بلومبرغ: زيارة الرئيس الصيني للمغرب تعكس رغبة بكين في تعزيز التعاون المشترك مع الرباط ضمن مبادرة "الحزام والطريق"    ميغيل أنخيل رودريغيز ماكاي، وزير الخارجية السابق لبيرو: الجمهورية الصحراوية المزعومة لا وجود لها في القانون الدولي    أشبال الأطلس يختتمون تصفيات "الكان" برباعية في شباك ليبيا    بريطانيا بين مطرقة الأزمات الاقتصادية وسندان الإصلاحات الطموحة    الجزائر والصراعات الداخلية.. ستة عقود من الأزمات والاستبداد العسكري    الرباط.. إطلاق معرض للإبداعات الفنية لموظفات وموظفي الشرطة    بوريطة: الجهود مستمرة لمواجهة ظاهرة السمسرة في مواعيد التأشيرات الأوروبية    اللقب الإفريقي يفلت من نساء الجيش    منتخب المغرب للغولف يتوج بعجمان    ‬النصيري يهز الشباك مع "فنربخشة"    الجمارك تجتمع بمهنيي النقل الدولي لمناقشة حركة التصدير والاستيراد وتحسين ظروف العمل بميناء بني انصار    نهضة بركان يتجاوز حسنية أكادير 2-1 ويوسع الفارق عن أقرب الملاحقين    عمليات تتيح فصل توائم في المغرب    المخرج المغربي الإدريسي يعتلي منصة التتويج في اختتام مهرجان أجيال السينمائي    حفل يكرم الفنان الراحل حسن ميكري بالدار البيضاء    بعد قرار توقيف نتنياهو وغالانت.. بوريل: ليس بوسع حكومات أوروبا التعامل بانتقائية مع أوامر المحكمة الجنائية الدولية    أنشيلوتي يفقد أعصابه بسبب سؤال عن الصحة العقلية لكيليان مبابي ويمتدح إبراهيم دياز    الوزير بنسعيد يترأس بتطوان لقاء تواصليا مع منتخبي الأصالة والمعاصرة    كندا تؤكد رصد أول إصابة بالسلالة الفرعية 1 من جدري القردة    المغرب يرفع حصته من سمك أبو سيف في شمال الأطلسي وسمك التونة الجاحظ ويحافظ على حصته من التونة الحمراء        التفاصيل الكاملة حول شروط المغرب لإعادة علاقاته مع إيران    وسط حضور بارز..مؤسسة محمد السادس للعلماء الأفارقة تخلد الذكرى الستين لتشييد المسجد الكبير بالعاصمة السنغالية داكار    انتخاب لطيفة الجبابدي نائبة لرئيسة شبكة نساء إفريقيات من أجل العدالة الانتقالية    الأخضر يوشح تداولات بورصة الدار البيضاء    اغتصاب جماعي واحتجاز محامية فرنسية.. يثير الجدل في المغرب    الحسيمة تستعد لإطلاق أول وحدة لتحويل القنب الهندي القانوني    هتك عرض فتاة قاصر يجر عشرينيا للاعتقال نواحي الناظور    قمة "Sumit Showcase Morocco" لتشجيع الاستثمار وتسريع وتيرة نمو القطاع السياحي    كرة القدم النسوية.. توجيه الدعوة ل 27 لاعبة استعدادا لوديتي بوتسوانا ومالي        توقعات أحوال الطقس ليوم غد الأحد    "مرتفع جوي بكتل هواء جافة نحو المغرب" يرفع درجات الحرارة الموسمية    نمو صادرات الصناعة التقليدية المغربية    المعرض الدولي للبناء بالجديدة.. دعوة إلى التوفيق بين الاستدامة البيئية والمتطلبات الاقتصادية في إنتاج مواد البناء    بعد متابعة واعتقال بعض رواد التفاهة في مواقع التواصل الاجتماعي.. ترحيب كبير بهذه الخطوة (فيديو)    محمد خيي يتوج بجائزة أحسن ممثل في مهرجان القاهرة    اعتقال الكاتب بوعلام صنصال من طرف النظام العسكري الجزائري.. لا مكان لحرية التعبير في العالم الآخر    الطيب حمضي: الأنفلونزا الموسمية ليست مرضا مرعبا إلا أن الإصابة بها قد تكون خطيرة للغاية    19 قتيلا في غارات وعمليات قصف إسرائيلية فجر السبت على قطاع غزة    مثير.. نائبة رئيس الفلبين تهدد علنا بقتل الرئيس وزوجته    فعالية فكرية بطنجة تسلط الضوء على كتاب يرصد مسارات الملكية بالمغرب    ترامب يعين سكوت بيسنت وزيرا للخزانة في إدارته المقبلة        "السردية التاريخية الوطنية" توضع على طاولة تشريح أكاديميّين مغاربة    بعد سنوات من الحزن .. فرقة "لينكن بارك" تعود إلى الساحة بألبوم جديد    ضربة عنيفة في ضاحية بيروت الجنوبية    "كوب29" يمدد جلسات المفاوضات    كيوسك السبت | تقرير يكشف تعرض 4535 امرأة للعنف خلال سنة واحدة فقط    بنسعيد: المسرح قلب الثقافة النابض وأداة دبلوماسية لتصدير الثقافة المغربية    طبيب ينبه المغاربة لمخاطر الأنفلونزا الموسمية ويؤكد على أهمية التلقيح    الأنفلونزا الموسمية: خطورتها وسبل الوقاية في ضوء توجيهات د. الطيب حمضي    لَنْ أقْتَلِعَ حُنْجُرَتِي وَلَوْ لِلْغِناءْ !    