انضم الشاعر محمود درويش الى لائحة كبار الشعراء العالميين الذين فازوا بجائزة «غولدن ريث» العالمية. وبعدما نال جوائز ميزته عالمياً مثل جائزة لوتس (1969) وجائزة لينين في الاتحاد السوفياتي (1983)، وجائزة «لانان للحرية الثقافة» (2001)، وجائزة الأمير كلاوس (2004) وسواها، ها هو يحصد اليوم هذه الجائزة (غولدن ريث) Golden Wreath التي تمنح خلال مهرجان «أمسيات شتروغا الشعرية» ويتسلّمها درويش في شهر آب (أغسطس) في احتفال خاص. وكان هذا المهرجان انطلق في العام 1962، وغدا على مر السنين، عنواناً للشعر يُكرم فيه الشعراء على إنجازاتهم الشعرية. وعلى رغم الصعاب التي اعترضت سبيل هذا المهرجان من سقوط يوغوسلافيا الى حرب البوسنة فأزمة كوسوفو والصدامات السياسية والإثنية في مقدونيا وأزمة الإرهاب بعد هجمات 11 أيلول (سبتمبر)، شق المهرجان طريقه ليغدو واحداً من أعرق المهرجانات في العالم امتداداً لرسالته وتكريماً لشعراء عالميين كبار.وانضم محمود درويش أخيراً الى لائحة كبار الشعراء من أمثال بابلو نيرودا وليوبولد سيدار سنغور وإيف بونفوا وشيموس هيني وأودن وأوجينيو مونتالي ورافاييل ألبرتي وريتسوس وآلن غينسبرغ وسواهم. وكان أدونيس الشاعر العربي الوحيد الذي فاز بهذه الجائزة من قبل.وأرسل الشاعر «رسالة قبول الجائزة» ونشرت بالانكليزية في الموقع الالكتروني الخاص بالجائزة وتنشر لاحقاً في كراس الجائزة، وجاء في الرسالة: «أصدقائي الأعزاء، كنت ضيفكم قبل حوالى ثلاثين عاماً، عندما كُرِّم رافاييل ألبرتي بالإكليل الذهبي. أحببت بلادكم: البحيرة، والورد الأحمر، والقراء الذين يبرهنون لنا على أن العزلة ليست قدر الشعراء. كنت صغير السن آنئذ، وكانت أحلامي كبيرة. وعندما كبرت أدركت أن الشعر صعب وممكن، وأنه لا يستطيع أن يغيّر العالم. لكنه يُضيء شموعاً صغيرة في الظلام. صحيح أن الشعر هش، لكن فيه قوة الحرير وصلابة العسل. وما على الشعراء إلا أن يؤمنوا بفاعلية هذه الهشاشة. فكلما ارتفعت لغة الوحشية والكراهية والحرب، ازدادت حاجتنا الى نقيضها: لغة الشعر... لتعميق إحساسنا ووعينا بإنسانيتنا، ولمواصلة حلمنا بالحرية والسلام، وإيماننا بالمشترك الإنساني.كنت ضيفكم قبل حوالى ثلاثين عاماً، برفقة شعراء من كل البلدان واللغات. أزهار متنوعة في حديقة واحدة مفتوحة، لا مركز لها ولا هامش. فإن مفهوم الشعر العالمي يُعرّف بتعدد الأصوات والمرجعيات. وإن هوية الشعر الحقيقية هي انسانيته وجماليته الخاصة وسفره الحر بين الثقافات واللغات، ولا نستطيع أن نسجنه بين جدران وطنية ضيقة. لكن يسهم في بلورة هوية ثقافية لشعب يُحارب في هويته، ويقاوم ما يحرمها من التعبير عن خصوصيتها. فالشاعر لا يستطيع الهروب من «هنا» و «الآن» الى زمن آخر ومكان آخر.كم يسعدني أن أعود الى هذه البلاد الجميلة، لأتشرَّف بنيل تقديركم السامي، لي ولما أُمثِّل، وبُحسن إصغائكم النبيل الى تمازج الصوت الشخصي والعام، الفردي والجماعي، في تجربتي الشعرية. لم أحلم بأن أحظى بهذا الشرف وهو: قبول جائزتكم الرفيعة: الإكليل الذهبي، فأنضم الى لائحة الشعراء الذين تعلمت منهم. إنني أعتبرها تكريماً للشعر العربي، ودعماً معنوياً لحق بلادي – فلسطين في الانضمام