أثار الحكم الذي أصدرته استئنافية الرباط، أول أمس الخميس، والقاضي بتغريم «المساء» 600 مليون سنتيم، ردود فعل غاضبة واستياء كبيرا داخل المغرب وخارجه. وقالت الفيدرالية المغربية للإعلام إنها تلقت خبر هذا الحكم بقلق كبير، ووصفته، في بيان لها، بأنه غير مسبوق ويهدف إلى إعدام المقاولة الإعلامية ويشكل خطرا على مستقبل العمل الإعلامي بالمغرب، نافية أن يكون هذا الحكم جبرا لضرر لحق وكلاء الملك الأربعة. ووصف بنسعيد أيت إيدر، الرئيس المؤسس لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي، بعض القضاة الذين يصدرون مثل هذه الأحكام ب«أن مصيرهم هو النسيان والتهميش»، فيما أعربت كرسيتين دور، الناشطة الحقوقية، عن خيبة أملها لمثل هذا الحكم الذي صدر في حق «المساء»، وقالت إنه مؤسف جدا أن تغلق جريدة بحكم قضائي. أما الصحافي علي المرابط، الممنوع من الكتابة لمدة 10 سنوات، فقد أعرب عن استعداده للتظاهر أمام القصر الملكي، احتجاجا على هذا الحكم الذي صدر في حق جريدة ليس لها أي مشكل مع الملكية. وقال المرابط إن هذا الحكم ب600 مليون سنتيم مؤشر على أن المخزن جبان ويشعر بالضعف أمام الصحافة. ومن جهته، وصف شمعون ليفي، القيادي في حزب التقدم والاشتراكية، ما حدث في قضية «المساء» ب«بسالة»، وقال ليفي ساخرا إن الفرق بين عهد الحسن الثاني والعهد الحالي هو أن المغاربة كانوا يبكون في عهد الحسن الثاني أما اليوم فإنهم يضحكون من مثل هذه الأحكام، فيما اعتبر عمر بندورو، أستاذ القانون الدستوري والحريات العامة، أن السلطة السياسية بهذا الحكم على «المساء» تمارس ضغوطها عبر القضاء. وفي السياق نفسه، أكدت حليمة عسالي، نائبة برلمانية، أن المبلغ الذي حكمت به المحكمة لفائدة وكلاء الملك بالقصر الكبير كبير جدا وقالت إنها مرت بظروف مماثلة عندما حكمت لها المحكمة بمبلغ مالي في دعوى قضائية رفعتها ضد «تيل كيل»، لكنها تنازلت عن هذا المبلغ لأنها لم تقبل أن تساهم في قتل الصحافة. وفي الوقت الذي يؤكد فيه عبد الصمد بلكبير، القيادي في الاتحاد الاشتراكي، أن ما وقع في قضية «المساء» ردة وكارثة، يعتبر امحمد الخليفة، القيادي في حزب الاستقلال، أن مثل هذه الأحكام لا يعالج أي ضرر. أما رشيدة بنمسعود عضوة المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكي، فقد أعربت عن تضامنها مع «المساء» وقالت إن هذا الحكم في حقها يهدد تجربة ما عرفه الإعلام المغربي من انفراج نسبي. واعتبر أحمد الزايدي، رئيس الفريق النيابي للاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، أن الحكم قاس جدا، داعيا إلى تدارك الأمر في المجلس الأعلى للقضاء. مراسلون بلا حدود تستنكر الحكم ضد المساء: عبرت منظمة «مراسلون بلا حدود» عن دهشتها إثر تأكيد محكمة الاستئناف بالرباط، للحكم الابتدائي الصادر ضد جريدة «المساء»، والقاضي بتغريمها 6 ملايين درهم. وقال بيان أصدرته المنظمة «نتأسف لهذا القرار القضائي الذي يؤكد هشاشة مكتسبات الصحافة بالمغرب. والتزام الدولة لفائدة حرية التعبير يمر أساسا بإصلاح تشريعي عميق لقوانين مخالفات الصحافة وتكوين القضاة. وهذا وحده سيمكن المغرب من التوفر على جواب قضائي عادل وديمقراطي لمشاكل القذف المحتملة. وفي ظل الظروف الراهنة، هل يستطيع قضاة محكمة الاستئناف تجاهل أن قرارهم قد يؤدي إلى القضاء على الجريدة؟ نواصل طرح أسئلتنا حول دوافع العدالة المغربية غير الرحيمة بالصحافة المستقلة». علي المرابط: أنا مستعد للتظاهر * صحافيقال الصحافي علي المرابط، الممنوع من الكتابة في المغرب لمدة 10 سنوات بحكم قضائي، إنه مستعد للتظاهر احتجاجا على الحكم الذي صدر ضد «المساء». وأعرب المرابط عن استغرابه هذا الحكم الذي استهدف جريدة ليس عندها أي مشكل مع الملكية خلافا له شخصيا، هو الذي كانت له دائما مواقف من الملكية. وقال إن هذا الحكم مؤشر على أن المخزن جبان وضعيف أمام الصحافة. عائشة الشنا: لا داعي لإعدام الجريدة * ناشطة جمعويةالمبلغ الذي حكم به هو مبلغ كبير جدا، فمادامت «المساء» اعتذرت فمن أخلاق المغاربة أنهم متسامحون، وبالتالي لا داعي إلى أن يحكم على الجريدة بالإعدام لأن المبلغ كبير ولا يمكن ل»المساء» ولا لأي جريدة أخرى أن تؤديه. الخطأ وارد، والله يغفر لعباده زلاتهم، فبالأحرى العباد في ما بينهم. ومن شيم المغاربة أن المتسامح هو أكبر الناس. بنسعيد أيت إيدر: المصيبة أن هذا الحكم يصدر في عهد وزير عدل اتحادي مصير هؤلاء القضاة، مع احترامي للبعض منهم، أن يصبحوا يوما على هامش المجتمع المجتمع بمثل هذه الأحكام التي تروم قتل الصحافة. والمصيبة أنها أحكام تقع في عهد وزراء العدل الاتحاديين. فإذا كانوا فعلا اتحاديين عليهم أن يقدموا استقالاتهم من هذه الوزارة، إذا كانوا فعلا يريدون الكشف عن الحقيقة في قضية المهدي بنبركة. وهذا هو الدفاع الحقيقي عن المهدي. أنا أحتج بشدة وأستنكر وأدين هذا الحكم ضد «المساء». عبد الهادي خيرات: حكم ليس في محله * عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكيالحكم على جريدة «المساء» ب600 مليون سنتيم هذا حكم ضد حرية الصحافة وحرية التعبير في البلد. وبغض النظر عن الحيثيات التي رافقت قضية القصر الكبير وما يمكن أن يقال فيها، أعتقد أن هذا الحكم ليس في محله لأن المتضررين كان يمكن أن يطالبوا بدرهم رمزي. وهذا كاف. بقشيش: السلطات لم تفهم الدرس قالت الجريدة الإلكترونية الساخرة «بقشيش» إن «السنوات تمر وتتشابه في المملكة الشريفة على صعيد حرية الصحافة. يوم 30 أكتوبر، أكدت محكمة الاستئناف إدانة الصحفي ومدير نشر يومية «المساء» رشيد نيني، بأداء ستة ملايين درهم كتعويض عن الضرر بتهمة القذف. رقم قياسي. هذه الغرامة، التي تمس إحدى اليوميات الرئيسية في البلاد، تأتي في وقت كشفت فيه منظمة مراسلون بلا حدود عن ترتيبها العالمي حول حرية الصحافة. حيث جاء المغرب في رتبة خلف الجزائر التي تحقق تقدما. إعلان هذا الترتيب أثار امتعاض السلطات المغربية، التي يبدو واضحا أنها لم تفهم الدرس بعد». كوريي أنترناسيونال: المغرب يستحق رتبته المتأخرة وكالة الأنباء الرسمية هي من ينقل النبأ: محكمة الاستئناف بالرباط أكدت الحكم الصادر ابتدائيا ضد رشيد نيني، مدير نشر يومية «المساء، والذي أدين بغرامة مالية قدرها 6 ملايين درهم كتعويض عن الضرر لفائدة أربعة وكلاء للملك، بالمحكمة الابتدائية بالقصر الكبير. يمكن أن يوصف