في ظل تراجع الصادرات إلى المغرب.. مربو المواشي الإسبان يطالبون بفتح أسواق جديدة    تعزيزات مشددة ليلة عيد الفطر تحبط محاولات للهجرة السرية إلى سبتة المحتلة    حادث خطير في طنجة يوم العيد.. إصابة شابين في اصطدام دراجة نارية بسيارة مركونة    الإمارات.. الحكم بالإعدام على ثلاثة أشخاص في قضية قتل مواطن إسرائيلي مولدوفي    كأس أمم إفريقيا لأقل من 17 سنة (الجولة 1/المجموعة 1).. منتخب زامبيا يفوز على تنزانيا (4-1)    توقعات أحوال الطقس ليوم غد الثلاثاء.. امطار متفرقة بعدد من المناطق    "المطارات" ينبه إلى التحقق من رحلات    اتفاق ينصف حراس أمن مطرودين    خطيب العيد بتازة يوصي بالأرحام    ارتفاع حصيلة ضحايا زلزال ميانمار إلى 2065 قتيلا    أمير المؤمنين يؤدي صلاة عيد الفطر بمسجد أهل فاس بالرباط    أسود تفترس حارسا في حديقة حيوانات بالجزائر    مارين لوبان تواجه السجن ومنع الترشح بعد إدانتها باختلاس أموال عامة    الجيش الملكي في اختبار صعب أمام بيراميدز بالقاهرة    التسويف والتماطل يدفع مبرزي التربية الوطنية للإضراب والاحتجاج في أبريل المقبل    المصور محمد رضا الحوات يبدع في تصوير إحياء صلاة عيد الفطر بمدينة العرائش بلمسة جمالية وروحية ساحرة    أجواء روحانية في صلاة العيد بالعيون    الادخار الوطني بالمغرب يستقر في 28,8 في المائة من الناتج الداخلي الإجمالي خلال الفصل الرابع من سنة 2024    ترامب يزور السعودية منتصف ماي المقبل    إيقاف خط جوي مع طنجة يُثير غضب ساكنة ورزازات    ست حالات اختناق بسبب غاز أحادي أكسيد الكربون ليلة عيد الفطر    نبيل باها: الانتصار ثمرة عمل طويل    نتنياهو يعين رئيسا جديدا ل "الشاباك"    منع مارين لوبن من الترشح 5 سنوات    أجواء مهيبة في صلاة العيد بسلا    ارتفاع الذهب لمستوى قياسي جديد    مرشد إيران يتوعد ترامب ب"رد حازم"    كان محكوما بالمؤبد.. العفو الملكي يشمل بلعيرج    الملك محمد السادس يؤدي صلاة عيد الفطر المبارك بمسجد أهل فاس بالمشور السعيد بالرباط    وكالة بيت مال القدس تتوج عمليتها الإنسانية الرمضانية في القدس بتوزيع 200 كسوة عيد على الأيتام المكفولين من قبل المؤسسة    الملك محمد السادس يتوصل بتهانئ ملوك ورؤساء وأمراء الدول الإسلامية بمناسبة عيد الفطر المبارك    كأس العالم لسلاح سيف المبارزة بمراكش: منتخبا هنغاريا (ذكور) والصين (سيدات) يفوزان بالميدالية الذهبية في منافسات الفرق    جلالة الملك يصدر عفوه السامي على 1533 شخصا بمناسبة عيد الفطر السعيد    منتخب الأشبال يقسو على أوغندا بخماسية في مستهل كأس إفريقيا    صفقة ب367 مليون درهم لتنفيذ مشاريع تهيئة وتحويل ميناء الناظور غرب المتوسط إلى قطب صناعي ولوجستي    ادريس الازمي يكتب: العلمي غَالطَ الرأي العام.. 13 مليار درهم رقم رسمي قدمته الحكومة هدية لمستوردي الأبقار والأغنام    عفو ملكي عن عبد القادر بلعيرج بمناسبة عيد الفطر 1446 ه.. من هو؟    