تناول الوجبات الثقيلة بعد الساعة الخامسة مساء له تأثيرات سلبية على الصحة (دراسة)    اليونسكو: المغرب يتصدر العالم في حفظ القرآن الكريم    بوغطاط المغربي | تصريحات خطيرة لحميد المهداوي تضعه في صدام مباشر مع الشعب المغربي والملك والدين.. في إساءة وتطاول غير مسبوقين !!!    في تنظيم العلاقة بين الأغنياء والفقراء    سطات تفقد العلامة أحمد كثير أحد مراجعها في العلوم القانونية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



د. أنور عبد الملك للأهالي /المهمة الرئيسية أمام القوى السياسية هي إلغاء كامب ديفيد ووضع حد للتبعية لأمريكا
نشر في أسيف يوم 07 - 12 - 2006

الحوار مع المفكر الكبير الدكتور أنور عبد الملك ليس سهلا لكنه ممتع فهو مثقف متعدد الاهتمامات والمواهب، أمد المكتبة العربية والأجنبية بعدد كبير من الكتب والدراسات في الثقافة الوطنية والفكر العربي في معركة النهضة والقومية والاشتراكية وريح الشرق وتغيير العالم والشارع المصري والفكر ونهضة مصر والطريق إلى مصر الجديدة، وهو صاحب الدراسات الرائدة حول الجيش والحركة الوطنية والمجتمع المصري. وهو مناضل شيوعي من جيل ترك بصمته على حركة على اليسار المصري منذ الأربعينيات وحتى الآن.
حين ذهبت للقاء معه، حملت معي عددا من الأسئلة حول أزمة اليسار ومستقبله وحول الحلقة الرئيسية التي ينبغي على اليساريين أن يمسكوا بها، وأن يبدؤوا العمل عليها، وحول الصحوة الإسلامية وحركة الإسلام السياسي، وحول الدين والعلمانية وحول حزب الوسط وأهميته في سياق الدعوة للتجديد الديني.وما أن هممت بطرح تلك الأسئلة حتى بادرني الدكتور عبد الملك بحديث مطول حول حدث اللحظة الراهنة، وهو التغيير الذي رآه تاريخيا في مسار السياسة الخارجية المصرية، التي تمد خيوطها بعد طول غياب إلى القوى الدولية الصاعدة في الشرق من روسيا وحتى الصين وكازاخستان، لتشكل معادلة سياسية جديدة وجديرة بالتوقف والاهتمام والمساندة فتحت جهاز التسجيل، فانسابت كلمات الدكتور أنور عبد الملك بتدفق وإعجاب بالتوجه المصري نحو الشرق، لم أقطعها إلا قليلا، لاسيما أنها تضمنت في ثناياها ردا على أسئلتي وعلى غيرها، ولهذا السبب آثرت حين أفرغت الحديث، أن أترك كلمات د.أنور عبد الملك كما هي دون مقاطعة بأي أسئلة، فهو نص يحمل في طياته أسئلة اللحظة والإجابة عنها، وفيما يلي نص كلماته.يقول د.أنور عبد الملك:في النظم العربية التقليدية مثل سوريا والعراق والجزائر هناك شبه غياب للاهتمام بالسياسة الخارجية، وفي الانتخابات التي جرت السنة الماضية طالعت معظم برامج الأحزاب ووجدت أن الجزء المتعلق فيها بالسياسة الخارجية ضعيف للغاية بينما انصب معظم تلك البرامج على النواحي السياسية والاجتماعية والاقتصادية، وفي أيام شبابنا كان الذي يحرك الحياة السياسية في مصر هي المعارك السياسية المتعلقة باستقلال مصر وإنهاء الاحتلال والتي تمثلت في مبادئ اللجنة الوطنية للطلبة والعمال، ثم تبلورت بعد ذلك في مبادئ الثورة الستة الشهيرة، ثم ظهرت بعد ذلك أكثر وضوحا في الميثاق الوطنيفي هذه الحقبة كانت السياسة الخارجية تلعب دورا مهما في الحركة السياسية، لأن مصر كانت بلدا محتلا، ولأنها تقع في ملتقى ثلاث قارات هي آسيا وإفريقيا وأوروبا، وكانت مهبطا للديانات الكبري، وممرا للغزوات الاستعمارية الكبري، ولاتزال هذه المنطقة بؤرة للصراع بين حركات التحرر الوطني وبين دول متسلطة على البترول، مما جعلها منطقة للحرب وليس للسلام، فهذهالمنطقة لا تشبه مثلا جنوب شرق آسيا، ولا هي جنوب إفريقيا ولا دول أمريكا اللاتينية.