من غرائب الأمور وعجيب الصدف ، أنك تجد اليوم في عالم السياسة الهجين أو الرصين . وعالم النقابة الرفيع أو الوضيع ، تجد كائنات غريبة لا لون و لا طعم و لا رائحة لها ،تظهر من حين لآخر بمنهج إلتوائي تلبس الحق لبوس الباطل و تجعل من الدجل السياسي و النقابي أسلوب الولوج بخفاء و خلسة إلى عالم القهر و الفقر تحت شعارات و مواقف عبارة عن صيحات في واد ونفخ في الرماد . محاولة تبني قضاياه و مشاكله .إن ذلك ما يمكن قراءته في بعض القصاصات الإخبارية على سبيل المثال ليتضح المقال ، و يتميز في النهاية الخيط الأبيض من الخيط الأسود مما نشر في جريدة الإتحاد الاشتراكي ليوم الخميس 7 يناير 2008 . في أول صفحتها تحت عنوان : " استعدادات متواصلة في أفق الإضراب الوطني للفدرالية " . وهو بالطبع نداء للمركزية النقابية التي خرجت من رحم الكونفدرالية الديموقراطية للشغل بعدما قسم المنجل السياسوي ظهر الإخوة اليساريين ، ينضاف إلى ذلك ما كتب في خانة " من يوم لآخر " وجهة نظر الحزب ولسانه الناطق ، حيث عمدت الجريدة عبر حنكتها المعهودة وأحكامها المسبقة إلى القول بالفم المليان : إن الإتحاد الوطني للشغل في الجماعات المحلية إضراباته " أخلاقوية " ! و لا أدري ما هي الجهة الاصطلاحية التي تضبط دقة اللفظ و مقاصده الخفية و المعلنة . فعندما تتبع مفردات المقال يمكن حصرها فيما يلي و الدالة في الختام و المحصلة النهائية على تمييع النضال المشروع :1 . نقابة البلديات التابعة للإتحاد الوطني للشغل . و أشير أنه لا توجد نقابة اسمها بهذا الاسم على أرض الواقع النقابي الحالي ، فمن الأمانة العلمية تسمية الأمور بمسمياتها الصحيحة قبل التعليق عليها .2. عاب المقال على نقابة العدالة والتنمية رفع شعار : " محاربة الفساد " وأذكر رفاق الجريدة أن الفعل النضالي ما هو إلا مواجهة لأنواع الفساد و التجاوزات المختلفة . فمن يقول خلاف ذلك ؟ 3. قسم " من يوم لآخر " الإضراب إلى ثلاثة أنواع : إضرابات نقابية و إضرابات سياسية و إضرابات أخلاقوية . و لا أدري أين يضع اليسار السياسي إخوانهم في اليسار النقابي ، و ماذا يسمون الإضراب الذي دعا إليه المجلس الوطني لنقابة FDT هل هو من الفئة الأولى أم الثانية أم الثالثة أم هو شيء لم يسمى بعد !!4. لقد حدد المقال معنى الإضراب " الأخلاقوي " بكونه يجعل مطالب العمال والفئات المتضررة في آخر اللائحة . معناه أن نقابة الإتحاد الوطني للشغل تمارس أي شيء إلا الدفاع المشروع عن مطالب الشغيلة المكلومة؛ و الواقع النقابي يكذب ذلك و الشارع النقابي والنضالي يشهد خلاف ذلك وأعتقد أن ذلك يعتبر غيرة مشروعة .5. يذكر المقال أن الإضراب الذي نادت به نقابة الإسلاميين يشمل بلديات يسيرها الإخوة في العدالة والتنمية . معناه أن النقابة لا تفكر حتى في مصالح الحزب . و هذا الأسلوب حربائي يطرح افتراضات واهية مما يجعل المحصلة و الأحكام النهائية واهية كذلك .إن الذي يجب أن يقوله لسان الإتحاد الاشتراكي لنقابة الإتحاد الوطني ، هو أن ملف الجماعات المحلية ومطالب شغيلتها أصبح من الأولويات القصوى التي لا تقبل التفييئ و لا التسييس ولا التضليل و لا الدجل السياسي أو النقابي ... ملف يجب تجنيه الإقصاء الممنهج ؛ ولنقل في النهاية عبر أسئلة وجيهة في نهاية هذه الأسطر الوجيزة :-هل الإضراب العام الذي دعت إليه نقابة الإتحاد الاشتراكي و الذي سيشمل كل قطاعات الوظيفة العمومية والجماعات المحلية لا يمس الوزارات التي يسيرها رفاق الحزب اليساري ؟-هل الإضراب العام الذي وجهت في إطاره FDT رسالة إلى النقابات الثلاثة دون الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب لا يمس الجماعات والمقاطعات التي يسيرها الإتحاد الاشتراكي ؟ بالطبع لا .دعونا من تعليق هزائمنا السياسية وانكساراتنا النقابية على شماعة الغير البديل المشروع في نضالاته ومواقفه بإذن الله ، وضعوا أياديكم النقابية في يد الإتحاد الوطني للشغل بالمغرب وغيره من المركزيات النقابية لعل الفرج يعم كل الملفات و المطالب العالقة و من ضمنها ملف موظفو و أعوان جماعاتنا المحلية وإداراتنا العمومية .فالوحدة والتضامن والتكتل هو منهج التغيير و سبيل التقويم والنجاح لمطالب الشغيلة العاملة . (نقابي)