حول حزب العدالة والتنمية ندوة صحافية دعا إليها مساء أول أمس الأحد بمقر مجلسه الوطني، إلى تجمع جماهيري رفعت فيه شعارات حركة 20 فبراير التي تبرأ منها بنكيران، في وقت سابق قبل أن يعلن استعداده التحاور معها، ورفع المناضلون الذين حجوا إلى مقر الحزب منذ الساعة الثانية بعد الزوال رفقة أطفالهم الصغار ونسائهم شعارات تطالب بمحاربة الفساد والاستبداد، وتؤكد أن العدالة والتنمية قادم لمحاربة "الشفارة"، قبل أن يتدخل رضا بنخلدون الذي طلب من مناضلي الحزب الكف عن رفع شعارات قد تفهم في غير قصدها حسب تعبيره، في إشارة إلى إمكانية اتهام الحزب بالسعي إلى تتريك المغاربة. ووجد الصحافيون الذين حضروا لتغطية الندوة صعوبة بالغة في ولوج قاعة صغيرة خصصت لهذا الغرض بسبب حالة الازدحام وغياب أماكن للجلوس، حيث تدخل عدد من المنظمين الذين طالبوا من مناضلي الحزب إخلاء الأماكن لفائدة الصحافيين، حيث قال جامع المعتصم، "أدعو مناضلي الحزب إلى إفساح المكان للصحافيين، وهذه أول رسالة نوجهها للشعب المغربي"، ووصف صحافي أجنبي تابع الندوة ما حصل بالفوضى العارمة، وقال إن المكان لا يليق بعقد لقاء صحافي لحزب يستعد لخوض غمار الحكومة. وتواصلت عثرات اللقاء الصحافي الذي غاب عنه عدد من القياديين في مقدمتهم محمد يتيم وسعد الدين العثماني والمقرئ الإدريسي أبو زيد، بعدما بدأت مشادات كلامية بين نشطاء في الحزب كانوا يرفعون شعارات استفزازية، من قبيل مصباح العدالة والتنمية سيشعلها في المغرب، وهو ما اعتبره عدد من الحاضرين إنذارا بإشعال فتيل الفتنة، خصوصا أن مناضلي الحزب تعاملوا مع فوز العدالة والتنمية، وكأنه فتح من الفتوحات الإسلامية، وهو الأمر الذي تأكد بعد نهاية اللقاء الصحافي، حيث خرجوا في مسيرة احتفالية جابت شوارع الرباط وهم يهتفون بشعارات تطالب بملاحقة الفاسدين و"الشفارة"، كما رفعت شعارات ضد هيئات سياسية دون تسميتها. وتكلف جامع المعتصم بتقديم اللقاء الصحافي الذي قدم فيه معطيات عامة حول النتائج التي حققها الحزب، مؤكدا أن حزبه يطارد مقعدا ثالثا ببني ملال، حيث قدم بشأنه طعنا لدى الجهات المختصة، قبل أن يصعد عبد الإلاه بنكيران إلى المنصة، ويعلن أمام الملإ أنه لن يهنئ له بال حتى يرى حزب الأصالة والمعاصرة خارج المشهد السياسي، ناعتا إياه بحزب الدولة الذي أفسد المشهد الحزبي، وحول الأحزاب السياسية، إما إلى عدو يطارده صباح مساء، أو إلى حليف يملي عبره خطاباته، أو مهمش لا يأبه لحاله ولا إلى مستقبله، وأضاف أنه مستعد للتحالف مع جميع الأحزاب السياسية باستثناء حزب البام، الذي وصفه بالعدو الأبدي. وأوضح بنكيران خلال اللقاء الصحافي الذي حضره محمد الحمداوي رئيس حركة التوحيد والإصلاح الذي احتفل مع بنكيران بفوز الحزب في إشارة إلى مساندة الحركة للحزب، إن البام لو كان حزبا ديمقراطيا لما ولد من رحم الدولة، قبل أن يتدارك، ويؤكد أن حزب البام ولد من رحم السلطة وهيمن على المشهد السياسي واستهدف الأحزاب كل بطريقته، مشيرا إلى أن حركة 20 فبراير أعطت نفسا جديدا لمقاومة هذا الحزب، ومكنت الأحزاب من استرجاع حريتها، وشبه سقوط حزب الأصالة والمعاصرة، بأنه يشبه سقوط أنظمة مصر وتونس وليبيا واليمن. وشدد