في الوقت الدي لم تندمل فيه جراحنا بعد من مخلفات الاحداث الارهابية الدامية , التي كانت البيضاء –اخيرا- مسرحا لها, سرعان ما اضيفت احداث اخرى امر وادهى. لان هده المرة لم يات ا لجرح من منظمة مجهولة تسخر قنابل الياس ,وانما من دولة تعتبر نفسها حريصة على حرية مواطنيها وتدعي امام العالم انها دولة الحق والقانون ; يتعلق الامر هنا بالاعتداءات الشنيعة التي طالت المشاركين في تظاهرة فاتح ماي 2007 بمختلف المناطق المغربية (اكادير, القصر الكبير , صفرو, تزنيت وتازة) هذا عندما تجرأ هؤلاء المواطنون الضحايا الى رفع شعارات معبرة عن تدمرهم العميق وسخطهم الرافض للأوضاع المزرية القائمة ولكل المسؤولين عليها, والتي رات فيها سلطة الاتهام – حسب قراءتها الخاصة – انها شعارات مناوئة ومضادة للمؤسسة الملكية, وقد تحطم وتعصف بهذه الاخيرة. الشيء الدي ازعجها فعجلت بالاعتقالات...ولاشيء ولاحل الا الاعتقالات................ وعليه اذا كان ا لساكت عن الظلم شيطا نا اخرس والدفاع عن الحق واجبا شرعيا وفرضا خلقيا , فانه لايسعنا الا ان نستنكر بشدة وندين بقوة هذه الحملات التعسفية المسعورة التي نعتبرها بالمناسبة اعمالا ارهابية وجرائم سياسية لاسبا ب اتية :- العمل الارها بي يتجلى هنا ,في كون هده الاعتقالات القمعية لاتستهدف في العمق اشخاص هؤلاء الرجال المناضلين الضحايا فحسب , بقدر ما تستهدف الحرية برمتها ; لأنها ضد الاختلاف , حيث تفرض على المواطنين ترديد نشيد واحد وترغمهم على الايمان برأي واحد . ومن خرج عن هدا الرأي تعتبره كافرا بالوطن يجب ان يتعرض للعقاب امام الملا . كما يفعل عبدة الموت والدم , اصحاب الفكر السلفي المتطرف, الدين يحاولون فرض اديولوجيتهم وقناعاتهم الظلامية على المجتمع بالعنف عن سبيل الانتحارات وزهق ارواح الابرياء / - استعملنا هنا ا لتشبيه بين الأمرين , لان المستهدف المشترك بينهما واحد هو الحرية - - اما الجرائم السياسية فتكمن هنا في مايلي :اولا , المحاكمات بنيت وتمت في اطار دستور ممنوح لا اومن به ....لان الدستور يجب ان يمثل اراء الشعب لاغير. كما يقول بذلك المفكر المغربي العملاق دكتورنا ا لعزيز المنجرة.ثانيا , المتابعة بالمس بما يسمى ب " الأعراف او المقدسات " كلام هلامي وشيء لامعنى ولامنطق له, يحن للقرون الفيودالي الوسطى انتهت صلاحيته (بيريمي) في القرن الواحد والعشرين. لأن هذه "الأعراف او المقدسات او المقيدات" كلمات مضادة ومتنا قضة مع القانون , الحداثة والديمقراطية الحقة , التي مبا دؤها الاساسية تنص على ان كل من يتحمل المسؤولية ويدبر الشان العام , يبقى بشرا عاديا يمارس السياسة , يجب ان يخضع للمساءلة والمحاسبة " اللي بغا لعسل , خصو يصبر لقريص النحل" لأن الله عز وجل وحده هو المقدس , لاالاه الا هوسبحانه وتعالى . ان الله لم يعين بشرا اوصياء على بشر . وكما قال امير المؤمنين رضي الله عنه : "متى استعبدتم الناس وقد ولدتهم امهاتهم احرارا؟ "ثالثا , هده المتابعات تعد خرقا سافرا لحقوق الانسان , مادامت هده الشعارات المرفوعة سلمية لاتحرض على العنف, وخالية من كل اساليب السب والقدف , وتدخل فقط في خانة حرية الرأي والتعبير , التي تعد من اهم المبا ديء الكونية التي تنص عليها المواثيق الدولية. وخاصة بعد ان أعلنت الدولة انخراطها في هده المواثيق , حيث تزعم وتدعي امام المنتظم العالمي انها كفرت عن ذنوبها وجرائمها الماضية , ودخلت عهدا جديدا , عهد حقوق الانسان والحقوق السياسية...واصبحت حداثية ديمقراطية ...الى غيرها من الكلامقراطية والثرثرقراطية الخاوية............وبغض النظر عن هذه الواجهة القانونية أو الديمقراطية ، فحتى من الناحية الدينية ، فإن الإنسان يبقى حرا في آختياراته ; فتحديد و تعيين أي نوع من الأنظمة – سواء كانت ملكية أو جمهورية – ليس كتابا منزلا يدخل في إطار الواجبات و الفرائض أو السنن المؤكدة. فحتى ولو كان كذلك ، فإن الله عز وجل لا يفرض دينه على العباد بالقو ة "من شاء أن يؤمن فليؤمن ، ومن شاء أن يكفر فليكفر ". إن هذا الغضب الشعبي الذي طفى على السطح يوم عيد الشغل ، يستوجب التشبث بالحكمة ولحظة تأمل عميقة و قراءة دقيقة ، ثم بعدها آستدعاء هِؤلاء الغاضبين وآستفسارهم بكل روح ديمقراطية - دون أي ترهيب أو تخويف- عن الأسباب و الدوافع التي جعلتهم يرفعون هذه الشعارات و محاولة علاج وإيجاد الحلول الناجعة ، بعيدا عن كل اساليب سلب الحريات . وحسب آعتقادي، فإن الأمر يستدعي التنازل عن أنانية ، فردانية و كبرياء الذات ، و فتح حوار وطني هادىء و بناء لدمقرطة الحياة السياسية ، الإجتماعية و الإقتصادية ، غير ناسين القواعد الأساسية لهذه الديمقراطية ، و التي نذكر منها على سبيل المثال- لا علي سبيل الحصر – قاعدة الإستفتاء الشعبي حول نمط بناء مجتمع حدا ثي حقيقي (ليس كالذي يتغنى به البعض صباح مساء ) مجتمع علماني ديمقراطي كنموذج جيراننا في الضفة الأخرى مثلا ، ينصهر في إطار موجة العولمة ، يساير ذكاء المغاربة ، لامجال فيه لتوظيف الدين في السياسة, يسوده التآخي بين السائد و المسود ، يساوي بين حقوق المواطنة .... و الواجبات ، ولا يفرق بين الفلاح و" صاحب السند الشعبي " ولا بين ما يسمى " صاحب المشروعية التاريخية " أو " حماة الملة و الدين "..... ... لأن الأمور و المسلمات طلعت عليها الشمس و باتت متجاوزة ، و أصبح لزاما التسلح بالشجاعة الأدبية لمواجهة الحقيقة ولو كانت مرة مزعجة ، لأنه لم يعد هناك وقت للضياع. فما صار عليه الوطن لا يبشر بالخير ولا يوحي بأن القادم سيكون أحلى . نظرا لكون المشهد العام لا ينم إلا على ظاهرة الإنفجار الإجتماعي . لأن ما يحدث الآن من آنتحارات ، و تصاعد ظاهرة الهجرة أو الفرار الجماعي ، و تكاثر الإحتجاجات و العزوف السياسي الواضح للمواطنين ، و آعتماد أغلب الأسر المغربية على سد حاجياتها على تجارة الهوى ، المخدرات أو التهريب، زد الأصوات التي أخذت تتعالى بشكل علني مثير ، من هنا وهناك ومن ذا وذاك ، مطالبة بالتغيير الشامل للدستور ، حيث منها من تدعو إلى دستور ملكي برلماني يسود فيه الملك ولا يحكم ، ومنها التي تفضله أن يكون شوريا أو بالأحرى جمهوريا .... ناهيك على التي يئست بالمرة فأصبحت تطالب بالإنفصال أو الإستقلال الذاتي ( كالصحراء و الريف) . كل هذا عربون واضح يدل على مدى التدمر العميق للمواطنين الناتج على الفشل الذريع لكل السياسات الترقيعية " البريكولاجاتية " المتبعة ، و دخان يدل على أن الوطن بدأ يشب فيه حريق . و هذا الغضب الذي ظهر في فاتح ماي ماهو سوى ظهور لعلامات و مؤشرات تسونامي آجتماعي بدأ يلوح في الأفق ، قد يأتي على الأخضر و اليابس . فهل يا ترى ستقاوم و تمنع و تصمد الخطوط الحمراء أو الزرقاء ....أمام العاصفة ؟؟ ! إن ما يجب استيعابه جيدا ، هو أن الأنظمة أو المجتمعات لا تحصن إلا بالديمقراطية المؤسساتية الفعلية الحقيقية ( عدلت فنمت) فهي الخيار الوحيد الذي لا مفر منه للخروج من الأزمة . هكذا سيزدهر المجتمع و يتماسك و يتحالف ضد كل الأخطار المحدقة. فالأزمات لا تحل بسياسة التخويف و الترسانات القمعية أو المقاربات الأمنبة... لأنه لا يمكن تحبيب الشيء للإنسان بالقوة عن طريق القمع . فمحبة الشيء تزرع و تنمو في القلوب بمحاسنه و خيره و عن طيب خاطر ( من عمل الخير يجده.ومن زرع الورد يقطفه) . لأن القمع ليس هو الحل ، فالضغط يولد الإنفجار ; فإن لم يسمح لهؤلاء المواطنين اليوم بالتعبير عن رفضهم لواقعهم بألسنتهم أو شعاراتهم ، فأنه لا محالة سيعبرون عن ذلك بأجسادهم ( نسعى الله السلامة و أن يحفظنا و يحفظكم ) ، نظرا لكون اليأس صار الآن كفرا . لأن السجن أو الموت أصبح بالنسبة لهم أرحم و أفضل بكثير من واقعهم المزري و ظروفهم الكارثية القاسية . و بالتالي فإن قمع الأصوات و تكميم الأفواه و إرغامها على ترديد نغمة واحدة أو أغنية لا تعشقها ، من الجبن و البلادة السياسية. لأنها تترجم و تعكس واقع السلطة أو النظام الحاكم ، حيث تكشف و تعطي صورة واضحة عن طبيعتهما و تحدد في الأخير الأحكام التي يكونها عنهما الناس . فمحاكمة أشخاص بمجرد أن رفعوا شعارا سلميا ، أو تفوهوا بكلام بعيد عن أساليب العنف و القذف ، أو نطقوا بحرف من حروف النفي ك" لا " مثلا ، تبقى محاكمة " رأي " تدخل في إطار حرية التعبير . و إشهار العصا في وجه هذه الأخيرة، يعد ابتزازا باهتا للقوة يدل على العجز و الضعف ، و يعني الخوف من الكلام . والخوف من الكلام، يعني الخوف من الحقيقة . وهذا ما يجب الإنتباه إليه ، لأنه لا يخدم الحسابات و المصالح .... و بالأحرى بعد أن أخذت الإحتجاجات التضامنية مع هؤلاء الضحايا مسارا تدويليا لا متناهية .... لأنه لا يخاف من الكلمة ، إلا من كان بنيانه هشا و حجته داحضة . و لا يخشى من الحجارة سوى من كان بيته من زجاج . أما من كان سقف بيته حديد وركنه حجر ، فلا يخشى الريح ولا المطر .............................................