لهذه الأسباب وغيرها اكتسبت السياسة الخارجية اهتماما بالغا، وحتى حقبة الستينيات كان الصحفيون الأجانب الذين نلتقي بهم في مصر والخارج، يبدون استغرابا من الفهم المصري للسياسة الدولية الذي كانوا يصفونه بأنه أفضل من الفهم الأوروبي لها، وقد جاء ذلك من إدراك أجيال متتالية للعبة تلك الدول، ولقد جبت العالم شرقا وغربا، ولم أجد رجل شارع يفهم العالم وما يجرى فيه، كما هو الحال في مصر، سواء كان ذلك على مستوى الحركات الشعبية، أو في الدولة التي احتوت على كوادر سياسية جيدة التكوين، استطاعت بها أن تدير سياستها الخارجية.إدارة عبقريةوإذا نظرنا للطريقة التي أدارت بها الدولة المصرية قضية تأميم قناة السويس لوجدنا عبقرية كبرى في إدارة تلك المعركة الخارجية، التي تحدت فيها مصر القوى الاستعمارية، وخرجت منها لتبنى السد العالي، بعد أن وجدت حليفا جديدا لها هو الاتحاد السوفيتي.واستطاعت السياسة الخارجية المصرية الماهرة أن تجعل الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتي يدخلان معا طرفا في إيقاف الحرب بعد العدوان الثلاثي وإدارة هذه المعركة تمنح الدليل أن لدينا شعبا ودولة ميراثا خارجيا كبيرا حيث ساهم الطرفان في لعبة السياسة الدولية بحرفية عالية، بينما نظام قوى مثل العراق تم استدراجه لحربين عبثيتين خلال عقد واحد هما الحرب مع إيران وغزو الكويت حيث تم تدميره، وهذا مثال محزن لكي أقول إن ميراث السياسة الخارحية في مصر غير موجود بهذا المستوى في مكان آخر بغض النظر عن تراجع تلك السياسة والعثرات التي تعرضت لها، لكن يبقى لدى الشعب والدولة إدراك وألفة في التعامل مع معطيات السياسة الدولية.لكن من أين أتى التعثر لهذا الإدراك؟ ولماذا هذا الموات؟ علينا بالعودة إلى عام 1978 الذي وقعت فيه اتفاقات كامب ديفيد، فمنذ سبعة آلاف سنة، كانت مصر تعيش على أساس اقتصاد وطني محوره هو النيل حيث يصنع جزءا من الزراعة، ويصدر الجزء الآخر، أما ما جرى عام 1978 فلم يلتفت إليه أحد، حيث إن معاهدة السلام مع إسرائيل، انتهت بضرب الاقتصاد المصري، حيث تم بيع القطاع العام باسم الخصخصة، وتم الاعتماد على موردين للتمويل هما التسول من الولايات المتحدة والمنظمات الدولية المانحة للقروض والمعونات، وما سمي ب الرأسمالية تحول إلى سماسرة للاستيراد ولم يعد في مصر إنتاج، ودفعت الدولة بملايين من المواطنين إلى الخليج فيما يسمى تصدير العمالة، وعادت تلك العمالة إلى مصر بالثراء، لكنها تحمل معها أفكارا وهابية سلفية، امتزجت بالأفكار المتأمركة الاستهلاكية، التي دمرت الثقافة الوطنية. في مثل هذه الأجواء أصبحت السياسة الخارجية قضية غير مطروحة، وعاما بعد آخر قل اهتمام الشعب والدولة المصرية بقضية السياسة الدولية، وأصبح الاهتمام الأولى للناس هو بلقمة العيش في ظل تخبط السياسات الداخلية على المستويين الاجتماعي والاقتصادي.زيارة تاريخيةويضيف د. أنو عبد الملك:وفي ظل هذه الظروف يقوم الرئيس مبارك بزيارة إلى روسيا والصين وكازاخستان لافتة للنظر، فللمرة الأولى منذ الزيارات المصرية إلى أمريكا وأوروبا الغربية، تأتى هذه الزيارة وهذه الدول الثلاث، هي أهم دول في منظمة شنغهاى للتعاون التي لم تأخذ أي اهتمام من الصحافة المصرية وهذه المنظمة هي تحالف إقليمي تشكل في عام 1996 وبلغ ذروته هذا العام حيث يضم الصين وروسيا وأربع دول من آسيا الوسطى أهمها كازاخستان، وهدف تلك المنظمة هو إقامة منطقة كبرى من التعاون الاقتصادي والأمني والسلامي بين تلك الدول. والمتأمل في تلك الأهداف يدرك أنها هي نفسها الأهداف التي أدت إلى تحالف باندونج، وقد لفت هذا التحالف ليس فقط المراكز البحثية الأمريكية، ولكن المراكز