بنكيران على أن حزبه قرر في خضم الربيع العربي ألا يغامر باستقرار البلد وبالنظام الملكي، ويخرج في مظاهرات 20 فبراير، مؤكدا أن المنطق الذي اعتمده الحزب هو الاستقرار والملكية والصرامة في الإصلاح، واعتبر أن خطاب 9 مارس كان فاصلا بين مغربين، وأن ما تلاه من قرارات أفضت في نهاية المطاف إلى تجنيب المغرب كارثة حقيقية. واعتبر بنكيران أن النتيجة التي حققها حزبه لم تكن متوقعة، مضيفا أن المسؤولين فهموا أن مصلحة الوطن تقتضي أن يسير بكل صدق ووضوح في الاتجاه الديمقراطي الذي أوصل حزبه إلى صدارة الانتخابات. في سياق آخر، قال بنكيران إن الكتلة أبدت استعدادها للتحالف مع حزب العدالة والتنمية، لكن قادتها طلبوا مهلة من الوقت إلى حين تسمية رئيس الوزراء من قبل الملك، مضيفا أنه لن يشرع في الاتصالات لتشكيل الحكومة المقبلة قبل تعيين رئيس الحكومة، موضحا أنه مستعد للتحالف مع جميع الأحزاب باستثناء حزب الأصالة والمعاصرة، مضيفا أن الشارع المغربي لازال يغلي، وأن حزبه بمجرد تسلمه مهام تدبير الحكومة المقبلة، سيعطي إشارات قوية ستدخل السرور والطمأنينة على الشعب المغربي وتعطيه الثقة في المستقبل. إلى ذلك قال بنكيران إن الحزب اتفق على أن رئيس الحكومة المقبل يجب أن يكون الأمين العام، وفي حال لم تجر الأمور على هذا الشكل سيتم الرجوع إلى المجلس الوطني للحسم في القرار النهائي، لكنه لم يخف رغبته في رئاسة الحكومة حيث تعامل على هذا الأساس خلال لقائه بالصحافة الوطنية والدولية التي كانت حاضرة بقوة. من جهة أخرى، غازل عبد الإلاه بنكيران حركة 20 فبراير، وأكد أنها منبثقة من الشارع المغربي وتعبر عن مطالب اجتماعية واقتصادية ملحة، وأوضح أنه سيتحاور مع الحركة من أجل وقف نزولها إلى الشارع مادام مسلسل الإصلاحات أخذ طريقه العادي، مشيرا إلى أنه ليس ضد حركة 20 فبراير كما أن ابنه هو ناشط في الحركة، مضيفا أن كل الشعب المغربي موحد مع الدولة. ولم يقدم بنكيران أي تفاصيل بشأن الإجراءات التي سيتخذها لتفعيل برنامج الحزب الانتخابي، خاصة ملف التشغيل، وقال إنه لا يملك عصا سحرية لحل هذه المعضلة، لكنه سيبدأ بمحاربة الفساد والاستبداد، وهو ما سيكون له الأثر الإيجابي على معضلة التشغيل بحسب بنكيران، الذي قال إنه مع تقليص عدد الوزراء والاعتماد أكثر على كتاب الدولة، وزاد بنكيران في القول إن هناك تيارا في الدولة يريد أن يتحكم في المشهد السياسي، قائلا إن علاقة الحكومة بمستشاري الملك ستكون مبنية على الاحترام المتبادل، موضحا "أن زمن بوسان الراس قد ولى وانتهى"، لكنه في المقابل قال إن علاقته مع القصر ستكون مبنية على التراتبية السياسية كون الملك هو رئيس الدولة، لكنه مع ذلك لم يجب على سؤال، ماذا سيفعل لو تعارض قراره مع قرار الملك. إلى ذلك دعا بنكيران جماعة العدل والإحسان إلى تبني خيار العمل من الداخل، وأوضح أن العدالة والتنمية والعدل والإحسان لهما نفس المرجعية الدينية، لكنهما يختلفان من حيث الرؤية السياسية، لأن الجماعة، يقول بنكيران، لها رأي في بنية الدولة، وهم يرفضون الحياة الانتخابية، قبل أن يضيف أن قطار المغرب لن ينتظر العدل والإحسان أو غيره، وأن المغرب ماض في مسيرته الديمقراطية.