سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
ردا على الجارة الجزائرة جلالة الملك يقوي ظهر الجهة الشرقية بضع الحجر الأساس لبناء أول محطة حرارية شمسية في العالم والعلاقات الجزائرية المغربية من وجهة نظر باحث في القانون الدستوري
أشرف صاحب الجلالة الملك محمد السادس،يوم الجمعة الماضية بجماعة بني مطهر (إقليم جرادة)،على وضع الحجر الأساس لبناء محطة حرارية شمسية ذات دارة مندمجة. ويتعلق الأمر بأول محطة من هذا النوع في العالم تقدر تكلفة بنائها ب4 ملايير و600 مليون درهم.وتندرج الزيارة الملكية الميمونة في إطار الاهتمام المولوي الكبير لكل مناطق الجهة الشرقية التي خصها جلالته بمبادرة ملكية لتنمية الجهة الشرقية التي عانت كثيرا من عدة اختلالات ونقص في البنية التحتية والحصول على نصيبها من البرامج الحكومية المتعاقبة على تدبير الشأن العام.وبفضل هذه الإرادة السياسة للدولة المعبر عنها من طرف صاحب الجلالة، بدأت الجهة الشرقية تنتعش باحتضان العديد من الأوراش الكبرى، وخاصة محور وجدة السعيدية الناظور تاوريرت، وبقي الجزء الجنوبي باقليم جرادة وفجيج ينتظر نصيبه من تنفيذ مضامين المبادرة الملكية.والطريق إلى عين مطهر أو" بركم" كما يحلو لسكانها تسميتها ليست بالوعرة ولكن صعبة للغاية، وإمعان النظر في آلاف الهكتارات الشاسعة واليابسة، رغم فصل الشتاء/ الربيع، يحبسها ويوقفها السراب الممتد على مسافات بعيدة يضيف الزميل ذ.عماري، إنها بالفعل منطقة تنطق ب "المغرب غير النافع".وعورة الطريق والمسالك التي قطعناها للوصول إلى النقطة التي سيحل بها الموكب الملكي، أعطتنا انطباعا وحيدا وهو أن هجرة مئات العائلات نحو المدن ومنها نحو المهجر كان ملاذا لمن لا ملاذ له، وكان خيارا صائبا، بالرغم من مخاطر البحر والهجرة السرية، وليسمح لي القارئ، بالقول إن البحر أهون من العيش في منطقة معزولة نائية لا تتوفر على شروط الحياة، لقد فقدت المنطقة خصوصياتها من رعي وفلاحة، حتى بعض النباتات المعروفة بالمنطقة فقدتها الهضاب العليا، أما الحديث عن ضرورات الحياة ومستلزمات البادية فهو في خبر كان. في طريقنا التي امتدت أكثر من 15 كلم بطريق غير معبدة، صادفنا العديد من المواطنين وقبلهم ونحن وسط مدينة عين بني مطهر، ظللنا الطريق مرتين في اتجاه غايتنا ولم يكن من بد سوى سؤال أحد رجال الأمن الذي كان مرابطا بالطريق، " أهلا سيدي أنا صحافي من وجدة جئت لمعاينة المنطقة والنقطة التي سيحل بها جلالة الملك"، كان جواب الشرطي: " في طريقك حتى ملتقى الطرق/ عليك بالطريق الشمالية"، قبل أن يتمم كلامه أردفت : " سيدي هل النقطة قريبة"، أجاب: " نعم".أخدنا الطريق أنا ومرافقي لكن معرفتي بالطريق التي تؤدي إلى منطقة "لمريجة" في اتجاه سيدي لحسن ودبدو، جعلني أتساءل عن مكان النقطة بالضبط/ لاسيما وأنا الطريق ممتدة على بساط دون أية منعجرات أو جبال قد تخفي النظر، وتيقنت أن الشرطي هو الآخر لايعرف النقطة بالضبط وقد يكون أوهمنا بالقول أن النقطة التي هي وجهتنا قريبة. في طريقنا الذي طال ويطول وجدنا الأشغال على قدم وساق، صباغة الأرصفة، تحديد وصباغة الطريق، طلي الأشجار بالجير، جرافات وحاملات تنكس جنبات الطريق، أعلام ورايات هنا وهناك. أمامنا ووراءنا بعض السيارات التي انتقلت هي الأخرى لعين المكان والهدف كان هو حضور مراسيم الإحتفالات التي انطلقت، وعبأت لها قبائل المنطقة خيولها وخيامها ، إنها بالفعل صور لشعب وفي، متشبت بقيم الولاء والترحاب، والأمر مختلف تماما هنا، لاسيما وأن المنطقة معروفة بكرمها وجودها وكبريائها وكيف والحال أنهم أمام زيارة ملك البلاد.