ترامب لا يمزح بشأن الترشح لولاية رئاسية ثالثة.. وأسوأ السينايوهات تبقيه في السلطة حتى 2037    مطالب لربط المسؤولية بالمحاسبة بعد أزيد من 3 سنوات على تعثر تنفيذ اتفاقية تطوير سياحة الجبال والواحات بجهة درعة تافيلالت    ما لم تقله "ألف ليلة وليلة"    إشباع الحاجة الجمالية للإنسان؟    لماذا نقرأ بينما يُمكِننا المشاهدة؟    آسفي تبلغ ثمن نهائي كأس العرش    طواسينُ الخير    كأس إفريقيا U17 .. المغرب يقسو على أوغندا بخماسية نظيفة    المعهد العالي للفن المسرحي يطلق مجلة "رؤى مسارح"    الاتحاد الإسلامي الوجدي يلاقي الرجاء    الموت يفجع الكوميدي الزبير هلال بوفاة عمّه    دراسة تؤكد أن النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    منظمة الصحة العالمية تواجه عجزا ماليا في 2025 جراء وقف المساعدات الأمريكية    انعقاد الدورة الحادية عشر من مهرجان رأس سبارطيل الدولي للفيلم بطنجة    تعرف على كيفية أداء صلاة العيد ووقتها الشرعي حسب الهدي النبوي    دراسة: النساء يتمتعن بحساسية سمع أعلى من الرجال    الكسوف الجزئي يحجب أشعة الشمس بنسبة تقل عن 18% في المغرب    هيئة السلامة الصحية تدعو إلى الإلتزام بالممارسات الصحية الجيدة عند شراء أو تحضير حلويات العيد    أكاديمية الأوسكار تعتذر لعدم دفاعها وصمتها عن إعتقال المخرج الفلسطيني حمدان بلال    تحذير طبي.. خطأ شائع في تناول الأدوية قد يزيد خطر الوفاة    رحلة رمضانية في أعماق النفس البشرية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الخطاب النقابي بالمغرب
نشر في أسيف يوم 27 - 05 - 2008

بحضور باحثين في تحليل الخطابات من حقول معرفية مختلفة، وحضور عدد من الفاعلين النقابيين بالمغرب، انعقد اللقاء الذي نظمه ماستر الدراسات الأدبية والثقافية بالمغرب وماستر الإشهار والتواصل بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بنمسيك بالدار البيضاء – جامعة الحسن الثاني /المحمدية، يوم الجمعة 23 ماي2008 بقاعة المحاضرات في موضوع "الرؤية الاجتماعية والسياسية في الخطاب النقابي: نموذج خطابات فاتح ماي"، والذي يأتي في سياق دور الجامعة والمعرفة في كل مكونات النسيج الثقافي، ومن أجل تقديم رؤية الباحث والأكاديمي حول الخطابات المشكلة لدينامية هذا النسيج المتعدد.. ترأس هذا اللقاء د/شعيب حليفي الذي قدم له بورقة تؤكد على انفتاح الجامعة، من خلال الباحثين في الدراسات العليا والدكتوراه على خطابات المجتمع.وقال:"إن انشغالنا الأساسي هو تحليل وتفكيك الخطابات وفهم
طرق اشتغالها، ودرجات القصدية والعفوية فيها ثم سبل التأويل الممكنة "..وأضاف أن هذا الاهتمام يأتي لثلاثة أسباب، معرفية.أولا:ما يدخل في حكم تطوير أدواتنا.ثانيا:مساهمة الجامعة، عبر الباحثين والأكاديميين في ما يجري عبر تخصصاتهم، ومن أجل تقديم مقاربات جديدة للخطابات، والانخراط بوجهة نظر مرجعيتها الخلفيات المعرفية.