تكون فئة الأساتذة الجامعيين حاملي دبلوم الدراسات العليا أو ما يعادله أغلبية المؤطرين بقطاع التعليم العالي. هذه الفئة من الكفاءات العلمية التي تدين لها الدولة بفضائلها في بناء الجامعة المغربية لانخراطها وبكل تفان في إنجاح ورش مغربة الأطر موفرة بذلك على الدولة غلافا ماليا لا يستهان به من العملة الصعبة ناضلت لما يزيد عن 40 سنة بإعدادها وفي ظروف عسيرة أطرا بشواهد وطنية نالت التقدير والاحترام وبرهنت عن مكانتها وطنيا ودوليا في مجال البحث العلمي متقدمة في ذلك على عدد من الدول الأجنبية.لكن ما نسجله وبأسف عميق هو الحيف الصارخ الذي طال حاملي دبلوم الدراسات العليا أو ما يعادله من جراء تطبيق مرسوم 19 فبراير 1997 الذي شكل الإطار التنظيمي للإجهاز على حقوقهم المكتسبة في مسارهم الأكاديمي المعمول به في جامعات وطنهم قبل التاريخ المذكور أعلاه، علاوة على اللجوء منذ هذا التاريخ إلى إقحام تصنيفات في المراسيم تعمل على استثنائهم بالرجوع إلى نوعية الشهادات التي تم اعتمادها عند ولوج مهنة التدريس بالجامعة. ولقد كان لغياب الرقابة الدستورية على النصوص التي تصدرها الحكومة دور مهم ساعد على تمرير سلسلة من الإجراءات التراجعية عمل أولها على تبخيس دبلوم الدراسات العليا أو ما يعادله وذلك بمنع حاملي هذه الشواهد من التباري لولوج مهنة التدريس بالجامعة داخل نفس الدولة التي تم فيها سابقا إفراغ الجامعيين حاملي هذه الشواهد في إطار أساتذة محاضرين. الشيء الذي يدعو إلى القلق على مصير العقلانية في قطاع يُعد قاطرتها. وأمام ما تعرفه الساحة الجامعية من مؤشرات تنبأ بمحاولة المسؤولين التمادي في تكريس هذا الحيف دون المبالاة بنتائجه الوخيمة، ومن أجل إيقاف نزيف مثل هذه الضربات التي تستهدف من خلالها الجهات المتواطئة في تصويبها نحو قيمة شواهدنا ضرب المقومات الوطنية للاستقلالية الأكاديمية والعلمية لجامعتنا المغربية بدءا بمحاولة محو ذاكرة المغاربة من كل ما قدمه أساتذتنا من مجهودات جبارة مع كل من ضحى وساهم من أبناء الشعب المغربي في إرساء هذه المقومات وانتهاء بإصدار قرارات خطيرة تعكس، من بين ما تعكسه، "مركب النقص إيزاء الأجانب" الذي يعاني منه بعض المسؤولون، بات من الضروري اعتبار هذه القضية قضية وطنية تقتضي النضال من أجل رد الاعتبار للمسار الأكاديمي المغربي (دبلوم الدراسات العليا أو ما يعادله - دكتوراه الدولة) ولحاملي هذه الشواهد، على أن يظل هذا النضال في إطار نقابتنا الوطنية للتعليم العالي مما يعني الأخذ بقرار المؤتمر الوطني الثامن ل ن.و.ت.ع. القاضي برفع الحيف عن هذه الفئة قبل الشروع في مناقشة أي نظام أساسي جديد.ومن هذا المنطلق يمكن تأطير العمل المطلبي بالتركيز على نقطتين أساسيتين هما:- استرجاع كافة الحقوق المكتسبة قبل صدور مرسوم 19 فبراير 1997 مع اعتبار التأهيل الجامعي محطة أساسية تقوم مقام دكتوراه الدولة حفاظا على مكانة المسار الأكاديمي السالف الذكر.- التعويض المادي والمعنوي عن كل أشكال الضرر الناتجة عن الاختلالات الواردة في النصوص التنظيمية والمتمثلة في عدم احترام القواعد القانونية العامة وحرمان المعنيين من الضمانات القانونية الكفيلة بالحفاظ على مكتسباتهم في النظام الأساسي لما قبل19 فبراير 1997 خلال المرحلة الانتقالية.إن الأخذ بهذه المرتكزات كاف لتسطير المطالب التالية: 1- إعادة فتح مباريات الولوج للتدريس بالجامعة أمام حاملي دبلوم الدراسات العليا أو ما يعادله واعتبار هذا المطلب بمثابة المدخل الرئيسي لرد الاعتبار للشواهد الوطنية.2- استرداد كل الحقوق المالية والإدارية المنتزعة من جراء تطبيق النظام الأساسي ل 19 فبراير1997 (أقدمية 6-9 سنوات).3- إلغاء الشروط المفروضة على هذه الفئة في مرسوم التأهيل الجامعي ل 04 يونيو 2001 واعتماد تقارير الخبراء ذوي الاختصاص بشأن القيمة العلمية للبحوث المقدمة لنيل التأهيل الجامعي حفاظا على المنزلة العلمية للإطار الذي يمنحه هذا التأهيل بالنظر إلى جسامة المسؤولية الأكاديمية التي يتحملها صاحب هذا الإطار. 4- إفراغ أساتذة هذه الفئة الحاصلين على التأهيل الجامعي في إطار أستاذ التعليم العالي مباشرة بعد أربع سنوات من الأقدمية. 5- إلغاء الآجال المفروضة على هذه الفئة لمناقشة أطروحة دكتوراه الدولة باعتبار ربط البحث العلمي لنيل هذه الشهادة بمدة زمنية محددة لا يستند إلى أي منطق علمي. 6- إيجاد حل لمشكل أساتذة السلك الثاني بالجامعة الحاملين لدبلوم الدراسات العليا أو ما يعادله قبل وبعد 19 فبراير1997. هذا ولا بد من الإشارة إلى أنه يمكن إضافة نقط أخرى إلى لائحة المطالب قصد أن تشمل هذه الوثيقة باقي حالات الحيف التي لم يسبق الوقوف عليها مع اجتناب المزايدات التي لا مبرر لها حفاظا على جدية العمل المطلبي وتفاديا لكل ما من شأنه أن يجعل من هذا النضال أسيرا في معتقل الانتظارية إلى ما لا نهاية فيصبح بذلك عدد السنوات التي تعمرها القضية مقياسا لأهميتها بدلا من أن يكون نهج الموضوعية والرفع من مستوى القدرة التنظيمية والتفاوضية هي المقاييس الحقيقية لقيادة النضال من أجل استرجاع الحقوق المنتزعة بالطرق المشروعة وفي الآجال المعقولة.كما يجب توخي الحذر والتصدي لكل الجهات التي تسعى في الماء العكر إلى اختزال مطالبنا في المطلب الواحد المتمثل في "استرداد الحقوق المالية المتعلقة بالأقدمية من 6 إلى 9 سنوات" اعتقادا منها أنه بعزفها على هذا الوتر سيتسنى لها خلق أجواء الاطمئنان والاسترخاء التي ستساعدها على التواطؤ مجددا في إعادة تركيب الحيف الناتج عن تطبيق النظام الأساسي ل 19 فبراير 1997 وتقديمه في صيغة جديدة ما هي إلا إزاحة عبر محور الزمن لتمايزات هذا النظام الأساسي ليزيد ذلك من تعميق الحيف الذي يطال هذه الفئة بدلا من إنصافها.وحرر ببني ملال في 29 أكتوبر 2006