنا تركيز السلطة أو النظام السياسي بشكل عام على الإعلام، وتدخله في توجهات هذه الجريدة أو تلك، أو ربما دعم الشخص المساند له، أو المدافع عن أطروحاته. فهذه الأمور تدخل في نطاق رغبة السلطة السياسية وخيارها، ليبقى الإعلام تحت رحمتها ومظلتها، وخاضعا لتوجهاتها وإملاءاتهاولا يشذ الإعلام العمومي السمعي البصري عن هذه القاعدة. وحتى لا ينفلت المجتمع من عملية التحكم والضبط، بخاصة إذا ما اخترقته درجة وعي، وحركية سياسية، ودينامية اقتصادية، ونسبة من الثقافية، وقيم جديدة تتجه نحو الحداثة والانفتاح، فإن السلطة تمرر رسائلها عبر وسائل الإعلام، وتتواصل وتتخاطب مع المجتمع عبر هذه الوسائل. وهي بذلك تتحول من أداة للأخبار وإطلاع الرأي العام على ما يحدث في المجتمع على المستوى الاقتصادي والسياسي والرياضي والثقافي، أو ما يحدث خارج التراب الوطني من وقائع وتفاعلات، إلى أداء خدمة السلطة ومركزة السلطة في المؤسساتففي وقت نطمح الى النموذج الإعلامي الذي يتعاطى مع الوقائع في شكل مستقل أو متجرد، وبنوع من المهنية، نجد مفارقة غريبة، اذ أن الخطاب السياسي والسلوك السياسي الرسمي يخلقان فجوة بين ما يتطلع إليه المجتمع، وبين الشعارات المرفوعة. ونجد أنفسنا أمام مفارقات في المغرب، إذ في وقت كان القطاع الخاص نشطا والاستثمارات عادية وتدفق رؤوس الأموال تلقائياً من دون حسابات سياسية واحتمالات أمنية، نجدنا نرجع إلى الدولة من جديد بكمية كبيرة من التراجعات، كما هو الشأن بالنسبة الى القناة التلفزية الثانيةوعندما تحضر الدولة باكراهاتها وبمتطلباتها وبدفاتر تحملاتها تكثر الممنوعات، فالدولة تقول إنها تمول، لكن الحقيقة أن التمويل يأتي من جيوب الشعب، وأنها تتحكم في الأنشطة التلفزية. فمثلا، كان من الممكن بث بداية نشرة الأخبار بحريق مهول، أو بأحداث اجتماعية، أو بواقعة سياسية، باعتبار أن هذه المقاييس تشغل بال الرأي العام الوطني، وما يقع هو حجب تلك الأخبار وربما قد لا تمر بتاتا. لماذا؟ لأن الدولة تتدخل، ليس بذلك المفهوم المجرد، بل الدولة وما يوازيها ويدور في فلكها (أشخاص، شركات، جماعات الضغط، ومصالح مالية)، لذلك حصل تراجع كبير تكرس من خلال عدم إيلاء الأهمية للقضايا الاجتماعية وغياب الجرأة في تناولها، أو خلقت بدائل للترفيه غير مزعجة ولا تثير الجدلوهذا شيء طبيعي نظرا الى حضور الهاجس الأمني وفق منظومة المصالح وإشراف أجهزة الدولة، ولكي لا تنفلت أي جهة أو قناة أو مؤسسة من آلية الضبط، وحتى يكون هناك نوع من التناسق والانسجام والتناغم بغية خدمة الطروحات والقطاعات نفسها؟ ولذلك لا غرابة في أن تتقاطع القناة الثانية مع القناة الأولى في كثير من أسئلتها وانشغالاتها ومقارباتها الإعلامية، بل وتتفوق القناة الثانية على شقيقتها في ما يتعلق بتغطيتها لكثير من الأنشطة الرسمية، وإبراز الشخصيات التكنوقراطية، والطاقة الجديدة أو القوة الاقتراحية التي تسير البلادمن المؤكد ان الصحافيين لن يغيروا العالم، لأنهم ببساطة ليسوا ثوارا يحملون أسلحة، بل هم فقط حملة أقلام ولديهم تصورات وثوابت ومنطلقات ومبادئ، يحاولون عبرها خلق نقاش هادف وبصوت مرتفع، ويحاولون طرح تساؤلات، لكن خندقهم أصبح عبارة عن حقول من الألغامففي المرحلة السابقة كانت الأمور واضحة: يضع وزير الداخلية أشخاصا، أو مجموعة من الناس محسوبين ومعروفين. أما فيهذه