ثالثا:كثير من الأحكام والتقييمات المتسرعة أو المخدومة في سياق معين، تريد أن تصبح حقائق من كثرة الترويج لها، كما هو الحال لما يروج له منذ أربع أو خمس سنوات حول لا جدوى العمل النقابي بالمغرب. وهو – كما يقول حليفي – كلام مغلوط، لأن الدور النقابي والاجتماعي هو المؤهل، حالا ومستقبلا لصياغة تصورات مكتملة، انطلاقا من خطاباته وما يوازيها على أرض الواقع. سوسيولوجبا الخطاب الكونفدراليقارب د/ عبد الرحمان غانمي كلمة فاتح ماي الكونفدرالية الديمقراطية للشغل(ك.د.ش) والتي ألقاها الكاتب العام السيد نوبير الأموي ،حيث تطرق في البداية إلى الكلمة بشكل عام واعتبرها مادة لافتة لاستكشاف آليات سوسيولوجيا الخطاب لغويا وايديولوجيا وفكريا، كما أشار إلى أنها تؤرخ لمرحلة أخرى من تاريخ المغرب ارتباطا بدور الك د ش كأهم المركزيات النقابية بالمغرب وقيمة العمل النقابي في ظروف وشروط صعبة .ليحلل ، الباحث ،بعد ذلك اللغة المستعملة في هذه الكلمة ، مستنتجا بأنها لا تختلف من حيث لغتها ومعجمها ورؤيتها عن لغة الخطاب الكونفدرالي ،لكنها تتمايز في البنيات والآليات وإيديولوجية الخطاب السوسيولوجي .بعد ذلك انتقل إلى الحديث عن تضاريس خطاب هذه الكلمة متوقفا عند أربعة مستويات أساسية مترابطة في طرحها لقضايا وطنية وقومية ودولية متباينة، انصبت على خطاب سوسيولوجي له نسق وأطروحة، ينحاز إلى اختيارات مذهبية لا تتحدث بإيديولوجيات سطحية معينة وإنما تنتصر لسوسيولوجيا الواقع في مختلف أبعاده وتعقيداته والتي لاتسعى إلى تكريس أو إخفاء عيوبه وتناقضاته وإنما إلى البحث عن سبيل لزحزحته في ضوء عدد من معطيات، وبالتالي العمل على تغيير بعض مظاهر بنياته. المستوى الأول المتعلق بديباجة الكلمة والتي ناقش من خلالها مفتتح الخطاب الاستراتيجي للخطاب سوسيولوجيا بشكل حي من خلال الوقوف على دلالات بداية الخطاب والتي هي محرقة ليساسفة / معمل روزامور. معتبرا إياها مظهرا للجريمة الرأسمالية التي نراها اليوم حاضرة بعد أكثر من قرن وربع قرن بصورة أكثر وحشية في بلادنا ".لينتقل إلى الطرح الثاني والمتعلق بأسئلة الراهن، من خلال الضغط على أزرار خطابات سوسيولوجية متجاوزة لبنيات الخطاب ذات الطابع النقابي الصرف في تشخيصها للأوضاع وطرحها لمطالبها من استيحاء مرجعيات نقابية وسياسية ليس بمعنى والمفهوم الحزبيين كما أشار إلى أنها تحيل على طبيعة النسق السياسي المغربي، على أوضاع وقعت في التاريخ السياسي المعاصر للمغرب والمثير أن هدا النسق كما تترجمه كلمة فاتح ماي مافتئ يتمظهر ويتمفصل نسقيا في السلوكيات والممارسة السياسية السائدة وكذا التصورات والبرامج...وعلق على إيجاد الحلول للقضايا المستجدة بإنجاز قطيعة سوسيولوجية، على أرض الواقع مع ما كان يتم في الماضي وما ينبغي أن ينجز في الحاضر يرتهن فهمها خارج بنيات المرجع السياسي وسوسيولولجيته.