القضاء المغربي بأي شيء باستثناء العدالة. ففي الترتيب الخاص بالعام 2008 استحق المغرب مرتبة متأخرة في حرية الصحافة –المغرب حل في الصف 122 من أصل 150 دولة -. رشيدة بنمسعود: أتضامن مع المساء * برلمانية ،عضو المكتب السياسي للاتحاد الاشتراكيمهم جدا أن أشير، في البداية، إلى الدور الذي لعبته الصحافة المستقلة في المغرب في اتجاه الدفع بعجلة التغيير والإصلاح وتعميم المعلومة في هذا البلد وتنوير الرأي العام بالرغم من بعض الهفوات التي تسقط فيها الصحافة أحيانا. وأعتبر جريدة «المساء» واحدة من الصحف الجادة التي كان لها هذا الدور. ولهذا فأنا أعتبر مثل هذا الحكم الذي صدر في حق هذه الجريدة خطرا يهدد ما عرفه الإعلام المغربي من انفراج نسبي مع العلم بأننا في حاجة إلى تقوية دور الصحافة الجادة. إذن، فأنا أتضامن مع «المساء» وأدعو إلى مراجعة الحكم. كريستين دور: مؤسف إغلاق جريدة بحكم قضائي * مناضلة حقوقية وزوجة ابراهام السرفاتيأصبت بخيبة أمل إثر هذا الحكم. فهذه تعويضات باهظة جدا في حق هذه الجريدة، بغض النظر عما يمكن أن يكون للإنسان من مواقف من الطريقة التي تعالج بها مواضيعها الصحافية. فمثل هذه الأحكام بهذه التعويضات الباهظة قد تتسبب في إغلاق الجريدة. ومؤسف أن يتم إغلاق جريدة بحكم قضائي من هذا النوع. شمعون ليفي* قيادي في التقدم والاشتراكية : شمعون ليفي 600 مليون «بسالة» في عهد الحسن الثاني كنا نبكي والآن صرنا نضحك «بسالة»، هذا أقل ما يمكن أن يقال عن هذا الحكم الذي صدر في حق جريدة «المساء»، الذي قضى بتغريمها 600 مليون سنتيم. ويبدو لي أننا في عهد الحسن الثاني كنا نبكي، أما الآن فقد أصبحنا نضحك من مثل هذه الأحكام المبالغ فيها. وأنا أدعو إلى مراجعة هذا الحكم حتى يسترجع المغاربة الثقة في مؤسساتهم. عمر بندورو: المخزن يفرض ضغوطاته * أستاذ جامعي تغريم «المساء» 600 مليون سنتيم يطرح، من جديد، موضوع استقلالية القضاء في المغرب. إن وزير العدل السابق عمر عزيمان سبق له أن انتقد سلوك القضاة وقال إن البعض منهم يكونون دائما في انتظار التعليمات من السلطة السياسية. هذا الحكم ضد «المساء» شبيه بالحكم الذي صدر ضد بوبكر الجامعي مدير «لوجورنال»، والذي اضطر إثره إلى أن يغادر المغرب. ويبدو أن المساهمين في «المساء»، وفق المعايير المخزنية، هم الآن وبعد هذا الحكم أمام خيارات تتراوح بين الخضوع للضغوطات السياسية وتعديل الخط التحريري للجريدة أو البحث عن حرفة أخرى أو مغادرة الوطن. عبد الصمد بلكبير: هذه ردة وكارثة * عضو المجلس الوطني للاتحاد الاشتراكيهذه ردة وكارثة ترمز إلى أن هناك أخطاراً محدقة بالبلاد على جميع المستويات، لماذا؟ لأن أهم مظهر من مظاهر الانتقال الديمقراطي هو حرية الصحافة. وتجربة «المساء» من أجمل التجارب الصحفية التي عرفها المغرب، بل من أجمل التجارب حتى على الصعيد العربي، لأنها كانت تبشرنا دائما بصباح قريب من الحرية والديمقراطية، لكن أعداء الحرية والديمقراطية يعرفون أن للكلمة قوتها عندما تصدر من القلب والعقل، بل هي أقوى من أسلحة القهر التي يملكونها. ومؤسف جدا أن يتم توريط مؤسسة القضاء في مثل هذه الأحكام. وهذا وجه آخر من المأساة.