المخابراتية والعسكرية، التي رأت فيه أنه أكبر تحالف دولي يبدو أمامه تحالف دول الأطلنطي نحو ثلثه فقط، لأنه يمتد لنحو ثلثي المساحة الكلية لآسيا وإفريقيا، ويضم نصف سكان العالم، وبه أكبر مخزون للبترول والغاز في جنوب بحر قزوين، وبه احتياطي أكبر مما هو موجود في السعودية وإيران والعراق، وبه كل ما هو موجود في العالم من مواد خام صناعية مثل الحديد والقصدير، وبه فوق ذلك أكبر مساحة من الأراضي الصالحة للزراعة والتي تفتقد للأيدي العاملة الزراعية، وفيه دولتان عظمتان فضلا عن كازاخستان التي يوجد بها أبحاث ذرية متقدمة وخاصة في مجال كل ما هو فضائي.ما لفت الانتباه الأمريكي لهذا التحالف أن اجتماع هذه المنظمة هذا العام، دعي إليه إلى جانب أعضائه الستة دول مراقبة على رأسها إيران وأندونيسيا ومنغوليا والهند.خلاصة القول أننا أمام تحالف يمتد في الشرق نحونا، ويملك كل هذه الترسانة الهائلة من الإمكانات الاقتصادية والمالية والبشرية، وتوجه رئيس الدولة إلى الثلاث دول الرئيسية في هذا التحالف العظيم فهذا أمر لافت للنظر وينبغي التوقف عنده كثيرا، لأنه يعد نقلة في السياسة الخارجية المصرية التي اتجهت أكثر مما ينبغي إلى الغرب سواء كان أمريكيا أو أوروبيا.توقيت مهم وتكتسب هذه الزيارة أهميتها في التوقيت الذي تحدث فيه، فأمريكا في أزمة عسكرية لا ينكرها أحد في العراق وأفغانستان، وفشلت سياستها الشرق أوسطية في فلسطين ولبنان وسوريا، وإيران تتحداها ببرنامجها النووي، ولم يعد بوسع الولايات المتحدة أن تمارس دورها كدولة مهيمنة، وأوروبا الغربية أصبحت في سياق حلف الأطلنطي دولا طيعة في أيدي السياسة الأمريكية.وفي الجانب الإيجابي من التوقيت أن أمريكا اللاتينية التي تعد بمثابة الاحتياطي الأمريكي، أصبحت الآن تحكم من قبل حكومات اشتراكية التوجه، فهي إما حكومات اشتراكية ثورية مثل كوبا وبوليفيا أو اشتراكية ديمقراطية متقدمة مثل البرازيل والأرجنتين وشيلي، كل هذه الظواهر ساهمت في تراجع الدور المهيمن للولايات المتحدة وفقا لما تقول به يوميا الصحافة الأمريكية، هذا بالإضافة إلى أن الصين أصبحت الآن القوة الاقتصادية الرابعة في العالم وعملاقا اقتصاديا جديدا قادرا على المنافسة، وأنها ستصبح خلال سنوات قلائل هي القوة التي ستهيمن وبرغم أن اليابان هي القوة الاقتصادية الثانية على المستوى الدولي، ووثيقة التحالف مع أمريكا، إلا أنها أصبحت الشريك الاقتصادي الأول للصين، وكان من اللافت للنظر أن أول زيارة قام بها رئيس الوزراء الياباني الجديد هي للصين لتطبيع العلاقات معها، وحل الخلافات بينهما بالتعايش وليس بالصدام، وهذا أمر غير بسيط.تغيير في الموازين الدولية.وروسيا والصين تلعبان الآن دورا في السياسة الدولية بالغ الأهمية، ووزير الخارجية الروسي مثلا قال إن روسيا لن تسمح بفرض عقوبات على إيران باعتبارها الحليف الأول لإيران والقمة الصينية - الإفريقية التي تضم 48 دولة حدث مهم،حيث أصبحت الصين هي الدولة الأولى التي تساهم في تنمية القارة الإفريقية، والتي تستورد مواردها المختلفة وتلك التحولات حدثت خلال السنوات الخمس الأخيرة فقط.وإذا نظرنا إلى تقارير البنك الدولي بشأن بلد مثل السودان، نجده يقول إن معدل النمو العام الماضي وصل إلى 12% وأن حركة التصنيع به تمشى على قدم وساق، وهذا يعود إلى التعاون الصيني مع السودان، واستيراد الصين للبترول السوداني، وتصعيد مشكلة دارفور الآن بشكل واضح هو سعى لضرب النفوذ الصيني في السودان، تلك كلها تراكمات كمية تحولت خلال السنوات القليلة الماضية إلى تحول كيفي في هذه اللحظة التي يذهب فيها رئيس أهم دولة في المنطقة إلى هذه المنطقة، فعلينا أن ندعم خطوته ونحييها انطلاقا من إدراك أنها مبادرة كبيرة وجديدة تشمل مجالات التسليح ومناطق صناعية كبرى والتعاون الاقتصادي، ومشاركة بين الصين ومصر يكون سوقها هو القارة الإفريقية وهذا حدث خطير للغاية.