بعد ذلك انتقل إلى قراءة مايلي " عشنا سنوات الجمر لعقود وذقنا أفرادا وجماعات الحرائر وعانينا معاناة مريرة إلى أن بدأنا عهد التعاقدات الجماعية اجتماعيا واقتصاديا وسياسيا " ثم، " وكان منذ 12 سنة ما اعتبرناه منعطفا حاسما في حياة الملك الراحل الحسن الثاني لإعلان قطيعة جماعية دولة ومجتمعا مع ما ساد عقودا من الإقصاء وتهميش وظلم واستغلال رهيب، ودشن المسلسل الانتقالي إلى عهد التناوب التوافقي سياسيا كإحدى الأوليات بمسلسل الكفاحات البطولية التي خاضها على امتداد أزيد من عقدين من الزمن وتوج التصريح المشترك بينها وبين أرباب العمل وحكومة ذلك العهد ".هكذا يكون قد وضح لنا اعتماد الكاتب العام على تشخيص الأوضاع والأحداث التي مضت.أما على المستوى الثالث والمتعلق بسوسيو – لسانية القطاعات وذلك من خلال وقوفه على الخلاف الموجود بين كلمات فاتح ماي للسنوات السابقة للكونفدرالية حيث كان يتم التركيز على القضايا الكبرى ولاحظ أن هناك تركيزا على الخطاب السوسيو-قطاعي، فيه خطاب يستعرض ما أنجز وعرض وما لم ينجز. ولعل بنية الخطاب هذه، سوسيولوجيا تتوفر نوعا من التجربة المرتبطة بخصوص القطاع في إطار من الشمولية والتفاعلية كما أشار إلى أن لغتها كانت محددة في الأرقام والمعطيات ومطالب القطاعات من ( تعليم وصحة وجماعات محلية وتأمينات وبريد...) ثم القطاع الخاص. في المستوى الرابع ويتعلق بخاتمة الكلمة، حيث حللها سوسيولجيا بتجاوز إطار تشخيص الوضع ومساءلته إلى أن الناتج البديل أو البدائل الممكنة من خلال طرح السؤال التالي: " أين نسير ؟ وما هي مهامنا في المرحلة المقبلة... وتأسيسا على ذلك فاللغة تتجاوز إطار التوظيف إلى انتقاد الرؤية التي تهم المجال الرسمي الحكومي على مستوى الحوار في الجولات الأربع من التفاوض الجماعي والمقترحات الحكومية.وختم الباحث ورقته بان الخطاب الكونفدرالي، فضلا عن قوة حجته وتماسك منطقه، وارتباطه بالتاريخ والمستقبل فان معجمه السوسيولوجي اللغوي يشتغل على لغة ذات قدرة على التكلم والاقناع تستثمر الاستشهاد بالآيات القرآنية، والأبيات الشعرية، واستعمال الدارجة المغربية للحفر في سوسيولجيا اللغوية.خطاب الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب:تعايش المرجعيات أم التباسها؟في المداخلة التي تقدم بها د/جمال بندحمان حول " خطاب الاتحاد الوطني للشغل بالمغرب: تعايش المرجعيات أم التباسها؟" قارب الخطاب النقابي انطلاقا من مقدمة وفرضيات طرح خلالها بأن الحديث عن الخطاب النقابي يتطلب استحضار سياقه العام المقترن بالمسار الذي عرفه المغرب منذ الفترة الاستعمارية، أي منذ اللحظات الأولى لتأسيس الخطاب النقابي المغربي مع الكونفدرالية العامة للشغل( السي جي تي الفرنسية ) والذي تولدت عنه مفاهيم تحيل على مرجعية محددة هي أكثر اقترانا بخطاب يساري. وفي مقابل هذا الخطاب النقابي ستظهر ملامح تصورات نظرية مخالفة تدعو إلى تأصيل العمل النقابي وإيجاد تعليلات تنطلق من التقاليد العريقة ومن المبادئ الإسلامية.بحسب ما أكده مؤسسو الاتحاد الوطني للشغل سنة 1973، والذي اقترن ظهوره بالإشكالات التي طبعت وتطبع المجالات الثقافية والسياسية والاجتماعية العربية، أي بتلك المانوية الفكرية التي كثيرا ما قيدت مسار الفكر العربي والتي تلخصها ثنائية الأصالة والمعاصرة. بعد طرحة لعدد من الفرضيات المرتبطة بالتأسيس وهواجسه انتقل الباحث للتساؤل عما يميز الخطاب النقابي للاتحاد الوطني للشغل عن غيره من النقابات؟ وهل من الضروري أن توجد حالة التميز هذه؟ وكيف يمكن لنقابة ولدت من رحم الخطاب الإسلامي أن تصوغ خطابا نقابيا يستوعب إكراهات الحركة العمالية دون أن يسقط في الترويج لخطاب ديني مباشر؟ وكيف يواجه هذا الخطاب إكراهات التدافع التي تعرفها إشكالات الانتماءات ومرجعياتها؟وما نوع الوشائج التي تربط العمل النقابي بالعمل السياسي داخل هذا الخطاب؟وما مفاهيمه الأساسية؟وما شكل خطابه وما صيغه؟و ما نوع المفاهيم التي يشتغل بها؟ ليصل جمال بندحمان إلى الافتراض التالي : كون الاتحاد الوطني للشغل ينتج خطابا مفكرا فيه، لا مجال فيه للارتجال، يخضع لتصور قبلي ذي طبيعة منهجية ونسقية، وينهل من أطر مرجعية متعددة، ويستحضر البعد الهوياتي والأخلاقي في مقاربته، ولا يغيب المعطى الديني، ويتماهى مع الخطاب السياسي الإسلامي بصورة مضمرة استنادا على تشاكلات متعددة. المحطة الثانية من مداخلة د/جمال بندحمان توقف خلالها عند الشعارات النقابية، فعندما يردد الخطاب النقابي شعارات ما، فإن حدود الاعتباطية لديه تكون ضيقة، ذلك أن الاختيارات المفاهيمية هي اختيارات تعكس طبيعة الانتماء، بل إن الشعارات باعتبارها آلية من آليات التعبئة تسمح بالبحث عن المقاصد المضمرة في الخطابات، إذ تتم صياغتها وفقا لما ينسجم والإطار العام المهيكل للعمل النقابي، فتحضر التوازيات اللغوية، والإحالات المرجعية، والقوة الإيحائية.. وقد جاءت هذه الاستنتاجات مرفقة بتحليلات لبعض الشعارات من حيث المحتوى المرتبط بالبعد الاستراتيجي لعمل النقابة، ومجال مرتبط بحالات طارئة. فتستحضر الأبعاد الاقتصادية والاجتماعية والتربوية والسياسية، فهي تتحدث عن مغرب الفقر والرشوة والفساد وغياب الأخلاق ، لكنها تتحدث أيضا عن العمق الوطني والقومي باستحضار مغربية الصحراء وسبتة ومليلية وفلسطين والعراق. وهي ذات الشعارات التي أطرت الحركة النقابية اليسارية منذ الستينيات من القرن الماضي، غير أن مايميز محتوى هذا الخطاب هو تركيزه على بعدين أساسيين لم يكن لهما دوما نفس الحضور في الخطاب النقابي اليساري. يتعلق الأمر باستحضار البعدين الأخلاقي والديني، لكن استحضارهما يطرح أحيانا التباسات بتعدد دلالي . محور آخر عالجه الباحث في تدخله، وهو تجاور المفاهيم، ذلك أن ما يميز خطاب فاتح ماي لنقابة الاتحاد الوطني للشغل هو كثرة المفاهيم الموظفة، إذ نجد حقولا دلالية واسعة تجمع بين الحقوقي والاقتصادي والاجتماعي والتربوي، فتحضر مفاهيم: الوطن والوطنية والمواطنة والحكامة والديمقراطية والحقوق والواجبات والعدالة والعولمة والمسؤولية وغيرها مما يقترن بالمرجعيات التي تنسب لثقافة الحداثة، أي لثقافة تعتبر نفسها المنافس التاريخي للثقافة التقليدانية التي كثيرا ما تم ربط اسم الاتحاد الوطني بها، ومعنى ذلك أن هذا الخطاب يتبنى المرجعية نفسها فهو يتحدث بمفاهيم حقوق الإنسان الكونية كما صاغتها الأدبيات الأممية، ويرتكز على المرجعية العمالية العالمية، غير أن هذه المفاهيم الحداثية تتجاور مع مفاهيم أخرى مستمدة من عيون التراث، إذ نجدها مصاغة بعناية تامة ومخترقة للخطاب الكوني.