وصلنا النقطة بعدما قطعنا كيلومترات بطريق غير معبدة وقبل الوصول بدت لنا المنطقة قاحلة وتحددت نقطتنا من خلال الرياح المتطايرة والشاحنات المتنقلة في مكان مهجور بقلب منطقة عين بني مطهر في طريقك إلى "لمريجة"...وسيتم تمويل هذا المشروع الضخم، الذي عهد بإنجازه إلى المجموعة الإسبانية "أبينكو"، بفضل هبة من الصندوق العالمي للبيئة قدرت ب44 مليون دولار وبدعم من البنك الإفريقي للتنمية،علاوة على موارد أخرى منها اعتمادات خاصة بالمكتب الوطني للكهرباء.وسينجز المشروع بجماعة بني مطهر،على بعد86 كلم جنوب مدينة وجدة،على مساحة إجمالية تقدر ب160 هكتارا, يغطي منها الحقل الشمسي مساحة88 هكتارا.وتبلغ قدرة هذه المحطة472 ميغاواط، تمثل منها الطاقة الشمسية20 ميغاواط بفضل إدماج الطاقة الشمسية،وستساهم بنسبة 5.8 بالمائة في الإنتاج الوطني، وبما قدره10 في المائة من طلب ذروة المساء .و كانت المحطة مصممة في البداية لإنتاج230 ميغاواط من الطاقة فقط ، إلا أنه تم في يوليوز2006 ، بتشاور مع مقدمي العروض والممولين، رفع هذه القدرة إلى472 ميغاواط بهدف الاستجابة للطلب المتزايد على الطاقة،ولضرورة ترشيد استعمال غاز الإتاوة على مستوى مرور أنبوب الغاز الطبيعي المغرب العربي-أوروبا الذي سيزود هذه المحطة.وسيتم تشغيل وحدات الإنتاج بالمحطة ابتداء من النصف الثاني من سنة2009 ، ومع إدماج الطاقة الشمسية ستمكن هذه المنشأة من اقتصاد12 ألف طن من الفيول سنويا ومن تقليص مستوى انبعاث ثاني أوكسيد الكاربون في الهواء ب33 ألفا و500 طن سنويا.وبإنجاز المحطة الحرارية الشمسية ذات الدارة المندمجة ببني مطهر ستتوفر الجهة الشرقية على قدرة فائضة تقدر ب300 ميغاواط ستساهم في تزويد باقي مناطق المملكة، وذلك بعدما كانت منشآت إنتاج الطاقة بالجهة الشرقية لا تغطي حتى الآن سوى60 في المائة من حاجيات المنطقة. وبالموازاة مع هذه المحطة تمت برمجة مشروع إعادة تأهيل المحطة الحرارية لجرادة التي تم الشروع في استغلالها منذ سنة1971 وذلك بغلاف مالي يقدر ب400 مليون درهم.وتضم هذه المحطة ثلاث وحدات بطاقة إنتاجية تقدر ب165 ميغاواط وتساهم بنسبة خمسة في المائة في الإنتاج الوطني. وستمكن أشغال تهيئة وعصرنة هذه المحطة، والتي ستنتهي سنة2010 ،من الرفع من طاقتها إلى500 ميغاواط.ويندرج مشروع المحطة الحرارية الشمسية ذات الدارة المندمجة في إطار مخطط مندمج يشرف عليه المكتب الوطني للكهرباء، ويرمي إلى تعزيز حظيرة إنتاج الطاقة الكهربائية بالمنطقة الشرقية، وتشجيع استعمال الطاقات البديلة والمتجددة. وسيساهم في فك العزلة على المنطقة، وخلق مقاولات صغرى ومتوسطة محلية وتوفير فرص للشغل. وفي خضم النقاش حول الحدود المغربية الجزائرية، ووسط نقاش شعبي ورسمي حول احتمال إعادة فتحها، يقوم صاحب الجلالة بزيارة لمنطقة حدودية لتدشين مشروع طاقوي كبير. الزيارة تحمل دلالات عميقة، لكن من المهم الإشارة في البداية إلى أن الأمر يتعلق بإشارة سياسية واضحة للأشقاء في الجزائر.