وهذه الرحلة لا ينظر إليها خارج مصر على أنها شيء بين أشياء أخري، ولكن ينظر إليها على أنها شيء جديد في لحظة عالمية حرجة جدا، من دولة محورية، تقع في قلب كل المشاكل.شراكة للمستقبلويؤكد د. أنور عبد الملك:الظاهر في هذه الزيارة حتى تتبين التفاصيل فيما بعد هي شراكة صناعية تكنولوجية متقدمة جدا هدفها عمل مشترك تجاه إفريقيا وجهد مشترك في مسألة بناء الطاقة الذرية المصرية من روسيا والصين وتطوير القدرة الدفاعية المصرية ويبقى الكلام عن خريطة الطريق وغيرها مجرد كلام للتزويق الدبلوماسي لا أهمية له.إذا عدنا للحديث عن توقيت الزيارة، فهي تأتى والرئيس الروسي بوتين في قمة قوته في روسيا، استطاع أن يجمع حوله الغالبية العظمى من الرأي العام والقوى السياسية من أقصى اليمين الوطني إلى الحزب الشيوعي لإعادة بناء قوة روسيا، كما نجح في إدخال الكنيسة الأرثوذكسية التي تعد جزءا لا يتجزأ من الثقافة الوطنية الروسية، في صلب العملية السياسية، هذا فضلا عن أن المجلس الإسلامي في روسيا الذي يعبر عن نحو 20 مليون مسلم قريب الصلة جدا ببوتين،وأصبح التطبيع في العلاقات بين مجلس الشئون الإسلامية في روسيا هو امتداد لتراث تاريخي في التعامل بين أمراء المسلمين في روسيا وبين الدولة الروسية، وفي عهد بوتين قاد سياسية خارجية تتسم بالقوة وتبتعد عن الاستفزاز، وتمكن في تحالفه مع الصين في منظمة شنغهاى أن يقول لا في شئون السياسية الدولية، دون صدام، لتعود روسيا في عهده دولة كبري، تشل التحرك الإمبريالي، بدون الدخول في مواجهات حربية، وهذا ذكاء كبير بعد الخراب الذي حل بالاتحاد السوفيتي، وعلينا ألا ننسى أن بوتين وصف انهيار الاتحاد السوفيتي، بأنه أكبر كارثة جيوسياسية في القرن العشرين.تقدم داخلي وخارجيالتي يزورها الرئيس مبارك هذه المرة، هي غيرها في كل المرات، فالرئيس الصيني يقود حملة تطهير لكل الإقطاعيين في الحزب وتقديم قيادات كبرى في الحزب للمحاكمة بتهم الفساد في مسعى جدي لتطهير الحزب الشيوعي، ورفع شعار جديد هو المجتمع المتسق فزيارة مبارك تأتى في لحظة، تعيد فيها الصين توازنها لتكتسب قوة داخلية وخارجية جديدة.أما عن زيارة كازاخستان، فهي أهم دولة في آسيا الوسطي، وبها أكبر كمية من البترول، وفيها
محطة للذرة والفضاء، وبها أكبر مساحة للأراضي الزراعية، التي يمكن أن تستوعب ملايين من الفلاحين المصريين، نحن إذن أمام زيارة غير عادية في منطقة متأججة، وفيها إجابات كثيرة عن أسئلة تتعلق بنا وإجابات نحتاج إليها، وبالتالي فهي زيارة تاريخية بكل المقاييس أيا كان ما سيسفر عنها من اتفاقات وهذا شيء جديد في مصر منذ عام 1978، حين اقتصرت الزيارات الرسمية على الغرب، وتأتى في لحظة تغيير على المستويات العالمية.عن الإسلام السياسيلم يوافق الدكتور أنور عبد الملك على وصف الظاهرة الإسلامية ب الإسلام السياسي، وقال إنه هو أول من استخدم مصطلح الإسلام السياسي عام 1968 في بحث قدم لمؤتمر انعقد في يوغسلافيا، قال فيه إن هناك في القطاع الشرقي من العالم طاقة هائلة، موجودة خارج القوالب التقليدية في الدول الإسلامية، وهذا كلام قاله قبل ذلك الزعيم التترى الشيوعي الكبير سلطان عالييف أثناء حكم ستالين.وقد تأثر بهذا الزعيم كثيرون بينهم أحمد بن بيلا وماوتسى تونج.وفي تقدير أي إنسان مهتم بالحركة التحريرية ضد الإمبريالية، سيجد أنه في قطاع البلاد التي تضم أغلبية إسلامية من المغرب حتى جنوب شرق آسيا، هناك حركة يقوم تاريخها على إنها جزء من المعركة الشعبية التحريرية لبلادها، جزء منها يتحرك في إطار إسلامي، والجزء الآخر يتحرك في إطار قومي تقدمي، لكن الاثنين حركات وطنية.