هل صحيح أن كتيبة المستشارين الملكيين الذين دخلوا مؤخرا إلى مكاتب قصر تواركة يشكلون «حكومة ظل» ستراقب وتوجه وتتحكم في حكومة «الشمس»، أي حكومة بنكيران التي صوت الشعب لأحزابها؟ سؤال له ألف مبرر، لكن الجواب القاطع عنه سنراه في الأشهر القادمة وليس الآن. سنرى ما إذا كان وزراء بنكيران، الحزبيون منهم على الأقل، سيدافعون عن اختصاصاتهم المنصوص عليها في الدستور أم لا، وما إذا كانوا سيحرصون على استقلالية قرارهم أم إن «الطموحات الشخصية»، والأطماع السياسية، والرغبة في البقاء قرب منبع السلطة والجاه ستدفعهم إلى أن يتحولوا من وزراء إلى موظفين كبار، ومن مقررين إلى منفذين... كثيرون رأوا في توقيت تعيين فؤاد عالي الهمة وعمر عزيمان وياسر الزناكي والطيب الفاسي الفهري ومصطفى الساهل وعبد اللطيف المنوني (كبير واضعي الدستور الذي كان من الأفضل له أن يبقى خارج تركيبة السلطة كمرجع فقهي يساعد على تفسير وتأويل الوثيقة الدستورية).. كثيرون رأوا في دخول الوجوه «الوازنة» هذه إلى البلاط نوعا من بناء درع واق للملكية في مواجهة «هجمات» محتملة من قبل الحكومة الجديدة شبه الملتحية... والواقع أن الحكومة، ورغم تشكيلتها «المدرحة»، على حد تعبير الفنان بزيز، وتطعيمها بوجوه تقنوقراطية، فإنها لا تخيف أحدا. فهي، من جهة، حكومة تحت قيادة وجه «ملكي» هو نفسه، قبل غيره، مقتنع حتى النخاع بأن الملكية يجب أن تكون تنفيذية، وصاحبها يجب أن يسود ويحكم، وأن تكون مقاليد الدين والدنيا بيده. ثانيا، الحكومة ائتلافية، وعدد من المشاركين فيها يمكن أن يفرملوا أي اتجاه ترى الدولة أنه لا يخدمها، ومن ثم يقررون في أية لحظة إنهاء عمرها السياسي عن طريق فك الارتباط. إذن، أين المشكل؟ ولماذا تشكلت حكومة «الظل» قبل أن تتشكل حكومة بنكيران؟ المشكل في ما نرى موجود في الوثيقة الدستورية التي أعطت لرئيس الحكومة نوافذ عديدة ليدخل منها إلى بيت السلطة كشريك.. نعم شريك، أو مساهم له 30 % لكنه يملك «minorité de blocage»، أي حق الأقلية في الاعتراض (الأقلية المعطلة). لم ينتبه الكثيرون في السلطة والأحزاب التي شاركت في وضع الدستور أننا اخترنا نموذجا دستوريا لا هو بالبرلماني، ولا هو رئاسي ولا هو شبه الرئاسي... أبقينا جزءا كبيرا من السلطة في يد الملك، وأعطينا الجزء الآخر لرئيس الحكومة، ولم نسأل أنفسنا عن «إمكانية التعايش من عدمه»، تماما مثلما يحدث حينما يلتقي طرفان لا يعرف أحدهما الآخر ويؤسسا شركة. الأول أخذ 70 % وتصور أن له حق التصرف الكامل، وأخذ الثاني %30 وهو يعرف أنه يشكل أقلية لكن القانون يعطيه الأسهم الكافية لتوقيف عمل الشركة... الحل، إذن، لا يوجد في لعبة شد الحبل أو تحكم صاحب %70 في حامل أسهم %30، وليس وضع كتيبة ومن الموظفين الذين يميلون إلى الأول ضد الثاني. الحل هو التعايش والتساكن والصراحة والثقة المتبادلة، والنظر إلى نهاية السنة يوم توزيع الأرباح... أما إذا توقف نشاط التجارة/السياسة، فإن كلا الطرفين سيخسر، وصاحب %70 سيخسر أكثر من صاحب %30 هكذا تقول قواعد المحاسبة.