الدلالة السياسية الدوليةإن الزيارة الملكية في هذه الظرفية بالذات، دليل على أن المغرب يولي المناطق الحدودية أهمية خاصة. مناطق تحتاج إلى العناية لأن المصالح فيها متداخلة. إن تحسين ظروف معيشة السكان في جانب حدودي يعود بالنفع وبالضرورة على سكان الجانب الحدودي الآخر. لذا، فإن هذه الزيارة، وما تحمله من بشائر خير، ستؤثر في نفسية السكان من الجانبين؛ وفي ذلك مغزى عميقا.إن المغرب، من خلال هذه الزيارة، وفي شخص الممثل الأسمى للأمة، يقول إن استعدانا كامل لفتح الحدود، وإضفاء دينامية جيدة على العلاقات المغربية الجزائية، المتعددة والمتنوعة. إننا في المغرب نعالج كل مشكل بما يليق له من الحلول. بل أنه ليس صدفة أن يكون المشروع الذي سيتم تشينه مشروعا "طاقويا".إن الحدود لوحدها طاقة، ينبغي العمل على حسن استعمالها، وذلك من خلال فتحها وليس إغلاقها، من خلال إحيائها وليس قتلها، من خلال تحريكها وليس تجميدها. فالحدود ليست غاية في حد ذاتها، يتم ترسيمها وينتهي الأمر؛ بل هي وسيلة لاستنهاض إمكانيات كل طرف وتحسيسه بمسؤوليته تجاه الطرف أو الأطراف الأخرى. وفي هذا الصدد، فإن هذه الزيارة الملكية إشارة سياسية واضحة على الاستعداد الكامل للمغرب للتغلب على أية صعاب تعوق فتح الحدود.ألم تُغلَق هذه الحدود لأسباب لم تعد قائمة؟ ألم يتم إغلاق الحدود لعوامل لا علاقة لها بموضوع الصحراء؟إن المنطق السليم يقتضي القول على أن زوال الأسباب يجب أن يؤدي إلى زوال النتائج. فمن يُعاكس المنطق؟الدلالات الرمزيةتحمل الزيارة الملكية لإقليم جرداة، ولتدشين مشروع معين، دلالا متعددة:من حيث نوعية المشروع ،إضافة إلى كون المشروع الذي سيتم تدشينه ذو علاقة بمجال الطاقة، فإنه أيضا يستغل الإمكانيات الطبيعية التي لا يُمكن للحدود أن توقفها. إن مشروع الطاقة الحرارية الشمسية، يوحي بالرغبة في إضفاء حرارة على الحدود المُغلقة والمُجمدة. إنها الرغبة في علاقات مغربية جزائرية دافئة عوض البرودة الحالية.يُمكن للجزائر أن تُوقف كل ما هو اصطناعي أو بشري في علاقتها مع المغرب، فنوقف الحافلات والسيارات، وتمنع تحرك الأشخاص والبضائع، لكنها ليست قادرة على إيقاف أشعة الشمس. إن المسألة البديهية هنا، هي أن الدولتان مجبرتان على العيش وفق القواعد الطبيعية، وأن تبتعدا عن كل ما هو مصطنع.وتقتضي القواعد الطبيعية السماح للأشقاء والأقرباء والأحباب بالتحرك بسهولة بين الحدود حتى يجتمع شمل العائلات والقبائل. إنها علاقات إنسانية، اجتماعية، عائلية، لا يُمكن الوقوف ضدها. أما ما هو مصطنع، فهو معاكسة المغرب في استكمال وحدته الترابية. باستثناء مجال الطاقة، حيث تنعكس الآية، فتعيش الجزائر بمداخيل النفط والغاز كثروات طبيعية، بينما المغرب يؤدي فاتورته ويعمل على خلق الطاقة ولو بطريقة اصطناعية.بخصوص إقليم جرادة،إن إغلاق منجم الفحم الحجري بجرادة، ورغم المجهودات المبذولة لتجاوز هذه الوضعية، فإن الإقليم لا زال يعيش على مخلفات الفحم. لقد كانت جرادة تُنتج لوحدها حوالي ثلث الطاقة بالمغرب، في زمن كانت فيه مناجم الفحم الحجري ومعمل الطاقة الحرارية بالمدينة يشتغلان جنبا إلى جنب.وتُعتبر هذه الزيارة، ومن خلال مشروع مركب الطاقة الحرارية الشمسية إعادة لمكانة الإقليم. وإشارة سياسية أخرى للجزائر: فعبر هذا الإقليم يمر أنبوب الغاز الجزائري الذي لا يستفيد المغرب منه، فلماذا إذن لا نُبرز قدرة البلاد على خلق الطاقة بإمكانياتنا الذاتية؟