وعلينا أن ننظر مثلا إلى تجربة جبهة التحرير في الجزائر، التي يعود تاريخها إلى ابن باديس وجماعة العلماء حيث تشكلت كجبهة من تلك الأطراف وقادها فيما بعد بن بيلا وبومدين حتى الحزب الحاكم الآن، وهي حركة وطنية قادت حرب تحرير وطنية، وحتى جبهة الإنقاذ الجزائرية، لم تكن حركة إسلامية محضة، بل كانت حركة ثورية نابعة من جبهة التحرير الوطني الجزائري، لها توجه إضافي إلى جبهة التحرير، لكنها لم تكن شيئا مغايرا ولم تكن حركة سلفية بل كانت جزءا من الحركة الشعبية الثوريةوجزءا من التراثوالإسلام السياسي في المغرب هو وريث حركة عبد الكريم الخطابي التحررية ضد الاستعمار، وفي تركيا حزب العدالة والتنمية الحاكم هو حزب وطني ديمقراطي إسلامي تقدمي، وهو حزب لم يتشكل من المساجد والكتاتيب، ولكنه أتى سليل الحركة الاستقلالية التركية يسعى إلى جانب الحفاظ على التراث العلماني التركي، إلى إحياء تراث تركيا العثمانية كجزء من التراث وهذا شيء لا بأس به، هو بهذا المعنى ليس حزبا سلفيا بأي حال.معارك مع الأقليةإذا انتقلنا إلى مصر، فإن حركة الإخوان المسلمين، لا صفحة واحدة لها في مقاومة الاستعمار، وتاريخ تحالفها مع أعداء الوفد وأعداء اليسار المصري معروف ومكتوب في كل مكان، لم يخوضوا أي معركة إلا مع أحزاب الأقلية التي كانت تعادى مصالح الشعب ولم يخوضوا معركة التحرر الوطني، هذا فضلا عن أن برنامجهم الاقتصادي لا يختلف في شيء عن برنامج الحزب الوطني الحاكم، إلا أنه أكثر بهتانا، وبتكرار نفس المعاني وإضافة اصطلاحات إسلامية إلى المعاملات التجارية، دون أن نعرف ما هو الفرق بين التعامل التجاري الإسلامي وغيره من التعاملات لقد شهدت القاهرة في عام 1951 أكبر مظاهرة في تاريخها استقبلت الزعيم محمد مصدق رئيس وزراء إيران الذي حضر إلى القاهرة ليعلن تأميم البترول الإيراني من فوق أرضها، والثورة الإيرانية هي امتداد لهذا التراث الوطني التحرري منذ مصدق حتى الآن، في إيران ثورة تحررية ضد الهيمنة الأمريكية وضد الصهيونية بقيادة حركة إسلامية، فأين جماعة الإخوان المسلمين من كل هذا؟.ونفس الشيء حدث في ماليزيا، ومهاتير محمد ينتمي إلى حركة الإخوان الماليزيين، لكنه جعل ماليزيا دولة عصرية تقدمية بقيادته لحركة أتت من التوجه الإسلامي مثلها مثل الجزائر تماما وكان هو أهم زعيم في جنوب شرق آسيا تحدى الإمبريالية والصهيونية العالمية، ولعب دورا مهما في تحرير شعوب ومجتمعات آسيا وهو يمثل الإسلام السياسي.وفي مصر هناك خلاف كبير في الحركة الإسلامية قبل عام 1973 وبعد حرب أكتوبر من نفس العام، حيث ارتطفرة النفطفعت أسعار النفط بعد نصر أكتوبر من 3 إلى 18 دولارا، فتكونت ثروات خليجية طائلة وبرزت دول لم يكن لها سوى وجود هامشي للغاية، ونتيجة شلل الاقتصاد الوطني وهجرة العمالة المصرية للخليج، فقد عادت تلك العمالة بذهنية لا علاقة لها بالإسلام كما عرفناه، إسلام سلفي وهابي مشغول بالطقوس دون غيرها من القضايا الإيمانية، لقد حارب الجيش المصري في شهر رمضان وانتصر، لكن الشهر الفضيل تحول بفعل هذه الطقوس إلى شهر بدون عمل.والذي يميز الحركات الإسلامية النابعة من الحركات الوطنية أنها تضع دائما قضايا الاستقلال والتحرير الوطني في المقام الأول، وتدخل في جبهات مع كل القوى السياسية الأخرى من أجل الوصول إلى هذا الهدف، ومعنى ذلك بوضوح أن المرجع الأول والأخير هو الوطن، أي لا يوجد على أرض مصر ولاء سوى للوطن المصري، وشعب مصر لا يدين بالولاء إلا إلى دولته فقط، وحين لا يوافق على سياسات دولته، فعليه أن يسعى إلى تعديلها من داخل البلد ولحسابها، ولا يوجد أي ولاء آخر خارج الوطن المصري.أزمة النظام الحزبيلم يوافق الدكتور أنور عبد الملك على مقولة أن اليسار المصري في أزمة، وفي هذا الإطار قال إن الأزمة هي أزمة النظام الحزبي على المستوى العالمي فإذا نظرنا إلى نظام الحزبين القائم في الولايات المتحدة، فليس هناك خلاف بين الحزب الجمهوري أو الديمقراطي إلا في التفاصيل والذي قام بأفظع الحروب في القرن العشرين في فيتنام كان الحزب الديمقراطي والذي أوقف حرب فيتنام هو نيكسون الجمهوري، وعدوان السويس قام به الحزب الاشتراكي الفرنسي بقيادة جى موليه والذي أوقف العدوان هو أيزينها ور والاتحاد السوفيتي، وفي السياسة ليس هناك أبيض وأسود ولكن هناك موازين قوي.