النقطة الأخيرة في مداخلة ذ/ جمال بندحمان حول خطاب المخارج المنهجية مركزا على ماله صلة بالمخارج المنهجية التي تبرز القدرة على المناورة السياسية بتبني الموقف المبدئي وتسييجه بإطار موضوعي، وقدم مثالين يبينان هذا التوجه، هما كيفية توظيف المعطى الديني في خطاب نقابي، وكيفية استثمار موضوع الوحدة الترابية وربطه بجهوية موسعة ومن خلالهما تبني مطلب الإصلاح الدستوري دون الدخول في الإشكالات المتولدة عن هذا المطلب.خطاب التبرير في خطاب الاتحاد العام للشغالين بالمغربوقدم د/ إدريس قصوري مداخلة بعنوان "البنية الاستشارية والقوة الإنجازية"في وثائق فاتح ماي الخاص بالاتحاد العام للشغالين بالمغرب وقد جاءت ورقته في شكل تحليل يستند إلى نظرية تحليل الخطاب لفان ديك التي تهتم بتحليل الخطاب الاجتماعي الإدراكي في جانبه الأيديولوجي والسياسي والإعلامي، وفي إطار منهج تكاملي يجمع بين مستويات عديدة، موضحا في استهلال نظري مهد به عرضه أن أي تحديد للخطاب لابد من أن ينطلق من محددين أساسيين هما: الوعي بتعدد الخطابات والوعي بتعدد نظريات ومنهجيات تحليل الخطاب، وبناء عليه فخطاب الاتحاد العام للشغالين يجمع بين الاجتماعي والأيديولوجي والسياسي وأي تحليل - في نظر قصوري - لمثل هذا الخطاب لا يمكن أن يقوم على وثيقة واحدة وإنما على وثائق متكاملة تمكن الباحث من بناء تصور واضح حول هذا الخطاب، ولهذا الاعتبار تناول الباحث في مستوى أول من تحليله النداء والقصاصة منتهيا إلى تسجيل جملة من الملاحظات حول صورة وغلاف القصاصة/النداء من خلال قراءة في الألوان المعتمدة والرسوم الموظفة من قبيل اعتماد القصاصة لون حزب الاستقلال وإبرازه أكثر من الشعار بالإضافة إلى تبئير الصورة لعامل عصرته الآلة واتجه نحو الاتحاد العام للشغالين ومنه التنظيم الاستقلالي الحامل للمرجعية الوسطية التي تدل عليها عقارب الساعة، منتقلا إلى قراءة الألفاظ والتعابير، كتراكيب الجمل والآليات البلاغية المعتمدة والدلالات اللفظية التي يولدها سياقها.في مستوى ثان قدم د/ قصوري جملة من الملاحظات النقدية حول نقابة الاتحاد العام للشغالين بالمغرب من خلال كلمة فاتح ماي،مثل اختزال حقوق الشغيلة في كلمة واحدة، وميل الكلمة الواضح إلى تبرير ذمة الحكومة من أزمة مواقع الشغيلة المغربية باستحضارها لإكراهات المحيط
