لعل البعض يحلو لهم تسمية حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، و اختصار مسيرته النضالية بتصنيفه في خانة الأحزاب "اليسارية الصغرى" أو حزب" النقابة" و غيرها من الأوصاف، بل هناك من نازع حتى في يساريته، و مع ذلك يبقى حزب المؤتمر الوطني الاتحادي رقما كبيرا وصعبا في معادلة الأحزاب اليسارية ببلادنا، ليس فقط بعدد مناضليه وتنوعهم القطاعي وامتدادهم المجتعي والجغرافي، بل بمستوى النقاش الديموقراطي الدائر الآن بداخله، وتفاني مناضليه من أجل إنجاح المؤتمر الثامن ماديا ومعنويا في غياب دعم حقيقي يرقى إلى دوره الدستوري في التأطير والتمثيل. فرغم التعتيم الإعلامي ورغم التشويه المقصود من طرف بعض الجهات، التي تتعمد الخلط بين الكونفدرالية الديمقراطية للشغل كنقابة، والحزب كفاعل سياسي داخل المنظومة الحزبية بالمغرب، لم تتمكن من التأثير على توهج حزب المؤتمر الوطني الاتحادي، والكبح من تألقه من داخل حركة الأحزاب اليسارية الديموقراطية التقدمية التي تعيش مشاكل مادية حقيقية نتيجة استقلالية قراراتها . إن حزب المؤتمر الوطني الاتحادي يعيش الآن مرحلة البناء الحقيقي بعد مرحلة التأسيس بعد انسحابه مرغما من حزب الاتحاد الاشتراكي نتيجة الانزياح عن الالتحام بالقوات الشعبية، واختيار الاستمرار في الرهان على دولة المخزن لتحقيق نزوات البعض من المنتفعين من اختيار ما يسمى ب " التناوب التوافقي " الذي يتجه الى تحويل حزب الاتحاد الاشتراكي القوات الشعبية إلى مجرد حزب إداري يتحكم فيه الأعيان، أما حزب المؤتمر يسير الآن على خط الحركة الاتحادية الأصيلة، من خلال ارتباطه بالطبقة العاملة ودعمه اللامشروط لنضالات الشعب المغربي، من أجل الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية، وكافة مطالب حركة عشرين فبراير المجيدة، ومن خلال كذلك تحالفه مع إخوانه بكل من تحالف اليسار الديموقراطي ( الطليعة، الاشتراكي الموحد، المؤتمر ) الذي ينحو نحو فدرالية، وتجمع اليسار الديموقراطي (تحالف اليسار الديموقراطي +النهج ) الذي يتطور لكن ببطء من تنسيق ميداني إلى تفاهم سياسي، ولن نيأس من مد اليد إلى إخواننا المناضلين الحقيقيين من داخل حزب الاتحاد الاشتراكي، الذين لازالوا في صراع حقيقي لإرجاع الحزب إلى خطه الطبيعي و إلى أحضان عائلته اليسارية. وفي سياق هذا كله، يعقد حزب المؤتمر الوطني الاتحادي مؤتمره الثامن تحت شعار " من أجل التغيير الديموقراطي " أيام 30 نونبرو 01/02 دجنبر 2012 ، يستهله بجلسة افتتاح بمسرح محمد السادس، التابع لمقاطعة الصخور السوداء عمالة الحي المحمدي عين السبع، لتليها الأشغال ببوزنيقة. وللإشارة فقد صادقت اللجنة التحضيرية على جميع مشاريع أوراق هذا المؤتمر. ففي مشروع الورقة السياسية نقرأ مايلي : في المدخل : المطلوب اليوم استنطاق الوضع الوطني بكل مجالاته وحقوله في سياق التحولات التاريخية والكونية والمتغيرات العربية، باعتماد منهجية التحليل الملموس للواقع الملموس، بعقل جدلي يتفاعل مع المنعطف