وفي انجلترا ليس هناك فارق بين حزب العمال بقيادة بلير وبين حزب المحافظين، وفي ألمانيا لا يوجد فروق واضحة بين الحزب الاشتراكي الديمقراطي والحزب الديمقراطي المسيحي وهما متحالفان في حكم ألمانيا الآن.وتجرى الآن في مراكز البحوث الدولية، دراسات تتحدث عن اضمحلال الحزب كظاهرة في الحياة السياسية، وظهرت بدلا منه تكوينات تشارك في مقاومة الهيمنة الأمريكية، وتلك التكوينات تأخذ شكل الدولة القوية، أو جبهة قوية وليس حزبا بمفرده، وهذا هو ما يحدث الآن في الصين وفي روسيا على جبهة مناوئة النفوذ الأمريكي، وهو ما يحدث في أوروبا بأحزابها المختلفة على جبهة ممالأة هذا النفوذ.ويضيف د. أنور عبد الملك أن ضعف الأحزاب المصرية ليس فحسب جزءا من الضعف العام العالمي، بل له مبررات أكبر من ذلك، تعود إلى أن مصر ليست دولة أحزاب، بل هي دولة مركزية منذ أيام الفراعنة، تملك إمكانيات ومشروعية تاريخية وسياسية، والدولة في مصر منذ الأزل يمثل فيها رئيسها المسيرة التاريخية لهذا البلد إيجابا وسلبا، وهناك فرق بين الدولة والحكومة ولقد رأيت بنفسي في الإسكندرية حين مغادرة الملك فاروق نساء متشحات بالسواد يبكين على رحيل الملك بالقول: يا عيني عليك يا بني، ولم يكن هناك معني، لصعود محمد نجيب إلى يخت الملك لكي يودعه، سوى أن الجيش المصري احترم ملك مصر حتى آخر لحظة، دون أي تجريح، وهذا حدث لم يكن يجرى في أي ثورة أخرى في العالم.بدلا من النواحوجود أحزاب في مصر شيء مهم، لكنه كما يؤكد د. أنور عبد الملك ليس هو الأساس، أما الشيء الأساسي كما يراه فهو في التكوينات التي تأخذ شكل الأحزاب وتمثل مختلف التوجهات مثل الرأسمالية الوطنية والنقابات والاتحادات والأحزاب بطبيعة الحال. وبهذه المناسبة فأن حزب التجمع ليس ضعيفا، ومسألة اليسار المصري، على امتداد تاريخه، استطاع أن ينشئ وحده مئات من الكوادر المؤهلة في مستويات الدولة المختلفة، لو بحثنا وفي كل قطاع من الدولة المصرية سنجد اليسار ومن التف حوله ومن تأثر به ومن جاء بعده، سواء في السياسة أو الاقتصاد، أو الصحافة، أو الفن أو الأدب، وهذا يعود إلى تاريخ اليسار في الأربعينيات، الذي استطاع أن يكون كادر الجبهة الوطنية لإدارة دولة نهضة ممكنة بعد الثورة، وليس مجرد شلة حزبية. لماذا انفرد اليسار بهذا الدور؟ لأنه هو الوحيد الذي أدرك أن قضية مصر ليست مجرد تغيير نظام، ولكن هي الخلاص من التدهور ببناء نهضة جديدة، وهذا تراث جبار، علينا بدلا من أن نندب حظوظ اليسار، أن نعتز به ونواصله وهذا الدور المؤهل لحزب التجمع، فاليسار المصري عبر تاريخه ورغم نواقصه وبعض سلبياته، قدم شيئا جديدا، ربما لم يتحقق، لكنه قابل للتحقق.جبهة يقودها التجمعويقول د. أنور عبد الملك، أن حزب التجمع هو الممثل الوحيد الآن لليسار المصري، ويجب على التجمع أن يتحول من حزب إلى جبهة، تكون نواتها اشتراكية التوجه، ويوسع عضويته وعضوية قياداته ليصبح حزبا جبهويا. وعلينا أن ننظر إلى تجربة واحد من أعظم الأحزاب الشيوعية في العالم وهو الحزب الشيوعي الإيطالي، حيث يحكم إيطاليا الآن تحالف بين اليسار ويسار الوسط والاثنان شيوعيان، وفيتنام هي: دولة شيوعية وثاني دولة نامية في العالم الآن.-الحزب الشيوعي الصيني هو حزب جبهوي وليس حزبا طبقيا شكل مجلسا شعبيا استشاريا به 9 أحزاب وبه ممثلون لكل الولايات وبه ممثلون لكل الأقليات له أن يعارض القوانين وقد أصبح بعد تعديل الدستور لهذا المجلس غير الشيوعي حق تقديم مشاريع قوانين هذا هو عمل الجبهة.