المرحلة فنجد التباسا، وقد يكون ذلك راجعا الى مرحلة انتقالية، لكن المرحلة الانتقالية على الأقل تقع فيها مفاجآت سياسية وثقافية واجتماعية وإعلامية. ولكن عندما لا يقع الانتقال أصلا، اذ توجد إرادات ومقاومات تعيق تبلوره وتحقيقه، نصبح أمام إشكالات أخرى ترجع بنا إلى درجة الصفر، ما يعني أننا مطالبون بصياغة الأسئلة من جديد وصياغة المقاومة الذاتية من جديد، وطرح مسألة الدفاع عن الثوابتوالالتباس الحاصل هو أنك لا تعرف مع من تتعامل. هناك مسؤولون يحكمهم المزاج بدل معيار المهنية. فعلى سبيل المثال يستضاف مسؤول معين من دون قيامه بأي نشاط يستحق الإثارة إعلاميا، وإذا نظمت مركزية نقابية إضرابا ما لا تتم تغطيته، كما لا يسمح لزعيم سياسي مشاغب بالمرور في التلفزيون. بمعنى أننا أمام إشكال كبير جدا، وقبل إثارة الجوانب المادية والعنصر البشري، يطرح مشكل خطير يتعلق بكيفية تدبير الأخبار والبرامج الحوارية التي تدخل في صميم المنتوج الإعلامي، فهذه الكيفية التي ذكرنا آنفا في سياق الأمثلة المقدمة، تربك الدورة الإعلامية، وتنزع عنها الصدقية، وتخلق الإحباط، وأحيانا الاستسلاموفي وقت يتعين على مسؤول أو شخص له مجموعة من الصلاحيات أن يتدخل من أجل تقديم مصلحة المؤسسة آخذا في الاعتبار متطلبات المجتمع واختياراته، نجده يتحول إلى تدبير علاقته مع من يملي عليه التوجيهات، بمعنى أن المؤسسات الإعلامية تتماهى في الشخص، وتتحد وتحل فيه وتصبح العلاقة بينه وبين المؤسسة صندوقا أو رأسمالا رمزيا، يوظفه لإدارة المصالح الذاتية الضيقة، ويخلق بالموازاة مع ذلك نوعا من الحراس المستعدين للدفاع عن الأطروحة والخطاب نفسهما والقيم المرادفة لهما والتصورات المنبثقة منهما. وهذه ممارسة معيقة للانتقال الاعلامي، لأنه في وقت نجد الدول تشهد تقدما على المستويات كافة، يحقق المغرب تراجعا على مستويات عدة في المرافق العمومية، ولا يرفع المثقفون صوتا، ولا يتحدث السوسيولوجيون وعلماء السياسةيحكم مسألة التدبير الإعلامي في المغرب بعد سياسي ومصالح متداخلة، لذلك لا غرابة في أن تكون للدولة جماعات ضغط ومصالح، وأن تتدخل بشكل مباشر لتحديد خط تحريري ينسجم مع الأهداف التي تتوخاها، وإن كان الحديث عن خط تحرير واضح ومهني في الحال المغربية امر غير واردوهذا الإشكال مطروح حاليا بحدة في الحقل الاعلامي المغربي، اذ يشدد قطاع عريض من الصحافيين على الحاجة إلى عقل تدبيري جديد وحداثي ومستقل في تفكيره، لتكريس ميثاق التحرير، الذي هو في آخر المطاف مجموعة من المبادئ والآليات التي تنظم علاقة المؤسسة بالجمهور، وتحترم وعي هذا الجمهور عوض استغبائهوالملاحظ أنه كلما كان هناك غموض في العلاقة أو التباس، استغلت السلطة هامش المناورة لتتصرف بوسائل الإعلام كما تريد، ويتراجع مستوى المنتوج الإعلامي، وهو ما يبدو أن كثيرا من المسؤولين في المغرب يحبذونه ويصفقون له، سيما ان المؤسسات الإعلامية في المغرب أدوات تقوم بمجموعة من الوظائف والأدوار، تضبط المجتمع وتقيس درجة الحرارة السياسية وتفضل الاكتفاء بلغة الايحاء في التعاطي مع الاحداثو كمن يتوجه الى طفل، ونحن في كثير من المؤسسات السياسية والإعلامية والامنية، في المغرب والعالم العربي، يراد لنا أن نبقى أطفالا نخضع للإيحاءاتصحفي بالقناة الثانية

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.
مواضيع ذات صلة