يظلم الموسيقي اللبناني مرسيل خليفة حين يقال انه أحد أبرز رموز الاغنية العربية الملتزمة فهذا التصنيف في أحد أبعاده يقلل من شأن الفني على حساب السياسي ومن حسن حظ خليفة أن تجربته في الاتجاهين ثرية حيث انطلق بين العود ودواوين الشعر تحت قصف نيران الحرب الاهلية اللبنانية.قال خليفة الاربعاء 19-4-206 في مؤتمر صحفي بالقاهرة ان الحضارة الانسانية بحاجة الى لحظة تمرد دائما فالقيم الانسانية الكبرى مثل الحرية والعدالة لا تشيخ حتى اذا شاخت أو تغيرت أدواتها مشيرا الى بقائه ورهانه على منطقة اليسار. وينتمي خليفة الحاصل على لقب فنان السلام عام 2005 من منظمة الاممالمتحدة للتربية والعلوم والثقافة (يونسكو) لجيل شهد تراجعات ابتداء من اندلاع الحرب الاهلية في بلاده منتصف السبعينيات وانتهاء بالاحتلال الامريكي للعراق قبل أكثر من ثلاث سنوات. وانطلقت تجربته الموسيقية في بداية السبعينيات وظل مدافعا عن قيم الحرية والتسامح والعدالة بل يكاد يكون رمزا لها فيما يقدمه من أعمال تجاوزت النخبة الى الجمهور العام.ويأتي خليفة الى مصر بعد تسع سنوات منذ شارك عام 1997 في مهرجان الموسيقى العربية بالقاهرة. ويقدم الخميس بدار الاوبرا المصرية حفلا بمشاركة فرقة الميادين اللبنانية كما يشاركان الجمعة القادم في حفل ثان بمركز ساقية الصاوي ضمن (مهرجان الربيع) الذي تشارك فيه فرق غنائية وفنانون وشعراء عرب وأجانب.وتنظم المهرجان مؤسسة المورد الثقافي وهي مؤسسة عربية غير حكومية مقرها بلجيكا وبدأت نشاطها عام 2004 حين نظمت مهرجان (أول ربيع) بالقاهرة. وقال خليفة انه ظل فترة أقرب الى السجين في قريته القريبة من بيروت خلال الحرب الاهلية ولم يكن أمامه الا العود ودواوين الشاعر الفلسطيني محمود درويش فكانت تلك مصادفة جيدة لان يفكر في تلحين وغناء قصائد ستشتهر فيما بعد ومنها "ريتا"و"أمي" و"جواز سفر".وللشعر في حياة خليفة منزلة كبرى فهو يرى أن الشعر من أرقى الفنون ويعتبر الثقافة العربية من شعر وموسيقى وفكر كيانا متكاملا "واذا انهار الحائط الثقافي انهار كل شيء". ويؤمن خليفة بالتنوع في الثقافة والفنون. وبعضها يكون عابرا للزمن مستشهدا بالموسيقي المصري سيد درويش الذي "مازلنا نتغذى بأعماله". ورحل درويش في مطلع العشرينيات.ولكنه في الوقت نفسه يرى أن الفضائيات العربية لا تخدم قيم الثقافة ولا تبالي بالجماهير حيث تكرس لاعمال وأشكال غنائية في صورة أقرب الى "مد طافح بالقذارة". وتلا خليفة بيانا اختلط فيه السياسي بالفني قال فيه ان اللحظة الكونية الحالية تجعل المثقف أكثر تمسكا بالتزامه الحر وأكثر وعيا بدوره الحضاري في تقدم البشرية فرغم "غطرسة الدول وتخبط القوى السياسية يظل للافراد المبدعين والمثقفين أدوارهم بالغة الفعالية... ليس من الحكمة أن يتخلى المبدع عن أحلامه".وأضاف أن المبدعين هم أكثر الكائنات مقدرة على الحلم حتى لو لم يجدوا فضاء رحبا في سياق يحاصر الابداع الانساني تسوده "مفاهيم غامضة لشروط السوق والتسليع الفاجر للفنون". وحث على أهمية الحوار الصريح بعيدا عن سلطات الانظمة والعشائر والطوائف والمذاهب تمهيدا "لاكتشاف طرقنا السليمة الى الحرية والديمقراطية فنصل اليها بمبادرة ذاتية ونقطع على المحتلين سجل الادعاء بأنهم قادمون لهدايتنا وايصالنا الى الطريق الصحيح بواسطة الصواريخ والمدافع والقمع والقتل والتشرد والتدمير المقصود لثقافتنا وتراثنا وذاكرتنا وأرضنا".ووصف الحرب على الشعب العراقي بأنها غير مبررة وجائرة. وأضاف أن أحدا لم يعد يذكر أن الفلسطينيين "يسقطون كل يوم وكذلك عشرات الجرحى والمعتلقين والمعاقين... انها حرب اسرائيل المدعومة من الولاياتالمتحدةالامريكية على الفلسطينيين. الحرب مستمرة وعلى مدار الساعة".والمهرجان الذي يستمر حتى يوم 12 مايو ايار القادم يقام تحت رعاية سفارتي فلسطين ولبنان ويشارك فيه عازف العود التونسي أنور ابراهيم وفرقة "حوار" الغنائية السورية والفرقة المغربية البريطانية "مومو" التي تقدم موسيقى الكترونية حديثة تمتزج بالايقاعات المغربية التقليدية. ومن الشعراء المشاركين في المهرجان البحريني قاسم حداد والعراقي فاضل العزاوي والفلسطينيةالامريكية سهير حماد وشاعري العامية المصرية أمين حداد وبهاء جاهين.المصدر : وكالة رويترز