الجبهة مع منويقول د. أنور عبد الملك أنا أدعو لجبهة مع الدولة المصرية وليس الحكومة مع الجيش المصري، وهذا هو خط الشيوعيين المصريين الدعوة لجبهة وطنية بين الحركة الشعبية والجيش المصري الوطني، وهذا هو ما فعلناه أيام السويس و أيام العبور. وأنا كشيوعي مصري ادعم هذا التوجه.وادعوا التجمع أن يوسع عضويته إلى كوادر وعاملين وقيادات وأعضاء عاملين جبهويين، وتكوين لجنته المركزية من جبهة ويكون برنامج عملها لا يختلف عن برنامج حزب التجمع، المهم أن تستوعب كل الجديد وكل المبادرات، وأنا لا أفهم أن تتشكل جبهة لليسار خارج حزب التجمع ليس هناك شيء اسمه جبهة التجمع يكون عضوا بها، لكن أن يكون الحزب نفسه هو الجبهة وهذا يتطلب مرونة في القيادة.أما عن المعركة الأساسية التي ينبغي أن يقودها قوى الديمقراطية والإصلاح في مصر، فهي وضع حد للتبعية للإمبريالية الأمريكية وإلغاء كامب ديفيد، وبدون قطع الصلة بهذه التركة السوداء، لا سبيل لإصلاح الاقتصاد ولإحياء المجتمع المنتج وللإصلاح السياسي.ومن يقوم بهذه المهمة هي الجبهة والحركات الشعبية والبرلمان والنقابات والأحزاب ومجموعة أدوات العمل السياسي ممكن أن تشارك معا لتحقيق هذا الهدف، ونحن لدينا آليات مشاركة محدودة، هناك مجلس شعب منتخب به حد أدنى من التمثيل، وهناك أحزاب وصحافة بها نسبة كبيرة من الحرية وهناك مؤسسات مدنية نقابية على كل هذه الآليات العمل المشترك والتحرك في سبيل إلغاء كامب ديفيد التي وضعت البداية للتراجع المصري على كل المستويات حيث حولت مصر إلى مجتمع غير منتج، وحجبت القوى المعادية للاستعمار عن المشاركة في الحكم.صعود العامل الدينيويقول د. أنور عبد الملك أنه منذ نهاية الحرب العالمية الثانية، وهناك صعود للعامل الديني في أنحاء العالم، ليس فقط فيما يسمى بالصحوة الإسلامية، ولكن أيضا عندما برزت حركة التجديد في الكنيسة الكاثوليكية وخاصة عندما طرح اليوسوعيون فكرة لاهوت التحرير فامتزجوا بالحركات اليسارية، وخاصة الشيوعية في أمريكا اللاتينية، بشكل أثار ثورة حتى داخل الفاتيكان، وظهور العنصر الديني سواء الإسلامي أو المسيحي في السياسة برز بشكل جبار، وظهر في الهند في الحزب الهندوسي المتعصب الذي حكم بعد أنديرا غاندي، والبوذية انتشرت سياسيا في كل جنوب شرق آسيا، ومعنى ذلك انتشار العنصر الديني بشكل واسع على النطاق الدولي، إلا في قطاعات من أوروبا الغربية، ثم استئصال القوى الكنسية من الحياة العامة خاصة في فرنسا، لكن في انجلترا ما تزال الملكة رئيسة الكنيسة والدستور الألماني ينص على أن المسيحية دين الأغلبية وهناك ضريبة يدفعها كل الألمان للكنائس. والمثل الساطع هو الصهيونية بوصفها الفلسفة السياسية للدين والقومية اليهودية. وهذا الانتشار للدين على مستوى العالم لم يكن يخطر على بال الثورة الصناعية حين بدأت، ولم يكن متصورا لدى مفكري الرأسمالية والاشتراكية معا.والعلمانية مفهوم يعنى أن يكون هناك فاصل بين
الدين والدولة وتلك قضية ميسرة في المجتمعات المسيحية، أما في المجتمعات الإسلامية فهناك خصوصية وصعوبة في إحداث الفصل لأن الإسلام يمزج بين الدولة والدين، لكن يمكن أن يهتدي بالمبادئ العامة للإسلام في التشريع والحياة العامة، وهذا شيء وأن تأتى سلطة من قطاع إسلامي أو من حزب إسلامي للتدخل في السياسة فهذا شيء آخر تماما. والعلمانية لا تتنكر للدين و تحترم المعاني العامة له في الحياة العامة، وقد يكون من المفيد في هذا السياق أن نعدل المادة الثانية من الدستور المصري لتصبح الشريعة مصدراً رئيسياً من مصادر التشريع وليست المصدر الرئيسي.ويتمنى د. أنور عبد الملك أتمنى أن يجد حزب التجمع وحزب الوسط صيغة للعمل الجبهوي المشترك لأن حزب الوسط له مكانة مميزة وله خصوصية جادة وهو حزب وطني معاد للإمبريالية والعنصرية وهو حزب سياسي وطني أولاً وأخيراً


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.