ذلك هو جوهر الزيارة الملكية، لإعطاء الانطلاقة لمشروع يمتد على مساحة 160 هكتارا، وبتكلفة تصل إلى 400 مليار سنتيما، لإنتاج 470 ميكا وات، أي ما يعادل عُشُر إنتاج الطاقة بالمغرب.فهل هناك من دلالة أقوى لهذه الزيارة الميمونة؟ومن جهة أخرى،يضيف د.بن يونس المرزوقي الأستاذ الباحث بجامعة محمد الأول بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية في جامعة محمد الأول بوجدة "لاشك في أن العلاقات بين بلدين متجاورين تتعرض خلال تاريخها لفترات من المد والجزر، ناتجة أساسا عن تداخل العوامل التي ساهمت في رسم الحدود بينهما، فهناك ماهو تاريخي، وماهو جغرافي وقبلي وسياسي..مما يجعل هذه العلاقات تتجاذبها كل هذه العوامل، بعضها في اتجاه التعاون وبعضها في اتجاه الصراع.وإذا كانت الدول المتقدمة قد استطاعت تجاوز هذه المرحلة، فإن كل ذلك لم يكن بالأمر اليسير، بل عرفت هذه الدول معارك طاحنة عديدة قبل أن تستقر في اتجاه التعاون وحسن الجوار.أما باقي الدول الأخرى، فإن العوامل المشار إليها أعلاه –إضافة إلى دور الاستعمار في رسم الحدود بشكل يخدم مصالحه أساسا- لازالت تتعرض العلاقات للتوتر أكثر مما تعرضها للاستقرار.في هذا الإطار يمكن إدراج العلاقات المغربية-الجزائرية. فالدولتان معا تجمعهما أواصر العرق والدين واللغة والماضي المشترك والمصير الواحد...ومع ذلك لازالت هذه العلاقات لم تستقر بعد على الشكل الإيجابي المطلوب،فالمتأمل في الخريطة الجغرافية الإفريقية، أو العربية، أو لحوض البحر الأبيض المتوسط، يقتنع بسهولة أن هاتين الدولتين محكوم عليهما بالتعايش، وأن طول الحدود والطبيعة الجغرافية المحاذية لها تفرض عليهما عملا مشتركا لجعل هذه المناطق نافعة بما فيه الكفاية عن طريق المشاريع المشتركة، سواء كانت فلاحية أو صناعية أو تجارية أو خدماتية...لكن الواقع يثبت عكس ذلك. فما هو السبب؟ وما هي العراقيل التي تقف في وجه التوجه الوحدوي؟".وحول صراع الدولة/الأمة،أكد الأستاذ مرزوقي أن"هناك عوامل متعددة ومتداخلة في نفس الوقت. فمن الناحية التاريخية شكل المغرب بإرثه الواسع عقدة لكل الدول المجاورة. لقد مر زمن كانت فيه جل هذه المناطق تدين الولاء للسلطان المغربي، كما أن محافظته على استقلاليته تجاه الخلافة العثمانية شكلت نقطة ثقل أخرى عكست قوة الدولة وتماسك الشعب المغربي تجاه الخضوع للهيمنة الخارجية.وحتى تأخر خضوعه للحماية الفرنسية إلى غاية 1912 كان نقطة إضافية لصالحه.لقد نسجت كل هذه العوامل قيمة تاريخية بالنسبة للدولة المغربية وقوة شعبية متماسكة ملتفة حول عرش يلعب دور المؤطر الديني والسياسي. إن الدولة قائمة والتحامها بالأمة واقع لارجعة فيه، وهذا هو أهم شرط لقيام الدولة-الأمة (نستعمل مصطلح الأمة بكل تحفظ، لأن الشعب المغربي ينتمي أيضا إلى إطار أشمل وأعم: الأمة العربية، والأمة الإسلامية).وفي مقابل ذلك، نجد أنم الجزائر لازالت لم تتصالح مع نفسها. فالدولة اختفت لفترات طويلة، واعتمادها لنظام مركزي صلب، يحاول جمع ما شتته الدهر لم يستعمل في الاتجاه الصحيح. فالنظام القائم على الحزب الواحد، والمعتمد على قوة الجيش وعلى إيديولوجية غريبة عن مجتمع خضع لاستعمار غربي/مسيحي كاد أن يمحو هويته الإسلامية، كلها إطار الاختلاف والتنوع (كما كان الشأن بالنسبة للمغرب من خلال التعدد الحزبي والنقابي..) وهكذا انتهز هذا المجتمع أول فرصة مواتية لإثبات هذا التنوع، وذلك مع نهاية الثمانينات.