التاريخي الذي يمر منه المغرب. هذا المنعطف في حاجة الى قرارات تاريخية قوية، شجاعة وجريئة، تتجاوز حدود المقاربات الترقيعية والتوفيقية المشدودة بالواقعية السياسية التبريرية وبالحلول الجزئية ... إن المؤتمر الوطني المقبل يطرح علينا رهانات جديدة، تتطلب الاجتهاد الفكري لتحديد أفق العمل السياسي بالمغرب، و إحداث القطائع المرجوة مع التجربة السابقة للخروج من حالة الانحباس والارتباك الذي تعيشه حركة اليسار بالمغرب، في علاقته بذاته تنظيميا وعلاقته بالمجتمع والدولة. إن السؤال الجوهري الدي يشد الفكر هو : إلى أين يمضي المغرب ؟ وما حقيقة الوضع الذي يعيشه اليسار بالمغرب ؟ وأي أفق للعمل السياسي؟ وماهي المهام والمسؤوليات التاريخية المطروحة عليه اليوم؟ المحور الأول: تناول تحديات متعددة مفروضة على المغرب من المحيط العالمي. المحور الثاني : تناول الأزمة المركبة / أزمة النظام السياسي و أزمة المجتمع. أعطاب النظام السياسي مختلفة نذكر منها اللاعقلانية المطوقة لحركية المجتمع والمتحكم سياسيا واقتصاديا وثقافيا في الوضع، بأساليب قاهرة للإنسان وحريته، وكذلك التقليدانية المحافظة التي اختزلت السياسي في الولاء للدولة، اعتماد الملكية التنفيذية التي حولت الأحزاب والحكومات إلى إطارات منفدة لتوجهاتها اللاديموقراطية، الشيء الذي ساهم بشكل كبير في إفساد الحقل السياسي واغتيال الممارسة السياسية النظرية والعلمية. إن طرح الملكية البرلمانية من طرف الحزب وتحالف اليسار وحركة 20 فبراير، لم تكن نابعة من نزوات سياسية ذاتية، بل هو شعار ومطلب رفعته القوى الديموقراطية نتيجة تحليل سياسي وفكري وتاريخي، وحاجة البلاد إلى التغييرالديموقراطي العميق، الذي يؤمن المستقبل، ويؤسس لشرط التقدم والتطور عبر حركية المجتمع، والصراع السياسي والديموقراطي داخله، بما يتيح إمكانيات التداول على السلطة، و بما يمكن من استقلالية السلط لأداء وظائفها كاملة ... إن الأزمة الاجتماعية العميقة طالت كافة المجالات والحقول : - تخلي الدولة عن أداء وظيفتها في الخدمة العمومية – تعميق التفاوتات الاجتماعية والمجالية – تهميش العالم القروي – استمرار الفساد والنهب، والتوزيع غير العادل للثروة وهيمنة المجموعات المالية على خيرات البلاد، وعلى القطاعات الاستراتيجية المنتجة وتحويل الامتيازات الى قاعدة ثابتة في التعامل والمعاملات، وضعف الإرادة السياسية في إصلاح التربية والتعليم. وممازاد الوضع تعقيدا وتفاقما هو تخلي النخب السياسبة عن أدوارها الطبيعية المنوطة بها وعن المهام الموكولة لها . إن اليسار لا يعيش تعددية أنتجتها صيرورة المجتمع والتاريخ، بقدرما يعرف تشتتا وتمزقا يعود الى أسباب مختلفة بعضها يعود الى التطور غير الطبيعي للمسار السياسي وتطوره الذي لعبت فيه الدولة دورا مركزيا وبعضها الآخر إلى النخب السياسية وتصورها للعمل السياسي وهنا نستحضر تجربة التناوب التوافقي. المحور الثالث : تناول معوقات الإصلاح بالمغرب . المحور الرابع : تناول الآفاق. جمال منتصر