أثار حكم المحكمة الابتدائية بالرباط ليوم الثلاثاء المنصرم، الذي قضى بتغريم جريدة «المساء» 600 مليون سنتيم على خلفية الدعوى التي رفعها أربعة نواب وكلاء للملك بالقصر الكبير بجنحة «القذف والسب العلني»، ردود فعل وطنية ودولية تنديدية بمنطوقه. وفي هذا السياق، أصدرت النقابة الوطنية للصحافة المغربية بلاغا تنديديا أكدت فيه أنها تلقت، باستنكار شديد، الحكم الصادر ضد «المساء»، وقالت في بلاغ لها إنها لا تنازع في حق أي طرف في اللجوء إلى القضاء، إذا اعتبر نفسه متضررا مما نشر عنه، لكنها بالمقابل تشدد على أن هذا الحق لا ينبغي أن يتحول إلى عملية إعدام للصحف. واعتبرت النقابة الحكم الصادر ضد «المساء» مبالغا فيه ولا يمكن وصفه بالموضوعية، مطالبة في الوقت نفسه بمراجعة هذا الحكم ودعوة القضاء إلى الكف عن مثل هذه الأحكام التي لا تؤدي سوى إلى تهديد الصحف بالإعدام. وكتبت جريدة «الاتحاد الاشتراكي» ، أول أمس، أن «الحكم الذي تم النطق به على الزميلة «المساء» يبعث على القلق الشديد»، قبل أن تضيف قائلة: «إنه لا معنى لهذا التغريم سوى الدفع باليومية إلى الصمت والغياب». وحسب الجريدة دائما، فإنه حين نصل إلى هذه النتيجة، فإن القلق يصبح ذا حمولة استنكارية. ومن جهتها، وصفت يومية «الأحداث المغربية» الحكم الصادر ضد «المساء» بأنه حكم بالإعدام ويتسم بعدم تجانسه مع الجنحة المرتكبة والضرر الناجم عنها. وتابعت اليومية قائلة: «في فرنسا تنظر المحاكم في تجاوزات الصحافة وتصدر غرامات لمن تجاوز حدود القانون ولا تصل إلى مثل هذه المبالغ رغم اختلاف الإمكانيات والمستويات الاقتصادية العالية هناك، وهذا ما يجعلنا نشك في أن الحكم بمثل هذه المبالغ الفاحشة تكمن خلفه إرادة لإقفال الصحيفة». أما «أجوردي لومارك»، فقد كتبت بقلم مديرها المسؤول خليل الهاشمي الإدريسي أن الحكم الصادر ضد «المساء» لا يقف عند تغريم مدير الجريدة رشيد نيني على الجنحة في قضية القصر الكبير، وإنما يتعدى ذلك إلى الرغبة في إفلاس الجريدة ورمي العاملين فيها إلى الشارع. وتلقت بدورها «منظمة مراسلون بلا حدود» الحكم الصادر ضد «المساء» باستنكار شديد، وقالت إن هذا الحكم يرمي إلى إثقال كاهل الصحافة المستقلة وتهديدها بالزوال، ودعت منظمة مراسلون بلا حدود القضاة المغاربة إلى تفادي إصدار أحكام لا تتناسب بالمرة مع حجم الأضرار والحرص على عدم تعريض حرية الصحافة للخطر. ونشرت جريدة «الشرق الأوسط» في عدد أول أمس تصريحا لتوفيق بوعشرين، رئيس تحرير «المساء»، على خلفية هذا الحكم الصادر ضد الجريدة، وهو التصريح الذي أكد فيه بوعشرين أن هذا الحكم يبرز أن لوبيا يضغط على الصحافة حتى لا تقترب من القضاء. وبدوره، اعتبر عضو مكتب الجمعية المغربية لحقوق الإنسان عبد الإله بن عبد السلام أن الحكم الصادر ضد «المساء»: «شديد القسوة وأريد به إسكات الأصوات الحرة والمزعجة بالمغرب». وتصدر خبر الحكم الصادر ضد «المساء» نشرات الأخبار في العديد من الفضائيات التلفزية، منها قناة «الجزيرة» وقناة «العربية» و«البي.بي.سي». واستضاف موقع «الجزيرة.نت» رشيد نيني للتعليق على هذا الحكم في تصريح قال فيه إن جريدته صارت مزعجة لكثير من ذوي النفوذ الذين يرغبون في قطع لسانها. أما عضو الجمعية الحقوقية «عدالة» عبد العزيز النويضي، فقد اعتبر الحكم «قاسيا جدا وغير متوازن». هذا، وينتظر أن تعقد «المساء» ندوة صحفية مساء الإثنين القادم بمقر الجريدة بالدار البيضاء لإطلاع وسائل الإعلام على خلفيات المحاكمة والإجراءات المزمع اتخاذها. كما سيتم تشكيل لجنة من مختلف الفاعلين في المغرب لدعم جريدة «المساء» في محنتها ضد هذا الحكم. هذا، وعلمت «المساء» أن مجموعة من الهيئات المدنية والحقوقية في عدة مدن مغربية تعتزم تنظيم وقفات تضامنية مع «المساء» على خلفية هذا الحكم غير المسبوق في تاريخ القضاء المغربي والعربي الذي قضى بتغريم «المساء» 600 مليون سنتيم.