إلا أن تصلب النظام مرة أخرى، وقوة الفصائل المتحكمة فيه، فوتت هذه الفرصة من خلال تعنتها وتشبثها لآليات للحكم والسيطرة أصبحت غير متلائمة مع طبيعة نهاية القرن العشرين.إنه لمن الطبيعي إذن، ألا يحصل ذلك الانسجام بين الدولة والأمة داخل الجزائر، وأن تصبح علاقاتها مع الجيران علاقة تندرج كلها في محاولة إثبات الذات. إن هذه الدولة لن تسمح لأي مجتمع مجاور أن يزيد من تسجيل قوته واستقلاليته أو من إبراز إرثه التاريخي. ومن سوء حظ المغرب أنه الدولة الوحيدة المجاورة للجزائر والمتوفرة على هذه المؤهلات، لذلك أصبح عرضة لأشكال من العراقيل المصطنعة أساسا، وعلى رأسها قضية استكمال وحدتنا الترابية".وحول العوامل الاقتصادية والاجتماعية،يؤكد د.مرزوقي أنه "إلى جانب ذلك السبب التاريخي الجوهري، هناك أسباب أخرى أقل أهمية، لكنها مع ذلك كافية لإلقاء برودة دائمة على العلاقات المغربية الجزائرية.إن ساكنة المنطقة الحدودية متداخلة بينها بشكل يصعب فصله، كالعلاقات القبيلة، والعلاقات العائلية نتيجة المصاهرة والهجرة، والعلاقات التجارية المرتبطة بالتهريب...ولذلك عادة ما يتم القفز على هذه العوامل بالذات لإبقاء العلاقات في مستوى الصفر.إن سكان المنطقة الشرقية للمغرب والمنطقة الغربية للجزائر تجمعهم عوامل أكثر خصوصية. وقد حاول النظام الجزائري وهو في قمة قوته أن يلعب على هذه العناصر بالذات، فكان أن أجبر جل المغاربة القاطنين بالجزائر على العودة في ظروف أقل ما يقال عنها أنها غير إنسانية، وكان الهدف هو إرباك المغرب بصفة عامة، وتأزيم ساكنة المغرب الشرقي بصفة خاصة عن طريق إغراقها بآلاف العائلات التي وجدت نفسها بين عشية وضحاها لا تملك أي شيء.مرة أخرى أدى تماسك الشعب المغربي وقوة دولته إلى استيعاب الموضوع فأدمجت كل العائلات بشكل لم يعد معه أي أحد يتذكر ما وقع آنذاك. وحتى إغلاق الحدود نفسها لم يؤثر على أي نشاط بالمنطقة في حينه.ومع تطور الظروف السياسية (تغيرت طبيعة النظام بالجزائر، الصراع الدموي الداخلي، إحداث اتحاد المغرب العربي...) والظروف الاقتصادية (تزايد تهريب السلع بين الحدود..) والاجتماعية (تشبث السكان المجاورين للحدود بعلاقاتهم الطبيعية...) لم تجد الجزائر بدا من إعادة فتح الحدود لتكشف مرة أخرى أن أي علاقة طبيعية بين بلدين ستكون حتما لصالح النظام الأكثر استقرارا والأقوى اقتصادا. فكان أن وقع من الأحداث ما من شأنه أن يعيد إغلاق الحدود إلى أجل غير مسمى.وجوابا عن سؤال "من المستفيد من إغلاق الحدود؟"يقول د.مرزوقي"منذ الإغلاق الأخير للحدود، ورغم التغيرات التي عرفتها الدولتين المتجاورتين، بقي موضوع العلاقات في نفس مستواه، ولم نعد نسمع إلا عن احتمال فتح الحدود، ثم تبخر الأمل، ثم إشاعات جديدة، يتلوها صمت مطبق، وبين هذا وذاك تطالعنا الأخبار بمقتل مهرب حينا وبسرقة قطيع غنم حينا، وهي مناوشات صغيرة تستهدف بشكل أو بآخر جر المغرب إلى مناوشات مضادة لا تخدم مصلحة المنطقة، ومرة أخرى إبان المغرب عن رباطة جأشه.إن استمرار هذه الوضعية يدفع إلى التساؤل عن الأطراف عن مصلحتها استمرار هذه الحالة، فالمغرب أعلن ملكا وحكومة وشعبا عن ترحيبه بأي مبادرة تعيد المياه إلى مجاريها، ورئاسة الدولة الجزائرية تعاملت مع الموضوع بشكل إيجابي مثير للانتباه، سرعان ما تبعه تغير جذري في الموقف فمن يضغط في الاتجاه المعاكس؟"