الدولي، وكذا بتحميلها جزء من المسؤولية للشغيلة، كما أكد على أن كلمة الاتحاد العام تفصح عن ارتباط في اللغة وعدم وضوح المقصد وهو نفسه ما يعبر عن تناقضات صارخة في متن الكلمة.بعد هذه المداخلات التي تناولت بيانات فاتح ماي للمركزيات النقابية الأكثر تمثيلية للمشهد النقابي بالمغرب،و بعد تعذر حضور الأستاذ الباحث الذي كان من المنتظر تقديم ورقته حول الخطاب النقابي للفيدرالية الديمقراطية للشغل، جاءت كلمة النقابيين مؤكدة على أهمية مثل هذه الندوات العلمية الكفيلة بمد الشأن النقابي بنفس جديد والمساهمة في الدفع به إلى الأمام بمواقفها والياتها ومقترحاتها ، وأكثر من ذلك اعتبارهم الجامعة مدرسة للمناضلين النقابيين ، وفي سياق تبادل المعارف أكد محمد عطيف عضو المكتب التنفيذي للكونفدرالية الديمقراطية للشغل على ضرورة الربط بين الحقوق العمالية وإشكالية الديمقراطية في المغرب، وهو ما دفعه للقول بأن الخطاب النقابي بالإضافة لخصوصياته النضالية الحقوقية هو خطاب حامل وممثل لموقف سياسي، وفي هذا الصدد أشار إلى أن الانسحاب الذي سجله أعضاء الكونفدرالية من مجلس المستشارين يعتبر موقفا سياسيا واضحا وصريحا في الإعلان، على أن ما يشغل الكنفدرالي ليس الدفاع عن القدرة الشرائية للعامل فحسب، وإنما مشكل ديمقراطية المغرب. وعن نفس النقابة أشار أحمد أخميس أن هذا اللقاء يعد دليلا على أن المغرب يسير في طريق التقدم، وأكد على أنه ما كان لمثل هذه اللقاءات أن تنعقد في مؤسسات عمومية وتناقش بحرية لولا تضحيات مناضلين قدموها هبة في درب نضالهم في سبيل الحق في الحريات والمشاركة، منتقلا بلغة واضحة وصريحة إلى المصادقة على ما جاء على لسان محمد عطيف مؤكداً أن أم الإشكالات في مغرب اليوم تكمن في مطلب الديمقراطية، منتهيا إلى أن خطاب ك.د.ش منذ تأسيسها إلى اليوم خطاب سياسي اجتماعي ينجلي واضحا في أكثر من محطة نضالية للنقابة، ودلل على كلامه بقوله إن محاكمة الأموي سنة 92 لم تكن بسبب تصريحه لجريدة الباييس الاسبانية ، بقدر ما كانت راجعة إلى موقفه السياسي النقابي الصريح، وهو نفسه الموقف الذي تسجله الكونفدرالية ، يفضح الفساد والمفسدين . ودعا محمد لشكر عن الفيدرالية الديمقراطية للشغل إلى استمرار مثل هذه اللقاءات التي تساهم في نسج العلاقة التواصلية بين النقابي والجامعي، مؤكدا على أهمية البحوث السوسيولوجية التي يقوم بها الباحث في تطوير الخطاب النقابي وإخراجه من سمة الوصفية التي تطغى عليه والتي حالت دونه وتقديم حلول ناجعة لمشكلة المجتمع. كما تقدم مسؤول نقابي عن الاتحاد العام للشغالين بالمغرب بكلمة أكد من خلالها ضرورة مراعاة الأكاديمي للشرط الموضوعي في تناول مثل هذه الخطابات معتبرا أن الباحث الجامعي فوق مستوى الوقوع في منزلق ذاتية تكشف انحيازه، واعتبر أيضا أن الخطاب النقابي دائم العمل والحضور لا يجب حصره في لحظة زمنية محددة ( فاتح ماي) منتهيا إلى انه يعتبر ما يجري الآن في المغرب من تحولات جوهرية يدخل ضمنها هذا النقاش في المؤسسة الجامعية، الذي كان فيما مضى في حكم الطابو، وهو تأسيس لثقافة جديدة تشارك فيها كل أطراف ومكونات المجتمع. وتلت هذه المداخلة مناقشات أخرى لباحثين وأساتذة طرحت جملة من التساؤلات شكلت مقترحا لجلسات علمية أخرى حول الخطاب النقابي والشأن الاجتماعي.باحث في الأدب والثقافة بالمغرب


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.